المُسودّة الأولى للدستور المصري.. المُضاف والمحذوف من دستور 71
في العاشر من أكتوبر الجاري عقدت الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور مؤتمرا صحفيا لاستعراض المسودة الأولى لمشروع الدستور المصري المقترح، أوضح خلاله الدكتور محمد البلتاجي، رئيس لجنة الإقتراحات والحوارات المجتمعية بالجمعية أن اللجنة "استمعت لأغلب طوائف وهيئات المجتمع المصري، خلال أكثر من ثلاثة أشهر منذ بدء أعمالها".
ولكن ما هي أبرز المواد والعبارات التي تمت إضافتها إلى المشروع المقترح للدستور، ولم تكن موجودة في دستور عام 1971؟.. وما هي أبرز وأهم المواد التي كانت موجودة بدستور 71 وتم إلغاؤها في المشروع الجديد؟.. وما المواد التي تم الإبقاء عليها، دون تعديل أو مع إدخال تعديل طفيف عليها؟…
تلك كانت أبرز الأسئلة التي طرحتها swissinfo.ch، على أحمد عبد الحفيظ، الخبير القانوني والفقيه الدستوري، المحامي بالنقض ورئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، والذي قام بإجراء دراسة مقارنة بين المسودة الأولى للدستور المقترح، ونص دستور عام 1971.. فكان هذا الحوار..
swissinfo.ch: احتوت المسودة الأولى للدستور المقترح، على عدد من المواد والعبارات التي تمت إضافتها ولم تكن موجودة في دستور عام 1971، فما أبرزها؟
أحمد عبد الحفيظ: في تقديري، أن أبرز ما تم إضافته إلى دستور 71 هو: الإشارة إلى أن الجمهورية “موحدة ولا تقبل التجزئة”، والنص على أن “مصر جزء من الأمّتين، العربية والإسلامية”، والتأكيد على “اعتزاز مصر بالإنتماء الإفريقي والآسيوي”، والنص على أن “النظام يقوم على التعددية الحزبية”، كما تم النص على مسألة المواطنة بشكل “أكثر وضوحاً” من ذي قبل، فضلاً عن تغيير مسمّى مجلسيْ البرلمان من “الشعب والشورى” إلى مجلسيْ “النواب والشيوخ”.
كما أضيف في باب الميزانية، التأكيد على رقابة ميزانية رئاسة الجمهورية، بمعرفة الجهاز المركزي للمحاسبات، والنص على تشكيل محاكمة خاصة لمحاكمة رئيس الجمهورية، برئاسة رئيس المحكمة الدستورية العليا، وعضوية رؤساء محكمة النقض ومجلس الدولة ورؤساء الاستئناف.
وتم التأكيد على “حقوق المعاقين” والنص على أن “الكرامة الإنسانية حق للمواطن، ولا يجوز إهانته أو تحقيره بأي حال”، كما تم تعميم حُكم “لا تسقط الدعوى الجنائية والمدنية بالتقادم” على جميع جرائم انتهاك الحقوق والحريات، المنصوص عليها في الدستور، بدلاً من تخصيص الحُكم بجريمة” تعذيب المواطن” فقط.
وما الذي تمت إضافته أيضا في المشروع المقترح للدستور؟
أحمد عبد الحفيظ: فيما يخص القُضاة، تمت إضافة عبارة “لا يجوز ندبهم، إلا للأعمال التي يحددها القانون”، بهدف الحد من عمليات الإسراف في ندب القضاة، للدرجة التي كان معمولا بها في النظام السابق، والتي تسببت في فساد بعض القضاة، وكذا التأكيد على عدم اختصاص المحكمة الدستورية العليا، بالفصل في المنازعات الموضوعية، مثل حل المجالس البرلمانية (المادة 6) وأيضا في (المادة 8)، إضافة جيدة. وكذا إضافة عبارة “ويتولى الإفتاء….” (مادة 5 – فرع مجلس الدولة).
وأضاف المشروع المقترح للدستور، عبارة أن “في حال عدم وجود رئيس مجلس الشعب، يقوم رئيس مجلس الشورى برئاسة الدولة، في حال غياب الرئيس أو مرضه أو وفاته، وذلك لحين انتخاب رئيس جديد للبلاد”. كما أكد على ضرورة أن يكون رئيسا مجلسيْ الشعب والشورى ووُكلاؤهم، من الأعضاء المنتخَبين لا المعيَّنين (ملحوظة: رفعت المحجوب – رئيس مجلس الشعب في برلمان 84 – كان عضواً مُعيّناً ولم يكن منتخَبا، وكذا صفوَت الشريف – رئيس مجلس الشورى، كان عضواً معيَّناً).
