الشعب السويسري يؤيّد زيادة المعاش التقاعدي، ويقول “لا” لتأخير سنّ التقاعد
أكّدت النتائج النهائية لاقتراع اليوم الأحد تأييد غالبية الناخبين والناخبات في سويسرا لزيادة معاشات التقاعد، وسط مخاوف من ارتفاع تكاليف المعيشة في البلاد. في المقابل رفض الشعب السويسري بأغلبية ساحقة مبادرة رفع سن التقاعد تدريجياً من 65 إلى 66 عاماً على مدى العقد المقبل وربطه بمتوسط العمر المتوقع لضمان التمويل الكامل لنظام التقاعد الحكومي.
ودعم 58.2 % من الناخبين والناخبات مبادرة “من أجل حياة أفضل في سن التقاعد”رابط خارجي، التي تقترح إضافة راتب تقاعد شهري لمساعدة المتقاعدين.ات على مواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة المرتفعة في سويسرا.كما أيدت أغلبية الكانتونات هذا المقترح.
المزيد
نتائج اقتراع 3 مارس 2024 في سويسرا
وتدعو المبادرة إلى دفع معاش تقاعدي شهري ثالث عشر كل عام من نظام معاشات الشيخوخة والباقين.يات على قيد الحياة (المعروف باسم AHV/AVS)، بدلاً من 12 شهراً، على غرار الراتب الشهري الثالث عشر الإضافي الذي يحصل عليه العديد من الموظفين والموظفات في سويسرا.
وفاق حجم التأييد الشعبي للمبادرة توقعات استطلاعات الرأي السابقة (53 % قبل التصويت بعشرة أيام). وتمثل هذه النتيجة نصراً تاريخياً في الدولة الواقعة في جبال الألب، حيث تٌعد هذه المرة الأولى التي يتم فيها قبول مبادرة يسارية لإصلاح نظام التقاعد الحكومي السويسري.
المزيد
اقتراع 3 مارس: تراجع التأييد لمبادرة “من أجل حياة أفضل في الشيخوخة”
وبالإضافة إلى أغلبية الأصوات الفردية، فقد حظيت المبادرة أيضا بموافقة أغلبية الكانتونات.
وحصلت المبادرة التي أطلقتها النقابات ودعمتها أحزاب يسار الوسط لتحسين القدرة الشرائية للمتقاعدين.ات على دعم واضح من السكان .
وقال بيير إيف ميار، رئيس اتحاد النقابات العمالية السويسرية، لهيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية العمومية الناطقة بالفرنسية (RTS): “إن الميثاق الاجتماعي في بلادنا ما يزال قائما”.
وأضاف ميار: “هذه رسالة رائعة لجميع الأشخاص الذين عملوا طوال حياتهم. إن الشعب هو مصدر السلطة في سويسرا. وأنا فخور جدًا ببلدنا وديمقراطيتنا”.
كما أكد النائب البرلمان عن الحزب الاشتراكي صامويل بنداهان على الجانب التاريخي للتصويت، ووصفه بأنه “نقطة فاصلة”.
وقال بنداهان لوكالة الأنباء السويسرية كيستون آس دي أي (Keystone-SDA)، إنه للمرّة الأولى “حقّقنا شيئًا للأشخاص العاديين” وليس للأغنياء فقط. وشدّد على ضرورة “أن يكون الجميع قادراً على الاستفادة من الرخاء” في دولة غنية مثل سويسرا.
التصويت الاحتجاجي
من جهته، وصف الخبير لوكاس غولدر من معهد الأبحاث الاجتماعية النتيجة بأنها “تصويت احتجاجي”.
وقال غولدر لهيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية العمومية الناطقة بالألمانية (SRF): ” يحتج الناس على الدولة التي تنفق الكثير من الأموال في قطاعات أخرى وتمّول الكثير من الأمور، على سبيل المثال في مجالي الدفاع والهجرة”. وأضاف “دفع هذا الأمر العديد من الأشخاص في الشركات المتوسطة الحجم إلى القول ‘الآن يمكننا أن نفعل شيئا من أجل مصلحتنا لتخفيف وطأة الوضع المالي على نطاق واسع وفعّال للمتقاعدين.ات'”.
المزيد
الاستفتاء الفدرالي في سويسرا يوم 3 مارس
وقد أثارت هذه القضية اهتماماً كبيراً بين الناخبين والناخبات، حيث بلغت نسبة المشاركة 58%. كما تجاوزت نسبة التصويت عبر البريد نحو 50% في العديد من البلديات في جميع أنحاء البلاد، وفقًا لآخر الأرقام المتاحة.
ويقول الفريق المؤيد إن نظام التقاعد يتمتع بوضع جيد، وأن الزيادة ستكون ميسورة التكلفة وضرورية. وبموجب هذا المقترح، سيتم دفع المعاش الشهري 13 مرة سنويًا اعتبارًا من عام 2026. وبالتالي، سيزيد الحد الأقصى لمعاش التقاعد السنوي بمقدار 2450 فرنكًا سويسريًا إلى 31850 فرنكًا سويسريًا للأفراد، وبمبلغ 3675 فرنكًا سويسريًا إلى 47775 فرنكًا سويسريًا للمتزوجين.ات. ويمثّل الشهر الإضافي زيادة بنسبة 8.33% في المعاشات الحكومية.
وتعرّض الإصلاح المقترح لانتقادات من قبل أحزاب اليمين والوسط ومؤسسات الاقتصاد والأعمال الرئيسية في البلاد. كما عارضت الحكومة والبرلمان المبادرة رسميًا.
وقالت سيلين أمودروز، النائبة البرلمانية عن حزب الشعب السويسري اليميني، إن اليمين “يتحمّل مسؤولية ” هزيمة يوم الأحد.
وأضافت أمودروز لهيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية العمومية الناطقة بالألمانية (RTS) : “لم نتمكن أبدًا من تقديم إجابات على نظام معاشات الشيخوخة والباقين.يات على قيد الحياة أو تكاليف الرعاية الصحية”، موضحة أنه ” كانت هناك حاجة قوية إلى اقتراح مضادّ حول هذا القضية… هذه هي النتيجة إذا عارض الشخص كل شيء دون تقديم أي مقترحات”.
“لا” للتقاعد في سن الـ 66 من العمر
وفي تصويت منفصل حول إصلاح نظام التقاعد، رفض 74.7 % من الناخبين والناخبات المبادرة الشعبيةتأمين الشيخوخة بشكل آمن ومستدام”رابط خارجي المطالبة برفع سن التقاعد تدريجياً من 65 إلى 66 عاماً على مدى العقد المقبل وربطه بمتوسط العمر المتوقع لضمان التمويل الكامل لنظام التقاعد الحكومي. ومن شأن ذلك أن يوفّر نحو ملياري فرنك بحلول عام 2030، وأن يضمن تمويل المعاشات التقاعدية حتى عام 2033 على الأقلّ، وفقا لتقديرات المكتب الفدرالي للتأمين الاجتماعي (OFAS).
وقد حظي الاقتراح الذي قدّمه فرع الشباب في الحزب الليبرالي الراديكالي اليميني، بدعم من الأحزاب اليمينية، لكنه فشل في كسب تأييد غالبية الناخبين والناخبات.
وأدان تيّار اليسار المبادرة، واصفاً إيّاها بـ “المناهضة للمجتمع والتكنوقراطية والمعادية للديمقراطية” و”غير المناسبة لإصلاح منظومة الشيخوخة”.. واتّهم المعسكر الرافض للمبادرة بشكل رئيسي الفريق الداعم للمبادرة بتجاهل الواقع الذي يعيشه كبار وكبيرات السن في سوق العمل، مشيراً إلى أن الفئة التي يزيد عمرها عن 55 عامًا تواجه بالفعل صعوبة في العثور على عمل عندما تفقد وظائفها.
وبعد صدور نتائج يوم الأحد، خيّم التشاؤم على فرع الشباب في الحزب الراديكالي الليبرالي، وإن بقت روح العزيمة حاضرة.
وقال الحزب إنه كان يومًا “أسودًا للشباب”، مشيراً إلى أن نتيجتي الاقتراع على المبادرتين تمثلان “أسوأ سيناريو لمستقبل نظام التقاعد”.
وأضاف الحزب الراديكالي الليبرالي أن ارتفاع متوسط العمر الافتراضي وزيادة عدد الأشخاص كبار السن يعني أنه لا مفرّ من رفع سن التقاعد، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن عدم الاعتراف بهذا الأمر يعدّ بمثابة “جبن في مواجهة الواقع”. ودعا الحكومة والبرلمان إلى العودة إلى طاولة النقاش وتقديم خطة لـ”تجديد” نظام التقاعد.
ترجمة: مي المهدي
مراجعة: أمل المكي
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.