الرئيس المقبل لن يُـغيِّـر شيئا من موقف إيران تجاه واشنطن
بعد حملة انتخابية طويلة اتّـسمت بالحدّة في أيامها الأخيرة وبمواجهات تلفزيونية حامية الوطيس بين أبرز المترشحين لمنصب رئيس الجمهورية، يتوجّـه الإيرانيون إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس جديد أو لتجديد ثقتهم في الرئيس الحالي محمود أحمدي نجاد.
الخبير محمد رضا جليلي، الأستاذ في معهد جنيف للدراسات الدولية العليا والتنمية، يرى في حديث أدلى به إلى وكالة الأنباء السويسرية، أن نتيجة الإنتخابات، مهما كانت، لن تؤدّي إلى تغيير سياسة طهران تجاه عرض الحوار المباشر الذي تقدّم به الرئيس الأمريكية باراك أوباما.
سؤال: ردّت إيران الفعل بتحفُّـظ على مقترح أوباما الداعي إلى حوار مباشر بين البلدين، واشترطت أعمالا ملموسةً من طرفِ الولايات المتحدة، مثل رفع العقوبات المفروضة على إيران. كيف تفسِّـر هذا التصرّف؟
محمد رضا جليلي: من وجهة نظر الإيرانيين، لا تُـعتبر مشكلة العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران مجرّد قضية تتعلق بالسياسة الخارجية، لكنها ذات بُـعدٍ إيديولوجي وداخلي أيضا، ذلك أن العداء لأمريكا – الذي استثمرت فيه الحكومة الإيرانية الكثير – يُـعتبر أحد العناصرَ التي تقوم عليها رؤية النظام (الحاكم) للعالم.
سؤال: ماذا يعني هذا بشكل ملموس؟
محمد رضا جليلي: تصلُـح الولايات المتحدة كفزّاعةٍ للحكومة الإيرانية، فهي تُـعتبر مسؤولة عن جميع خيبات الحكومة، وبالتالي، فإن تطبيع العلاقات بين البلدين، سيعني تعريةً للحكومة الإيرانية، حيث لن تتمكّـن بعد ذلك، من تعليق فشلها على مـِشجبِ العداء والضغط الممارس من طرف قوة إمبريالية.
سؤال: كيف يُـمكن تفسير موقِـف إيران من زاوية سياستها الخارجية؟
محمد رضا جليلي: تُـعتبر الجمهورية الإسلامية حكومة ثورية، بتطلّـعات تتجاوز حدود إيران: (فانتهاج) سياسة معادية لأمريكا يُـتقبّـل بشكل جيِّـد جدا في العالم الإسلامي وفي العالم العربي بوجه خاص. فالتخلّـي عن هذه السياسة، سيؤدّي إلى خسارة هذه الحركة الثورية العابرة للقوميات، (وهي حركةٌ تُـنشِّـطها الجمهورية الإسلامية بشكل ما، باعتبارها الأكثر تصلُّـبا ضِـمن البلدان التي ترفُـضُ النظام الدولي)، لكلّ ما تتمتّـع به من مصداقية.
سؤال: هل يُـمكن أن يجلِـب رئيس إيراني جديد معه تغييرا في الموقف من طرف إيران تجاه الولايات المتحدة؟
محمد رضا جليلي: لا أعتقد ذلك. فالخطوط العريضة للسياسة الخارجية الإيرانية، لا تُـقرّر من طرف الرئيس، ولكن من جانِـب مُـرشد الثورة آية الله علي حسين خامنئي، وهذا المُـرشِـد لا يُـمكن استبداله.
إن الخط السياسي لإيران لن يتغيّـر في مضمونه، ولكن قد يحصُـل ذلك على مستوى الشكل، ومن البديهي أن تُـفضِّـل الولايات المتحدة التفاوض مع شخص ليست له سُـمعة الرئيس الحالي محمود أحمدي نجاد.
سؤال: ماذا عن الولايات المتحدة؟ هل لديها مصالِـح حقيقية في العمل من أجل مصالحة مع إيران؟
محمد رضا جليلي: نعم. إدارة أوباما الجديدة ترغَـبُ في تحوير السياسة الخارجية الأمريكية، وخاصة في الشرق الأوسط، وفي هذا الأفق، فإن مسألة العلاقة مع إيران فائقة الأهمية.
أولا، يريد أوباما سحب القوات الأمريكية من العراق تدريجيا، وعلاقات طيّـبة مع طهران، ستكون مفيدةً كي تستقِـر الأوضاع في العراق بعد الانسحاب الأمريكي. ثانيا، إيران لاعِـب مهمٌّ على الساحة الأفغانية، حيث يريد أوباما تنشيط الصِّـراع ضد طالبان.
أخيرا، إذا كانت الولايات المتحدة تحاول إطلاق عملية السلام العربية الإسرائيلية مجدّدا، فيجب الأخذ بعين الاعتبار الدور الهام الذي تلعبه إيران في هذه المنطقة، لأنها تـعتبر لاعبا في الشمال (عن طريق حزب الله اللبناني) وفي الجنوب (عبر حماس، التي تُـسيطر على قطاع غزة) في الوقت نفسه.
