بعد إيران، تثير زيارة كالمي – ري للبلقان جدلا جديدا
بينما شرعت وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي - ري في زيارة تدوم خمسة أيام لثلاثة بلدان في منطقة البلقان من بينها كوسوفو، يتساءل المنتقدون عن الدوافع الحقيقية لهذه الزيارة.
وبالإضافة إلى كوسوفو، ستشمل الزيارة البوسنة والهرسك ومقدونيا. لكن المراقبين منزعجون من الاستبعاد المتعمد لصربيا من هذه الزيارة.
وتأتي هذه الزيارة بعد أسبوع فقط من عاصفة الانتقادات التي وجهت إلى الوزيرة في الداخل والخارج لحضورها توقيع اتفاق الغاز السويسري الإيراني بطهران، وارتدائها الحجاب خلال تلك الزيارة.
وأثناء زيارتها إلى برشتينا، عاصمة كوسوفو، تفتتح الوزيرة رسميا السفارة السويسرية هناك، وستكون بالتالي السفارة الأجنبية الثانية، بعد بريطانيا، التي تفتح في هذا البلد الذي أعلن استقلاله في 17 فبراير الماضي. كما أن كالمي – ري هي ثاني وزير خارجية يزور بريشتينا بعد نظيرها السويدي كارل بيلدت.
وبعد عشر أيام فقط من تاريخ الإعلان عن استقلال كوسوفو، انضمت سويسرا إلى الدول التي اعترفت بكوسوفو كدولة مستقلة، وكان قد سبقها إلى ذلك كل من الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة، وألمانيا، ودول أخرى.
ولم يتأخر رد صربيا التي استدعت سفيرها ببرن، واعتبرت الاعتراف “عمل عدائي” ضد سيادتها.
وفي بريشتينا، تلتقي كالمي – ري الوزير الأول هاشم تاتشي والرئيس فادمير سوديو، كما أنه من المنتظر أن تجتمع ببيتر فيث، رئيس إدارة الأمم المتحدة المؤقتة بكوسوفو، وتيم غولديمان، رئيس بعثة منظمة الأمن والتعاون بأوروبا.
ويوما الجمعة والسبت، تزور وزيرة الخارجية جملة من مشروعات التعاون المشتركة بكوسوفو، وتلتقي بالمناسبة الجنود والضباط العاملين ضمن كتيبة “سويس كوي”.
“خطوة متسرعة” أو “خطوة منطقية”؟
ولا يرى ديك مارتي، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ السويسري، أي سبب لاستعجال زيارة وزيرة الخارجية إلى كوسوفو. وقال في تصريح لصحيفة “تاغس أنتسايغر” الصادرة يوم الأربعاء 26 مارس: “بعد الفوز الانتخابي للمعسكر القريب من الغرب في صربيا، كان من المناسب القيام بمبادرة تجاه بلغراد”.
ثم أضاف: “وبدلا من ذلك، تقوم سويسرا والإتحاد الأوروبي بكل شيء من أجل دفع صربيا للارتماء في أحضان روسيا”.
وقد وفرت الزيارة فرصة أخرى ثمينة لحزب الشعب السويسري (يمين متشدد) لكي يهاجم كالمي – ري، إذ قال النائب البرلماني كريستوف مورغلّي في تصريح إلى نفس الصحيفة اليومية الصادرة في زيورخ: “هكذا، سوف تفقد سويسرا جزءً كبيرا من تأثيرها ومصداقيتها كوسيط في منطقة البلقان، تماما مثلما حصل من قبل في منطقة الشرق الأوسط، وحديثا في ما يتعلق بالملف الإيراني”.
لكن ماريو فير، العضو في الحزب الاشتراكي السويسري (يسار) الذي تنتمي إليه السيدة كالمي – ري، قال في حديث لسويس انفو يوم الأربعاء، بأن افتتاح سفارة في بريشتينا “إشارة سياسية مهمة، ودليل على انخراط سويسرا بنشاط في تحقيق السلام والاستقرار في منطقة البلقان”.
ورأى فير في افتتاح سفارة في كوسوفو “خطوة منطقية وطبيعية” باعتبار أن سويسرا قد اعترفت باستقلال كوسوفو، هذا إضافة إلى الإعانات المادية والمساعدات العسكرية، وكون 10% من سكان الإقليم يقيمون في سويسرا.
وقال في هذا السياق: “لا يكفي مجرد الاعتراف بكوسوفو، علينا أيضا أن نتحمّل مسؤولياتنا”، مشيرا إلى أن سويسرا سبق أن اختارت القيام بدور ريادي في كوسوفو، وهي تتمتع بتأثير كبير هناك “وأي طرف اختار القيام بدور ريادي، يحتاج إلى سفارة هناك”.
منطقة تحظى بالأولوية
وقد مثّل سكان دول البلقان الغربية أحد الأولويات بالنسبة للسياسة الخارجية السويسرية منذ بداية التسعينات.
وتبلغ الميزانية المشتركة لكل من وكالة التنمية والتعاون وكتابة الدولة للشؤون الاقتصادية المخصصة لهذه المنطقة 67 مليون فرنك سنة 2008.
وتركز وكالة التنمية والتعاون جهودها في المنطقة على إرساء الديمقراطية ودعم الاقتصاد المحلي، وإصلاح المؤسسات والتشجيع على التنمية المستدامة، وحسن تدبير الموارد الطبيعية. أما كتابة الدولة للشؤون الاقتصادية، فتركز جهودها على الهياكل الأساسية كمرافق المياه والكهرباء.
سويس انفو
تقيم في سويسرا جالية كبيرة من أصول بلقانية، منها 270.000 نسمة قدموا من البلدان التي ستشملها الزيارة الرسمية لوزيرة الخارجية وهي كوسوفو ومقدونيا والبوسنة والهرسك. ويوجد في سويسرا كذلك قرابة 40.000 صربي.
وأعلنت كوسوفو من جانب واحد استقلالها عن صربيا في 17 فبراير الماضي، على إثر فشل المحادثات التي نظمت بمبادرة دولية في التوصل إلى اتفاق ثنائي حول وضع الإقليم.
وبعد عشرة أيام من إعلان الاستقلال، اعترفت سويسرا بالدولة الفتية. ومن المعروف أن وزيرة الخارجية السويسرية، ميشلين كالمي – ري من الداعمين علنا وباستمرار لاستقلال هذا الإقليم.
بدأت كالمي – ري زيارتها الحالية للمنطقة اليوم الخميس 27 مارس 2008، وأول محطة لها ستكون في سراييفو، عاصمة البوسنة والهرسك.
وستقضي الجمعة والسبت في كوسوفو، والأحد والاثنين في سكوبييه عاصمة مقدونيا.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.