مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

بان كي مون: “ما يحدث في العالم العربي فرصة فريدة خلال جيل كامل”

الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بان كي مون يجيب على أسئلة الصحافيين أثناء ندوته الصحفية التي عقدها في قصر الأمم بمدينة جنيف يوم 11 مايو 2011 Keystone

عبّـر الأمين العام للأمم المتحدة في جنيف عن ضرورة دعم المجتمع الدولي لما يحدث في العالم العربي، معتبرا أنها "فرصة لا تحدث إلا مرة واحدة خلال جيل كامل".

وتضمنت تصريحات الأمين العام للمنتظم الأممي “استياء لرفض السلطات السورية السماح لبعثة  التقييم الأممية الدخول الى درعا” ودعوة للسلطات الليبية “بوقف القتال من أجل استئناف الحوار” و”قلقا من استئناف العنف الطائفي في مصر”، كما وصف بان كي مون ما يحدث في العالم العربي بأنه “فرصة حساسة وفريدة من أجل إعطاء دفع للمبادئ الديمقراطية ولحقوق الإنسان خلال جيل كامل”.

ومثلما كان منتظرا، خصص الأمين العام للأمم المتحدة، القسم الأكبر من ندوته الصحفية التي عقدها في المقر الأوروبي للمنظمة بجنيف يوم الأربعاء 11 مايو 2011، للحديث عن الثورات العربية الجارية وما على المجموعة الدولية القيام به لدعمها.

كما تطرق للإنزلاقات التي تعرفها بعض منها، مثل ما حدث مؤخرا في مصر من عنف طائفي وما تشهده ليبيا من قتال مرير يزهق أرواح المدنيين ويستدعي “وقفا فوريا لاستئناف الحوار”، إضافة إلى ما تعرفه بعض المدن السورية من حصار وتطويق من قبل قوات الجيش إلى حد “منع لجنة أممية من الدخول” إلى درعا، رغم قبول مبدئي من طرف السلطات.

 “فرص ثمينة.. لكنها هشة”

الأمين العام للأمم المتحدة اعتبر أن ثورات العالم العربي “فرص ثمينة، ولكن هشة في نفس الوقت”، وحث العالم على الإستمرار في دعمها، كما دعا القائمين عليها إلى أن “يسهروا على عدم انحرافها”.

ومن مخاطر الإنحراف التي أشار إليها بان كي مون، ما حدث من أعمال عنف بين المسلمين والمسيحيين في الأيام الأخيرة في مصر، حيث قال: “لقد كنت قلقا بخصوص أحداث العنف  الأخيرة بين المسلمين والأقباط في مصر، بعد الدور الهام الذي لعباه أثناء الوحدة الوطنية التي قادت الى تغيير السلطة”، لكنه استدرك قائلا: “أنا واثق جدا من أن المصريين سوف لن يتركوا العنف الطائفي يخلق عائقا بوجه التقدم نحو قيام مصر أكثر حرية وعدالة وتماسكا”.

وكان الأمين العام يشير في حديثه هذا لما شهده حي إمبابة بالقاهرة في الليلة الفاصلة ما بين السابع والثامن من شهر مايو الجاري من أعمال عنف طائفية خلفت 12 قتيلا و 232 جريحا، وهي الأحداث التي وعدت السلطات المصرية بـ “استخدام كل الوسائل القانونية لمنع تكرارها من جديد”.

وبخصوص التصعيد الأخير في تونس، عبر الأمين العام عن متابعته للتطورات عن كثب مناشدا “كل الأطراف من أجل حل خلافاتها عبر الحوار السلمي والتمسك بالمؤسسات الموجودة والتي أقامتها الحكومة الانتقالية”.

وفي خطابه للسلطات الجديدة في كل من مصر وتونس، قال بان كي مون: “على هذه السلطات أن تفي بالمسؤولية والثقة التي وُضعت فيها بتلبية تلك المطالب، لأن الشعب الذي خرج الى الشوارع، خرج ليطالب بالمحاسبة والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وبمستقبل أفضل، وهذا ما على الأمم المتحدة وعلى المجموعة الدولية دعمه، إذا ما طلب منها ذلك”.

