الشعب السويسري يرفض مبادرة بيئية لإعادة هيكلة الاقتصاد
![جاءت نتيجة الرفض أقوى مما توقعته استطلاعات الرأي، إذ رفضت 69.8% من الأصوات مبادرة "المسؤولية البيئية".](https://www.swissinfo.ch/content/wp-content/uploads/sites/13/2025/01/608183770_highres.jpg?ver=eda94319)
رفض الشعب السويسري، يوم الأحد، بأغلبية ساحقة، مبادرة قدمها "الشباب الخضر"، تهدف إلى مواءمة الاقتصاد الوطني مع "حدود الكوكب".
![نشرتنا الإخبارية حول التغطية السويسرية للشؤون العربية](https://www.swissinfo.ch/content/wp-content/uploads/sites/13/2024/11/newsletter_teaser_press_review_p.jpg?ver=9b89eed9)
المزيد
نشرتنا الإخبارية حول التغطية السويسرية للشؤون العربية
وجاءت نتيجة الرفض أقوى مما توقعته استطلاعات الرأي، إذ رفضت 69.8% من الأصوات مبادرة “المسؤولية البيئية”، ولم تحظَ بالتأييد في أي من الكانتونات البالغ عددها 26. فيما بلغت نسبة المشاركة في التصويت 38% وهي أقل بكثير من المعدل المتوسط البالغ نحو 45%.
وقال لوكاس غولدر، من مؤسسة البحوث الاجتماعيّة في برن (gfs.bern)، لقناة التلفزيون العمومي السويسري الناطقة بالألمانية (SRF)، إن الدعم لهذه المبادرة سيكون على الأرجح محصورًا داخل الأوساط اليسارية والبيئية، بينما لم تلقَ تجاوبًا يُذكر لدى باقي الشرائح الناخبة، إذ اعتبرها الكثير “جذرية للغاية” – رغم أهمية قضايا البيئة والمناخ بالنسبة إلى الكثير من المواطنين.ات.
ودعت المبادرة، التي قدمها الجناح الشبابي لحزب الخضر، إلى تعديل الدستور السويسري لإلزام الاقتصاد بالعمل ضمن “حدود الكوكب” – وهو مفهوم علمي يحدد العتبات التي لا يمكن للنظام البيئي تجاوزها دون أن يفقد قدرته على التجدد. ولتطبيق هذا الهدف، كان من الضروري فرض قيود صارمة تحدُّ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وفقدان التنوع البيولوجي واستهلاك المياه. على سبيل المثال، قدّرت منظمة السلام الأخضر “غرين بيس” في سويسرا أن المبادرة كانت ستتطلب خفض البصمة الكربونية للفرد بأكثر من 90% .
ورغم أن المبادرة حظيت بدعم الحزب الاشتراكي اليساري وتحالف من المنظمات غير الحكومية، لم يقدّم الفريق المؤيد خطة تفصيلية لتنفيذها، بل اكتفى بالتأكيد على ضرورة تحقيق الأهداف بطريقة “مقبولة اجتماعيًّا” خلال فترة عشر سنوات، تاركاً للبرلمان مسؤولية وضع التفاصيل العملية.
الهدف صحيح لكن الاستراتيجية خاطئة؟
وإثر إعلان النتائج، أقر “الشباب الخضر”، بأن النتيجة تمثل انتصارًا “للأطراف المدافعة عن الوضع القائم” التي تتجاهل التحذيرات العلمية بشأن خطورة الأزمة البيئية، واتهم معارضي المبادرة باستخدام “أساليب التخويف” لتحويل النقاش من حماية الكوكب إلى مخاوف اقتصادية.
من جهتها، قالت النائبة الاشتراكية ليندا دي فينتورا، في تصريح لقناة التلفزيون العمومي السويسري الناطقة بالألمانية (SRF)، إن النتيجة كانت متوقعة، إذ عادةً ما تواجه المبادرات التي تطلقها الأحزاب الشبابية صعوبة في الفوز في صناديق الاقتراع. لكنها أكدت أن النتيجة “ليست رفضًا لحماية المناخ”، مشيرةً إلى أن الشعب السويسري أظهر في استفتاءات سابقة دعمًا لقوانين المناخ والكهرباء، ولكنه ببساطة لم يجد في هذه المبادرة الطريقة المناسبة لتحقيق التقدم البيئي.
