العفو الدولية: “مكاسب للعدالة الدولية عطلتها سياسات الدول الكبرى”
أكد التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية أن العدالة الدولية حققت مكاسب خلال عام 2009، لكن تلك الخطوات تعرقلها سياسات الدول الكبرى، التي "تعتبر نفسها فوق القوانين الدولية وتحمي أصدقائها، ولا تدعم العدالة الدولية إلا إذا كانت تحقق مصالحها".
وخلال تقديمه لما ورد في التقرير الصادر بتاريخ 27 مايو، أكد نائب أمين عام المنظمة كلوديو كوردون أنه “مادامت الدول تشترط لدعم العدالة تحقيق مصالحها، فلن يتحرر الجزء الأكبر من البشرية من الخوف والبؤس”.
في المقابل أشادت المنظمة التي تتخذ من لندن مقرا لها بقرار التوقيف الذي أصدرته المحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس السوداني عمر البشير بسبب اتهامه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، لكن رفض الإتحاد الإفريقي لأي تعاون مع هذه المحكمة أدى إلى بقاء القرار مجرد حبر على ورق.
كذلك تشير المنظمة إلى تعطيل عمل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (مقره جنيف) بشان قضية الحرب الأهلية في سريلانكا، وتقرير القاضي غولدوستون بشأن الحرب الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة. وتأسف المنظمة لإستمرار ممارسة التعذيب على نطاق واسع في العديد من البلدان في العالم. ويذكر التقرير في هذا السياق 111 بلد، وتنظيم محاكمات غير عادلة في 55 بلد، ومساجين سياسيين في 48 بلد، فضلا عن التقييدات المفروضة على حرية التعبير في 96 بلد.
رغم هذا الوضع السيء توقّف التقرير عند المؤشرات الإيجابية المسجلة على مستوى العدالة الدولية، كما هو الحال في امريكا اللاتينية، حيث تعرّض العديد من الرؤساء السابقين إلى متابعات قضائية ومحاكمات على جرائم ارتكبوها خلال حكمهم، كألبرتو فجيموري في البيرو، ورينالدو بينيون في الأرجنتين، بالإضافة إلى المتابعات القضائية ضد المسؤولين السابقين في سيراليون، وحيث لا تزال المحاكمة متواصلة بحق شارل تايلور.
الوضع في سويسرا ليس أفضل حال
بالنسبة لسويسرا، يشير تقرير 2009، على أنه بسبب قصور في المدوّنة القانونية، لم تكن الحماية من التمييز العنصري كافية او مضمونة. وخلال العام الماضي اتهم العديد من المسؤولين عن حماية النظام العام في سويسرا بارتكاب جرائم عنصرية وممارسات سيئة ضد الاجانب خاصة. ناهيك عن ان بعض الاحكام المتضمنة في الدستور تنال من الحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية لطالبي اللجوء، وللمهاجرين غير الشرعيين.
في هذا السياق تؤكد اللجنة الفدرالية لمكافحة العنصرية على ان ممارسات تمييزية تنتشر وتتوسع في سويسرا، في غياب إجراءات تردع ذلك السلوك، أو قوانين تجرمه على المستويين الفدرالي والكانتوني. ولتجاوز ذلك دعت هذه اللجنة إلى تأسيس مؤسسة وطنية تعتني بالدفاع عن حقوق الإنسان .
شكل هذا المطلب أيضا عصب التوصيات التي توجه بها خلال هذه السنة مجلس حقوق الإنسان إلى السلطات السويسرية من اجل دعم إجراءات مكافحة السلوكات العنصرية في البلاد.
إدانة لأعوان الأمن
مثل السنوات الماضية توقف تقرير عام 2009 بشان الوضع في سويسرا عند الأحكام التي صدرت بحق مسؤولين أمنيين اتهموا بارتكاب أعمال مسيئة. وتقول اللجنة الفدرالية لمكافحة العنصرية أنها منزعجة جدا من لجوء الشرطة السويسرية للإفراط في استخدام الوسائل العنيفة خاصة ضد ذوي البشرة السوداء. ويقدم التقرير تفاصيل ضافية عن ممارسات من هذا القبيل في كل من كانتونيْ برن وبازل المدينة.
