انتخابات تاريخية في ليبيا في ظل مخاوف جمّة
تشهد ليبيا يوم السابع من شهر يوليو 2012 تنظيم أول انتخابات حرّة منذ أكثر من نصف قرن.
لكن هذا الحدث سيكون محفوفا بمخاطر جمّة، بسبب انتشار المجموعات المسلّحة في جميع أنحاء البلد، وسط هشاشة مؤسسات الدولة اليافعة، التي ما زالت بِـلا أنياب ولا أظافر.
قبل نحو أسبوعين من يوم الإقتراع، خطفت كتيبة سعدون السويحلي، التابعة لثوار مدينة مصراتة (وسط)، الإعلامي سليمان دوغة في قلب العاصمة طرابلس. وكان دوغة يُـدير مجموعة سيف الإسلام القذافي الإعلامية، قبل أن يلتحِـق بالثورة وينضمّ إلى حزب الإخوان المسلمين “العدالة والبناء”.
وشكّـلت العملية، مناسبة لكشف عديد حالات الاختطاف التي تملأ الساحة الليبية وتشمَل أشخاصا غير معروفين، ما يؤشِّـر إلى أن الحدّ الأدنى من الأمان غير متوافِـر. وزعم أحد الأعضاء السابقين في كتيبة سعدون السويحلي، أن 60% من أعضائها كانوا يشتغِـلون مع النظام السابق وليسوا ثوارا، بل “متسلّـقين”، وعرض على إحدى الصحف نشْـر أسمائهم الكاملة.
والأرجح، أن كثيرا من الثوار استشهدوا، فيما عاد آخرون إلى أعمالهم الأصلية، ما يعني أن غالبية الجماعات المسلّحة “التي بقيت اليوم، هي مجموعة مرتزقة”، بحسب ذلك العضو السابق. والسؤال الذي يتردّد على كثير من أفواه الليبيين، هو: هل يقبل قادة الميليشيات المسلّحة بنتائج الانتخابات التي ستكون بِداية لتقلِيم أظافِرهم وتركيز سلطات مركزية، ستحد بالضرورة من مساحات النفوذ التي اقتطعوها منذ نهاية الحرب مع كتائب القذافي؟
السلاح في كل مكان
لكأن الليبيين استعاضوا عن شعار القذافي “اللجان في كل مكان” بشعار “السلاح في كل مكان”، إذ لا تخلو مدينة ليبية من مخازن أسلحة من جميع الأحجام، لا بل لا يخلو بيت من أسلحة فردية وحتى أسلحة متوسطة.
ويُشكل انتشار الأسلحة، الخفيفة منها والثقيلة، في المدن ولدى مجموعات الثوار السابقين، أحد المصادر الرئيسية لانعدام الأمن وللمعارك التي تندلع هنا وهناك، كاشفة عن ضعف السلطة المركزية. إلا أن الأخطر من ذلك هو الألغام المزروعة في جميع أنحاء البلد، والتي تنفجر من حين إلى آخر مُخلفة ضحايا بين الأطفال والكهول.
وبالنظر إلى محدودية الوسائل المتاحة لدى الليبيين لمكافحة هذه الظاهرة، لم يتسن القيام بحملات فعالة لنزع الألغام إلا بعدما حلت بالبلد “المؤسسة السويسرية لنزع الألغام” في أبريل 2011 وأطلقت خبراءها لاصطياد الألغام وإبطال مفاعيلها. وبحسب عناصر من المؤسسة فإنها انتشرت في عدة مدن من أجل العمل على تفجير الذخائر وخاصة القنابل والألغام من مخلفات الحرب، التي وضعت أوزارها رسميا في 23 أكتوبر 2011، لكن آثارها القاتلة مستمرة إلى اليوم.
وقد ركزت “المؤسسة السويسرية لنزع الألغام” (منظمة غير حكومية تأسست سنة 1997 في جنيف، تُعنى بالبحث عن الذخائر غير المتفجرة ومخلفات الحروب للقضاء على خطرها على السكان، ونفذت مشاريع في 15 بلدا منذ إنشائها) على مدينة سرت مسقط رأس معمر القذافي التي دارت فيها أعنف المعارك بعد لجوء الدكتاتور السابق إليها هربا من الثوار. وكانت النتيجة إلحاق دمار شامل بالبنايات وخاصة في الحي رقم 2، الذي أولاه الخبراء السويسريون اهتماما خاصا، حيث عثر خبراء المتفجرات السويسريون على مخلفات خطرة في أماكن يصعب الوصول إليها.
