انتفاضة البحرينيين تعيد الصِّـراع العربي الإيراني إلى الواجهة!
ظلّـت البحرين سببا مُـهِـما في توتُّـر العلاقات الإيرانية العربية، حتى بعد إنتصار الثورة الإسلامية في فبراير 1979 والتصريحات المُـثيرة التي أطلقتها يومذاك بعض الرُّموز الدِّينية الإيرانية عن تابعية البحرين لإيران.
ورغم تأكيد إيران المُـستمر بأنها لن تتدخّـل في شأن البحرين، والاعتراف به كدولة مستقِـلة، إلا أن طهران بعد الثورة ما انفكَّـت تعمل من أجل ما سمّـاه دستور الجمهورية الإسلامية في المادة الرابعة والخمسين بعد المائة، “دعْـم نضال المستضعَـفين ضدّ المستكبَـرين”، ذلك أن جمهورية إيران الإسلامية تَعتبِـر “سعادة الإنسان في المجتمع البشري كله، قضية مقدّسة لها، وتعتبِـر الاستقلال والحرية وإقامة حكومة الحق والعدل، حقا لجميع الناس في أرجاء العالم كافة.
وعليه، فإن جمهورية إيران الإسلامية تقوم بدعم النضال المشروع للمستضعَـفين ضدّ المستكبرين في أية نقطة من العالم. وفي الوقت نفسه، لا تتدخّـل في الشؤون الداخلية للشعوب الأخرى”. كذلك، وجّـهت الثورة الإسلامية في إيران إهتمامها بالخارج “المستضعَـف” والمقسَّـم بين فسطاطين: مستَـضعَـفين ومستكبَـرين.
ومع الالتفات لشعارات الثورة الإسلامية في إيران – التي كانت حركة تستهدِف تحقيق النصر لجميع المستضعَـفين على المستكبِـرين – فإن الدستور يـعـدّ الظروف لاستمرارية هذه الثورة، داخل البلاد وخارجها، خصوصا بالنِّـسبة لتوسيع العلاقات الدولية لتشمل سائر الحركات الإسلامية والشعبية، حيث يسعى إلى بناء الأمة الواحدة في العالم ويعمل على مواصلة الجهاد لإنقاذ الشعوب المحرومة والمضطهدة في جميع أنحاء العالم.
ومن هذا المُـنطلق، أسست إيران فرعا تابعا للحرس الثوري لدعْـم حركات التحرّر وأنشأت آخر في وزارة الخارجية، لكنها بقِـيت تُـعاني من كيفية المُـوازنة بين دعْـم حركات التحرّر، التي تريد قلْـب أنظِـمة الحُـكم، وعَـدَم التدخُّـل في الشؤون الداخلية للشعوب الأخرى.
وحتى مع إلغاء مكتَـب حركات التحرّر في وزارة الخارجية، فإن الحرس الثوري الذي أنشَـأ فيْـلق القدس إلى جانب وحدات أخرى من قيادات “رمضان وغيره”، استمرت في الاتصال بالمعارضين في مختلف الدول ونشرت خلايا نائمة لها هنا وهناك وركَّـزت طبْـعا على البحرين، لأنها من وِجهة نظر مُـعظم المتشدِّدين في التيار المحافظ، السّـاتر الأول في خط النزال مع دول الخليج، خاصة المملكة العربية السعودية.
منذ سنوات، وبُعيْـد إنتصار الثورة الإسلامية، لطالما إشتكت البحرين مما تصِـفه بـ “تحريضات” إذاعة طهران – صوت الجمهورية الإسلامية الناطقة بالعربية، والتي لم تتوقّـف، حتى بعد تحسّـن العلاقات وإعادة البحرين الكثير من المُـبعَـدين الذين كانوا في إيران وأعادت لهم الجنسية.
