برلماني سويسري: “ما يحدث في غزة أمر غير مقبول من الناحية الإنسانية”
شارك النائب البرلماني السويسري جوزيف زيزياديس في ثالث حملة لفك الحصار عن غزة ضمن وفد برلماني أوروبي وأدلى لسويس إنفو بشهادته عن معاناة سكان غزة من حصار متعدد الأطراف معبرا عن الأمل في إقامة توأمة بين مستشفيات غزة ومستشفات سويسرية.
وكانت المناسبة ثالث محاولة تقوم بها شخصيات أوروبية وعالمية لفك الحصار عن قطاع غزة وذلك ضمن الوفد البرلماني الأوروبي الذي حل بميناء الصيد في قطاع غزة بحرا يوم السبت 8 نوفمبر وغادره يوم الاثنين 11 نوفمبر الحالي.
في اتصال هاتفي معه قبل عودته لسويسرا، تحدث هذا السياسي الذي ينتمي إلى حزب العمال الشعبي اليساري عن انطباعاته عما شاهده من معاناة سكان غزة من حصار متعدد الأطراف، وعبر عن الأمل في أن تفتح هذه الزيارة الثالثة قناة دائمة لاتصال الغزاويين بالعالم الخارجي وفي أن يتمكن من تحقيق بعض تطلعات العاملين في قطاع الصحة بالإقليم الراغبين في الاستفادة من نظام التكوين السائد في سويسرا.
سويس إنفو: ما هو الانطباع الذي تعود به بعد هذه الزيارة لقطاع غزة ضمن الوفد البرلماني الأوربي لفك الحصار؟
جوزيف زيزياديس: إنه انطباع عن زيارة مضنية من الناحية الإنسانية لأننا تمكنا من مشاهدة الكثير في هذا القطاع. وكل ما كنا نتوقف عليه في كل لحظة كان بمثابة كارثة مترتبة عن هذا الحصار اليومي والذي يؤدي يوما بعد يوم الى مزيد من التعفن والتعقيد مما يتطلب التدخل العاجل لتغيير الأمور وإلا زادت معاناة السكان بشكل مأساوي.
سويس إنفو: وما هو الشيء الذي صدمكم أكثر في هذه الأوضاع الإنسانية؟
جوزيف زيزياديس: إن ما صدمني هو الوضع الصحي ولكن ما صدمني أكثر هو وضع الأطفال الذين يصلون الى المدارس وهم جياع. وأول ما تقوم به منظمة الأمم المتحدة عبر وكالتها لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين هي تقديم وجبة خفيفة “ساندويتش” لهؤلاء التلاميذ لأنه لم يعد لديهم ما يأكلونه في منازلهم. أما من الناحية الصحية هناك نقص في الإمكانيات والتجهيزات في الوقت الذي تتوفر فيه الكفاءات البشرية إذ تفتقر المستشفيات للأدوية والأسـرّة.
وما صدمني أيضا هو زيارتنا لما يسمى بالأنفاق التي أقيمت باتجاه الحدود المصرية والتي حُفر بعضها إلى عمق يفوق في بعض الأحيان 30 مترا من طرف رجال وأطفال لكي يتمكنوا من المرور الى الجانب المصري إما لتمرير البضائع أو الأدوية.
سويس إنفو: كيف تم استقبال زيارتكم للقطاع من قبل أهالي غزة؟
جوزيف زيزياديس: لقد استقبلنا بحفاوة بالغة لأن وصول 15 ممثلا برلمانيا هو بمثابة جرعة أكسجين بالنسبة لسكان غزة وهذا ما تجلى من خلال حفاوة الاستقبال بحيث استقبلنا بالهتافات في كل مكان حللنا به كما تم استقبالنا من قبل كبار المسؤولين وكانت لنا مبادلات مع كل الطوائف السياسية بما في ذلك التيارات التي لا علاقة لها بحركة حماس. وهذا ما ارتحت له شخصيا لأنني تمكنت من مقابلة ممثلي اليسار وممثلي المجتمع المدني. لذلك يمكن القول أننا لم نتعرض لأية عراقيل لمقابلة من نرغب في مقابلته.
سوس إنفو: كيف يحكم سكان غزة على هذا الجمود للمجموعة الدولية، وانتم بعد هذه الزيارة الناجحة لفك الحصار كيف تحكمون على سلبية تحرك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمجموعة الدولية في القيام بما استطعتم القيام به؟
جوزيف زيزياديس: إننا ندرك اليوم بأننا استطعنا فتح خط تضامن نأمل، من يدري، أن تتحول غدا الى خط دائم. لأن الأمر لا يتعلق فقط بحصار إسرائيلي. فانا عندما وصلت الى عين المكان كنت أعتقد بأن الأمر يتعلق فقط بحصار إسرائيلي. وقد وصلت الى المنطقة وأنا واع لكون الحصار الإسرائيلي واقع يومي قوي وواضح للعيان وله تأثيرات كبرى على السكان. ولكن الأمر لا يتعلق فقط بذلك بحيث وجدنا حدودا مغلقة مع مصر. وهو ما يسمح لنا بالحديث عن حصار مصري يضاف الى الحصار الإسرائيلي.
وعندما نرى أن المساعدات الإنسانية تبقى محاصرة في رام الله يمكننا الحديث عن حصار بين الفصائل الفلسطينية. وهذا ما يسمح بالحديث عن ثلاثة أنواع من الحصار ولو أنها تتفاوت من حيث الشدة. وهذا كله له تأثيراته على الحياة اليومية للسكان أيا كانت مواقفهم وانتماءاتهم السياسية. وما يحدث هنا يعتبر امرا غير مقبول من الناحية الإنسانية.
