المجتمعات المدنية العربية تحمل مشعل البوعزيزي
بعد أن كان مُختنـِقا أو جنينيا في ظلّ الأنظمة القمعية التي أسقطتها الثورات العربية قبل عامين، تحرّر المجتمعُ المدني من قيوده، وهبّ إلى لعب دور المُحفّز والرّقيب لعملية بناء الدولة الديمقراطية الجديدة، من ضمان نزاهة انتخابات ما بعد الانتفاضات إلى بلورة دساتير الغـد.
غير أن زلزال الربيع العربي لم يكن مُرفَقا بدليل أو خطة طريق لمواجهة التحديات الجمّة التي تفرضها المرحلة الإنتقالية، بما فيها “خطر الشتاء الإسلامي”، كما اتضح من استطلاع رأي أجرته swissinfo.ch مع محلّلين سياسيين ونشطاء حقوقيين عرب عاينوا تلك التحولات ولازالوا يتابعونها عن كثب.
جثتُه تحوّلت إلى رماد، ولكن النّار التي أضرمها في جسده يوم 17 ديسمبر 2010 لم تخمد بعد. محمد البوعزيزي أشعل شرارة ثورة الياسمين التونسية بصرخة حارقة ضد الظلم الاقتصادي والاستبداد السياسي لنظام بن علي. وسرعان ما طالت رياح الاحتجاج المجتمعات المدنية من شمال إفريقيا إلى الشرق الأوسط. المنطقة بأسرها شعرت بالهزّات الارتدادية لزلزال الربيع العربي. “تأثير الدومينو” لازال متواصلا، ولئن كان بدرجات متفاوتة. سوريا مشتعلة، والنظام الملكي الأردني المجاور يواجه غضب الشارع، والتظاهرات الاحتجاجية على السلطة تُغذّي الأحداث السياسية في مملكة البحرين، والكويت والإمارات العربية المتحدة والسودان…
وفي ظلّ هذه التحولات الجسيمة، يقف المجتمع المدني فاعلا رئيسيا في سعي تلك الشعوب إلى التخلّص من مخالب أنظمة رهنت حريتها وكرامتها لعقود طويلة. وهو يتحرك على جبهات عدّة، سياسية واجتماعية واقتصادية وإعلامية، لاسيما بعد استفادته من مُتنفس الشبكات الاجتماعية الإلكترونية.
“حارس” إنجاح التحوّل الديمقراطي
في تونس حيث ظلّت تقاليد المجتمع المدني راسخة رغم ما تعرّض له من حملات قمعية واستبدادية، يـُذَكّر رشيد خشانة، رئيس قسم المغرب العربي في قناة الجزيرة الفضائية، بأن “عدد الجمعيات التي تأسست بعد الثورة لا يُحصى”، والعديد منها تقودها سيدات، مشيرا إلى أن المجتمع المدني “صار يتحرك في جميع المناسبات (فيضانات، ثلوج، أعياد دينية…) للتكافل، فضلا عن تعويض البلديات في جمع النفايات وتنظيف البيئة”.
فإلى جانب منظمات عريقة مثل “رابطة حقوق الإنسان” و”نقابة المحامين”، و”الاتحاد العام التونسي للشغل”، تشكلت مئات الجمعيات المتنوعة المشارب والأهداف والمرجعيات، “من جمعية الدفاع عن اللائكية إلى جمعية الوسطية (مضمونها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)”، مثلما يوضح الإعلامي التونسي الذي يضيف أنه رغم كثرة العدد وتباين المواقف، “كُلّما شعر المجتمع بتهديد مكاسبه إلا وخرجت الجمعيات مع الأحزاب للدفاع عن مدنية الدولة وحرية المجتمع”.
ويعزز مقولة الإعلامي خشانة دعوة “الاتحاد العام التونسي للشغل”، النقابة الرئيسية في البلاد التي يقدر عدد أعضائها بنصف مليون منخرط، إلى شن إضراب عام يوم 13 ديسمبر 2012، ردا على ما وصفه بـ “اعتداء همجي منظم (..) نفذته مليشيات تابعة لحزب حركة النهضة”. ومع أن الإضراب ألغي يوم 12 ديسمبر بعد التوصل إلى حل وسط بين المنظمة الشغيلة والحكومة إلا أن النقابيين تعهدوا باستمرار اليقظة للدفاع عن منظمتهم ومكتسبات الأجراء والحريات عموما.