![](https://www.swissinfo.ch/content/wp-content/uploads/sites/13/2015/01/aad69f5cd7b247c82cfceaf95267235c-popular-initiative-jpg-data.jpg?ver=a17ad35e)
المزيد
ما هي “المبادرة الشعبية” أو “مبادرة المواطنين”؟
في المقابل، قال ماكسيم مويكس، نائب رئيس الجناج الشبابي التابع لحزب الوسط، لقناة التلفزيون العمومي السويسري الناطقة بالفرنسية (RTS)، إن حماية البيئة تلقى قدرًا من الاهتمام لدى الناخبين.ات، ولكن الحلول “البراغماتية”، التي لا تؤدي إلى تدهور جودة الحياة أو تُفرض ضمن إطار زمني “غير واقعي”، هي التي تلقى رواجًا أكبر.
وخلال الحملة، شدَّد الفريق المعارض – الذي ضمَّ الحكومة وأغلبية البرلمان والمجموعات الاقتصادية – على أن تنفيذ المبادرة سيضر بالمالية العامة للدولة. وحذرت الحكومة من أن الشركات والوظائف قد تتأثر سلبًا، مع احتمال ارتفاع الأسعار على المستهلكين.ات وجاء في بيانها: “سيكون علينا التخلي عن جزء كبير مما يشكل مستوى المعيشة الحالي في سويسرا”.
حتى أن بعض المعارضة ذهبت إلى التحذير من أن تنفيذ المبادرة قد يدفع الاقتصاد السويسري إلى مستوى شبيه بالدول النامية. وقال البرلماني نيكولا كولي، من حزب الشعب اليميني، خلال الحملة: “سنقضي على ازدهار سويسرا، وسنعود إلى مستوى اقتصادي مماثل لدول مثل أفغانستان أو هايتي أو مدغشقر”.
حملة انتخابية باهتة
ربما كان الشعور بأن نتيجة الاستفتاء محسومة سلفًا أحد الأسباب التي جعلت الحملة الانتخابية فاترة. ووفقًا لمجموعة السنة السياسية السويسرية (Année Politique Suisse)، التابعة لجامعة برن، فإن التغطية الإعلامية للمبادرة كانت أقل من المعتاد. وقد يُعزى ذلك أيضًا إلى انخفاض الميزانيات المخصصة للحملة (لدى الطرفين)، بالإضافة إلى انشغال وسائل الإعلام بأحداث أخرى، مثل استقالة وزيرة الدفاع السويسرية، فيولا أمهيرد، التي أُعلنت في يناير.
يبقى أن نرى إن كان رفض المبادرة سيترك أثرًا طويل الأمد على الرأي العام. ففي الديمقراطية المباشرة السويسرية، قد تتمكن بعض المبادرات الفاشلة من تحقيق تأثير من خلال إدخال أفكار جديدة إلى الأجندة السياسية، سواء كان ذلك في مجال الدخل الأساسي الشامل، أو إلغاء الجيش، أو – كما هو الحال في هذا الاستفتاء – مفهوم “حدود الكوكبرابط خارجي” كإطار لتحقيق الاستدامة البيئية.
ترجمة: مي المهدي
مراجعة: ريم حسونة
![](https://www.swissinfo.ch/content/wp-content/uploads/sites/13/2015/01/aad69f5cd7b247c82cfceaf95267235c-popular-initiative-jpg-data.jpg?ver=a17ad35e)
المزيد
ما هي “المبادرة الشعبية” أو “مبادرة المواطنين”؟
![متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة](https://www.swissinfo.ch/ara/wp-content/themes/swissinfo-theme/assets/jti-certification.png)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.