تحديات جديدة تواجه احترام القانون الإنساني في ظل تنامي الثورات الشعبية
يتناول المؤتمر الدولي لحركة الهلال والصليب الأحمر موضوع احترام القانون الانساني الدولي، على ضوء تفاقم الصراعات والانتفاضات المسلحة والكوارث الطبيعية وعدم احترام المتطوعين وعمال الإغاثة والمرافق الطبية.
ويأتي تناول الموضوع في وقت تتعالى فيه أصوات شعوب تنادي بحماية دولية، حتى من أنظمتها الحاكمة.
يُجمع شركاء الحركة الدولية للهلال والصليب الأحمر على القول بأن التحديات التي تواجه تطبيق القانون الانساني الدولي، عرفت تزايدا خلال السنوات الأخيرة، وهذا ما دفع الحركة بمكوناتها المتمثلة في اللجنة الدولية للصليب الأحمر والفدرالية الدولية لجمعيات الهلال والصليب الأحمر وحوالي 187 جمعية هلال او صليب أحمر في مختلف بلدان العالم، لتخصيص المؤتمر المنعقد في جنيف ما بين 28 نوفمبر و 1 ديسمبر، لمعالجة هذه التحديات.
عراقيل الوصول للعلاج
من النقاط التي سيركز عليها مؤتمر حركة الهلال والصليب الأحمر، كيفية ضمان وصول الاسعافات الطبية للمتضررين في الصراعات المسلحة أو باقي الاحداث العنيفة، وهو ما وصفه المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر إيف داكور بـ “إحدى الكوارث الانسانية الكبرى”.
أما رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر جاكوب كيللنبيرغر، فيشدد على أن “هناك الكثير من الناس الذين يموتون من جراء تسبب الصراعات المسلحة او أعمال العنف في عرقلة وصول المساعدات الطبية إليهم أو لأن الأطباء والممرضين او المستشفيات، يُستهدفون مباشرة بالقصف”.
وهذا ما ترغب حركة الهلال والصليب الأحمر في تجنيد كل الامكانيات لمعالجته خلال فترة الأربع سنوات القادمة، أي من الآن وحتى انعقاد المؤتمر القادم، إذ كما أوضح المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر أيف داكور في ندوة صحفية في جنيف يوم الاثنين 21 نوفمبر “على المشاركين في المؤتمر اعتماد قرار يسمح باتخاذ مبادرة تحاول معالجة هذه الأولوية العالمية خلال الأربع سنوات القادمة”.
وقد تم التمهيد لهذه المبادرة بإعداد دراسة قامت بها اللجنة الدولية للصليب الأحمر وتناولت فيها تحليل حوالي 650 حادث وقع في 16 دولة، وهي الدراسة التي توصلت الى خلاصة أن التحديات التي تعترض وصول المتضررين لوسائل العلاج أثناء الصراعات المسلحة والاضطرابات العنيفة، متعددة وأنه من مخلفات ذلك، تعرض ملايين الأشخاص للخطر، سواء في افغانستان او كولومبيا او ليبيا او الكونغو الديمقراطية.
حماية السجناء في الصراعات الداخلية
كما ستهتم حركة الهلال والصليب الأحمر في مؤتمرها بكيفية تعزيز القانون الانساني الدولي، لتحسين حماية المعتقلين والسجناء. وإذا كانت الحركة تشدد على أن القانون الانساني الدولي الساري المفعول يبقى الركيزة الأساسية لأية حماية، فإنها تعترف بأن هناك حاجة ماسة لتحسين كيفية التعامل مع المعتقلين والأسرى في الصراعات الداخلية.
وقد أظهرت الانتفاضات المتعددة، التي شهدتها عدة مناطق في العالم العربي في الآونة الأخيرة، مدى حساسية معاملة الأسرى والمعتقلين، سواء من قبل الأنظمة السابقة او من قبل القوى السياسية الناشئة في تلك البلدان.
وقد تمت في الندوة الصحفية، وفي رد على تساؤلات الصحفيين، إثارة حالات سوريا وليبيا، إذ أشار المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر الى أن “اللجنة الدولية للصليب الأحمر لم تحصل من السلطات السورية على الترخيص المرجو وبالشروط التقليدية للحركة، من أجل القيام بزيارة واسعة لمراكز الاعتقال وأن زيارات مبعوثي اللجنة الدولية، تقتصر في الوقت الحالي على السجن المركزي في دمشق”. وأشار السيد داكور الى أن “المفاوضات ما زالت مستمرة مع السلطات السورية في دمشق وأن رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر جاكوب كيللنبيرغر على استعداد لزيارة دمشق قريبا، إذا اقضت الضرورة ذلك”.
عن ليبيا، أشار المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر إلى “ضرورة السماح للصليب الأحمر بزيارة سيف الإسلام القذافي”، الذي تم اعتقاله يوم السبت 19 نوفمبر . واشار الى أن “اللجنة الدولية للصليب الأحمر تقدمت بطلب في هذا الاتجاه وأن الاتصالات مع المجلس الوطني متواصلة وقد تحصل على ترخيص بذلك قريبا”.
الاعتراف بدور المتطوعين وضرورة تعزيز حمايتهم
يعتزم مؤتمر حركة الهلال والصليب الأحمر تسليط الأضواء عموما على عمل المتطوعين والتشديد بالخصوص على ضرورة حمايتهم أثناء تأدية عملهم في مناطق الصراعات والكوارث الطبيعية لنجدة المتضررين، خصوصا وأن العديد منهم سقطوا ضحايا أثناء تأديتهم لعملهم الانساني، سواء في ليبيا او السودان او باكستان.