من جهته، يرى مواطنه، صلاح الدين الجورشي، الصحفي والناشط الحقوقي، أن أهمّ إسهامات المجتمع المدني في بلاده تمثلت في الدور المحوري الذي لعبه في الإشراف على “أول انتخابات شفافة وديمقراطية” منذ استقلال تونس عام 1956، وفي “المشاركة الفاعلة في مختلف الهياكل الانتقالية، مثل الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي، التي وفـّرت توافقا مرحليا أفضى إلى انتخابات المجلس الوطني التأسيسي”. كما نوه إلى أن المجتمع المدني التونسي “انفرد بتشكيل لجنتي تقصي الحقائق عن الفساد والرشوة، وعن ضحايا الثورة”، فضلا عن انخراط عشرات الجمعيات في مساعي التأثير على صياغة الدستور الجديد.
وفي مصر حيث صمدت الجمعيات المدنية تحت وطأة مبارك، أعرب الكاتب والمحلل السياسي همّام سرحان عن اعتقاده بأن المجتمع المدني كان بعد اندلاع ثورات الربيع العربي وراء “إنجازات لم تتحقق على مدى خمسة عقود كاملة، من ثورة 23 يوليو 1952 إلى 25 يناير 2011″. وعدّد هذا الإعلامي والنّاشط الجمعياتي المصري ضمن السياق نفسه مشاركة قوى المجتمع المدني في بلورة وصياغة الدستور الجديد ومراقبة الانتخابات ” بدءًا بالاستفتاء الشعبي الذي أجري 19 مارس 2011 على التعديلات الدستورية (…) إلى انتخابات رئاسة الجمهورية التي جاءت بالرئيس الدكتور محمد مرسي، والتي شهد العالم بنزاهتها وشفافيتها”.
ورغم ذلك، لم يتردد مؤخرا عشرات الآلاف من المعارضين للرئيس مرسي في النزول إلى الشوارع في احتجاجات عنيفة ودامية ضد إعلان دستوري كان قد منحه سلطات شبه مطلقة، إلى أن تخلى عنها في نهاية الأسبوع الماضي، مصرا في المقابل على تنظيم استفتاء شعبي يومي 15 و22 ديسمبر 2012 على مشروع الدستور الجديد المثير للجدل.
أما في ليبيا، فلم يكن “يوجد شيء اسمه مجتمع مدني مستقل وحر” قبل إسقاط العقيد القذافي، على حدّ تعبير خالد صالح، المدير التنفيذي لمؤسسة التضامن لحقوق الإنسان التي كانت تمارس نشاطاتها في المهجر انطلاقا من جنيف. صالح المقيم في سويسرا منذ 14 عاما، عاد إلى بنغازي بعد شهر فقط من اندلاع الانتفاضات الشعبية في وطنه الأم، من أجل نقل التجربة المكتسبة في الخارج والإسهام في نشر الوعي والثقافة الحقوقيين، وأصبح اليوم عضوا في المجلس الوطني للحريات العامة وحقوق الإنسان في ليبيا. وهو على قناعة بأن “الثورة الليبية ثورة مجتمع مدني بامتياز” لأنه تشكل تلقائيا و”كان لكافة عناصره دور في إنجاح تلك الثورة على كافة المستويات: دعم الجبهات، تقديم المساعدات على مستوى التجييش المعنوي، وعلى المستوى الإعلامي والإغاثي والصحي، فضلا عن قيامه بدور الرادع أحيانا لبعض الإعوجاج الناجم عن محاولات تأجيل سير العملية الديمقراطية”.
دور حاسم للمرأة.. ودفاع شرس عن حقوقها
وفي شبه الجزيرة العربية، “تتمتع اليمن، مقارنة بغيرها من الدول في المنطقة (باستثناء الكويت) بمجتمع مدني حيوي ونشط جدا”، مثلما تشرح الدكتورة إلهام مانع، الأستاذة المشاركة في معهد العلوم السياسية بجامعة زيورخ. وتــُذكر الخبيرة السويسرية من أصل يمني، أنه “رغم التحول السلبي التدريجي الذي شهده النظام السياسي بعد الحرب الأهلية عام 1994، (…)، ظل قطاع واسع من المجتمع المدني يتمتع باستقلالية كبيرة، ومارس البعض منه في أحايين كثيرة دورا رقابيا على انتهاكات النظام السياسي”.