والمُلاحظ أن كثيرا من سكان المدينة، التي لم يتجاوز عدد المقيمين فيها أثناء الحرب 45 ألف نسمة، عادوا إلى مساكنهم القديمة بعدما وضعت الحرب أوزارها، ما جعل عددهم يرتفع حاليا إلى 90 ألفا، وضاعف بالتالي من المخاطر التي تتهدد الأطفال. وحسب تقديرات السلطات المحلية، بلغ عدد الجرحى جراء انفجار القنابل والذخائر بعد الحرب تسعين شخصا خلال شهري نوفمبر وديسمبر الماضيين فقط.
ومع أنه لم يتسن الحصول على إحصاءات أحدث، إلا أن الخبراء السويسريين يؤكدون أن مستشفى سرت لم يتأثر من المعارك ما سهل علاج الجرحى. وأعطى هذا العمل الإنقاذي نتائج ملموسة، ما حفز المتطوعين الليبيين على الإنخراط في عمليات البحث عن المتفجرات والألغام المهملة ومحاولة إنقاذ أبناء مدينتهم من مخلفات الحرب.
برلمان انتقالي
ترمي خارطة الطريق اللِّيبية إلى انتخاب “مؤتمر وطني عام”، وهو برلمان انتقالي مؤلّف من مائتي عُـضو، من بينهم 80 مقعدا مخصّصا لمندوبي الكِيانات السياسية، و120 مقعدا فرديا. وما أن يُنتَـخب هذا البرلمان الانتقالي، حتى تنتهي مهامّ “المجلس الوطني الانتقالي”، الذي يرأسه مصطفى عبد الجليل، وزير العدل في عهد معمر القذافي (1969 – 2011).
كما سينتخب المؤتمر الوطني لجنة حُكماء مؤلّفة من 60 عضوا، لكتابة دستور يُعرَض لاحقا على استفتاء شعبي. وقال نوري خليفة العبار، رئيس المفوضية العليا للانتخابات لـ swissinfo.ch، إن عدد المسجّلين على لوائح المُـقترعين، تجاوز مليونين وثمان مائة ناخب، أي نحو 75% من المواطنين الذين هُـم في سن الاقتراع، والذين يُقدّر عددهم بثلاثة ملايين ونصف المليون.
ويشكل النساء 47% من الليبيين الذين يحِق لهم الاقتراع يوم 7 من الشهر الجاري. وشكك المراقبون في فُـرص نجاح العملية الانتخابية، بسبب العزوف عن التّسجيل في اللوائح خلال المرحلة الأولى، ما استوجب تغيير تاريخ الاقتراع. لكن العبّار رأى أن تأخير العملية الانتخابية من 19 من الشهر الماضي إلى السابع من الشهر الجاري، مكّـن أعدادا كبيرة من المواطنين من تسجيل أسمائهم على اللوائح.
غير أن الأمور لا تجري بمثل هذه السهولة في بلد اتّسمت الإطاحة بحاكِمه المستبِـد بحرب أهلية، لم تعادلها في الدّموية، سوى الثورة الدائرة في سوريا ضد حُـكم بشار الأسد. فالثوار الليبيون تدخّلوا بطُـرق لا تخلو من الشدّة والعنف أحيانا، للتأثير في مسار الانتخابات، فهُـم الذين حاولوا إقصاء جميع السياسيين وحتى التكنوقراط، الذين عملوا مع النظام السابق، من المشاركة في الإنتخابات.
إلا أن الحملة المضادّة، التي تضافرت فيها جهود المجتمع المدني المحلّي وضغوط المنظّمات الحقوقية الدولية، أثمرت إسقاط هذا البند المُقترح. بالمقابل، استطاع المجتمع المدني الليبي أن يمنح المرأة حِصّة مُعتَـبرة، نِسبِيا، بين مقاعد المؤتمر الوطني، إلا أن القِوى المحافظة، وفي مقدِّمتها الجماعات المسلحة التي يقودها في الغالب أصوليون، فرضت إلغاء تلك الحصّة تماما.
