القصفُ الإسرائيلي يُـحـمّـل مُستشفيات غزة عبئا يفوق طاقتها
أعربت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن بالغ قلقها إزاء عدد الضحايا الذي لا يكف عن الارتفاع داخل قطاع غزة، مُشددة على الضغط الكبير الواقع على المُستشفيات المحلية منذ صبيحة السبت الماضي على إثر إطلاق أعنف عملية إسرائيلية ضد الفلسطينيين منذ عام 1967.
وكانت سويسرا، بصفتها الدولة المؤتمنة على معاهدات جنيف حول القانون الإنساني الدولي، قد طالبت يوم السبت الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني بضبط النفس.
وفي حديث لسويس انفو صبيحة يوم الإثنين، قالت آن – صوفي بونفيلد، المسؤولة في اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالقدس: “إن المستشفيات تُجاري الوضع بأقصى إمكانياتها، وهي تتحمل قطعا (عبئا) يفوق طاقتها، فهي قد كانت بعد في حالة صعبة حتى قبل هذا الهجوم، بحيث تفتقر لبعض الأدوية الأساسية، فضلا عن عـُطل المولدات الكهربائية، وعدم القدرة على إصلاح المعدات الطبية، وبالتالي فإن المستشفيات لم تكن مجهزة على الإطلاق لاستقبال هذا العدد الكبير جدا من جرحى الحرب، وهي تحاول أن تتكيف، كما نسمع من موظفينا في غزة”.
وواصلت السيدة بونفيلد في تصريحاتها الهاتفية: “تكتظ غرف الطوارئ السيئة التجهيز بكثير من الناس حيث تأتي أسرهم للبحث عن ذويهم، ويسود جوّ من الفوضى هناك. وهذا الوضع صعب بالنسبة للموظفين العاملين في المستشفى، فهم لم يناموا منذ بضعة أيام بسبب الغارات التي تتواصل حتى خلال الليل، وهم قلقون أيضا بشأن أسرهم وسلامتهم”.
وأضافت المسؤولة أن “اللجنة الدولية للصليب الأحمر تحث السلطات الإسرائيلية على إبقاء هذه المعابر [الخاصة بتقديم المساعدات الانسانية] مفتوحة الآن. فمن الضروري تماما خلال الأيام القادمة أن تدخل المساعدات الإنسانية إلى غزة في هذه المرحلة. وخلال العشرة أيام الماضية، حتى قبل هذا الهجوم، كان من الصعب جدا على اللجنة الدولية للصليب الأحمر إيصال أي شيء (لغزة)، فكل ما يمكن جلبه إلى غزة يجب أن يحصل على الضوء الأخضر من السلطات الإسرائيلية، وهو إجراء يمكن أن يكون صعبا جدا”.
وبالنسبة لمساعدات اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي كان يُتوقع شحنها يوم الأحد، قالت آن-صوفي بونفيلد: “نحن نحاول اليوم الحصول على هذه الشحنة من خلال نِقاط العبور من إسرائيل إلى غزة. وهذا لم يحدث حتى الآن ولكننا نفترض أن المعبر سيبقى مفتوحا وأننا سنستقبل اليوم ثماني شاحنات تحمل، من بين أمور أخرى، قطع الغيار اللازمة للمولدات الاحتياطية للمُستشفيات. ونحن نتوفر على خمس سيارات إسعاف و300 وحدة دم. وتمكنا يوم أمس من توزيع بعض السوائل الوريدية للمستشفيات، كما استطعنا توزيع لوازم الجراحة التي تغطي حاجيات نحو 200 من جرح الحرب”.
من جهته، كان بيير فيتاش، الذي يقود وفد اللجنة الدولية للصليب الأحمر في إسرائيل وكافة الأراضي المُحتلة قد صرح يوم الأحد أن “وصول جرحى الحرب يوقع ضغطا كبيرا على مستشفيات غزة المُكتظة بعدُ، والتي تفتقر بشدة للمعدات الطبية”.
وأضاف هذا المسؤول في المنظمة التي تتخذ من جنيف مقرا لها: “إن أولى أولوياتنا هي الإيصال الفوري للمزيد من اللوازم الطبية إلى المُشتشفيات، ولذلك فمن الضروري أن يسمح بدخول هذه المساعدة الإنسانية المُلحة إلى غزة”.
احترام القانون الإنساني
وفي برن، أعربت وزارة الخارجية السويسرية عن قلقها إزاء التصعيد الأخير في قطاع غزة. وأدانت في بيانها الصادر يوم السبت 27 ديسمبر عمليات “إطلاق الصواريخ من قطاع غزة باتجاه إسرائيل، والتي استؤنفت بعد انتهاء اتفاق وقف إطلاق النار في 19 ديسمبر. وتمثل هذه الهجمات تهديدا لا يُطاق للمدنيين الاسرائيليين”.
وفي نفس الوقت، أدانت وزارة الخارجية السويسرية ما وصفته بـ”ردود الفعل غير المُتناسبة للقوات المُسلحة الإسرائيلية”، مؤكدة على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وحماية سكانها، ومنوهة في المقابل إلى أن ذلك الحق يجب أن يُمارس “في احترام للقانون الإنساني ووفقا لمبدأ التناسب”.
وأضافت الوزارة في بيانها أن “الحصار المفروض من جانب إسرائيل على نقاط الوصول إلى غزة يُفاقم (عمليات) رعاية الجرحى. وبناء عليه، فإن وزارة الخارجية السويسرية تطالب بالعودة الفورية لوصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة”.