بالمقابل، ما هي أبرز وأهم المواد التي تم إلغاؤها من دستور 71 ولم يعد لها وجود في مشروع الدستور المقترح؟
الفقيه الدستور أحمد عبد الحفيظ: قامت الجمعية التأسيسية المُكلَّفة بإعداد الدستور، بتنقية مشروع الدستور المقترح من العديد من المواد والعبارات، التي كانت موجودة في دستور 71، والتي كانت تمثل نِـقاطًا سوداء، وأثرت سلبا على الحياة السياسية، طيلة الأربعين عاما الماضية، ومن أبرزها على سبيل المثال، لا الحصر: إلغاء المحاكم الاستثنائية، وإلغاء سلطة رئيس الجمهورية في تعيين 10 أعضاء بمجلس الشعب، كما قلص سلطته في تعيين أعضاء بمجلس الشورى من 38 إلى 10 أعضاء فقط. وألغى مشروع الدستور المقترح، التفويض التشريعي لرئيس الجمهورية من قِبل البرلمان، وألغى أي سلطة لرئيس الجمهورية في التشريع. وقصر إعلان حالة الطوارئ في البلاد على النحو الوارد في الدستور، من ناحية المدة والإجراءات.
وماذا عن السلطات المُطلقة للرئيس؟ ونسبة الـ 50%، عمال وفلاحين؟
أحمد عبد الحفيظ: ألغى السلطة المُطلقة للرئيس في تعيين رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية العليا. كما قصر سلطة الرئيس في تعيين الحكومة على تسمية اسم رئيس الوزراء فقط، على أن يقوم (رئيس الوزراء المسمى) بتعيين الوزراء، حسبما يرى، لتحقيق مزيد من التناغم مع تحمّله المسؤولية عن تقصير الحكومة، وفرض رقابة على السلطة التنفيذية، لتقليص صلاحياتها. وألغى سلطة رئيس الجمهورية في إصدار اللوائح التنفيذية والضبط، وجعلها من سلطة رئيس مجلس الوزراء.
بالإضافة إلى هذا، فقد ألغى اشتراط تمثيل العمال والفلاحين في البرلمان بنسبة الـ 50%، كما ألغى ما كان منصوص عليه بالسعي لتحقيق الوحدة العربية، وألغى المجالس القومية المتخصصة، وألغى تحديد النظام الانتخابي، وأحاله إلى القانون لينظمه، فضلاً عن إلغاء النظام الرئاسي بتنظيمه، مع الإبقاء على النظام المختلط وحدد السلطات فيه.
ما هو أبرز ما تم الإبقاء عليه كما هو في دستور 1971 أو مع إدخال بعض التعديلات الطفيفة عليه؟
أحمد عبد الحفيظ: أبقى المشروع المقترح للدستور على طبيعة النظام القائم في الدستور، باعتباره نظاماً مُختلطاً يميل بقوة للنظام الرئاسي. وجعل رئيس الجمهورية رئيساً للسلطة التنفيذية، وأفرده بوضع السياسة العامة للدولة (وفي رأيي أن هذا الأمر يناقِض الفكرة الحزبية، لإمكانية أن يأتي الرئيس المُنتخب من حزب، غير حزب الأغلبية، الذي شكل الحكومة. فكيف يتسنّى للرئيس آنئِـذٍ أن يلزم الحكومة بتنفيذ سياسته).
أيضا تم الإبقاء على مجلس الشورى، بعد الجدل الكبير الذي دار حوله وانقسام أعضاء اللجنة إلى ثلاثة فِـرق، الأولى، طالبت بإلغائه لعدم فعاليته وتوفيرا للنفقات، والثانية، طالبت بالإبقاء عليه أسْوة بالدول الكثيرة التي تأخذ بنظام المجلسيْن. والفريق الثالث، حرص على الإبقاء عليه، مع تغيير اسمه إلى مجلس الشيوخ ومنحه بعض الإختصاصات والصلاحيات التشريعية في بعض القوانين المهمة.
كما أبقى على شروط الترشح للرئاسة، وجعلها كما هي في دستور 1971 (تأييد 30 ألف ناخب/ أو تزكية 30 عضو برلماني مستقل/ أو تزكية حزب ممثل في البرلمان ولو بعضو واحد). وأبقى على حماية أشكال الملكية كما هي مع إضافة الوقْف. بالإضافة إلى أنه أبقى على معظم المقومات الأساسية للمجتمع (الشريعة الإسلامية – حماية الأمومة والطفولة – الأسرة – حقوق المرأة في إطار الشريعة الإسلامية).