وقف الهجمات على المدنيين في ليبيا

بخصوص ليبيا، أوضح الأمين العام أنه اتصل عشية الثلاثاء 10 مايو بالوزير الأول الليبي البغدادي على المحمودي لمطالبة السلطات الليبية بضرورة “وقف الهجمات ضد المدنيين”. وشدد بان كي مون على أنه طلب من البغدادي “الإلتزام بوقف فوري لإطلاق النار يمكن التأكد منه، وبإجراء حوار من أجل التوصل الى حل سلمي للصراع والسماح بوصول المساعدات الإنسانية بدون عراقيل”.

وحول مدى استجابة السلطات الليبية لهذا النداء، أوضح الأمين العام بأن “الوزير الأول قبل استقبال مبعوثي الخاص وسيتوجه السيد الخطيب إلى المنطقة في أقرب وقت”.

بخصوص الأزمة الإنسانية التي يعاني منها المهاجرون الفارون من ليبيا والذين تعرض عدد منهم الى الموت بعد غرق قواربهم مؤخرا في مياه المتوسط، أوضح الأمين العام للأمم المتحدة أنه “طلب من البواخر التابعة لحلف شمال الأطلسي التي تقوم بدوريات في البحر الأبيض المتوسط أن لا تنتظر إشارات الإنذار بوقوع كارثة لكي تقدم المساعدة، بل أن تعتبر أن أي باخرة تغادر ليبيا في حاجة إلى مساعدة وحماية”.

استياء من سوريا

في سياق متصل، شدد الأمين العام للأم المتحدة – الذي كان قد تحدث مع القادة السوريين قبل ايام – على “حث الرئيس الأسد مرة أخرى على العودة إلى مسار ما يطالب به الشعب من تحقيق للإصلاحات ومزيد من الحريات، والكف عن الإستخدام المفرط للقوة والإعتقالات الواسعة للمتظاهرين بطريقة سلمية”.

وبخصوص البعثة التي أرسلتها الأمم المتحدة مؤخرا لتقييم الأوضاع في منطقة درعا، عبر الأمين العام عن “الاستياء لكون هذه اللجنة، التي حصلت على وعود من السلطات السورية، لم تحصل على الترخيص بالدخول الذي تحتاجه”.

وأوضح بان كي مون أن “محادثاته السابقة مع الرئيس الأسد سمحت بتوجيه السلطات دعوة للجنة تقييم إنسانية”، لكنه أضاف أنه “يستغرب لعدم السماح للجنة بالدخول، لا إلى درعا ولا إلى مناطق أخرى”، وشدد الأمين العام على “مواصلة الضغط على السلطات السورية من أجل السماح بتقييم للوضع الإنساني”.    

وبخصوص قرار مجلس حقوق الإنسان في جلسته الخاصة حول الأوضاع في سوريا القاضي بإرسال لجنة لتقصي الحقائق، دعا بان كي مون السلطات السورية “مرة أخرى إلى التعاون مع اللجنة والسماح بدخول مراقبي حقوق الإنسان” إلى البلاد.

تحذيرات لم يأبه لها قادة المنطقة

وفي رده على سؤال طرحته swissinfo.ch حول خطر الإنتقائية التي تتعامل بها بعض محافل الأمم المتحدة مع ثورات العالم العربي (بتخصيص جلسة خاصة لسوريا وليبيا، وتجاهل ما يحدث في البحرين واليمن ودول اخرى) ومخاطر الحسابات الخفية للقوى العظمى في دعمها أو معارضتها لثورات الشعوب العربية، على مصداقية وكونية مواثيق حقوق الإنسان التي بدأت تؤمن بها شعوب المنطقة واتخذتها منطلقا لمطالباتها السلمية، أوضح الأمين العام للأمم المتحدة بأن “الأمم المتحدة دأبت على جلب انتباه القادة في المنطقة منذ 10 سنوات عبر تقرير التنمية البشرية في العالم العربي، الذي أعده برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ولكن لم تكن هناك أي استجابة لتلك التحذيرات والإنذارات، وهذا ما دفع الشعب للخروج للشارع للمطابة بمزيد من الحريات ومزيد من الديمقراطية”

