الرئيس السويسري يدافع عن اتفاقه مع ليبيا واعتذاره لها
صرح رئيس الكنفدرالية بعد ظهر الجمعة أمام وسائل الإعلام في برن أنه "لم يكن هنالك خيار آخر" غير ذلك الاتفاق الذي وقعه مع ليبيا خلال زيارته الخاطفة لطرابلس يوم الخميس للتمكن من إغلاق ملف قضية هانيبال القذافي التي سمـّمت العلاقات بين البلدين لأكثر من عام.
كما أوضح السيد هانس-رودولف ميرتس أن السويسرييـْن المُحتجزين في ليبيا في إطار قضية هانيبال القذافي سيعودان “الأسبوع القادم” إلى البلاد، مؤكدا أنه طالب المسؤولين الليبيين بالسماح بعودتهما قبل 1 سبتمبر المقبل.
وبعد عرضه مجددا لمختلف مراحل القضية والاستعدادات لتسويتها، أشار رئيس الكنفدرالية إلى أنه أخذ قرار التحرك لأنه استنتج أن الوضع “كان قد آل إلى طريق مسدود” منذ شهر، مؤكدا أنه يتحمل مسؤولية الإتفاق الموقع مع ليبيا وعواقبه.
وأضاف السيد ميرتس أن الحكومة الفدرالية كانت على علم بأنه كان سيتحول إلى ليبيا، لكنها لم تكن تعرف المضمون المفصل للاتفاق الذي تم توقيعه، والذي تم إعداده بتعاون وثيق مع أعوان وزيرة الخارجية ميشلين كالمي-ري.
“ماذا كنتم ستفعلون لو كنتم في مكاني؟”
وفي رده على تساؤلات الصحافة الكثيرة حول الاعتذار الذي قدّمه لطرابلس يوم الخميس، أكد السيد ميرتس بأن تصريحاته كانت ضرورية لتجاوز المأزق الذي كانت قد آلت إليه القضية، مضيفا: “كان لدينا نية التعبير عن شكل من أشكال الاعتذار”، مع التشديد على أن الاعتذار كان “شرطا لا غنى عنه” بالنسبة لليبيين، وأن نقاشات طويلة جرت قبل ذلك لمعرفة ما إذا كان سينبغي الحديث عن أسف أو عن اعتذار.
واستكمل متسائلا: “ماذا كنتم ستفعلون لو كنتم في مكاني؟”، مذكرا بأن المواطنين السويسريين محتجزان في ظروف صعبة منذ أكثر من عام في طرابلس.
ولئن كان مصير هذين السويسريين غير وارد في نص الاتفاق المبرم مع طرابلس، إلا أن السيد ميرتس شدد على أنهما سيتمكنان من العودة إلى سويسرا الأٍسبوع القادم، وأنه حصل على تأكيد من رئيس الوزراء الليبي بهذا الخصوص.
ولا يعلم رئيس الكنفدرالية بالضبط تاريخ عودة الرجلين إلى سويسرا، غير أنه صرح في هذا السياق أنه، في نظر الليبيين، يُحتجز رجلا الأعمال السويسريان بسبب مشاكل مرتبطة بالتأشيرة، وبالتالي فإن العدالة المحلية تحتاج لبضعة أيام لإغلاق هذا الملف.
ميرتس يريد طمأنة جنيف
من جهة أخرى، أكد رئيس الكنفدرالية أنه “يحترم” رأي كانتون جنيف الذي يدعم شرطته وعدالته (انظر المادة المتعلقة يسار الصفحة)، قائلا إن الاعتذار الذي عبر عنه لليبيا لا يعني أن اعتقال هانيبال القذافي وزوجته ألين في يوليو 2008 ينتهك القانون.
في المقابل، سينبغي أن تحدد هيئة التحكيم – التي ينص عليها الاتفاق مع طرابلس – إن كانت عملية الاعتقال تمت بشكل “مبالغ فيه” في ضوء الاتهامات الموجهة إلى نجل العقيد معمر القذافي.
كما حرص السيد ميرتس على طمأنة جنيف بأن تلك الهيئة لن تتمتع بصلاحية إصدار أحكام جنائية ضد أعضاء شرطة أو عدالة جنيف. وأضاف أنه يأمل بالتالي أن تشارك سلطات جنيف في أعمال هيئة التحكيم تلك لتفادي مواجهة مأزق جديد.
أما بالنسبة لمصير الخدمين الذين كانا قد تقدما بشكوى ضد هانبيال القذافي وزوجته – والتي تم سحبها لاحقا – أوضح رئيس الكنفدرالية بأن هذا الموضوع لم يتم التطرق إليه خلال التفاوض بشأن الاتفاق، مشددا على أنهما لم يعودا في سويسرا.
