توجه دولي لمحاربة تهريب منتجات التبغ والإتجار غير المشروع فيها
بعد مرور حوالي أربعة أعوام على اعتماد الاتفاقية الإطارية بشان مكافحة التبغ، تتجه جهود المجموعة الدولية إلى محاربة تهريب منتجات التبغ وبالأخص باتجاه أسواق البلدان النامية، وهي ظاهرة خطيرة تفاقمت في الآونة الأخيرة بسبب تحايل بعض المنتجين لهذه المادة.
وكان مؤتمر الأطراف في اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ قد اختتم أعماله، يوم 22 نوفمبر الماضي في دوربان بجنوب أفريقيا بعد أن تمكّنت هذه التظاهرة التي حضرها أكثر من 600 مندوب ينوبون عن 130 طرفاً في الإتفاقية (بالإضافة إلى ممثّلين عن دول غير أعضاء ومراقبين آخرين)، من تحقيق جملة من الخطوات في المعركة القائمة ضد ما أصبحت منظمة الصحة العالمية تسميه “وباء التبغ العالمي” الذي سيؤدي، حسب التقديرات، إلى وفاة نحو 5 ملايين نسمة أو أكثر في عام 2008 لوحده.
ومن أهم القرارات المتمخضة عن الاجتماع الثالث للدول الأعضاء في الإتفاقية “تمهيد الطريق أمام إبرام بروتوكول لمحاربة التهريب والمتاجرة غير المشروعة بمنتجات التبغ”، مثلما صرح هايك نيكوغوسيان، رئيس سكرتارية الاتفاقية الإطارية بشان مكافحة التبغ في ندوة صحفية عقدت في جنيف صباح الثلاثاء 16 ديسمبر 2008. وسيعرض هذا البروتوكول على المصادقة في مؤتمر الدول الأعضاء في المعاهدة الذي ستحتضنه يورغواي في عام 2010.
بروتوكول بدلا من توصيات
بعد انضمام 160 دولة إلى الإتفاقية الإطارية بشأن مكافحة التبغ في فترة زمنية لا تزيد عن أربعة اعوام، بدأت المجموعة الدولية تواجه تنامي ظاهرة تهريب منتجات التبغ، كما تحول اهتمام المهربين إلى أسواق المستهلكين في الدول النامية، تفاديا لتشديد الإجراءات والقوانين المتعلقة بشروط البيع والترويج لمنتجات التبغ في البلدان المتقدمة.
وقد عالج المؤتمر الثالث للدول الأعضاء المنعقد في جنوب إفريقيا هذه الظاهرة بمواصلة التركيز على ضرورة إبرام بروتوكول لمحاربة التهريب بعد أن احتضنت جنيف جلستين لهيئة التفاوض الحكومية الدولية المعنية بالاتجار غير المشروع بمنتجات التبغ (من 11 إلى 16 فبراير 2008 ومن 20 إلى 25 أكتوبر 2008) خصصتا لبلورته ومناقشته.
ويرى هايك نيكوغوسيان، رئيس سكرتارية المعاهدة أن “موافقة الدول الأعضاء على ضرورة تحضير بروتوكول بدل الاكتفاء بتوصيات معناه أن الدول الأعضاء تشعر بمسؤولية سياسية كبرى لمعالجة ظاهرة التهريب والمتاجرة غير الشرعية بمنتجات التبغ”.
وجدير بالذكر أن ظاهرة التهريب تكلف الحكومات خسارة رسوم تتراوح قيمتها ما بين 40 و 50 مليار دولار أمريكي، كما أن التدخين يؤدي سنويا إلى وفاة 5 ملايين شخص على ألأقل. وتقول منظمة الصحة العالمية إن “عدد الوفيات قد يتضاعف من الآن حتى عام 2020 إذا ما لم يتم اتخاذ إجراءات للحد من ذلك”.
اختلافات حول الأساليب
وحسب السيد هايك نيكوغوسيان، فإن من بين الاختلافات التي ما زالت تقف عقبة بوجه إبرام بروتوكول دولي لمحاربة تهريب منتجات التبغ “الإتفاق بخصوص فاعلية وقابلية نظام المحاربة للتطبيق، وما إذا كان الأمر يتعلق بابتكار نظام عالمي جديد ملزم ليس فقط على مستوى البلد الواحد بل يرغم الدول على التعاون فيما بينها لمواجهة الظاهرة”.
كما أن من بين المشاكل التي لا زالت عالقة المسائل المرتبطة بـ “كيفية التنسيق بين مختلف أنظمة الجمارك في الدول الأعضاء لمحاربة عملية التهريب، لأن كل دولة تتمسك بنظامها الجمركي والضريبي”، على حد قول السيد هايك.