واعتبرت الوزارة الأحداث الأخيرة كـ “انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني”، وبصفتها “الدولة المؤتمنة والموقعة على معاهدات جنيف والحارسة لاتفاقية جنيف الرابعة، فإن سويسرا معنية بوجه خاص بالقانون الإنساني”.
وبالتالي، “تدعو وزارة الخارجية السويسرية جميع أطراف النزاع إلى ممارسة ضبط النفس وتُذكرها بالتزامها بالاحترام الكامل، وفي جميع الظروف، للقانون الإنساني الدولي الذي يحظر بشكل خاص أعمال العنف ضد المدنيين”.
قصف متواصل
وقد واصلت إسرائيل ليلة الأحد إلى الإثنين غاراتها الجوية على غزة التي أسقطت منذ يوم السبت 27 ديسمبر الجاري أكثر من 300 قتيل، معظمهم من رجال شرطة حركة المقاومة الإسلامية حماس، وفقا لأرقام الخدمات الاستشفائية في غزة. وحسب تقديرات اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أوقع القصف الإٍسرائيلي منذ صبيحة يوم السبت ما لا يقل عن 275 قتيل وأكثر من 950 جريحا.
كما أعطت الدولة العبرية الضوء الأخضر لتعبئة آلاف الاحتياطيين تحسبا لشن حملة أرضية مُحتملة ضد الفلسطينيين. وتقول إسرائيل إنها تشن عمليتها المُسماة “الرصاص المصبوب”، وهي تُعتبر الأعنف من نوعها منذ احتلالها للأراضي الفلسطينية عام 1967، بهدف وضع حد لهجمات الصواريخ على جنوب إسرائيل انطلاقا من قطاع غزة الواقع تحت سيطرة حماس.
وقالت مصادر استشفائية إن الطيران الإسرائيلي شن عشرات الغارات على قطاع غزة ليلة الأحد إلى الإثنين، مما أسفر عن مقتل سبعة فلسطينيين من بينهم ستة أطفال. وأكد متحدث عسكري إسرائيلي أن القوات الجوية نفذت بالفعل “عشرات الغارات” دون الإدلاء بتفاصيل دقيقة.
وقد قُتلت أربع طفلات تتراوح أعمارهن ما بين سنة و12 عاما من نفس الأسرة خلال غارة إسرائيلية في جباليا شمال قطاع غزة، بعدما استهدف القصف مسجدا قرب منزلهن. كما قضى طفلان آخران أثناء غارة استهدفت رفح جنوب القطاع. وكان ناشط من حماس الضحية السابعة للقصف.
سويس انفو مع الوكالات
غزة (رويترز) – قصفت طائرات حربية اسرائيلية قطاع غزة الذي تحكمه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) يوم الاثنين 29 ديسمبر، لليوم الثالث على التوالي واستعدت لاحتمال غزو القطاع بعد مقتل 307 فلسطينيين في الغارات الجوية.
وقالت اسرائيل، التي صعدت غاراتها الجوية بعد حلول الظلام يوم الاحد، إن الحملة التي بدأتها يوم السبت 27 ديسمبر، تأتي ردا على هجمات الصواريخ وقذائف المورتر التي تشن بشكل شبه يومي من غزة وتصاعدت بعد ان انهت حماس قبل أسبوع تهدئة استمرت ستة اشهر.
وقال مارك ريجيف، المتحدث باسم رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت، إن اسرائيل ستواصل حملتها “إلى أن تتهيأ اجواء امنية جديدة في الجنوب (اسرائيل) والى أن تتوقف حالة الرعب والخوف التي يعيشها السكان هناك جراء الهجمات الصاروخية المستمرة”.
وصرح المتحدث العسكري الاسرائيلي افي بناياهو، بان هجوم غزة قد “يستغرق اياما كثيرة.”
ونشرت الدبابات الاسرائيلية على اطراف غزة متأهبة لدخول القطاع الذي يقطنه 1.5 مليون فلسطيني. وقال مسؤول حكومي ان حكومة أولمرت وافقت على استدعاء 6500 من جنود الاحتياط.
وظلت حماس على تحديها ودعا فوزي برهوم، المتحدث باسم حماس الجماعات الفلسطينية الى استخدام كل السبل المتاحة بما في ذلك “العمليات الاستشهادية” في اشارة الى التفجيرات الانتحارية داخل اسرائيل لحماية الشعب الفلسطيني.
وارتفعت اسعار النفط العالمية 5.6% الى نحو 40 دولارا للبرميل يوم الاثنين، وقال محللون إن الصراع بين حماس واسرائيل ذكر التجار بمخاطر الجغرافيا السياسية التي تتهدد امدادات النفط الخام من منطقة الشرق الاوسط.
ودعا مجلس الامن الدولي الى وقف لكل اشكال العنف ولكن ادارة الرئيس الامريكي جورج بوش التي أمامها بضعة اسابيع في السلطة فقط حملت حماس مسؤولية العمل على استئناف الهدنة.
واثارت الهجمات الاسرائيلية غضب العرب في شتى انحاء الشرق الاوسط، حيث قام محتجون باحراق الاعلام الاسرائيلية والامريكية للحث على رد اقوى من جانب زعمائهم على هجوم اسرائيل على غزة. (…)
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 29 ديسمبر 2008)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.