وبالرغم من تحسُّـن العلاقات الإيرانية العربية في عهد الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي، الذي أكَّـد مِـرارا أن البحرين دولة مستقلة ذات سيادة، وحرص على إلغاء مكتب حركات التحرّر في وزارة الخارجية، ورفَـض التعامل مع المنظمات “الثورية” العربية، باستثناء حزب الله اللبناني وحماس لضرورات فِـكرية تتعلّـق بالصراع مع إسرائيل، إلا أن هذه العلاقات تأزّمت مرة أخرى بتصريحات حسين علي شريعتمداري، مُـمثِّـل المُـرشد في صحيفة “كيهان” وغيره، ممَّـن طالبوا بالبحرين وقالوا إنها إقتُـطِـعت من إيران، وِفق صفقة بين الشاه وبريطانيا، مقابل الجُـزر الثلاث “طنب الكبرى” و”طنب الصغرى” و”أبو موسى”.
الصحوة الإسلامية!
بعد إندلاع ما أصبح يُُـعرف بـ “الثورات العربية”، تأزّمت علاقات إيران مع الدول العربية ووصلت إلى وضع حرِج، وأصبح الطرفان يتبادَلان الإتِّـهامات من دون توقّـف، حيث وصلت الخِـلافات بين حكومات الدول العربية وإيران، أوْجَـها، بسبب أحداث البحرين الأخيرة ولم تعُـد تقتصِـر على تبادل الإتهامات فقط، بل وصلت إلى حدِّ التهديد بالتدخّـل العسكري من كِـلا الطرفيْـن.
إن موضوع الخلاف بين العالم العربي وإيران، ليس وليد الساعة، والدول العربية تتّـهم إيران باستمرار بالتدخل في شؤونها الداخلية، فيما تَـرُد إيران بالنفْـي، لكنها قامت بسلسلة من الإجراءات التي ساهَـمت في تصعيد الأزمة الحالية.
وليس خافِـيا أن الأزمة في البحرين تأثَّـرت بالثورات التي عمَّـت العالم العربي، خصوصا الدول التي طالما عُـرِفَـت بالاستبداد. وبسبب الخلاف الأيديولوجي بين إيران مع مصالح غالبية الدول العربية، لم يتَـوانَ النظام الحاكم عن دعْـم الحركات والتيارات المعارضة لهذه الأنظِـمة العربية.
في المقابل، ندّدت الدول العربية، وبشدة بهذا الدعم الذي تتلقّـاه الحركات المعارضة، وعلى وجه الخصوص الإسلامية، وبالتحديد الشيعية، من قِـبل إيران. كما أن إستخدام هذه الدول مصطلح “التحرّك الإيراني المُـعادي”، يُـظهِـر مدى تدهْـور العلاقات بين العالم العربي والجمهورية الإسلامية الإيرانية. كذلك، يمكن فهْـم توجه العلاقات الإيرانية – العربية نحْـو إزدياد الهُـوّة بينهما، وذلك مع إنشغال الحكومات في العالم العربي بقمْـع ثوراتها الداخلية.
التحريض!
لطالما سعى المسؤولون في الجمهورية الإسلامية إلى رُكوب موْجَـة تسونامي الثورات في العالم العربي، خصوصا في دول الجوار، وأن تصادر تلك الثورات لصالِـحها! فطهران تزعم أن رياح التغيير التي هبّـت على العالم العربي، مُـستنسخة من الثورة الإسلامية التي أتَـت بحكومة رجال الدِّين في إيران عام 1979 وأنها قد تأثرت بها، وأن تظهر عودة روح الصحوة الإسلامية للمنطقة، على حد تعبير المسؤولين الإيرانيين.
وسعت الحكومة الإيرانية إلى إستغلال الثورات في شمال إفريقيا والشرق الأوسط لصالحها، إعلاميا. لكن، وحسب وِجهة نظر الحكام العرب، فإن إيران تسعى من خلال دعْـم الثورات، إلى تعزيز نفوذها في العالم العربي، فهُـم يتّـهمونها بإنتهاك إستقلال وسيادة بلدانهم، وهذه الحكومات تقول اليوم إنها مستعِـدة للوقوف أمام أي محاولة لزعزعة أمْـن البلدان العربية، والتصدّي لأي تدخّـل إيراني في شؤون بلدانها.
