السويسريون يوافقون على طرد المجرمين الأجانب من البلاد بشكل آلي
وافق الشعب السويسري على المبادرة الداعية إلى طرد الأجانب الذين يرتكبون جرائم خطيرة ورفض المبادرة البرلمانية البديلة عنها. وفي تصويت تميز بإقبال واسع، اتخذ الناخبون موقفا صارما تجاه الأجانب الذين يرتكبون جرائم خطيرة ورفضوا في الوقت نفسه المبادرة الإشتراكية "من أجل ضرائب عادلة".
وفيما سجلت نسبة مشاركة عالية في التصويت (51% تقريبا)، حظيت مبادرة الطرد على تأييد 52،9% من الناخبين مقابل 46،1% رفضوها. أما المبادرة البديلة التي تقدمت بها الحكومة وأيدها البرلمان فقد رفضت من طرف 54،2% من السويسريين. أما المبادرة التي دعت إلى إقرار نسبة ضرائب دنيا على المداخيل المرتفعة فقد قوبلت بدورها بالرفض من جانب 58،5% من الناخبين.
وطبقا للقانون الإنتخابي السويسري، كانت المبادرات الثلاث تتطلب الحصول على الأغلبية المزدوجة (أي أغلبية الناخبين وأغلبية الكانتونات) كي يتم اعتمادها بحكم أنها تتضمن إدخال تحويرات على نص الدستور الفدرالي، وهو ما لم يتسن في النهاية إلا لمبادرة حزب الشعب السويسري.
المزيد
المبادرة الشعبية
وضعية دقيقة
وعلى إثر موافقة الناخبين على مبادرة طرد المجرمين الأجانب بعد عام بالضبط على التأييد الشعبي لمبادرة حظر بناء المزيد من المآذن في 29 نوفمبر 2009، فمن المحتمل جدا أن تجد سويسرا نفسها مجددا في مرمى الإنتقادات الدولية بالنظر إلى أن مبادرة حزب الشعب (يمين شعبوي) ستوجب الآن على الكنفدرالية طرد الأجانب الذين تتم إدانتهم بارتكاب جرائم خطيرة بشكل آلي من الأراضي السويسرية.
ويحدد نص المبادرة الذي يحمل شعار “من أجل طرد المجرمين الأجانب” جملة من المخالفات التي يمكن أن تؤدي إلى سحب رخص الإقامة وتشمل: القتل، والسطو المسلّح، والإتجار بالبشر، والإغتصاب، والتحايل على القانون من أجل الحصول على المساعدات والتأمينات الاجتماعية.
أما الفترة المقترحة لحظر الإقامة في البلاد بالنسبة لهذه الفئة فتتراوح من 5 إلى 15 سنة، وقد تصل في حالة العودة إلى ارتكاب الجرم إلى 20 سنة. ويصبح الطرد آليا بعد ثبوت الإدانة بأي من الجرائم المشار إليها سابقا.
وفيما مثل هذا الطابع الآلي للطرد إشكالية للمتمسكين بالقانون الدولي، بادر الإتحاد الأوروبي، بإعلام سويسرا قبل موعد الإستفتاء أن هذا الإجراء “يتعارض مع الإتفاقيات الثنائية المبرمة بين برن وبروكسل بشأن حرية تنقل الأشخاص”.
سقوط مُدو للمشروع الحكومي البديل
المشروع الثاني الذي عرض على تصويت الناخبين السويسريين كان يهدف كذلك إلى طرد المجرمين الأجانب، وكان في الأصل مرسوما فدراليا يحمل عنوان “طرد المجرمين الأجانب مع مراعاة أحكام الدستور”، ومع أنه أقر من طرف الحكومة وحاز على تزكية أغلبية النواب في البرلمان الفدرالي.إلا أنه قوبل يوم الأحد 28 نوفمبر بالرفض الشامل من الأغلبية في جميع الكانتونات السويسرية.
ويهدف المشروع البديل – مثلما هو الحال بالنسبة لمبادرة حزب الشعب التي حظيت بالموافقة – إلى طرد المجرمين الأجانب من الأراضي السويسرية، وينص – مثل المبادرة الأصلية كذلك – على سحب رخص الإقامة من الأجانب الذين يرتكبون إحدى الجرائم الخطيرة، أو يحصلون على الإعانات الاجتماعية بطريقة غير مشروعة، لكنه يتميز عنه في نقطتيْن:
أوّلا التشديد على ضرورة بذل الحكومة الفدرالية، والكانتونات، والبلديات كل الجهود المتاحة والممكنة من أجل مساعدة الأجانب على الاندماج في المجتمع السويسري. وثانيا، أن تتم عمليات الطرد المرتقبة “في ظل احترام تام للحقوق الأساسية للأفراد، ولمبادئ الدستور، وللقانون الدولي، وعلى وجه الخصوص أن تراعي مبدأ التناسب (بين الحكم القضائي وطبيعة الجرم).
وبالنتيجة، فإن عملية الطرد لا تكون آلية، بل يجب أن تأخذ بعين الإعتبار الظروف التي أحاطت بالشخص المعني عند ارتكابه للمخالفة، وتمكينه من حق الاعتراض على الحكم الصادر بحقه من المحاكم الابتدائية. ومع أن المشروع المضاد، حاول من خلال هذه العناصر الإضافية، الإلتفاف على القضايا التي يمكن أن تتسبب في توجيه انتقادات دولية إلى سويسر إلا أن أغلبية الناخبين السويسريين لم تمنحه تأييدها.