وحصل التجاذب نفسه لدى تحديد نسبة المقاعد المخصّصة للأحزاب، والتي أعطت الأفضلية للمرشّحين الحِزبيين، قبل أن يتِم التراجع عن ذلك الخيار لترجيح كفّة المستقلّين. ويُعزى هذا التراجع إلى أن قانون الأحزاب، أثار جدلا كبيرا، ما فرض إرجاء سِنه، وبالتالي، أصبح القانون الانتخابي سابقا على قانون الأحزاب، ما جعل الحكومة تتحايل على الوضِع بسَنِّ قانونٍ مؤقت، أطلقت عليه اسم “قانون الكِيانات السياسية”.
فرادة الانتقال الليبي
من هذه الزاوية، تشكِّل انتخابات المجلس الوطني أكبَر تحدٍّ للتّجربة الانتقالية في ليبيا، إذ أن المسألة هنا تختلِف عن السياق التونسي، الذي أفرز في 23 أكتوبر الماضي مجلسا تأسيسيا، بناء على توافق بين العائلات الفِكرية الرئيسية.
في ليبيا، لم تُطرح المشاركة في الإنتخابات عبْـر الأحزاب، وإنما من خلال ما بات يُعرف بـ “الكيانات السياسية” والمستقلِّين. وقال الرئيس السابق للمكتب التنفيذي (الحكومة) الدكتور محمود جبريل، الذي يقود “تحالف القِوى الوطنية”، وهي جبهة تضُم أكثر من ستين حزبا لـ swissinfo.ch، إن الانتخابات تشكِّـل استحقاقا وطنيا، وليس سياسيا، وهو ما يفسِّـر تكتُّـل قوى عديدة وربما متنافِسة حول هدَفٍ مركزي، هو ضمان وجودها في المؤتمر الوطني، وإن بصورة رمزية.
وأوضح جبريل، الذي يعتبره حزب العدالة والبناء، المنبثِق من حركة الإخوان المسلمين، منافسه الرئيسي، أن شفافية تمويل الحملات، مسألة أساسية. وأكّد أنه سيسأل المفوضية العليا للانتخابات أن تطلب من كل الكيانات السياسية أن تكشف عن مصادر تمويلها. وأوضح أنه تلقّى عروضا من دول لم يُسمِّها، لدعم التحالف الذي يقوده ماليا، غير أنه رفضها. ويعتقد كثير من السياسيين الليبيين، أن العملية الانتخابية يتعيّن أن تكون ليبية 100% وأن تمويلها ينبغي أن يكون أيضا ليبيا 100%.
ويومئ هؤلاء بصورة صريحة أحيانا أو بالتلميح أحيانا أخرى، إلى معلومات متداوَلة في الأوساط الليبية، تؤكد تلقّي بعض القوى دعْـما خارجيا، وبخاصة من بعض دول الخليج.
وشرح المحامي محمد العلاقي أحد مؤسسي حزب الليبيين الأحرار ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن حزبه اضطر لمشاركة رمزية في انتخابات المؤتمر الوطني، لكنه سيشارك بقوة في الإنتخابات البرلمانية اللاحقة على ما قال. وانتقد العلاقي في تصريحات أدلى بها مؤخرا إلى swissinfo.ch ما اعتبره “خلطا غير مبرر بين الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، التي يُفترض ألا تكون لها علاقة بالأحزاب السياسية، إذ أصبحنا نرى تحالفات بين أحزاب ومنظمات أهلية، وهي ظاهرة لا يعرفها القانون ولا السياسة”.
من هذه الزاوية يمكن أن يلعب المجتمع المدني الدولي دورا مهما في مرافقة الليبيين خلال المرحلة الانتقالية للمساعدة على ترسيخ المفاهيم والآليات الديموقراطية، التي حجبها عنهم النظام السابق. وساعدت جمعيات أوروبية وأمريكية في تدريب نظيراتها على تلك الآليات، وكان من بينها على سبيل المثال “مركز الحوار الإنساني” السويسري، الذي انطلقت نشاطاته في ليبيا منذ أبريل 2011، أي قبل نحو أربعة أشهر من سقوط نظام القذافي. وتركز عمله خلال تلك الأشهر التي سبقت انتصار الثوار على مساعدة الليبيين على إيجاد أرضية للحوار تمكنهم من بلورة آمالهم ومخاوفهم بشأن مستقبل بلدهم ومناقشتها بكامل الحرية. أما بعد سقوط النظام وإقامة الحكومة الانتقالية، فعمل المركز على إيجاد أجوبة على بعض المسائل الخلافية المتصلة بمقتضيات التحول الديموقراطي بالتعاون مع السلطات الانتقالية.