وأكثر القضايا التي باتت تُـثير حساسية الطرفيْـن، سواء الطرف الإيراني أو العالم العربي، هي الأوضاع الداخلية في البحرين. فرغم قمْـع الحكومة الإيرانية للإحتجاجات التي عمّـت البلاد بعد الإنتخابات الرئاسية التي جرت في يونيو 2009، إلا أنها إحتجّـت على ما سمَّـته “قمع مظاهرات شيعة البحرين بواسطة قوات درْع الجزيرة، خصوصا السعودية والإماراتية”.
وقبل شهر تقريبا، قام 257 فردا من نواب البرلمان الإيراني بإصدار بيان، دعَـوا فيه المتظاهِـرين البحرينيين بالتحرّك لإسقاط نظام الحُـكم في بلادهم. وأشار البيان أيضا إلى إرسال المملكة العربية السعودية قوّات عسكرية، لِـما سمّـاه البيان لـ “للمساعدة في قمْـع الشعب البحريني” والذي إعتبره غيْـر مشروع. كما حَـذّر البيان من عواقِـب تدخّـل القوات العسكرية السعودية في البحرين، ووصف هذا الأمر بالإحتلال العسكري، وطالب القوات السعودية بالخروج الفوري من الأراضي البحرينية.
ولم تقتصر ردود الأفعال الإيرانية على هذا فحسب، بل ركّـزت قناة “العالم” الفضائية الإخبارية الحكومية الناطقة باللغة العربية في مُـجمل نشاطها وتغطيتها الإعلامية على الشأن البحريني، في حين لم تخصص الكثير من الوقت للثورات العربية الأخرى، التي تزامنت مع هذه الاحتجاجات، مثل ليبيا وسوريا واليمن.
ومن جهة أخرى، قامت مجموعة من أعضاء الباسيج بالتظاهر أمام السفارة السعودية في طهران وأمام قنصلية هذا البلد في مدينة مشهد، شمال غرب إيران، والتي قام فيها بعض المتظاهرين بإلقاء الزجاجات الحارقة على مبنى القنصلية وردَّدوا شعارات مُـعادية للحكَّـام العرب، وهذا الأمر أثار ردود فعل مندّدة من قِـبل المسؤولين السعوديين.
ردود عربية !
قامت دول مجلس التعاون بإتخاذ بعض الإجراءات العملية، التي لم يسبق أن إتَّـخذتها حكومات خليجية ضد إيران، على الأقل منذ حرب الخليج الأولى (الحرب العراقية الإيرانية)، حيث اتهمت إيران بالتدخُّـل في شؤونها، بعد أن اعترضت هذه الأخيرة على إرسال المملكة العربية السعودية وحَـدات من “قوات درْع الجزيرة” لمساعدة البحرين في إخماد الاحتجاجات.
ورفضت هذه الدول ما وصفته بـ “التدخل الإيراني المستمِـر” في الشؤون الداخلية لدول المجلس التعاون الست. كما وصفت هذه الدول مواقف وتصريحات المسؤولين الإيرانيين إزاء المملكة العربية السعودية، بغير المسؤولة. وكشفت الكويت في وقت سابق عن شبكة تجسُّـس إيرانية على أراضيها، وهذا الأمر صعَّـد التوتر القائم بين دول مجلس التعاون وإيران.
غير أن إيران نفَـت تُـهمة التجسُّـس على الكويت، حيث وصف وزير خارجيتها علي أكبر صالحي هذه المسألة بأنها مفتعلة وكذبة كبرى، وأكدت طهران أنها لا تتدخل في شؤون الدول الخليجية ولا في شؤون الدول الأخرى.
وكانت السلطات الإيرانية اعتبرت في وقت سابق أن أحكام الإعدام الصادرة في قضية التجسّـس بالكويت، “مؤامرة” تنفِّـذها ما سمتها “القوى الخبيثة التي لا ترغب في علاقات جيدة بين البلدين”، وطردت إيران ثلاثة دبلوماسيين كويتيين، وذلك ردا على خطوة مماثلة من طرف الكويت.
