تفجيرات كوريا الشمالية تُـثير عاصفة دبلوماسية
أطلقت كوريا الشمالية الجمعة 29 مايو صاروخا قريب المدى قبالة سواحلها الشرقية بعد قيامها في مطلع الاسبوع بتجربة نووية وإطلاق خمسة صواريخ، على ما أفادت وكالة الانباء الكورية الجنوبية (يونهاب) الجمعة. وأطلقت الصواريخ الخمسة البالغ مداها 130 كلم بين الاثنين والاربعاء من سواحل البلاد الشرقية. كما هددت بيونغ يانغ الاربعاء بمهاجمة كوريا الجنوبية.
واعتبر خبير أمني سويسري، أن التجربة النووية التي قامت بها كوريا الشمالية يوم 26 مايو، تُـمثل محاولة لتعزيز قدرتها التفاوضية وجلب واشنطن للجلوس إلى المائدة لإجراء محادثات ثنائية. وفي تصريحات لـ swissinfo.ch، قال فيكتور ماورر، نائب مدير مركز الأبحاث الأمنية في المعهد التقني الفدرالي العالي في زيورخ: “إن الصين ستلعب دورا محوريا في أي حلٍّ”، يُـمكن أن يُـتوصّـل إليه.
وكانت سويسرا انضمّـت إلى الأصوات التي تعالت من شتى أنحاء العالم، لإدانة التجربة النووية الثانية لكوريا الشمالية يوم الاثنين الماضي، وكان النظام الشيوعي الحاكم في بيونغ يانغ قد فجّـر قنبلته النووية الأولى في عام 2006 وسط انزعاج دولي واسع. وقالت وزارة الخارجية في بيانها: “إن سويسرا مقتنعة بأنه لا يُـمكن حلّ المسألة النووية لكوريا الشمالية، إلا بواسطة المفاوضات والدبلوماسية”، وأضافت “في هذا الصدد، تدعم (برن) استئناف المحادثات بين الأطراف الستة”.
ويوم الجمعة 29 مايو قال متحدث باسم وزارة الخارجية في كوريا الشمالية إن بلاده ستتخذ “إجراءات للدفاع عن النفس” إذا عاقب مجلس الامن التابع للأمم المتحدة بلاده على التجربة النووية التي أجرتها بداية هذا الاسبوع وقوبلت بإدانة دولية وتحرك سريع من مجلس الأمن لاصدار قرار جديد ضد بيونغ يانغ.
ونقلت وكالة الأنباء الكورية المركزية عن المتحدث الكوري الشمالي قوله “إذا أقدم مجلس الامن الدولي على أي استفزازات أخرى لن يكون أمامنا خيار سوى اتخاذ اجراءات اضافية للدفاع عن النفس”. ولم تقدم المزيد من التفاصيل.
وأضاف المتحدث “أي عمل عدائي من قبل مجلس الامن الدولي سيعني الغاء اتفاقية الهدنة” التي أنهت الحرب الكورية بين عامي 1950 و1953 والتي قالت كوريا الشمالية بالفعل إنها ماتت. وصرح بأن بلاده لها الحق كدولة ذات سيادة في اجراء اختبارات صواريخ وتجارب نووية دون أن تنتهك البروتوكولات الدولية.
وكانت كوريا الشمالية قد بدأت محادثات متعدِّدة الأطراف بخصوص برنامجها النووي في عام 2003، مع كل من كوريا الجنوبية والولايات المتحدة واليابان وروسيا والصين، لكن بيونغ يانغ انسحبت من أية اتفاقيات، بعد أن شدّدت الأمم المتحدة عقوباتها المفروضة على كوريا الشمالية، في أعقاب إطلاق صاروخي نُـفِّـذ في أبريل من العام الجاري.
على صعيد آخر، يُـعتقد أن التجربة النووية الكورية الشمالية الجديدة، قد تؤدّي إلى توتّـر في العلاقات مع الصين. فالبلدان ظلاّ حليفين على مدى عشرات السنين، حيث قاتل جنود صينيون إلى جانب كوريا الشمالية أثناء الحرب بين الكوريتين (1950 – 1953)، كما أن الصين لا زالت المصدر الأساسي للمساعدات الغذائية وإمدادات الوقود والدعم الدبلوماسي للبلد.
وفي تطوّر لافتٍ، كرّر المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية يوم الثلاثاء 27 مايو، ما جاء في بيان سابق من أن بكين “تُـعارض بشدة” الاختبار النووي، وحثّ بيونغ يانغ على العودة إلى المفاوضات، التي سبق أن وافقت خلالها على تفكيك برامجها النووية.
سويس انفو: ندّدت حكومات عديدة في العالم، من بينها سويسرا، التجربة النووية الأخيرة لكوريا الشمالية. هل يكفي هذا؟
فيكتور ماورر: نظرا لأن التجربة النووية تُـعتبر انتهاكا للقانون الدولي وتُـهدِّد السِّـلم والاستقرار، إقليميا ودوليا، أعتقد أننا سنشهَـد المزيد من (التحرك)، أقلّـها، لأن الصينيين مستاؤون بنفس القدر الذي عليه البلدان الأخرى.
من المحتمل جدا أن نرى المزيد من العقوبات تُـفرض على كوريا الشمالية، لكنه من غير الواضح ما إذا كان بإمكانها أن تُـقنِـع البلد بالعودة مجددا إلى المحادثات المتعلِّـقة بوضع حدٍّ لبرنامجه النووي.