الدكتورة إلهام مانع، وهي أيضا عضوة اللجنة الفدرالية السويسرية لشؤون المرأة، سلّطت الضوء في تقييمها لإسهامات المجتمع المدني في يمن الثورة على “الدور الحاسم” الذي لعبته “شخصيات نسائية معروفة مثل أمل الباشا، والعديد من المنظمات الحقوقية المدافعة عن حقوق المرأة في إدراج بندي “حقوق المرأة” و”زواج الصغيرات” ضمن جدول أعمال مؤتمر الحوار الوطني المزمع عقده حسب بنود المبادرة الخليجية، معربة عن اعتقادها أن تلك الجماعات المدنية تتمسك بمبدأ مفاده أن “الحديث عن مستقبل اليمن يجب أن يشمل وضع المرأة وزواج الصغيرات كقضية وطن، لا مسألة تخص المرأة وحدها”.
وعلى نفس الخط، ذكّر صلاح الدين الجورشي، النائب السابق لرئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، بالحملة واسعة النطاق التي قامت بها جمعيات المجتمع المدني في تونس والتي وجدت لها صدى كبيرا في الغرب أيضا “ضد عبارة التكامل بين المرأة والرجل التي وردت في مسودة الدستور، حتى لا يفهم من ذلك تمييز بين الجنسين. وتصدت جمعيات أخرى للدفاع عن الأقليات العرقية أو الدينية في تونس”.
تعزيز حقوق المرأة وحماية الأقليات العرقية والدينية كانا من أبرز إسهامات المجتمع المدني المصري أيضا، إذ قال همام سرحان: “زاد عدد النساء وممثلي الأقليات العرقية والدينية الذين ترشحوا للإنتخابات البرلمانية، وزاد عددهم في البرلمان بمجلسيه، كما جاء تمثيلهم مُشرفًا في الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، وفي الحكومة، وفي تشكيل مؤسسة الرئاسة، والمجلس الأعلى للصحافة، والمجلس القومي لحقوق الإنسان…، إلخ”.
خالد صالح الذي لازال يتنقل بين سويسرا وليبيا حيث فتحت مؤسسة التضامن مكتبين في كل من بنغازي وطرابلس، أشاد أيضا بـ “الدور الكبير” الذي تقوم به المرأة الآن في ليبيا، مؤكدا أنه “في حال انتشار أي مخاطر، نجدهن تدفعن إلى التظاهرات والإعتصامات، لاسيما النساء كبيرات السن اللاتي حثّت أولادهن وبناتهن للخروج، وهذا شيء لم يكن مألوفا بالسنبة لدولة مثل ليبيا”.
“الاحتباس الاستبدادي” و”الشتاء الإسلامي”
غير أن ما كان مُعوجا طيلة عقود لا يستقيم بين عشية وضحاها، والمجتمعات المدنية العربية ليست سوى في بداية مسار التصحيح. سعد محيو، الباحث في مركز كارينغي للشرق الأوسط ببيروت، يرى أن تلك المجتمعات “تحاول التدرب على الحياة السياسية “الطبيعية” التي تعني تسوية الخلافات بالطرق السلمية. وهذا سيتطلب وقتا بسبب طول فترة الاحتباس الاستبدادي الذي تعرضت إليه هذه المجتمعات، كما سيحتاج إلى حسم السؤال الكبير ليس فقط بين الإسلاميين والعلمانيين، بل حتى أيضا بين الإسلاميين والإسلاميين بشتى تياراتهم حول: “أي إسلام سياسي نريد”.
فكيف تتحرك المجتمعات المدنية العربية (التي تضم إسلاميين أيضا) من أجل نجاح الثورات والحفاظ على طابعها المدني وضمان التوازن بين التيارات المختلفة في ظل الحديث عن “خطر حلول الشتاء الإسلامي”؟ يجيب الإعلامي والمُحلل السياسي اللبناني سعد محيو قائلا: “في كيفية الإجابة على هذا السؤال من قبل المجتمعات المدنية سيتحدّد نجاح أو فشل المرحلة الانتقالية إلى الديمقراطية”. فهو يعتقد أنه “يتعيّن أولاً على القوى الإسلامية اللّيبرالية والعلمانية واليسارية أن تتّفق على استراتيجية بعيدة المدى لضمان إنطلاقة سليمة للمرحلة الانتقالية إلى الديمقراطية، كما فعلت قبلها قوى مختلفة أخرى في اندونيسيا وتشيلي والبرتغال وغيرها”.