وفي سويسرا، أيضا، يشير التقرير إلى الانتهاكات الواسعة التي تتعرض لها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لكل من طالبي اللجوء والمهاجرين غير الشرعيين، وذلك بنصوص قانونية نافذة هدفها المعلن التضييق والتشديد على هذيْن الفئتيْن. وما يستفز اكثر المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان هو أن هذه القوانين المشرعة في سويسرا تخالف بوضوح التزامات الحكومة السويسرية تجاه المجتمع الدولي والأمم المتحدة، وتنتهك بنود الاتفاقية الدولية لمنع كل أشكال التمييز العنصري.
ويذكر ان البرلمان السويسري أقر يوم 18 مارس 2010 إستخدام جهاز للصعق الكهربائي، وكلاب الشرطة خلال عمليات ترحيل الأجانب قسرا من البلاد، وهو قانون يخالف معايير مجلس أوروبا الذي يدعو إلى عدم الإفراط في استخدام القوة في هذا النوع من الحالات.
swissinfo.ch مع الوكالات
لم تظهر سويسرا أي استعجال في التصديق مختلف المعاهدات والإتفاقيات الدولية في مجال حقوق الإنسان.
المؤرخ جون أ. فانزون، صاحب مؤلف مرجعي في هذا المجال، يذكر بأن سويسرا كانت آخر دولة تصادق (من بين الدول السبعة عشر الذي كانت تشكل مجلس أوروبا آنذاك) على المعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان.
في السبعينات والثمانينات، باءت عدة محاولات بذلتها الحكومة الفدرالية للتصديق على معاهدات دولية تتعلق بحقوق الإنسان بالفشل الذريع. ومن بينها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (لم تصادق عليه سويسرا إلا في عام 1992) أو الإتفاقية الخاصة بمكافحة العنصرية (1994) أو المتعلقة بحقوق النساء (1997).
يشير المؤرخ فانزون إلى أن الأسباب الكامنة وراء هذه المواقف المترددة عديدة وتشمل على سبيل الذكر لا الحصر: عدم انضمام سويسرا إلى الأمم المتحدة (حتى عام 2002)، وآليات النظام الفدرالي، وطول وتعقد عملية اتخاذ القرار والدقة التي درست بها الكنفدرالية هذه النصوص.
من جهة أخرى يؤكد الباحث فانزون أنه “حتى اليوم، لم تصادق سويسرا أبدا على شيء لا يُمكن لها أن تطبقه بعد ذلك” ويُلفت إلى أن بلدانا أخرى لم تتعامل بنفس الصرامة خلال عملية التصديق وهو ما لا يعني بالضرورة أن هذه الدول تحترم كل ما تشتمل عليه الترسانة القانونية المتعلقة بحقوق الإنسان.
على مستوى السياسة الداخلية، تعرضت المعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان إلى صعوبات جمة حيث تعلل المعارضون لها بـ “سيادة” و”حياد” سويسرا من أجل الحيلولة دون تمكين القضاة الأجانب (أي الهيئات الدولية المختصة التي يمكن رفع الشكاوي أمامها) من حشر أنوفهم في شؤون البلد، مثلما يشرح السيد فانزون.
لكن المنعرج حصل في موفى الثمانينات، لدى مصادقة سويسرا للمرة الأولى على معاهدة أممية تتعلق بحقوق الإنسان وهي اتفاقية الأمم المتحدة لنكافحة التعذيب (تمت المصادقة عليها عام 1988). وفي عام 1999، أدرجت حقوق الإنسان في نص الدستور الفدرالي.
مع ذلك، لا زالت بعض المواثيق الدولية غير مصادق عليها من طرف سويسرا إلى حد اليوم مثل الميثاق الإجتماعي الأوروبي.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.