وفي نفس الوقت، أعلنت السلطات البحرينية عن قيامها بإعتقال ثلاثة أشخاص إيرانيين ومواطن بحريني بتُـهمة التجسُّـس لحساب الحرس الثوري، وقالت حينها، إن هؤلاء الثلاثة متَّـهمين بالتجسُّـس لصالح الحرس الثوري من عام 2002 إلى عام 2010، بهدف إلحاق الضَّـرر بالمصالح الوطنية للبحرين، وأنهم قاموا بنقل معلومات إقتصادية وعسكرية للحرس الثوري الإيراني. ودفع هذا الأمر كُـلاّ من البحرين وإيران لإستدعاء سفيريْـهما وتبادُل طرد دبلوماسييهما وإلغاء الرحلات الجوية فيما بينهما.
تصريحات تحذيرية
هذه الخطوات التي إتخذتها الحكومات الخليجية، أظهرت مدى التوتُّـر الحاصل بين إيران وهذه الدول العربية. ويعتقد المراقبون بأن هناك إحتمال لإرتفاع مستوى هذا التوتر في المستقبل القريب. وطبقاً للتقارير، فإن أحمد الفتاي، السفير السعودي لدى القاهرة، صرّح بأن الإيرانيين لا يسعون إلى اختبار قوّة دول مجلس التعاون. فإذا حاولت إيران تعريض أمْـن المنطقة للخطر، فبإمكان دول الخليج التصدّي للسياسات التوسعية للنظام الحاكم في إيران، حيث لديها (دول المجلس) القوة الكافية لفعل ذلك.
وفي الوقت نفسه، إتهم سعد الحريري، رئيس الوزراء اللبناني السابق إيران بـ “التدخل في شؤون الدول العربية وأنها تتخذ من المجتمعات العربية، رهائن”. وأضاف أن “لبنان وبعض الدول العربية الأخرى، تعاني من بعض المشاكل السياسية والإقتصادية وأن إيران تستغِـل هذا الوضع للتدخُّـل، وبشكل سافر، في شؤون العالم العربي، وأنها تهدِّد أمن وإستقرار المنطقة” .
وقام سعد الحريري قبل أربعة أشهر بزيارة إلى طهران، حيث التقى بعدد من المسؤولين الإيرانيين، من بينهم مُـرشد الثورة علي خامنئي. وزعمت طهران حينها أن دعوة الحريري لزيارة طهران، تأتي في سياق مساعي الجمهورية الإسلامية الإيرانية في المساعدة في حلّ الأزمة السياسية التي تعاني منها لبنان.
ورغم هذا كله وبعد مدّة، قام سعد الحريري بالإدلاء بتصريح على ما وصفه بالتدخُّـل الإيراني في أمور بلاده، حيث قال: “ليس على مَـن يجلس في الحُـكم أكثر من عشرين عاما، أن يعلِّـمنا دروسا حول تداول السلطة”.
تصريحات الحريري الأخيرة، أظهرت مدى سعي إيران للعِـب دور بارز في الساحة السياسية اللبنانية. كذلك، إعتبر وزير الخارجية الأردني ناصر جودة، المساعي الإيرانية في التقارب مع عـمّـان بـ “الفاشلة”، خصوصا بعد قيام الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بـ “دعوة العاهل الأردني لحضور إحتفالات النوروز، وإرساله رئيس مكتبه (السابق) إسفنديار رحيم مشائي، ممثلا له لدى العاهل الأردني، وذلك بشكل سرّي.
ورفض ناصر جودة التهديدات الإيرانية لدول مجلس التعاون، وحث الحكومة الإيرانية على إعتماد سياسة حُـسن الجوار في تعاملها مع جيرانها من العرب. لكن إيران لم تتخذ سياسات متساوية حِـيال الإحتجاجات الشعبية في العالم العربي، وقامت بدعْـم بعض الثورات فيها، وبالتحديد مع الدول التي ليست لديها علاقة جيدة مع أنظمة هذه البلدان.