نسبة الضريبة على الأثرياء.. لن ترتفع!
أما بخصوص الموضوع الثاني الذي طرح على التصويت الشعبي يوم الأحد 28 نوفمبر، وهي مبادرة تقدم بها الحزب الاشتراكي السويسري، للزيادة في نسبة الضريبة المقتطعة من كبار الأثرياء في البلاد فقد قوبلت بالرفض من قبل 58،5% من الناخبين.
وكما هو معلوم، يتميز النظام الضريبي السويسري بطابعه الفدرالي حيث تحدد السلطات الجبائية في الكانتونات المعدلات الضريبية التي تختارها، وهو ما أدى إلى ظهور فوارق كبيرة بينها، مما جعل بعض الأثرياء لا يترددون في تغيير أماكن إقامتهم للتمتع بالمزايا المتوفّرة في الكانتونات التي توصف بأنها “جنان ضريبية” مثل زيورخ، وتسوغ، وأوبفالدن.
الحزب الإشتراكي اعتبر أن هذه المنافسة الضريبية بين الكانتونات تلحق أضرارا جمة بالإقتصاد الوطني، وحث الناخبين على تأييد مقترحه الداعي إلى إلزام الجميع بعدم النزول عن معدّل ضريبي أدنى ونصت مبادرته “من أجل ضريبة عادلة” على أن لا تقلّ نسبة المستحقات الضريبية بالنسبة للأثرياء الذين يتجاوز دخلهم السنوي 250.000 فرنك سويسري عن 22%، وعلى ضرورة استخلاص نسبة 5 من الألف بالنسبة للثروات المدخرة التي تبلغ أو تتجاوز مليونيْ فرنك.
مبادرة “الضريبة العادلة” التي رُفضت من طرف السويسريين لقيت التأييد من جميع الأحزاب اليسارية، لكنها واجهت رفضا قويا من طرف الحكومة وأحزاب اليمين، والكانتونات، والدوائر الإقتصادية الذين شنوا حملة عنيفة ضدها.
وقد اعتبر المعارضون أن هذا المشروع ينال من استقلالية وسيادة الكانتونات (التي تتمتع بسلطات جبائية واسعة في ظل النظام الفدرالي السويسري تحرص بشدة على الإحتفاظ بها)، وأنها ستؤدي إلى ترفيع نسب الضريبة بالنسبة لجميع المواطنين، وسوف تحفّز الإنفاق العام، وتحد من جاذبية سويسرا لأصحاب رؤوس الأموال، وللشركات الأجنبية.وهي حجج أقنعت في نهاية المطاف حوالي 60% من الناخبين السويسريين صوتوا برفضها.
نجحت المبادرة الشعبية الفدرالية لحزب الشعب “من أجل طرد المجرمين الأجانب” في جمع 211.000 توقيع بسرعة فائقة.
يهدف حزب الشعب من خلال هذه المبادرة إلى سحب حق الإقامة وطرد جميع الأجانب الذين يرتكبون جرائم خطيرة كالقتل والإغتصاب والسطو المسلح والإتجار في المخدرات أو الإحتيال من أجل الحصول على المساعدات الإجتماعية.
تدعو المبادرة إلى أن تتم عمليات الطرد بشكل آلي ومنتظم. وأن تشمل الاشخاص الذين يرتكبون الجرائم سابقة الذكر بغض النظر عن وضعهم القانوني أو العائلي أو عدد السنوات التي قضوها في سويسرا، ومن دون النظر إلى مدى اندماجهم في المجتمع أم لا. كما لا تحترم هذه المبادرة – بحسب البعض – مبدأ التناسب بين إجراء الطرد وطبيعة الجرم المرتكب.
يهدف المشروع البديل عن مبادرة حزب الشعب السويسري الذي اقترحته الحكومة الفدرالية وزكته الأغلبية في البرلمان السويسري إلى تحقيق الهدف نفسه لكنه يختلف عن المبادرة الأصلية في نقطتيْن.
فهو يدعو من ناحية الكنفدرالية والكانتونات والبلديات إلى بذل كل الجهود الممكنة لتشجيع الأجانب على الإندماج في سويسرا، ومن ناحية اخرى، يشدد على أن عمليات الطرد القسري يجب أن تتم في ظل “احترام كامل للحقوق الأساسية، ولمبادئ الدستور، وللقوانين والمعاهدات الدولية، وعلى وجه الخصوص احترام مبدأ التناسب بين العقوبة وطبيعة الجرم المرتكب”.
تدعو مبادرة الحزب الإشتراكي إلى تحديد معدل ضريبي أدنى لا يمكن للكانتونات النزول عنه بالنسبة للأشخاص الذين ترتفع مداخيلهم المالية إلى 250.000 فما أكثر، وهذا المعدّل هو 22%.
كذلك تطالب المبادرة بمعدّل ضريبي لا يقل عن 5 من ألف بالنسبة للأشخاص الذين تتجاوز ثرواتهم مليونيْ فرنك.
كما تدعو إلى منع أي معدلات ضريبية مقلصة أومخفّضة (ينخفض معدّل الضريبة كلما زادت قيمة الثروة) بالنسبة لأصحاب الثروات الطائلة.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.