مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الوضع في الشرق الأوسط وأوكرانيا: هذه أهمّ المواضيع في الدورة القادمة للبرلمان السويسري

البرلمان السويسري
يحتل تمويل مؤسسة الجيش مركز اهتمام المؤسسة التشريعية في الدورة الخريفية القادمة. Keystone / Anthony Anex

تحتلّ السياسة الخارجية والدفاعية مكانة بارزة في أجندة غرفتي البرلمان في الدورة الخريفية. ويحظى تصاعد النفوذ الأجنبي في سويسرا باهتمام البرلمان. في هذا التقرير، نقدّم قراءة استشرافية للقضايا التي ستشغل الدورة المقبلة. 

السياسة الخارجية السويسرية 

قد تحتدّ النقاشات في السياسة الخارجية حول استراتيجية التعاون الدولي، مقارنة بالاستراتيجية العامة للسياسة الخارجية، بعد الضجة الواسعة التي أثارها تحويل الحكومة الفدرالية جزءا من أموال المساعدات التنموية، في إعادة إعمار أوكرانيا. وقد بلغت قيمتها 1،5 مليارات من أصل 11،3 مليارات. 

ويتجاوز ما يثير حفيظة المعارضة ذلك، إلى الميزانية الضخمة المخصصة لإعادة إعمار أوكرانيا، التي يُفترض أن تُمنح حصريا للشركات السويسرية لتعمل في أوكرانيا. وتتساءل لجنة مجلس الشيوخ الممثّل للكانتونات المكلّفة بالسياسة الخارجيّة، أثناء تحضيرات الدورة: “لماذا تُفضّل الشركات السويسريّة الخاصّة”، في غياب توصية بذلك. وقد أجرينا مقابلة مع هيلين بودليغر-أرتيدا، وزيرة الدولة السويسرية للشؤون الاقتصادية حول هذا الموضوع. 

كما تلقّى مجلس النواب في الربيع الماضي، مقترحين خاصّين بالسياسة الخارجية السويسرية، حول حرب غزة، ومساهمات سويسرا في الأونروا (وكالة الأمم المتّحدة للإغاثة والتشغيل الخاصة باللجوء الفلسطيني). يهدف أحدهما إلى وقفها، ويقترح الثاني تحويلها إلى مساعدات طارئة. وقد ترتقي المجاعة الحاليّة في القطاع، في نظر المجلس الوطني، إلى إبادة جماعية.  

وسيناقش مجلس الشيوخ الحرب بين روسيا وأوكرانيا، بينما تتزايد المطالبة بتركيز الدعم السويسري على المسائل السلميّة 

وتٌقترح على أجندة مجلس الشيوخ مراجعة تعويضات سويسرا لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون (CO2) في الخارج؛ إذ تعوّض نحو 50 مليون طن من انبعاثات غازات الدفيئة في بلدان أخرى، ما قد يدفعها للتهاون في تحقيق أهدافها المناخية الخاصة. ويرى حزب الليبراليين الخضر أنّ “السياسة السويسريّة المناخيّة [الخاطئة] قد تُضعف الجهود العالمية لتحقيق الأهداف المناخية”.  

سويسرا – الاتحاد الأوروبي 

استمرّت المفاوضات خلال فصل الصيف بين برن وبروكسل، لتعزيز موقفيهما، وبينما يحتدّ النقاش داخل حزب الشعب السويسري (SVP)، يدعو غيرهارد فيستر، رئيس الحزب في تصريحات إعلاميّة، إلى السطرة على الهجرة. ويسلّط تييري بوركارت زعيم الحزب الليبرالي، الضوء في البرلمان، على نتائج مبدأ التبنّي القانوني الديناميكي، على سويسرا.  

وتواجه الحكومة ضغوطا من مبادرات أربع كانتونات متماثلة، تدعو فيها سلطات كل من كانتون فو، وتيتشينو، وجورا، وفريبورغ برن، إلى “التعجيل باتخاذ الخطوات اللازمة، لتواصل سويسرا المشاركة في برنامج الاتحاد الأوروبي، للبحث والابتكار “der EU Horizon Europe”. 