وتشاطر الدكتورة إلهام مانع هذا الطرح بحيث تنوه إلى أن “المشاركة السياسية للقوى الإسلامية في المنطقة العربية تتمّ في إطار لم تتّفق فيه كل القوى الوطنية (بما فيها الإسلامية) بعدُ على “قواعد اللّعبة السياسية”، وتشير في هذا الصدد إلى مثال مصر حيث تعتبر أن غياب اتفاق حول استراتيجية موحدة فتح “المجال أمام الجمعية التأسيسية التي تسيطر عليها القوى الإسلامية كي تهيمن على صياغة الدستور، وبصورة تجرح مفاهيم المواطنة المتساوية وحقوق الإنسان والأقليات”.
لكن في قراءته للوضع في مصر حيث تتعايش أغلبية مسلمة مع أقلية قبطية، يضيف الخبير في العلوم السياسية همام سرحان أن اختراق الإسلاميين لصفوف المجتمع المدني “لم يرق لليساريين والعلمانيين الذين راحوا يشككون في مصداقية وعد ونية الإسلاميين عموما (…) وهو ما أشعل معركة سياسية وصراعًا مكتومًا حينًا ومشتعلاً أحيانًا كثيرة، باء خلالها التيار غير الإسلامي بخسارة فادحة في الانتخابات البرلمانية ثم الرئاسية، وحاول مجددًا عرقلة صدور الدستور الذي أشرف على إخراجه غالبية إسلامية”.
أما الإعلامي التونسي صلاح الدين الجورشي، فحرص على التذكير بأن “المجتمع المدني ليس كيانا متجانسا في توجهاته الفكرية والإيديولوجية” مشيرا إلى وجود “عشرات الجمعيات التوجه، بل وأيضا سفلية اللّون التي تعمل على أسلمة المجتمع من تحت، لكن في المقابل، تعمل جمعيات كثيرة من أجل حماية الدولة المدنية وترسيخ حقوق المواطنة في تونس”. وأضاف مواطنه، الإعلامي رشيد خشانة بأن “الإسلاميين تم تجاوزهم أيضا من قبل السّلفيين الذين اعتبروهم مهادنين ومائعين وانتقلوا إلى استخدام العنف لفرض الحجاب في الأحياء الشعبية وغلق محلات التسلية وأماكن بيع الخمر، فحلوا محل الدولة في بعض المناطق والأحياء، من دون أن تستطيع الدولة والأمن تحديدا الدفاع عن النفس فضلا عن الدفاع عن المواطن. وينطبق ذلك على تونس وليبيا”.
“المعجزة السورية”
رغم ذلك، يؤكد خشانة أن المجتمع المدني لا يظل مكتوف الأيدي أمام “هيمنة حالة الاستقطاب الثنائي ومؤشرات العنف السياسي” بحيث تسارع منظمات عدة إلى التعبئة من أجل الحفاظ على المكتسبات والدفاع عن “مبدأ التعايش وعدم المساس بالعيش المشترك والسلم الأهلي”. ولكن ما يُضعف هذه الجمعيات ويقلل من وزنها ويحد من تأثيرها، سواء العريقة منها أو حديثة العهد، يظل “ضعف التشبيك، وإخراط جزء منها في الاستقطاب الأيديولوجية مما جعلها جزء من المشكل، بدل أن تكون جزء من الحل” في نظر مواطنه الجورشي.
ويُلفت همام سرحان، من جهته، الانتباه إلى “أن مئات الحركات والقوى المدنية التي تشكلت أو ولدت من رحم ثورة 25 يناير في مصر قد عجزت عن أن تتحول إلى أحزاب قوية وفاعلة”، فإما تحولت إلى حزب هش أو رضيت بدور “جماعة ضغط” أو “تقزمت أو اندثرت وتبخرت بفعل الحياة السياسية وسخونة المشهد السياسي”.
من جهته، يرى خالد صالح أن “الوقت هو أيضا جزء من العلاج”، بحيث يرى أن “الاستعجال في قطف الثمرة قبل نضجها تصرف غير صحي”. وهذا ينطبق على بلاده ليبيا وعلى كافة بلدان الربيع العربي، من أسقطت بأنظمتها الديكتاتورية، أو من زعزعت كراسي السلطة فيها. فما فُقد خلال عقود طولة لا يمكن إصلاحه في عامين أو ثلاثة.