الشركات تضغط .. وتتدخل
ويعترف الساهرون على تطبيق بنود الاتفاقية الإطارية بشأن مكافحة التبغ بأن شركات الإنتاج – التي تشارك في عمليات التقنين إلى جانب الساهرين على القطاع الصحي – تحاول ممارسة الضغط من أجل تفادي الإجراءات التحديدية المتشددة.
وقد شهد اجتماع دوربان بعض الممارسات من هذا القبيل حيث قامت شركات كبرى مثل “فيليب موريس”، و”جابان توباكو”، و”بريتيش أمريكان توباكو” بمحاولة تحرير بعض القوانين الخاصة بمحاربة التدخين، أو عرقلة الإجراءات المناهضة للتدخين أو التحايل على القوانين الخاصة بتقنين الدعاية لفائدة منتجات التبغ. وهو ما دفع الساهرين على تنظيم المؤتمر إلى إصدار بيان مستنكر في بداية أشغاله أشار إلى أن “تدخل شركات إنتاج التبغ هو العائق الأول في وجه تطبيق بنود المعاهدة”.
وفي ردّ على سؤال لسويس إنفو عما إذا كان تطبيق بنود المعاهدة قد أدى بشركات الإنتاج الى التحول إلى ممارسة ضغوط أكثر وإلى التحايل من أجل مواصلة الحفاظ على أسواقها، أجاب السيد هايك نيكوغوسيان بالقول: “الملاحظ أن هذه الشركات لم تضاعف ضغوطها فقط بل حولت اهتمامها من البلدان المتقدمة إلى أسواق البلدان النامية في الجنوب حيث يتم تطبيق القوانين بطريقة أقل صرامة. وهذا ما ننتقده”.
وأضاف السيد هايك “كما أن هناك عنصرا آخر هو ضخامة السوق المتوفرة في بلدان الجنوب، وهو ما دفع هذه الشركات الى تطوير طريقة ترويجها لمنتجاتها في تلك الأسواق”.
وعلى الرغم من أن المعاهدة تنص على ضرورة مساهمة جميع الدول الأعضاء في عملية محاربة التدخي، إلا أنه يبدو أن المشاكل الناجمة عن التدخين بصدد التحول شيئا فشيئا من المجتمعات المتقدمة نحو مجتمعات الدول النامية.
سويس إنفو – محمد شريف – جنيف
اعتمد مؤتمر الأطراف مبادئ توجيهية شاملة لمساعدة بلدان العالم على تحقيق ما يلي:
– حماية سياساتها الصحية العمومية من تدخل دوائر صناعة التبغ وما تشنّه من حملات شرسة من أجل تسويق منتجات التبغ باستهداف الأطفال والعالم النامي بالدرجة الأولى، وما تبذله من جهود دؤوبة من أجل تأجيج التنازع بين الربح والصحة.
– ضمان بلورة حقيقة الآثار الناجمة عن تعاطي التبغ بشكل ملائم لدى تغليف وتوسيم منتجات التبغ، بما في ذلك استعمال تحذيرات مصورة يمكن لأقلّ أعضاء المجتمع إلماماً بالقراءة فهمها على جناح السرعة.
– حظر الإعلان عن منتجات التبغ والترويج لها ورعايتها على الصعيد الوطني وعبر الحدود، علماً بأنّ تلك العمليات تؤدي، حسب بيّنات علمية دامغة، إلى زيادة معدلات تعاطي التبغ، لاسيما بين الأطفال والشباب.
كما تناول المؤتمر العلاقة القائمة بين التبغ والفقر وأنشأ، في هذا الصدد، فريقاً عاملاً يُعنى باستكشاف بدائل زراعة التبغ القابلة للإستدامة من الناحية الاقتصادية وتقديم توصيات بشأن الخيارات السياسية ذات الصلة، وتم كذلك إنشاء فريق عامل آخر يُعنى بوضع مبادئ توجيهية بشأن الإعتماد على التبغ والإقلاع عنه.
(نقلا بتصرف عن بيان صادر عن منظمة الصحة العالمية يوم 25 نوفمبر 2008)
اعتمدت المعاهدة الإطارية لمحاربة التبغ في عام 2004 ودخلت حيز النفاذ في 27 فبراير 2005
160 دولة انضمت لحد اليوم للمعاهدة
5 ملايين ضحايا التدخين في العالم سنويا
أكبر الدول المنتجة الأعضاء في المعاهدة: الصين ، البرازيل.
أكبر الدول المنتجة غير الأعضاء في المعاهدة: زمبابوي، الأرجنتين، ملاوي، الولايات المتحدة الأمريكية.
أكبر الدول المستهلكة غير الأعضاء: اندونيسيا، الولايات المتحدة، والأرجنتين.
ينتظر إبرام بروتوكول لمحاربة تهريب منتجات التبغ في حدود 2010.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.