سويس إنفو: فيما يتعلق بهذا التناحر الفلسطيني، كيف يتم تأويل ذلك من قبل أهل غزة؟
جوزيف زيزياديس: هذا يتوقف على انتماءات من تتحدث إليه، فالبعض من أنصار حماس يقولون إن ذلك هو بمثابة عقاب لنا لأننا صوتنا بطريقة تخالف ما كانت ترغب فيه المجموعة الدولية. وعند مقابلتنا لممثلي تيارات ومنظمات أخرى يقولون إن ما تم هو مرحلي وحدث في تصويت قد تليه حملات تصويت أخرى وأنه ليس مؤكدا أن حركة حماس ستفوز في انتخابات ديمقراطية أخرى لأن المجتمع الفلسطيني يحتوي على منظمات مدنية ديمقراطية وان انتصار حماس بالأمس قد يتغير غدا. فحركة حماس لم تحصل على 80% من الأصوات بل إن حركة فتح حصلت على نتائج أعلى منها بكثير ونفس الشيء ينطبق على تيارات اليسار.
سويس إنفو: وكيف يُنظر من قبل سكان غزة إلى حضور سويسرا في المنطقة ولدعمها ومساعداتها الإنسانية؟
جوزيف زيزياديس: سكان غزة يكنون محبة كبرى لسويسرا، من ناحية لأن سويسرا أبقت على برامج تعاونها في القطاع على عكس الدول الأوروبية التي علقت تلك البرامج في قطاع غزة واحتفظت بتلك الموجودة في رام الله. ومن هذا المنطلق توجه المساعدات الإنسانية السويسرية للأشخاص بالدرجة الأولى بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية. ومن هذا المنطلق يمكن القول أن سويسرا تحظى بسمعة طيبة.
سويس إنفو: هل ستكون لهذه الرحلة استمرارية، وهل سيتواصل هذا التجند من أجل سكان غزة بعد عودتكم لسويسرا وبأي شكل؟
جوزيف زيزياديس: لقد طُلب مني إقامة شراكة وتوأمة بين مستشفيات سويسرية ومستشفيات في قطاع غزة. فالأطباء الذين قابلتهم في غزة قالوا لي إنهم لم يعد في وسعهم تنظيم التكوين المستمر لموظفيهم، ولم يعد ممكنا بالنسبة لهم السفر الى الخارج أو الحصول على بعض الأدوية. كما أنهم في حاجة الى إصلاح بعض الأجهزة التي تقادمت وتحتاج إلى قطع غيار. وهذه كلها عمليات بسيطة. وهذا ما سأحاول العمل من أجل تحقيقه خصوصا مسالة التوأمة، لو ما أتيحت لي فرصة مقابلة وزير الصحة على مستوى كانتون فو الذي أنتمي إليه.
سويس إنفو: إذن ما هي الرسالة التي وددتم إبلاغها إلى سكان قطاع غزة وإلى المجموعة الدولية من خلال هذه الرحلة لفك الحصار على قطاع غزة؟
جوزيف زيزياديس: وددنا القول بأننا ضد هذا الحصار لأن هذه المنطقة منطقة سكانية ذات كثافة عالية ويمكن أن تصل الأمور فيها بسرعة إلى حالات تأزم قصوى. وتحذيرنا للمجموعة الدولية هو إذا لم تتخذ الإجراءات الضرورية فإن هذا الحصار قد يؤدي الي كارثة حقيقية.
لقد قمنا بفتح ثغرة صغيرة في هذا الحصار لأنها الرحلة البحرية الثالثة التي يتم تنظيمها، وأملنا ان تُنظم رحلات أكثر في المستقبل. ولكن هذا الخط يجب أن يستمر لأن الحصار مستمر من كل الجوانب الأخرى.
أجرى الحديث عبر الهاتف من جنيف: محمد شريف – سويس انفو
غزة (رويترز) – استأنفت اسرائيل شحنات الوقود إلى قطاع غزة يوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2008 لتنهي توقفا دام أسبوعا للشحنات مما أدى إلى انقطاع الكهرباء في القطاع الواقع تحت سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بعد أن أطلق نشطاء صواريخ عبر الحدود.
لكن منظمة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للامم المتحدة (اونروا) قالت انها ستضطر لوقف توزيع الغذاء على 750 الف من سكان غزة مساء الخميس المقبل ما لم تفتح اسرائيل معابر غزة أمام الامدادات الإنسانية.
وقال كريستوفر جانيس المتحدث باسم المنظمة ان مخازنها ينقصها القمح واللحوم الحليب المجفف وزيت الطعام.
وانقطعت الكهرباء عن نحو نصف سكان غزة ومجموعهم 1.5 مليون نسمة يوم الاثنين 10 نوفمبر عندما أغلقت محطة الكهرباء الوحيدة في القطاع من جراء ما قال مسؤولون فلسطينيون انه نقص في الوقود.
وأوقفت اسرائيل شحنات الوقود التي يمولها الاتحاد الاوروبي لمدة أسبوع ردا على تزايد الهجمات الصاروخية من جانب نشطاء فلسطينيين قالوا انهم يردون على غارة اسرائيلية أسفرت عن مقتل ستة نشطاء في الرابع من نوفمبر تشرين الثاني. وقال الجيش الاسرائيلي ان الغارة كانت تهدف الى احباط خطط متشددين للتسلل عبر الحدود واحتجاز جنود.
وقال عمال فلسطينيون ان أول شحنة وصلت عند مستودع ناحال عوز للوقود.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 11 نوفمبر 2008)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.