الشعب السويسري يرفض خطة إصلاح المعاشات التقاعدية المهنية وتعزيز التنوع البيولوجي
رفض الناخبون والناخبات السويسريون يوم الأحد بوضوح مبادرة لحماية التنوع البيولوجي بشكل أفضل. كما رفضوا اقتراحا معقدا يهدف إلى إصلاح نظام التقاعد المهني، العمود الثاني في نظام المعاشات.
أدّى الاقتراع الذي جرى يوم الأحد في جميع أنحاء البلاد، إلى استنتاج رئيسيّ مفاده: لا تحتاج سويسرا إلى بذل المزيد من الجهود لحماية التنوع البيولوجي والطبيعة. وقد بلغت نسبة رفض المبادرة التي أطلقتها مجموعات حماية الطبيعة والبيئة 63%.
ويعترف المكتب الفدرالي السويسري للبيئة (FOEN)، بنقص حماية التنوع البيولوجي في البلاد، فنصف الموائل وثلث المساحات الطبيعية مهددة.
ولكن واجه مبادرةَ التنوع البيولوجي تحالفٌ واسع النطاق، ضمّ الأحزاب اليمينية الرئيسية، وأحزاب يمين الوسط، بالإضافة إلى اتحاد المزارعين والمزارعات، ومجموعات الأعمال، التي اعتبرتها ” مبالغة في التطرّف، وغير مجدية“. وأجمع الكلّ على أنّ التشريعات الحالية كافية للحفاظ على التنوع البيولوجي.
وأشار التلفزيون السويسري العمومي الناطق بالألمانية(SRF)، في تحليل تصويت يوم الأحد، إلى مواجهة المبادرة معارضةً قوية. فحذّر قطاع الزراعة من تعريضها أمن البلاد الغذائي إلى الخطر، وجادل قطاع الطاقة بتهديد الاقتراح لتوسّع مجال الطاقة المتجددة في سويسرا، بينما لم يتمكّن الشقّ المؤيّد للمبادرة على مدار الحملة الانتخابية، من تبديد هذه المخاوف.
وقد أظهرت حملة التصويت ونتائجها اختلاف سكان المناطق الريفية، عن سكان المناطق الحضرية. فقد رفض أغلب الكانتونات النصّ، في حين ارتفعت نسبة المعارضة في المناطق الريفية مثل فاليه (73.9%)، وأبنزل رودس الداخلية (74.6%)، ونيدفالدن (75.8%)، وشفيتس (76.6%). وفي المقابل، وجدت هذه المبادرة تأييدا في عدة مدن، منها لوزان (60٪)، ولوتسيرن (53٪).
المزيد
مبادرة التنوّع البيولوجي في سويسرا: ضرورية لحماية الطبيعة أم مُبالَغ فيها؟
من جهتها، أكّدت كاتيا ريم، مزارعة، ونائبة برلمانية عن حزب الشعب السويسري اليميني، في حديث إلى التلفزيون السويسريّ العمومي الناطق بالألمانيّة، اهتمام قطاع الزراعة الكبير بالحفاظ على الطبيعة ومواردها. واستدركت قائلة: ”لكن لا تعني الموافقة على التنوع البيولوجي، فرض مبادئ توجيهية صارمة، ولا بدّ من تحقيق التوازن بين حماية البيئة، وتحقيق الربح، والمنفعة”.
ووعدت ألين تريدي، النائبة البرلمانية عن حزب الخضر، باستمرار جهود حماية التنوع البيولوجي في سويسرا. وهاجمت الحملة التي قادها معسكر المعارضة بزعامة اتحاد الزراعة، مشددة على ضرورة استناد المناقشات إلى الحقائق العلمية، بدلاً من”الأوهام الزائفة“، التي اعتبرت أنّها بثّت في الناس خوفا، دفع إلى التصويت ب ”لا“.
“صفعة على الوجه”
كما شهد يوم الأحد 22 سبتمبر، رفض الإصلاح المدعوم من الحكومة والبرلمان لنظام التقاعد المهني، ما يعرف بركيزة نظام التقاعد الوطني الثانية، رفضا قاطعا بنسبة 67.1%.
المزيد
الأعمدة الثلاثة التي يقوم عليها نظام التقاعد في سويسرا
واعتمد البرلمان الفدرالي خطة مراجعة نظام التقاعد المهني عام 2023، بعد مناقشات طويلة، وبعد إحباط مشروع توافقي سابق. ولقطع الطريق عن تنفيذ هذه الخطة، طرحت الأحزاب اليسارية، والنقابات العمالية استفتاءً ضدها.
وقال لوكاس غولدر، من مؤسسة البحوث الاجتماعيّة في برن (gfs.bern)، شكّل رفض مبادرة إصلاح نظام التقاعد المهني يوم الأحد ”صفعة واضحة“ للسلطات، معلّلا إياه بما ميّز المقترح من تعقيد، إضافة إلى ما اكتُشف مؤخرًا من أن السلطات أخطأت في تقديراتها بشأن الوضع المالي للركيزة الأولى من نظام المعاشات التقاعدية.
ودافعت الحكومة على خطة الإصلاح، بضرورتها لضمان التمويل المستدام للركيزة الثانية، التي تتعرض لضغوط بسبب شيخوخة السكان، وانخفاض أسعار الفائدة المؤثرة في استثمارات صناديق التقاعد.
ومثّل خفض معدل تحويل المعاشات التقاعديّة (نسبة مئويّة ثابتة تستخدم لحساب مستوىمدفوعات المعاشات التقاعديّة السنويّة بناء على مبلغ أصول التقاعد المدّخرة)، من 6،8% إلى 6%، أحد التغيرات الرئيسية المحتملة، الناجمة عن هذا الإصلاح.
المزيد
أهداف واحدة وأساليب متباينة… إصلاح قوانين التقاعد في سويسرا والمملكة العربية السعودية
لكن يرى الشقّ المدافع عن المشروع أنّه كان سيؤدي إلى خفض بسيط لقيمة المعاشات مقابل تمديد فترة الاستفادة منها، يُعوَّض بزيادة في رأس المال التقاعدي المدخر. كما يهدف الإصلاح إلى توفير حماية أفضل للقوّة العاملة بدوام جزئي، وتلك التي تتقاضى أجورا دنيا، خاصة النساء.
“التعزيز بدل التفكيك”
لكن تردّ المعارضة، وعلى رأسها النقابات، والأحزاب اليسارية، بمعاقبة هذا الإصلاح الفئة العاملة بدوام جزئي، والنساء مرّتين، كما سيعاني أغلب السكان من تخفيضات في المعاشات التقاعدية، بعد الاضطرار إلى ترفيع المساهمات خلال الحياة العملية.
وصرّحت السياسية الاشتراكية جيسيكا جاكود للإذاعة العامة السويسرية (RTS)، بأن التصويت مثال آخر، بعد التصويت لصالح المعاش السنوي الثالث عشر سابقا خلال هذا العام، على رغبة السكان في”تعزيز“ نظام المعاشات التقاعدية بدلاً من ”تفكيكه“. وأنّ شعار المعارضين الرئيسي”ادفع أكثر لتحصل على معاش تقاعدي أقل“ ، كان حاسمًا في وقت تسوده المخاوف حول القدرة الشرائية.
كما مثّلت النتيجة انتصارًا آخر لاتحاد النقابات العمالية السويسرية ورئيسه بيير إيف مايار، الذي أوضح هو الآخر في حديث إلى إذاعة (RTS) قائلا: ”لن يقبل الناس بتخفيضات المعاشات التقاعدية بعد الآن، ولا يمكن تحسينها عند الفئات منخفضة الدخل، والعاملة بدوام جزئيّ، وخاصة النساء، إلّا بتزويد النظام بجرعة تضامن “.
“لابد من تحديث الركيزة الثانية لنظام التقاعد”
في رد فعلها على نتيجة يوم الأحد، وصفتها النائبة البرلمانية الليبرالية الراديكالية ريجينا سوتر بأنها ”فرصة ضائعة“ لتعزيز وضع المعاشات التقاعدية للفئات منخفضة الدخل، وذات الدوام الجزئي في البلاد. واعتبرت حجج المعارضة اليسارية ”لا تمتّ للحقيقة بصلة“، بل اعتمدتها لإثارة الخوف من العواقب.
المزيد
نشرتنا الإخبارية المتخصصة في السياسة السويسرية
وأوردت افتتاحيّة صحيفة ”لوتون“ الصادرة بالفرنسية ، أن حجم النتيجة كان ”مفاجئًا“، وأنّ اقتراح الإصلاح الأولي ”معجزة صغيرة“ جمعت بين الشراكة الاجتماعيّة والحكومة معًا في تسوية قوية مدعومة من البرلمان. ولكن بانخراط السياسة بعد ذلك في الحملة الانتخابية، ” فقد دعم النقابات، وبعض أرباب العمل على امتداد الطريق“.
ومع ذلك، لا ينبغي أن تمنع هزيمة يوم الأحد الأحزاب من العودة إلى العمل. وقالت صحيفة ”لوتون“ إن الدعامة الثانية للمعاشات التقاعدية ”يجب تحديثها بالتأكيد“. و”لا مصلحة لأحد في سويسرا في الوضع الراهن؛ فقد صُمّم القانون الحالي لعالم لم يعد موجوداً“.
بلغت نسبة المشاركة في التصويتين اللذين أجريا يوم الأحد 45% من مجموع الناخبين والناخبات المؤهلين والمؤهلات للمشاركة.
المزيد
ترجمة: عبد الحفيظ العبدلي
التدقيق اللغوي: لمياء الواد
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.