وهذه أيضا قناعة الباحث اللبناني سعد محيو الذي قال: “من دون نضج المجتمعات المدنية بالسرعة الكافية، على رغم التدمير الذي تعرضت إليه على تفاوت تبعاً لظروف كل دولة عربية، لن يكون في مقدور طائرة الانتقال إلى الديمقراطية لا أن تقلع بنجاح ولا أن تهبط بسلام.
محيو الذي يكتب بانتظام تحاليل سياسية عن تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط، يتابع الأحداث المتلاحقة في سوريا عن كثب. ففي تلك البلاد التي لازالت تراق فيها الدماء يوميا منذ 15 مارس 2011، يلعب المجتمع المدني دور المغيث والإعلامي الذي كسر جدران الخوف وتحدى مملكة الصمت ليوصل حقيقة ما يجري للعالم. فكيف يتحرك وينتظم وسط النزيف المستمر؟
يجيب محيو: “ثمة عمل بطولي تقوم بها هيئات هذا المجتمع الآن. لماذا هو بطولي؟ لأن نظام حافظ الأسد صحّر المجتمع طيلة 40 عاماً وقوض كل أركانه، وأقام مكانه جمهورية خوف منعت تفتح أيّة مبادرات مدنية ناهيك عن أيّ عمل سياسي حقيقي. ولذلك، انبثاق المجتمع المدني السوري مجدداً من أتون المذبحة الراهنة، كان بالفعل معجزة حقيقية يجب التوقف ملياً أمامها، لأنها تؤشر على الحيوية الفائقة التي يتمتع بها الشعب السوري الشجاع”.
17 ديسمبر 2010: أَضرم الشاب طارق الطيب محمد البوعزيزي (29 مارس 1984 – 4 يناير 2011)، النار في نفسه أمام مقر ولاية سيدي بوزيد وسط تونس احتجاجاً على مصادرة السلطات البلدية في مدينته لعربة كان يبيع عليها الخضار والفواكه لكسب لقمة العيش، وللتنديد برفض سلطات المحافظة قبول شكوى أراد رفعها ضد في شرطية صفعته أمام الملأ قائلة له بالفرنسية “Dégage“، أي ارحل، وهي الكلمة التي تحولت إلى شعار ثورة الياسمين لإسقاط الرئيس وكذلك شعار الثورات العربية التي تلتها والتي لازالت متواصلة.
14 يناير 2011: انتصرت ثورة الياسمين بمغادرة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي البلاد على متن طائرة متجهة إلى جدة بالمملكة العربية السعودية، وكان قد حكم البلاد منذ 7 نوفمبر 1987.
25 يناير 2011: اندلعت الثورة المصرية، ويوم 11 فبراير من نفس العام، أعلن محمد حسني مبارك تنحيه عن السلطة التي كان يتزعمها منذ 14 أكتوبر 1981. وتم سجنه ومحاكمته بتهمة قتل المتظاهرين خلال الثورة.
يوم سقوط مبارك في 11 فبراير، تأججت الثورة اليمنية التي كانت قد اندلعت يوم 3 فبراير. وانتهت بإجبار الرئيس علي عبد الله صالح على التنحي من السلطة في أواخر شهر فبراير عام 2012 التزاماً ببنود المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية. وكان أول رئيس للجمهورية منذ قيام الوحدة عام 1990.
17 فبراير2011: انطلقت الثورة الليبية التي تحولت سريعا إلى ثورة مسلحة من بين الأكثر دموية (إلى جانب الثورة السورية المتواصلة)، وتمكن الثوار بعد معارك طويلة من السيطرة على العاصمة في أواخر شهر أغسطس من نفس العام، ثم قتل العقيد معمر القذافي يوم 20 أكتوبر2011 خلال معركة سرت بعد أن حكم البلاد لأكثر من 40 عاما.
15 مارس 2011: انطلقت أحداث سوريا بمظاهرات شعبية عارمة ضد نظام الأسد الذي تحكم أسرته البلاد منذ بداية السبعينات، لكن قوات الأمن والمخابرات السورية وميليشات موالية للنظام (المعروفة بالشبيحة) لازالت تقمع الانتفاضات بعنف دام. وحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي يتخذ من لندن مقرا له، سقط خلال الثورة ما لا يقل عن 40 ألف شخص، معظمهم من المدنيين، وفقا للأرقام التي كشف عنها المرصد في نهاية نوفمبر 2012.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.