سؤال: ما هو الوزن الذي يحظى به الخلاف النووي؟
محمد رضا جليلي: إنها المشكلة الأكثر خطورة، حسب رأيي. فالولايات المتحدة واعية بأنه إذا ما اتّـجهت إيران نحو سياسة نووية، يُـمكن أن تتمخّـض عن بُـعدٍ عسكري، فسيؤدّي ذلك إلى تغيير للوضعية الشاملة في واحدة من المناطق الأكثر حساسية في النظام الدولي، حيث جميع البلدان الأخرى ستنطلق أيضا في برامج من هذا القبيل، لذلك، تودّ الولايات المتحدة التوصُّـل إلى معادلة مع الإيرانيين، كي يقصُـروا برنامجهم النووي على مجال مدني بالأساس، ولكن إيران لم تُـظهر إلى حدّ الآن اهتماما بإجراء مفاوضات جديدة.
سؤال: هل يُـمكن أن تستخدم الولايات المتحدة وسائل عسكرية، إذا لم يتمّ العثور على أي حلّ دبلوماسي؟
محمد رضا جليلي: هذه الإمكانية أثيرت في ظلّ إدارة بوش، لكن الولايات المتحدة لا تتطرّق إليها حاليا، ولا أعتقد أن خِـيارا عسكريا قد اتُّـخِـذ بعين الاعتبار في أفُـقٍ على المدى القريب، ذلك أن تدخّـلا عسكريا سيؤدّي إلى إعادة النظر (أو إلى التشكيك) في مجمل سياسة الانسحاب للولايات المتحدة.
سؤال: من الذي سيقوم بالخُـطوة المقبلة؟
محمد رضا جليلي: الولايات المتحدة حدّدت ما يُـشبِـه الأجل للدخول في مفاوضات في موفى عام 2009، وهي تمنحُ بذلك شيئا من الوقت لإيران لإجراء الانتخابات ولتنصيب الرئيس الجديد.
إثر ذلك، سترى الولايات المتحدة ما إذا كانت إيران مستعدّة للانخراط في مفاوضات حقيقية، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فمن المُـحتمل أن يُـشدِّد الأمريكيون نظام عقوباتهم في عام 2010.
سؤال: يبدو أنك أقرب للتشاؤم؟
محمد رضا جليلي: نعم، فحسب رأيي، نحن بعيدون جدا عن تطبيع للعلاقات الدبلوماسية بين هذين البلدين، إنني لا أعتقد في حدوث تبدّل سريع وحقيقي للسياسة الخارجية لإيران فيما يتعلق بالعلاقات مع الولايات المتحدة.
Swissinfo.ch مع الوكالات
(رويترز) – يصوّت الايرانيون يوم الجمعة 12 يونيو 2009 في انتخابات رئاسية يسعى فيها الرئيس المحافظ محمود أحمدي نجاد للفوز بفترة رئاسية ثانية في مواجهة منافسين ينتقدون تعامله مع ملفي الاقتصاد والبرنامج النووي. ويملك الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي السلطة المطلقة في ايران لكن الانتخابات الرئاسية سوف تؤثر على صورة وسياسات الجمهورية الاسلامية التي تزن الآن استجابتها للمبادرات الدبلوماسية للرئيس الامريكي باراك أوباما.
وفيما يلي معلومات تفصيلية عن الانتخاب وعملية التصويت:
* المرشحون الأربعة الذين أقرهم مجلس صيانة الدستور هم، الرئيس محمود أحمدي نجاد الذي يحظى بتأييد المحافظين، ورئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي وينتمي للتيار المعتدل ورئيس البرلمان السابق مهدي كروبي رجل الدين الاصلاحي ومحسن رضائي القائد السابق للحرس الثوري الايراني.
* مجلس صيانة الدستور الذي يتكون من ستة من كبار رجال الدين وستة من رجال القانون ويقوم بفرز المرشحين ورفض ترشح 475 شخصا سجلوا أسماءهم ومن بينهم 42 امرأة.
* وحتى يتأهل المرشح ويحصل على موافقة مجلس صيانة الدستور يجب أن يكون ايراني الاصل ويحمل الجنسية الايرانية ويجب أن يكون شخصية سياسية أو دينية بارزة ويجب أن يكون له سجل لا تشوبه شائبة من الورع والاخلاص للجمهورية الاسلامية. ويحرم المجلس النساء من الترشح لمنصب الرئيس على الرغم من أن بعض كبار رجال الدين والمدافعين عن حقوق الانسان يقولون ان الدستور لا يحرم المرأة من هذا الحق.
* كل الايرانيين ممن تجاوزوا الثامنة عشرة من عمرهم لهم الحق في الادلاء بأصواتهم وهو ما يعني أن 46 مليونا من سكان ايران الذين يزيدون على 70 مليونا لهم حق التصويت. وقد بدأت الحملة الانتخابية في 20 مايو أيار وتستمر حتى الساعة 0430 بتوقيت جرينتش من 11 يونيو حزيران.
* مدة الرئاسة أربع سنوات ويمكن للرئيس أن يتولى فترة ثانية لكنه بعدها يجب أن يتنحى لفترة واحدة على الاقل.
* اذا لم يفز أي مرشح بخمسين بالمائة زائد صوت واحد على الاقل من اجمالي الاصوات التي شاركت في الانتخابات ومن بينها البطاقات الفارغة أيضا تجرى جولة ثانية بين المرشحين اللذين حصلا على أعلى نسبة أصوات في يوم الجمعة التالي لاعلان النتائج. وأجريت جولة اعادة في انتخابات عام 2005 الرئاسية وذلك للمرة الاولى منذ عام 1979.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 11 يونيو 2009)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.