في هذا السياق، أفاد السيد كيني غليك Kenny Gluck أحد المسؤولين في مركز الحوار الإنساني التي يتخذ من جنيف مقرا له في تصريحات إلى swissinfo.ch أن المركز أقام عدة ندوات حوارية حول قانون الإنتخابات الجديد والعدالة الإنتقالية، بمشاركة نشطاء من المجتمع المدني من جميع المدن الليبية. وأتاحت تلك الندوات مناقشات حرة بين وجهات نظر متقابلة في شأن تلك القضايا المفتاحية، ومنحت فرصة لقادة المجتمع المدني الليبي لكي يُبلوروا ويُعمقوا أفكارهم في إطار التفاعل مع خبراء اقليميين ودوليين من ذوي الخبرة في التجارب الإنتقالية.
تصحّر سياسي
على هذا الأساس يمكن القول إن المعضلة الكبرى التي تواجه الليبيين اليوم في انتخابات المؤتمر الوطني هي غياب التقاليد الإنتخابية بعد التصحر الشامل الذي فرضه القذافي على ليبيا طيلة أكثر من أربعة عقود. ولم يعش الليبيون تجارب انتخابية سوى في ظل فترة الحكم الملكي التي امتدت من سنة 1952 إلى سنة 1964، ولم تترك هذه التجربة البسيطة بصمتها على الثقافة الإنتخابية بسبب قصر مدتها. وهنا أيضا أعطت الاستفادة من التجارب الاقليمية والدولية دفعة قوية للمسار الانتقالي الغض في ليبيا، سواء من خلال مساعدة الإتحاد الأوروبي أو المراكز الأميركية أو “مركز الحوار الإنساني” السويسري الذي سعى لمساعدة قادة المجتمعين المدني والسياسي على إطلاق مسار حواري وشفاف يُتوج بسن دستور جديد للبلد.
وفي هذا السياق استطاع “مركز الحوار الإنساني” أن يجمع يومي 7 و8 مايو 2012 زعماء من المجتمع المدني أتوا من ست وعشرين مدينة، من مختلف أنحاء ليبيا، في حوار وطني لمناقشة الطرق الكفيلة بالتوفيق بين وجهات النظر المتقابلة حول المسائل الدستورية وضمان مشاركة شعبية واسعة في الإنتخابات. ويُتابع المركز حاليا بحسب كيني غليك، تنظيم حوارات حول القضايا المثيرة للخلاف في الدستور الجديد من أجل التأكد من أن معالجة تلك التباينات ستتم في كنف الحوار وبعيدا عن اللجوء للعنف.
إضافة إلى ذلك، يقوم المركز بتقديم المشورة للحكومة الانتقالية وقادة المجتمع المدني حول آليات التسوية السلمية للصراعات التي ما انفكت تطبع المرحلة الإنتقالية في ليبيا.
شبح تقسيم
وإلى جانب مشكل إدارة الخلافات حول الدستور الجديد، تجابه ليبيا في هذه المرحلة أيضا معضلة تمدد شبح التقسيم الذي تغذى من الدعوات المتواترة لإقامة فدرالية تعود بالبلد إلى ما كان عليه أيام “المملكة الليبية المتحدة”، والتي كانت تتألف أساسا من ثلاثة أقاليم هي برقة وفزان وطرابلس الغرب.
وتفاقمت خطورة هذه النّزعة الانفصالية بظهور جماعات أصولية متشدّدة في مدن الشرق، وخاصة بنغازي ودرنة، تقوم باستعراضات قوة، للمطالبة بتطبيق الشريعة. وكانت تيارات انفصالية في المناطق الشرقية طالبت بإسناد عدد من المقاعد لتلك المناطق، معادل للمقاعد المخصّصة للعاصمة طرابلس، على رغم التفاوُت الكبير في الوزن السكاني بين الشرق والغرب.
ولم يكن من المصادَفات أن مدينة بنغازي شهِدت قبل أيام من انتخابات المؤتمر الوطني العام، خروج مسلّحين كانوا يستقلون عشرات السيارات والآليات العسكرية للمطالبة بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، رافعين رايات سوداء وبيضاء، كُـتب عليها “لا إله إلا الله.. محمد رسول الله”، وكان معظمهم يرتدي زيّاً شبيها بملابس المجاهدين الأفغان.