سويس انفو: يبدو أنه من المستبعد أن تعود كوريا الشمالية إلى المحادثات المتعدِّدة الأطراف..
فيكتور ماورر: بل بالعكس، فقد أعلن الكوريون الشماليون قبل بضعة أسابيع، أن المحادثات التي تشارك فيها ستة أطراف، ليس لها مستقبل. في المقابل، يسعى النظام في كوريا الشمالية إلى إجراء محادثات ثنائية مع الولايات المتحدة.
سويس انفو: لماذا أقدمت كوريا الشمالية على القيام بتجربة نووية أخرى، ولماذا الآن؟
فيكتور ماورر: أولا وقبل كل شيء، يُـعتبر اختبار قنبلة نووية بقوّة تفجير موازية للقنابل النووية، التي أسقِـطت على اليابان خلال الحرب العالمية الثانية، محاولة لإقامة الدليل على القدرة النووية، التي اكتسبها البلد على مدى الأعوام الماضية.
ثانيا، يُـؤمِّـل النظام الحاكم في كوريا الشمالية في اكتساب المزيد من الأوراق، وخاصة عندما تبدأ مفاوضات مع الأمريكيين، من أجل الضغط مثلا، للحصول على المزيد من المساعدات الاقتصادية أو التنازلات الدبلوماسية. هذه مسألة مهمّـة جدا، خصوصا في ظلِّ الوضع البائس (الصّـعب)، الذي توجد فيه كوريا الشمالية.
السؤال المِـحوري يتمثل الآن في معرفة ما إذا كان بالإمكان أن يتفق الأمريكيون والصينيون على انتهاج سياسة مُـشتركة، في الوقت الذي يشعُـر فيه الصينيون والأمريكيون بنفس القدر من الغضب، لا ترغب بكين برؤية نظام كوريا الشمالية ينهار، لأن ذلك يُـمكن أن يؤدّي إلى توحيد الكوريتين وتمركُـز قوات أمريكية على حدودها المباشرة، وهو ما يعني بالنتيجة، إلحاق الضرر بموقـِعها في المنطقة.
سويس انفو: هل كانت تجربة الاثنين 26 مايو، مفاجِـئة لك؟
فيكتور ماورر: لا، أبدا، لقد كانت متوقّـعة. فعندما تعطّـلت المفاوضات واتّـخذت كوريا الشمالية قرارا بعدم استئناف المحادثات، التي تشارك فيها ستة أطراف، والسير في الطريق بمفردها، كانت المسألة مجرّد مسألة وقت.
سويس انفو: تِـقنيا، ما هو حجم التقدّم الذي أحرزته كوريا الشمالية؟
فيكتور ماورر: فيما يتعلق بإجراء الاختبارات، يبدو أنهم قد قطعوا خطوة مهمّـة إلى الأمام، لكن السؤال المحوري هو: ما إذا كانوا ومتى سيُـصبحون في موقع يُـتيح لهم وضع قنبلة نووية على سلاح قابل للانتشار؟
سويس انفو: ما هو احتمال استخدامهم للقنبلة النووية، إذا ما أتيحت الفرصة؟
فيكتور ماورر: إنها محدودة جدا. أولا وقبل كل شيء، يُـنتظر أن يتم استخدامها كوسيلة ردع، لكنهم لن يقوموا بنشرها. ومن جهة ثانية، يُـمكنهم التهديد بالعمل على انتشارها (أي الأسلحة النووية)، وهذا هو الخطر الحقيقي.
طوماس ستيفينس – swissinfo.ch
تشغل سويسرا، بالإضافة إلى السويد، منصب عُـضو في لجنة الإشراف، التي تتأكّـد من احترام بنود الهُـدنة بين الكوريتين.
إثر نشوب المجاعة في التسعينات، كانت سويسرا من أول البلدان التي قدّمت مساعدات إنسانية إلى بيونغ يانغ.
إثر ذلك، كانت سويسرا البلد المانح الوحيد، الذي حوّل مساعداته الإنسانية إلى برنامج تنموي على المدى الطويل، وتُـشرف الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون على إدارة هذا البرنامج.
يهتمّ القسط الأكبر من البرنامج تحديدا، بتطوير الإنتاج الزراعي، لكنه يهدف أيضا إلى إدماج كوريا الشمالية في المجموعة الدولية.
وُجِّـهت انتقادات شديدة لبرنامج التعاون السويسري في البرلمان، وتقرّر أن يوضع حدّ له في موفى عام 2011.
قضّـى كيم يونغ أون، الإبن الثالث للرئيس الكوري الشمالي، كيم يونغ إيل، والذي يعتقد الكثير من المراقبين أنه سيخلف والده، بضع سنوات في مدرسة قرب برن.
يشغل منصب نائب مدير ورئيس أبحاث في مركز الدراسات الأمنية في زيورخ.
درس العلوم السياسية والتاريخ والقانون الدولي والعلاقات الدولية في جامعات، بون وأكسفورد وكامبريدج.
تشمل مجالات تخصُّـصه، الأمن الأوروبي والاندماج الأوروبي وحلف شمال الأطلسي والعلاقات الأطلسية والسياسة الخارجية الألمانية، إضافة إلى الحرب الباردة.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.