المواقف من العلاقة بالاتحاد الأوروبي
المواقف من الاتحاد الأوروبي: زعيم حزب الوسط غيرهارد فيستر (يمين) في نقاش مع أعضاء المجموعة البرلمانية للحزب الاشتراكي Keystone / Alessandro Della Valle

لكن يظل دور الحكومة الفدرالية محدودا في ما يتعلق بهذا البرنامج، إذ يتّخذ الاتحاد الأوروبي مشاركة سويسرا في هذا المشروع البحثي المهم أداة للضغط والمساومة. 

وتضمّنت استراتيجية سياسة الحكومة الفيدراليّة الخارجية للفترة الممتدّة بين 2024 و2027، الوثيقة الرسميّة التي ستعرض على كلا المجلسين للموافقة عليها في دورة الخريف، أن “استقرار علاقات سويسرا مع الاتحاد الأوروبي، والعمل على تعزيزها أمر أساسي”.  

الأنشطة الأجنبية في سويسرا 

تزايدت النقاشات حول الحضور الأجنبي في سويسرا، وتعلّقت في معظمها بقانون مراقبة الاستثمارات، المعروض الآن على مجلس النواب، وتسعى الحكومة الفيدرالية بموجبه إلى حماية الشركات المحليّة من الاستثمار الأجنبي إذا كان يضرّ بمصالح سويسرا، خاصة في قطاعات مثل الدفاع، والاتصالات، والطاقة، والمياه، والنقل. 

ويدعم اليساريون هذا القانون باقتراح منع الأجانب من شراء محطات الطاقة الكهرومائية وشبكات الكهرباء والغاز عموما. 

كما أُثيرت في البرلمان، مسألة شبكة محطات الوقود التابعة لشركة النفط الوطنية الأذربيجانية (سُكار)، إذ تمتلك أذربيجان 200 محطة وقود في سويسرا لبيع منتجاتها البترولية، تسعى حاليا مبادرة برلمانية لمنع استخدامها في تمويل الحروب، لأنّ ” من مصلحة سويسرا الدولة المحايدة، عدم المشاركة في تمويل أجهزة عسكرية تابعة لالأجنبية للدول التي لا تلتزم بميثاق الأمم المتحدة”. 

بالإضافة إلى ذلك، ترغب لجنة السياسة الأمنية في مجلس النواب التدقيق في تمويل المساجد في سويسرا، إذا كانت تمول من الخارج. وقد جاء هذا الطلب عقب نشاط الهيئة الدينية التركية “ديانت” التي تمول المساجد في جميع أنحاء العالم وتحدد لخطبة أئمتها خطًا قوميًا إسلاميًا تركيًا. 

السياسة الداخلية: معارك التوزيع 

ستدور المعركة الكبرى في دورة الخريف حول السياسة الداخلية، وخاصة الجيش. فلا تزال سويسرا تحت ضغط سياسة التقشف، وعليها مواجهة العجز الهيكلي. وفي الوقت نفسه تتّفق الأحزاب بالإجماع على ضرورة تحسين قدرة سويسرا الدفاعية. لكن لن يكفي ذلك وحده لتمرير ميزانية الجيش لسنة 2024.

الحضور الدولي في سويسرا
محطة خدمة سوكار: ما الذي تصنعه أذربيجان بالعملة السويسرية؟ Keystone / Christian Beutler

رفع مجلس الشيوخ مقترح الحكومة ب4 مليارات في الجلسة الصيفية، مقترحا أخذ نصفها من المساعدات التنموية. ورغم موافقة اللجنة التحضيريّة على الزيادة أثناء تقديم المقترح إلى المجلس الوطني الآن، فقد اقترحت تمويلًا مختلفا؛ عبر الكانتونات، ما يمكن أن يُؤدّي إلى اختلافات.

ويدرس مجلس الولايات حاليا فكرة إضافة “نسبة ضمان” مؤقتة إلى ضريبة القيمة المضافة لتوفير التمويل الاستثنائي. فتُنتظرُ مواجهة حول القيم، ومسألة الحياد أيضا. كما يدعو اقتراح لجنة السياسة الأمنية في المجلس الوطني، إلى عدم المشاركة في مناورات حلف شمال الأطلسي.

لقد شهد الوضع الاقتصادي انتعاشة طفيفة حاليا، إذ أدّى الخطأ في توقّعات تكاليف نظام التقاعد الحكومي (AHV)، إلى آفاق ماليّة أفضل. ولكن قد يرفّع ذلك سقف الطموحات أكثر، بل يُذكي حتّى الاستعداد للصراع.

رعايا سويسرا في الخارج

مرّة أخرى، يتعثّر في مجلس الولايات، اقتراح يبدو أن اعتماده كان مجرد إجراء شكلي، يتعلّق بلمّ شمل العائلات السويسرية، مثل طلب أشخاص من سويسرا ضمّ الأقارب من دول أجنبيّة، عند العودة، وهو حقّ يكفله القانون في الاتّحاد الأوروبيّ أكثر ممّا هو الحال في سويسرا، فيسعى هذا الاقتراح إلى القضاء على التمييز بين الشعبين في هذا الصدد.

وبعد أن قبل مجلس النواب إجراء تعديل على القانون في الدورة الصيفية، أصبح الاتفاق في مجلس الشيوخ مهددا، لتوصية اللجنة المسؤولة بالتصويت بـ “لا”، كما لا يمكن التكهّن بسلبيات هذا القانون المتعلّقة بالهجرة.

وتعاني الميزانية الخارجية للتمويل الثقافي السويسري صعوبات، اقترحت بمقتضاها اللجنة المسؤولة، خفض أنشطة شركة بروهلفتسيا الخارجيّة ب 6،5 ملايين فرنك، للنقاش في مجلس النواب أوّلا، ثمّ في مجلس الشيوخ، عند تحديد الميزانية الثقافية للفترة الممتدّة بين 2025 و2028.

وفي المقابل، سيسير النقاش حول بطاقة الهوية الإلكترونية، في الاتجاه الصحيح. فقد أقرّ المجلس الوطني مقترح المجلس الاتحادي في الربيع بأغلبية واضحة (175 نعم، و12 لا). وأوصت اللجنة الاستشارية الأولية في مجلس الولايات الآن، بالموافقة عليه.

بعد ثلاث سنوات من فشل الاقتراح الأولي، أصبح تقديم بطاقات الهوية الإلكترونية عام 2026 ممكنا، وقادرا على تيسير تعاملات رعايا سويسرا في الخارج مع السلطات، والمصارف.

وتشترط منظّمة رعايا سويسرا في الخارج (swisscommunity)، وجودها لنظام تصويت إلكتروني سويسري موحّد على مستوى البلاد. كما سيتخذ المجلس الوطني أيضًا قرارًا يخصّ اتفاقية الازدواج الضريبي المحدثة مع صربيا.

تمتدّ دورة المجالس الفدرالية الخريفيّة في برن، من 9 إلى 27 سبتمبر. وسنغطّي أحداث جلساتها.

المزيد
النشرة الإخبارية السياسة السويسرية

المزيد

نشرتنا الإخبارية المتخصصة في السياسة السويسرية

السياسة في الكنفدرالية: الاقتراعات، النقاشات والقرارات البرلمانية والأفكار الجديدة بإيجاز ووضوح. كل ما يحتاجه المرء ويساعده على الإدلاء برأيه في نشرة إخبارية واحدة.

طالع المزيدنشرتنا الإخبارية المتخصصة في السياسة السويسرية

تحرير: سامويل جابيرغ

ترجمة: ماجدة بوعزّة

مراجعة: عبد الحفيظ العبدلي

التدقيق اللغوي: لمياء الواد

الأكثر قراءة
السويسريون في الخارج

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية