بعد فالتر فوست، الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون تدخل عهدا جديدا
اختارت الحكومة الفدرالية يوم الأربعاء 2 أبريل مارتين داهيندن لتولي زمام وكالة التنمية والتعاون ومنحته لقب سفير، خلفا لفالتر فوست الذي بلغ سن التقاعد بعد 15 سنة على رأس إدارة الوكالة.
وسيباشر المدير الجديد، الذي يتمتع بخبرة كبيرة في مجال الاقتصاد وإدارة الأزمات، ومعرفة واسعة بمتطلبات التنمية والتعاون الدوليين مهامه بداية مايو القادم.
خلال تقديمها للمدير الجديد، أعلنت وزيرة الخارجية ميشلين كالمي – ري أن “عهدا جديدا قد بدأ”، وأن الحكومة، باختيارها لمارتين داهيندن، قد أعطت الأولوية للانضباط وحسن الإدارة، وأن المسؤولية الملقاة على عاتق المدير الجديد تتمثل في “جعل وكالة التنمية والتعاون أكثر فعالية، وأكثر عملية”.
وذكرت الوزيرة خلال ندوة صحفية عقدت في برن يوم 2 أبريل الجاري بخبرة المدير الجديد الذي فضلا عن توليه إدارة الموارد بوزارة الخارجية منذ سنة 2004، سبق أن عمل كمسؤول دبلوماسي في نيجيريا، و”تولى مسؤولية العلاقة مع منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في مرحلة التحولات الكبرى التي شهدتها أوروبا الشرقية”.
لكن المنظمات غير الحكومية استقبلت الخبر بشيء من التحفظ، وذكّرت على لسان بيتر نيغلي، مدير “تحالف الجنوب”: “بأن المساعدات التي تقدمها الحكومة موجهة لتلبية متطلبات الدول النامية، وليس لخدمة الاقتصاد السويسري، أو العلاقات الخارجية لهذا البلد”.
ودعا بيتر نيغلي المدير الجديد إلى العمل على مقاومة الضغوط السياسية المتنامية الساعية إلى الحد من المساعدات، وتمنى عليه التمسك بالسياسات التى اعتمدتها وكالة التعاون في عهد سلفه فالتر فوست.
تحديات جسيمة
ويرى المراقبون أن ما يتمتع به مارتين داهندن من تجربة ومؤهلات وما يتميّز به من هدوء وقدرة على العمل مع الآخرين، ربما يجعله رجل المرحلة لمواجهة التحديات التي ستكون الوكالة على موعد معها قريبا.
وسيكون أول عمل مطلوب القيام به إعادة ترتيب البيت الداخلي، وتكوين فريق عمل منسجم، خاصة وأن رومو غوشّي، الرجل الثاني في الوكالة، يغادر مهامه مع نهاية شهر مايو، كما غادر الوكالة بداية هذه السنة أيضا أدريان شلافر، رئيس قسم التعاون الثنائي من أجل التنمية، والذي أصبح سفيرا لبلاده في تانزانيا.
وسيكون على المدير الجديد الدفاع أمام مجلس النواب عن الخطة الجديدة للتعاون من أجل التنمية التي تزعم الوكالة تنفيذها خلال الأربع سنوات القادمة، وعليه أن ينتظر عاصفة من الانتقادات من مختلف الجهات.
فالنواب، خاصة من حزب الشعب، يرون أن الوكالة لا تنضبط في الغالب للسياسات التي يضعها المجلس والحكومة، وأن الخطط التي تضعها إدارة الوكالة تتصف بالعمومية، وأنها لا تنسق أعمالها بالقدر الكافي مع المؤسسات الأخرى العاملة في مجال مساعدات التنمية، ككتابة الدولة للشؤون الاقتصادية أو المنظمات غير الحكومية.
كذلك يتهم حزب الشعب (يمين متشدد) إدارة الوكالة وبرامجها بمحدودية الجدوى وعدم الفاعلية، وأن أموال دافعي الضرائب تنفق لصالح حكومات فاسدة وأجهزة بيروقراطية. وتطالب فئة من النواب بربط المساعدات من أجل التنمية بتحقيق المصالح الوطنية، وفي مقدمتها الحد من نسبة المهاجرين، وقبول الدول المستفيدة بإبرام اتفاقيات لاستعادة رعاياها المهاجرين.
على المستوى الدولي
هذا على المستوى الداخلي، أما على المستوى الدولي، يرى المراقبون أن على الإدارة الجديدة الاستعداد للتعامل مع التغييرات التي طرأت على الساحة الدولية، وأن تعي بدقة متطلبات المرحلة التي لم تعد كما كانت من قبل، فقد خفت النزاعات بين الدول، لكنها ازدادت حدة داخل حدود الدولة الواحدة. وتعاظمت الكوارث الطبيعية نتيجة الاحتباس الحراري، وسوء استعمال الثروات الطبيعية. وعلى مارتين داهيندن وإدارته الجديدة إعادة ترتيب أولويات وكالة التعاون في ضوء هذه المستجدات.
ومن التحديات الرئيسية في هذا المجال أيضا المساعدة في تخفيف آثار النزاعات طويلة الأمد التي لم تجد حلولا منذ عقود من الزمن كالصراع في الشرق الأوسط، وقضية دارفور، وكذلك المعضلات التي تهدد الحياة البشرية والكائنات الحية الأخرى، كندرة المياه، وانقراض أنواع كثيرة من النباتات والحيوانات.
وإذا كانت مواجهة هذه التحديات تتطلب رصد المزيد من الموارد، فإن جدوى وفعالية تلك الموارد مرهون باحترام القواعد الأساسية للمساعدات الإنسانية وللإعانات من أجل التنمية، ومن ذلك الحفاظ على مبادئ الاستقلالية والحياد واحترام سيادة الدول.
هذه التحديات تتطلب شخصية قادرة على التعاون مع جميع الإطراف النشطة في مجال المساعدة من أجل التنمية في داخل سويسرا وخارجها. ومن المنتظر، حسب ما يعتقد المتابعون، أن لا تكون مهمة المدير الجديد سهلة، خاصة في ضوء التجاذبات السياسية الداخلية المتشابكة، والتحديات الدولية المتعاظمة.
سويس انفو – عبد الحفيظ العبدلي
اختارت الحكومة الفدرالية مارتين داهيندن، البالغ من العمر 53 سنة، لخلافة فالتر فوست على رأس الوكالة السويسرية التنمية والتعاون.
والمدير الجديد الخبير في المجال الاقتصادي، سبق أن ترأس مركز نزع الألغام المضادة للإنسان ومقره بجنيف، وتولى إلى حد الآن قسم الموارد وشبكة السفارات والقنصليات التابعة لوزارة الخارجية.
وتمثلت مهمته في ضمان حسن سير العمل في تلك المؤسسات، ومن هذا الموقع، أشرف على معالجة مشكلات الفساد التي ارتبطت بمنح تأشيرات دخول لسويسرا في السفارات، وخاصة في باكستان.
ولِـد مارتين داهيندن بزيورخ سنة 1955، وعمل في السلك الدبلوماسي إلى حين تم تعيينه في مهامه الحالية بوزارة الخارجية.
وخلال مشواره الوظيفي، عمل في جنيف ضمن الوفد السويسري لدى منظمة “الغات” قبل أن تصبح منظمة التجارة العالمية، وكذلك بسفارة سويسرا في باريس، وسفارة سويسرا في لاغوس بنيجيريا، ثم ببعثة المراقبين الدائمين بمقر الأمم المتحدة في نيويورك.
كما عمل مارتين داهيندان رئيسا لقسم سياسة نزع السلاح وقضايا انتشار التسلح النووي بمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، ثم نائب رئيس للبعثة السويسرية لدى الحلف الأطلسي ببروكسل. وقبل التحاقه بالعمل الدبلوماسي، عمل داهيندن كأستاذ بجامعة زيورخ وكموظف بمصرف محلي.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.