في المقابل، هبّ كثير من سكان المدينة، من بينهم النساء، إلى تنظيم مهرجان في الطرف المقابل من الميدان، احتجاجا على وجود الأسلحة مع المتظاهرين الذين طالبوا بتطبيق الشريعة، وكانوا يهتِفون “ليبيا واحدة”… “ارحلوا ليبيا، ليست أفغانستان”، ما أجبر المسلّحين على الانسحاب.
واللافت، أن الكتائب المشاركة في العرض العسكري، والتي قُـدر عدد أفرادها بنحو 300 مسلّح، أتت من عدّة مدن، منها بنغازي ودرنة ومصراتة والنوفلية وإجدابيا، وكانت معزّزة بأسلحة وآليات عسكرية، بعضها مضاد للطائرات والدبّابات ومدافع الهاوْن، وهي كتائب تابعة لجماعة “أنصار الشريعة” الأصولية المتشدّدة.
وجاء استعراض القوة هذا، في أعقاب هجوم مسلح على مقرّ القنصلية الأمريكية في بنغازي، لم يعلِـن أي طرف مسؤوليته عنه. واللافت أيضا، كما يقول المحلّل علي الفيتوري، أن ذلك الاستعراض العسكري الغير مسبوق، جرى وسط غياب كامل للجيش النظامي الليبي والشرطة وسرايا الثوار، التابعين لوزارتيْ الدفاع والداخلية، ما يدُل على عدم قُـدرة السرايا التابعة للحكومة الإنتقالية، على ضبط الأمور.
بين التصحّر السياسي، الذي حُـرم البلد من إرساء تقاليد ديمقراطية وجعل جيليْـن على الأقل لا يدركان فضائل العملية الانتخابية، وبين سيطرة الجماعات الأصولية الخارجة من الجِلْـباب الأفغاني، تبحث ليبيا اليوم عن طريق يُدخِلها إلى نادي الديمقراطيات، بعدما عزلها القذافي عن العالم. لكن مصير الانتخابات الرّاهنة، مرتبط إلى حدٍّ كبير بمدى سيْطرة التوافُق على النّزعات العنيفة التي تسعى إلى لَـيِّ ذِراع الدولة اليافِعة، من أجل إخضاعها إلى رؤياها الخاصة، ولو كان ثمن ذلك تقسيم البلد.
في رد كتابي على أسئلة swissinfo.ch حول حجم وطبيعة الدعم الذي تقدمه سويسرا إلى ليبيا في مرحلة بنائها السياسي والديمقراطي، أكدت وزارة الخارجية أنها تدعم الإنتقال الديمقراطي في ليبيا في شراكة وثيقة مع بعثة الأمم المتحدة في ليبيا.
وقد أسهمت برن عبر شراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في إطار التحضير للإنتخابات الليبية، بتقديم صناديق اقتراع تلبي المعايير الدولية.
وفي إطار دعم التحول الديمقراطي في مجال احترام حقوق الإنسان، تسهم سويسرا أيضا في تكوين ممثلي منظمات المجتمع المدني لإعدادهم لعملية الانتخابات وذلك من خلال ورش عمل يُشرف على تنظيمها معهد جنيف لحقوق الإنسان، سمحت في بداية شهر مايو 2012 لممثلي المجتمع المدني وممثلي الحكومة من التعرف على المبادئ الأساسية للمراقبة الشعبية لعملية الإنتخابات.
إضافة إلى ذلك، قامت الخارجية السويسرية بتنظيم ورشة عمل لتكوين المدربين للتوعية في مجال الإنتخابات، شارك فيها اعضاء بعثة الأمم المتحدة لدعم ليبيا، والمعهد الدولي لدعم الديمقراطية والإنتخابات، والاتحاد الوطني للكشافة في ليبيا. وبعد أن تم تكوين أكثر من 3500 كشاف ومدرب في مجال الإنتخابات منذ تنظيم ورشة ابريل، شرع المتدربون الأوائل في حملة توعية في مجال الإنتخابات تستهدف حوالي مليوني ناخب وناخبة.
هناك أيضا عدة مشاريع متعلقة بدعم احترام حقوق الإنسان، ومعالجة ملفات الماضي والتخفيف من الإفلات من العقاب.
تجري حاليا مشاورات بخصوص إصلاح قطاع الأمن، في شراكة مع مركز المراقبة الديمقراطية للقوات المسلحة الذي يتخذ من جنيف مقرا له.
تتجه نية برن أيضا إلى تقديم دعم إلى مركز كارتر لمراقبة الإنتخابات (مقره أتلانتا بالولايات المتحدة) كي يكون له تواجد دائم في ليبيا.
لم ترسل الكنفدرالية مراقبين سويسريين لمتابعة سير الانتخابات لكن ممثلي السفارة السويسرية سيشاركون ضمن البعثة الدبلوماسية التي ستراقب سير العملية الإنتخابية.
إجمالا، خصّصت سويسرا في عام 2012 حوالي 23،2 مليون فرنك لفائدة دعم مشاريع تتعلق أساسا بالتحول السياسي نحو الديمقراطية في ليبيا.
طرابلس (رويترز) – تجري ليبيا يوم السبت 7 يوليو 2012 أول انتخابات عامة حرة منذ أكثر من نصف قرن في اعقاب الانتفاضة التي اطاحت بالزعيم الليبي معمر القذافي العام الماضي لتنهي 42 عاما من الحكم الشمولي.
ومن المتوقع ان تتمخض الانتخابات عن تشكيل جمعية وطنية تتسم بالتنوع يتصدرها مستقلون يمثلون المصالح المحلية المتنافسة. وتمثل الانتخابات ايضا اختبارا للاحزاب الاسلامية التي حققت نجاحات في الانتخابات في كل من مصر وتونس بعد انتفاضات الربيع العربي العام الماضي.
ومنذ الإطاحة بالقذافي ازدهرت الاحزاب والتنظيمات السياسية التي كانت محظورة خلال عهده. وفيما يلي بعض من الجماعات الأكثر شهرة في ليبيا:
* تحالف القوى الوطنية:
وهو ائتلاف ينضوي تحت لوائه 65 حزبا ليبراليا ويتزعمه محمود جبريل وهو رئيس وزراء المعارضة خلال الانتفاضة الليبية ودرس العلوم السياسية في الولايات المتحدة. اما جبريل نفسه فلا يخوض هذه الانتخابات.
* حزب العدالة والبناء:
وهو الجناح السياسي لجماعة الاخوان المسلمين في ليبيا وأنشيء على نسق جماعة الاخوان المسلمين في مصر. ويتزعم الحزب محمد صوان وهو معتقل سياسي سابق في عهد القذافي. ومن المتوقع ان يتلقى الحزب دفعة معنوية في هذه الانتخابات بعد ان انتخبت مصر الشهر الماضي مرشحا هو عضو قيادي في جماعة الاخوان رئيسا للبلاد لأول مرة.
* حزب الوطن:
وهو جماعة اسلامية يتزعمها القيادي الإسلامي عبد الحكيم بلحاج. وكان بلحاج يتزعم من قبل الجماعة الاسلامية الليبية المقاتلة التي تم حلها والتي قامت بتمرد ضد القذافي في تسعينات القرن الماضي. وخاض بلحاج معارك في صفوف حركة طالبان في افغانستان حيث ارتبط بعدد من كبار اعضاء تنظيم القاعدة. الا انه بات بمنأى عن الجماعة المتشددة منذ ذلك الوقت.ويقول منتقدون إن حزب الوطن يتلقى تمويلا من قطر التي كانت السند الرئيسي للحملة التي اطاحت بالقذافي من السلطة العام الماضي بدعم من حلف شمال الاطلسي.
* الجبهة الوطنية:
وهي مرتبطة بالجبهة الوطنية لانقاذ ليبيا المنبثقة بدورها عن جماعة الاخوان المسلمين بزعامة المعارض الليبي محمد المقريف.
* حزب الاصالة:
وهو جماعة سلفية يتزعمها الشيخ عبد الباسط غويلة. وتقدم الحزب ببعض المرشحات اللائي ظهرن بالنقاب في الملصقات. وترى الجماعة ان الاحزاب السياسية غير اسلامية ويحبذ الاشارة الى نفسه باسم التجمع.
* التيار الوطني الوسطي:
يتزعمه علي الترهوني وهو مرشح ليبرالي شغل منصب وزير النفط اثناء الانتفاضة الليبية.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 6 يوليو 2012)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.