ثورة رقمية في المؤتمر البلدي بكانتون غلاروس؟
بين إحاطته بهالة من التقديس وازدياد توجيه النقد إليه يمثل المؤتمر البلدي الصورة البدائية لديمقراطية التجمع في سويسرا. في أغلب الأحوال يكون تحرِي نتائج التصويت هو ما يثير الجدل: ذلك أن الأشخاص المسؤولون عن إحصاء الأصوات لا يحصونها بالفعل، وإنما يُقيِّمون بالعين المجردة أعداد المواطنين الذين يرفعون أيديهم بالكروت الملونة الخاصة بالتصويت. قد يساهم عداد رقمي للأصوات في حل هذا الإشكال، وحالياً يقوم كانتون غلاروس بفحص نظامين مختلفين.
ينشر هذا المقال في إطار #DearDemocracy، المنصة التي تخصصها swissinfo.ch لقضايا وتطورات الديمقراطية المباشرة.
يعد كانتونا غلاروس وأبينزل إينر رودن الكانتونان الوحيدان في سويسرا، اللذان لا يزال المواطنون فيهما يقومون بإتخاذ القرارات السياسية وبإنتخاب أعضاء المؤسسات الحكومية من خلال المؤتمر البلدي.
إلا أن النقاد كثيراً ما يشككون في “إحصاء” الأصوات بقياس العين المجردة ـ بغض النظر عن مدى تدرب من يقومون بعملية العد ـ خاصة إذا جاءت القرارات بفارق ضئيل في الأصوات. وهذا ما حدث قبل عشرة أعوام، حين أعرب مواطنو ومواطنات كانتون غلاروس عن رغبتهم في تخفيض شديد في عدد البلديات إلى ثلاثة فقط. لقد جاء القرار ليس فقط بأغلبية ضئيلة في الأصوات، وإنما فاجأ الجميع بتطرفه أيضاً.
أما اليوم فتوجد أدوات رقمية يمكنها تحري نتائج التصويت حتى في مؤتمر بلدي ذي عدد كبير من المشاركين بدقة متناهية وحتى آخر صوت. وهذا ما أفضت إليه أحدث الإيضاحات التي طالبت بإجرائها حكومة كانتون غلاروس. فهل ستقوم الآن بالفعل ثورة إلكترونية في المؤتمر البلدي، كما توقعت صحيفة “دير بلِيك”؟
هنا رمز لمشهد المؤتمر البلدي لغلاروس بسويسرا (1):
المزيد
“لاندَسغيماينده” .. مجرد فولكلور أم نظام ديمقراطي مُوغل في القدم؟
فقبل 30 عاماً قامت المؤسسات الحكومية في كانتون غلاروس بدراسة موضوع “المؤتمر البلدي الإلكتروني”. إلا أن التكنولوجيا المتاحة وقتها اتُهِمَت بأنها غير كافية.
واليوم مضى زمن على بداية العصر الرقمي. وقد قدم علماء المعهد التقني الفدرالي العالي للتكنولوجيا بمدينة زيورخ رابط خارجي(ETH) والمسؤولون عن هذه المهمة إمكانيتين. إحداهما تتمثل في العداد الإلكتروني للأصوات، وهو جهاز صغير يُعطى للمشاركين في يدهم، فيتمكنون من التصويت بضغطة زر. وهي طريقة تستخدمها الشركات الكبرى في الجمعيات العمومية للمساهمين بدون حدوث أعطال.
والطريقة الثانية هي العين الفائقة، وعلى الأدق: الكاميرا الفائقة التي يُمكن تركيبها فوق مكان انعقاد المؤتمر البلدي والتي يمكن لعدستها إلتقاط كل بطاقة تصويت.
إلا أن هذه الطرق تطرح أسئلة جديدة. وأحدها هي: هل يمكن أن تُعَطل أجهزة الإحصاء اليدوية وأن يتم التلاعب بالأصوات؟
إن أمين عام الحكومة والبرلمان الغلاروسي هانزيورج دورست يحمل بعض التخوفات والتي قد تذهب أبعد من هذا. ففي نهاية الأمر قد تمثل مسألة إدخال وسائل إلكترونية مساعدة الضربة القاضية للمؤتمر البلدي، هذا بحسب دورست. ذلك أن الجدل حول جهاز إحصاء الأصوات الإلكترونية يستتبع أسئلة أخرى. فبصفة خاصة سيتم التشكيك في ذلك المبدأ الذي بموجبه لن يستطيع التصويت في المؤتمر البلدي إلا من هم موجودون جسدياً بالفعل.
إن المؤسسات الحكومية الغلاروسية لا تريد مبدئياً أن تدعم أياً من الوسائل. لهذا تطرح الخيارين المقترحين من المعهد التقني الفدرالي العالي بزيورخ وتكاليفهما للإختبار. وفي خلال عدة أسابيع ستعرض حكومة الكانتون تقريرها. وأياً ما سيتضمنه هذا التقرير، فإن الجدل حول شكل ومستقبل المؤتمر البلدي سيستمر.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.