فالحديث عن المتطوعين يعني أكثر مليار شخص في العالم وحوالي 13 مليون متطوّع فقط في الجمعيات الوطنية للهلال والصليب الأحمر. أما عن تقييم العمل الذي يقومون به، فتشير الدراسة التي قامت بها حركة الهلال والصليب الأحمر الى أن “مجموع نشاط المتطوعين في العالم في عام 2009 ، قُدر بحوالي 6 مليار دولار أمريكي”.
وكما قال بيكيلي غيليطا، الأمين العام للفدرالية الدولية لجمعيات الهلال والصليب الأحمر “إن متطوعي جمعيات الهلال والصليب الأحمر يكونون في بعض الصراعات الممثلين الوحيدين لمنظمات الاغاثة الانسانية في الميدان، وهم أثناء قيامهم بعملهم الانساني لإنقاذ الضحايا، إنما يعرضون أنفسهم في بعض الأحيان للخطر، لذلك يتطلب الأمر الاعتراف بعملهم وتوفير الحماية الضرورية لهم، لتمكينهم من القيام بعملهم بدون خوف على حياتهم”.
ليس المكان المناسب لمناقشة حق التدخل الانساني
اختيار حركة الهلال والصليب الأحمر للتركيز على مناقشة كيفية تعزيز الحماية بموجب القانون الانساني الدولي، يأتي في وقت تصاعدت فيه أصوات شعوب تنادي بحق التدخل لحماية المدنيين، مثلما هو الحال في سوريا ومن قبلها في ليبيا، وقبل ذلك بكثير في فلسطين ومناطق أخرى، وهو ما يذكر بالنقاش الذي اثير من قبل حول “حق التدخل الانساني”.
لكن إصدار صيحات الاستغاثة لحماية المدنيين، هل لأن المستغيثين لم يعودوا يأملون في رؤية أنظمتهم الموقعة على المعاهدات الدولية تستجيب بشكل من الأشكال لمتطلبات القانون الانساني الدولي والمتضمن في تلك المعاهدات؟ وما الفائدة من إضافة بنود لقوانين لا تُحترم أساسا من قبل الأنظمة الموقعة؟
تساؤلات طرحتها swissinfo.ch على ممثلي حركة الهلال والصليب الأحمر في ندوتهم الصحفية يوم 21 نوفمبر في جنيف. فكان جواب المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر إيف داكور “إنه من الضروري مراجعة الأوضاع بحضور الجميع لمعرفة مدى احترام المعايير او عدم احترامها وأن لا نقتصر على عمليات الإدانة أو الجدل حول من يتحمل المسؤولية، حتى ولو أن عملية الإدانة مفيدة في بعض الأحيان”.
ويرى المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر أن “الاجتماع لا يهدف الى إضافة بنود جديدة للقانون الانساني الدولي … بل العمل على تحسين كيفية احترام البنود الموجودة”
وبخصوص ما إذا كان النقاش الحالي يعيدنا الى نقاش “الحق في التدخل الانساني؟”، قال مدير القسم القانوني باللجنة الدولية للصليب الأحمر فيليب شبوري “مؤتمر حركة الهلال والصليب الأحمر حول القانون الانساني الدولي، ليس المكان المناسب لمناقشة حق التدخل، لأن ذلك من المواضيع التي أرى أنها تُناقش في نيويورك بالدرجة الأولى. ولكن مع ذلك، سنتطرق في إحدى لجان المؤتمر عند مناقشة برنامج العمل، لموضوع العمل الانساني وحق تقديم المساعدة، وهو موضوع مهم، لأنه حتى ولو أن الدول ما زالت تتحكم في العديد من الأمور باسم السيادة، فإن هناك العديد من المعايير في القانون الانساني الدولي، التي تحثها على السماح للجمعيات الانسانية الوطنية والدولية بتقديم المساعدة، وهذا ما نريد تحريكه”.
وعما إذا كان العالم يسير نحو فشل في احترام القانون الانساني الدولي، يقول الأمين العام للفدرالية الدولية لحركة الهلال والصليب الأحمر بيكيلي غيليطا “يمكن القول أن العالم يسير في الاتجاه الحسن، عندما نرى أن شعوبا تثور بالتظاهر في الشوارع للمطالبة بالتغيير والكرامة والمشاركة في الحكم وتسحين ظروف العيش، ليس فقط في العالم العربي، وهي المظاهرات التي تكون فيها جمعيات الهلال والصليب الأحمر في بعض الأحيان المنظمات الإنسانية الوحيدة المتواجدة في الميدان”.
ينعقد ما بين 28 نوفمبر و 1 ديسمبر 2011 في جنيف، وهو مؤتمر دوري ينعقد كل أربعة أعوام.
هدفه مراجعة معايير وبنود القانون الانساني الدولي على ضوء التطورات الحاصلة
يشارك فيه هذه السنة حوالي 2000 مشارك من مختلف مكونات حركة الهلال والصليب الأحمر التي تتشكل من اللجنة الدولية للصليب الأحمر والفدرالية الدولية لجمعيات الهلال والصليب الأحمر والجمعيات الوطنية للهلال أو الصليب الأحمر والتي تمثل 187 جمعية.
من المواضيع التي سيركز عليها مؤتمر هذه السنة:
– الحد من استهداف طواقم الاسعاف أثناء الصراعات المسلحة والاضطرابات الداخلية.
– تحسين ظروف زيارة السجناء والمعتقلين.
– الإعتراف بدور المتطوعين وتأمين ظروف عملهم.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.