فالإختلافات الموجودة بين إيران وبعض هذه الدول، ليس سببها وجود حكومات ديكتاتورية فيها، بقدر ما هو تقارب أنظمة هذه الدول مع الغرب ومواقفها حيال خارطة الطريق وإسرائيل. في المقابل، لم تكتَـف إيران بعدم دعْـم الإحتجاجات التي عمَّـت سوريا فحسب، بل وصفتها بالمؤامرة الغربية من أجل الإطاحة بنظام الحُـكم في سوريا، وذلك على عكس مواقفها من أعمال الإحتجاج التي إندلعت في كل من تونس، ومصر، وليبيا، واليمن، والبحرين، حيث إتهمت الدول بوقوف الغرب وراء تحريض المتظاهرين من أجل إسقاط نظام الممانعة فيها .
إزدواج المعايير في سياسة إيران حيال التغيرات في العالم، لاقى ردود أفعال مندّدة من قِـبل الغرب، الذي قال: “إذا كانت إيران صادِقة في إنها توَدّ إسماع أصوات المحتجين في العالم العربي، فعليها أولا أن تحترم مطالبات وحقوق مواطنيها”.
الغرب منزعج من إزدواجية المعايير التي يتعامل بها النظام الحاكم في إيران في موقفه حيال الثورات والإحتجاجات في العالم العربي، ويقول إنه يسعى لإستغلالها، سياسيا، وأمنيا، لصالحه. وفي الوقت نفسه، شكك المراقبون في نجاح إيران بإستثمار الثورات والإحتجاجات في العالم العربي لصالحها، والوصول إلى أهدافها المنشودة.
ومن وجهة نظر بعض المراقبين، فإن الثوار نجحوا في إسقاط نظام الحُـكم في كل من تونس ومصر، في الوقت الذي فشلت فيه الحركة الخضراء في إيران. ولا ترغب أي مجموعة سياسية مؤثرة في الساحة السياسية في العالم العربي، متابعة أهداف الجمهورية الإسلامية في تصدير الثورة، كما هو الحال مع حزب الله بلبنان. كذلك، لا توجد أي مؤشرات عن وجود إيراني مؤثّـر في أي من البلدان التي تشهد ثورات وإحتجاجات في العالم العربي.
فالأمل الوحيد للنظام الحاكم في إيران هو البحرين، الذي شهد تصعيداً في أزمته مع المعارضة والإحتجاجات التي عمّـتها مؤخرا. فها هي دول مجلس التعاون تتَّـحد في مواجهة خطر النفوذ الإيراني في المنطقة، بحيث لم تعد تخشى أي مواجهة عسكرية مع نظامه الحاكم.
وطبقا لإحدى الوثائق التي نشرها موقع “ويكيليكس”، طلبت بعض دول مجلس التعاون الخليجي من الحكومة الأمريكية القيام بعمل عسكري ضد مواقع نووية إيرانية في عام 2009. وبعد إنتشار هذه الوثائق، التي إعتبرتها إيران بالمؤامرة وتهدف إلى تعكير صفْـو العلاقات الإيرانية بجيرانها، يبدو أن إرتفاع وتيرة الأزمة بين إيران والعالم العربي، لم تعد وضعا مناسبا لكي تخفي طهران حقيقة علاقتها الدبلوماسية والسياسية مع هذه المنطقة.
فطرفا النزاع لم يعودا يستخدمان لهجة عدائية تجاه بعضهم البعض فحسب، بل باتا يهددان بالقيام بالتدخل العسكري، وهذا الأمر سيكون له تأثيره المباشر في علاقة إيران مع بلدان العالم العربي.
اعتبرت السلطات البحرينية، السكرتير الثاني في السفارة الإيرانية، شخصا غير مرغوب فيه وأمهلته 72 ساعة لمغادرة البلاد، إذ اتهمته بالضلوع في قضية تجسّـس في الكويت، كما ذكرت وكالة الأنباء البحرينية الثلاثاء 26 أبريل 2011.