انتقادات لاذعة
وكانت أصوات عديدة قد تعالت صبيحة الجمعة في الأوساط السياسية لإدانة ما وصفته بـ “الاستسلام” و”الإهانة” غداة الإعتذار الذي قدمه السيد ميرتس لليبيا.
رئيس لجنة السياسة الخارجية في مجلس الشيوخ، ديك مارتي (من الحزب الليبرالي الراديكالي) قال في تصريحات لوكالة الأنباء السويسرية إن سويسرا اعتذرت بينما لم يكن هنالك أي داع لذلك، مـُشيرا إلى أنه تم انتهاك مبادئ من قبيل المساواة في المعاملة.
وأضاف السيد مارتي: “لم يكن لهانيبال القذافي صفة دبلوماسية أثناء اعتقاله” بينما قبِلت سويسرا في الاتفاق الموقع يوم الخميس مع ليبيا بالعكس تماما.
في المقابل، أعرب عضو مجلس الشيوخ عن ارتياحه للعودة القريبة للمواطنين السويسريين، لكنه عبر عن أسفه لكون السيد ميرتس لم يصحبهما معه لدى عودته، مما كان سيتيح حسب رأيه تقبلا أفضل للاتفاق المبرم مع طرابلس.
أما رئيس لجنة مجلس النواب غيري مولّر (حزب الخضر)، فيعتقد أن الأولوية كانت تتمثل قبل كل شيء في عودة السويسرييـْن وإعادة العلاقات بين سويسرا وليبيا إلى وضعها الطبيعي. لكنه يفضل حاليا عدم التعليق على اتفاق يوم الخميس بما أن المفاوضات لم تُكتمل بعد.
“سويس” لا تريد العودة إلى طرابلس
على صعيد آخر، أوضحت المتحدثة باسم شركة الطيران “سويس”، أندريا كروزر، أن الشركة لا تعتزم إعادة عرض رحلاتها في اتجاه ليبيا بعد أن مُنعت من ربط الرحلات بين زيورخ وطرابلس في شهر ديسمبر الماضي.
وقالت المتحدثة أن تسوية الخلاف بين البلدين لا يغير شيئا بالنسبة لشركة “سويس” التي أغلقت مكتبها في العاصمة الليبية. كما أشارت إلى أن الطائرات التي كانت تتجه إلى طرابلس تستخدم حاليا لتغطية وجهات أخرى، موضحة أن طرابلس لم تعد وجهة مهمة على المستوى الاقتصادي بالنسبة لـ “سويس”.
swissinfo.ch مع الوكالات
خرجت حكومة جنيف يوم الجمعة 21 أغسطس 2009 من الصمت الذي التزمت به في قضية هانيبال القذافي، إذ أصدرت بيانا جددت فيه ثقتها في عدالة جنيف التي تصرفت “في احترام تام لقانوننا“، وفي الشرطة التي نفذت الأوامر.
وأوضحت حكومة جنيف أنها أخذت علما بالاتفاق المبرم بين سويسرا وليبيا، وأنها شعرت بالقلق من إنشاء هيئة تحكيم أجنبية. وعبر الكانتون عن أسفه لكون الكنفدرالية، “ومن دون إعلامه مسبقا”، تركته وحيدا أمام هذه الهيئة التي سوف يحق لها تعيين “المذنبين” في أوساط السلطات والشرطة.
وفي هذا الإطار، حذرت حكومة جنيف بأنها ستقاوم أي تحرك “غير مطابق تماما للحريات الفردية التي يضمنها دستور جنيف”. ونوهت إلى أنها اتصلت بمؤتمر الحكومات الكانتونية بهدف الحصول على دعم باقي الكانتونات في هذه القضية.
في المقابل، ظلت العدالة في جنيف ملتزمة الصمت، إذ لم يرغب المدعي العام دانييل زابيلي صباح الجمعة في التعليق على الاتفاق بين سويسرا وليبيا. وأشارت مصادر في مكتب الصحافة في قصر العدالة بجنيف إلى أن الجوانب القانونية للقضية أغلقت بسحب الشكوى التي كان قد قدمها خادما هانيبال القذافي.
وأوضح نفس المصدر أن النيابة العامة في جنيف كان قد اتخذت – قبل أن تقرر وقف هانبيال القذافي في فندقه الصيف الماضي – كافة الاحتياطات الضرورية لدى الإدارة الفدرالية لتتأكد من أن نجل الزعيم الليبي لم يكن يتمتع بصفة دبلوماسية.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.