ما هي بنظرك أبرز المواد الخلافية التي من المنتظر أن تثير جدلاً وخلافًا عند مناقشتها في اللجنة العامة الأسبوع المقبل، قبيل قيام لجنة الصياغة بتحرير النسخة الأخيرة للدستور، الذي سيتم طرحه للاستفتاء؟
أحمد عبد الحفيظ: أبرز تلك النصوص الجدلية هي، تلك المتعلّقة بوضع الشريعة الإسلامية في المُسودة الأولى للدستور، ستلقى معارضة شديدة من غير الإسلاميين. وكذا النصّ على أن يُكمل الرئيس الحالي الدكتور محمد مرسي، مدّته الرئاسية (4 سنوات) حتى نهايتها، يلقى معارضة شديدة.
وفي الختام، نود الإشارة إلى أن مشروع الدستور المقترح أبقى على التقليد الذي أسسه دستور 1971، والذي يقضي بأن الرئيس المنتخب قبل صدور الدستور، يستكمل مدته المنصوص عليها في الدستور السابق لترشحه، أي لا يُفتح باب الترشيح ولا تُعاد انتخابات الرئاسة بمناسبة صدور الدستور الجديد، وهو أمر جيّد في رأيي، لكونه يساهم في تدعيم استقرار الدولة.
القاهرة (رويترز) – قررت محكمة مصرية يوم الثلاثاء 16 أكتوبر 2012 الفصل الأسبوع المقبل في أكثر من 40 دعوى قضائية تطالب بحل الجمعية التأسيسية التي تكتب مسودة دستور جديد لمصر.
وأقام الدعاوى ليبراليون قالوا إن الجمعية التي شكلها الأعضاء المنتخبون بمجلسي الشعب والشورى غلب عليها الإسلاميون ولا تمثل مختلف الفئات الاجتماعية.
لكن الإسلاميين الذين حازوا الأغلبية في مجلسي الشعب والشورى في أول انتخابات تشريعية بعد إسقاط الرئيس السابق حسني مبارك في انتفاضة شعبية العام الماضي قالوا إن الجمعية متوازنة.
وحل مجلس الشعب في يونيو 2012 بعد حكم أصدرته المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية مواد في قانون انتخابه.
وقال أمين السر بمحكمة القضاء الإداري بالقاهرة للصحفيين بعد ساعات من نظر الدعاوى يوم الثلاثاء إن المحكمة قررت “حجز الدعاوى للحكم بجلسة 23 أكتوبر وصرحت للمدعين وأطراف الخصومة بتقديم مذكرات (بدفوعهم) خلال 48 ساعة”.
وكانت المحكمة أبطلت تشكيل جمعية تأسيسية سابقة قائلة إن أعضاء مجلسي الشعب والشورى ضموا عددا منهم للجمعية بالمخالفة لإعلان دستوري صدر في الفترة الانتقالية بين سقوط مبارك وانتخاب الرئيس الإسلامي محمد مرسي.
وإذا صدر الحكم يوم الثلاثاء المقبل (23 أكتوبر) بحل الجمعية الحالية يحق لمرسي تشكيل جمعية جديدة.
ونشرت يوم الاثنين 15 أكتوبر مسودة مبدئية للدستور اعترض عليها قضاة ومحامون وسياسيون ونشطاء. وقال رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار ماهر البحيري في مؤتمر صحفي عقد يوم الثلاثاء 16 أكتوبر إن المسودة لم تلب مطالب قضاة المحكمة التي قال إنها يجب أن تكون مستقلة عن السلطات الأخرى وأن يكون لها القول الفصل في اختيار قضاتها الجدد.
وأضاف أن النصوص الموجودة في مسودة الدستور الجديد بشأن المحكمة الدستورية العليا سلبت المحكمة اختصاصات انعقدت لها في الدستور السابق. وناشد البحيري المصريين الدفاع عن استقلال المحكمة.
ولم يتسن على الفور الحصول على تعليق من رئيس الجمعية التأسيسية المستشار حسام الغرياني.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 16 أكتوبر 2012)
– المادة الثانية والتي تنص على أن “الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع”.
– الإبقاء على أو إلغاء شرط أن يكون 50% من نواب البرلمان من العمال والفلاحين.
– وضع مادة انتقالية في الدستور الجديد تقضي باستمرار الرئيس محمد مرسي حتى نهاية مدته الحالية التي انتخب عليها.
– إلغاء مجلس الشورى (الشيوخ)، أم الإبقاء عليه مع منحه صلاحيات كاملة للقيام بدور رقابي وتشريعي.
– وضع عبارة “بما لا يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية”، في المواد الأخرى الخاصة بالمرأة.
– النص على اعتبار الأزهر الشريف “المرجعية” فيما يتعلق بالشريعة الإسلامية.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.