وقالت الوكالة إن وزارة الخارجية استدعت يوم الاثنين “السيد مهدي إسلامي، القائم بأعمال سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية” لدى مملكة البحرين. وأضافت أن الخارجية قامت بتسليم إسلامي “مذكرة دبلوماسية بشأن قرار سلطات مملكة البحرين، اعتبار السيد حجت الله رحماني، السكرتير الثاني في السفارة الإيرانية (…) شخصا غير مرغوب فيه“.
وأضافت أن هذا القرار اتُّـخذ “لارتباطه بخلية التجسس في دولة الكويت الشقيقة”، موضحة أن السلطات البحرينية طلبت أن يغادر السكرتير الثاني المملكة “خلال 72 ساعة”.
ويأتي هذا الإجراء بينما تشهد العلاقات بين المنامة وطهران توتّـرا كبيرا منذ أن انتقدت إيران بشدة استخدام السلطات البحرينية القوة لوقف الحركة الاحتجاجية التي كان يقودها الشيعة في البحرين. ونفى المتحدث باسم الخارجية الإيرانية الاتهامات الموجهة إلى رحماني.
ونقل موقع التلفزيون الإيراني عن المتحدث قوله أن “هذا النوع من الاتهامات لا أساس لها ومخالِـفة لعلاقات حُـسن الجوار، لكنها تتماشى مع إرادة الأجانب في التقسيم”.
ورأى الناطق الإيراني أن “هدف الخطوة التي اتخذتها وزارة الخارجية البحرينية، هو تحويل (الانتباه) وتجاهل الواقع”. وأوضح أن إيران تحتفظ بحق الردّ على مثل هذه الخطوة.
وكانت الكويت أعلنت يوم 31 مارس الماضي طرد عدة دبلوماسيين إيرانيين متَّـهمين بالتآمر على أمن البلاد. وأعلن ذلك القرار بعد أن حكم القضاء الكويتي على ثلاثة أشخاص، بينهم إيرانيان بالإعدام بتُـهمة الاشتراك في شبكة تجسس لصالح إيران. وذكر وزير الخارجية الكويتي الشيخ محمد صباح السالم الصباح أن الشبكة كانت تخطِّـط لهجوم ضد منشآت حيوية في الكويت.
وتسببت هذه القضية بتسميم العلاقات الخليجية الإيرانية، التي كانت متوترة جدا أصلا، على خلفية الحركة الاحتجاجية في البحرين وإرسال قوات سعودية وإماراتية لمساعدة سلطات المملكة على إرساء الاستقرار في المملكة.
وجددت وزارة الخارجية البحرينية في بيانها على رفض “التدخل” الإيراني في الشؤون الداخلية للبحرين ولباقي دول مجلس التعاون الخليجي. وأكد البيان أن البحرين تدعو “الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى الكفّ عن مثل هذه التصرّفات غير المسؤولة، التي تُـعد انتهاكا خطيرا لأعراف ومبادئ العلاقات الدولية وتشكِّـل تهديدا لأمن واستقرار المنطقة”.
وكانت طهران طلبت في 20 مارس من دبلوماسي بحريني مغادرة إيران، ردا على طرد دبلوماسي إيراني من المنامة. وكان مجلس التعاون الخليجي أدان في وقت سابق هذا الشهر “التدخّـلات والاستفزازات الصارخة” لإيران في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، وطلب من المجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي التدخّـل لوضع حدٍّ لها، إلا أن وزير الخارجية الكويتي أكد يوم الخميس 21 أبريل، أن دول الخليج لا تريد قطع العلاقات مع إيران، رغم شعورها بالأسف لتدخلها في شؤونها الداخلية.
وقال الشيخ محمد صباح السالم الصباح في تصريح لقناة العربية “ليس من مصلحة الأمن الإقليمي أن تكون إيران في عزلة عن محيطها العربي، وما زلنا نريد أن تكون هناك علاقات طيبة معها”. من جهته، انتقد وزير خارجية البحرين ما وصفه بأنه حملة غير مسبوقة من قبل إيران ضد بلاده والدول الخليجية الأخرى.
كما دعا وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد، إيران إلى إعادة النظر في سياستها الإقليمية وإلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 26 أبريل 2011).
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.