وأضاف بان كي مون “في الواقع اضطرت الأمم المتحدة لاتخاذ إجراءات صارمة وغير مسبوقة في حالة ليبيا، تمثلت في إقصائها من عضوية مجلس حقوق الإنسان، سواء من قبل مجلس حقوق الإنسان أو من قبل الجمعية العامة، وفي ذلك إجراء غير مسبوق من قبل هذه المحافل لدعم مطالب الشعب. وبالنسبة للشعوب التي لم تتحقق مطالبها إلى حد الآن، فإنني أناشد قادتها لكي تدخل في حوار شامل وبدون إقصاء لأي من مكونات المجتمع من سياسيين ومعارضين وممثلي المجتمع المدني والنقابات العمالية والتجمعات النسوية، لكي يحددوا معا مستقبلهم وفقا لإرادتهم. وسأواصل الدفع في هذا الاتجاه”.

وبخصوص الشعوب التي هي على وشك تحقيق أهدافها (مثل تونس ومصر)، شدد الأمين العام للمنتظم الأممي “على المجموعة الدولية واجب مساعدتهما في تعزيز المرحلة الانتقالية من تحولهما السياسي. وهذا ما تلتزم به الأمم المتحدة في تنسيق مع العديد من الدول. فقد خصصنا خبراء للشروع في الإعداد للمساعدة في تهيئة المسار الإنتخابي في تونس ومصر بطلب من البلدين” وأضاف أنه يعمل شخصيا “من أجل توفير الدعم المادي من المجموعة الدولية لتحقيق هذه التطلعات المشروعة والمنتظرة منذ زمن طويل. ولكن تحقيق ذلك يتطلب دعم المجموعة الدولية بأكملها”.                   

مؤتمر الدول الأقل نموا

قال بان كي مون بخصوص مؤتمر اسطنبول المخصص للدول الأقل نموا: “الإستثمار في البلدان الأقل نموا، ليس صدقة بل استثمارا مربحا للدول المتقدمة والدول النامية وللإقتصاد الصاعد ولقطاع الأعمال”.

مؤتمر الحد من الكوارث الطبيعية

بخصوص مؤتمر جنيف حول التخفيض من تأثيرات الكوارث الطبيعية، قال الأمين العام: “أحداث فوكوشيما في اليابان والأعاصير والفيضانات في الولايات المتحدة الأمريكية، تظهر بأن الكوارث الطبيعية ليست حصرا على الدول الفقيرة”… كما أشار إلى أنه “لا يمكن القضاء على الكوارث الطبيعية، ولكن يمكن التخفيض من مخاطرها وإنقاذ الكثير من الأرواح البشرية”.

أخطار الطاقة النووية

قال الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بخصوص أخطار الطاقة النووية: “علينا ان نقوم بكل ما نستطيعه، من أجل تعزيز الأمن النووي وتعزيز أكبر قدر من المعايير المتعلقة بالطاقة النووية”.

“اقترحت عقد لقاء عالي المستوى في 22 سبتمبر من هذا العام، لمناقشة موضوع الأمن النووي والسلامة النووية”، وأضاف أن “مؤتمر نيويورك (في سبتمبر) إلى جانب مؤتمر فيينا الذي دعت إليه وكالة الطاقة الذرية في فيينا (في شهر يونيو القادم)، سيكون فرصة لمناقشة كل القضايا الأمنية المتعلقة بالطاقة النووية”.

وأكد بان كي مون أن مؤتمري فيينا ونيويورك “سيمهدان لمؤتمر القمة الثاني حول سلامة الطاقة النووية الذي سيعقد العام القادم في سيول والذي سيحدد العلاقة بين سلامة المنشآت النووية وبين أمن استخدام الطاقة النووية”.    

الأكثر قراءة
السويسريون في الخارج

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية