“جاسوس المسجد”.. اتهامات بدون أدلة!
برأ تقرير أصدرته اللجان البرلمانية لمراقبة أجهزة المخابرات السلطات السويسرية في قضية التجسس على المركز الإسلام يفي جنيف ويعتبر أن ما قامت به كان في إطار القانون.
لكن التقرير انتقد اختيار المخبر كلود كوفاسي، الذي اتضح أنه لم يقدم أية أدلة لإثبات ما صرح به لوسائل الإعلام عن مزاعمه حول سوء تصرف المخابرات في قضية التجسس على هاني رمضان، مدير المركز.
يبدو أن قضية “جاسوس المسجد”، عميل المخابرات السويسرية كلود كوفاسي، قد وصلت إلى نهايتها بعد أن توصلت مفوضية لجان التصرف في البرلمان الفدرالي في تقريرها الصادر يوم الجمعة 25 مايو 2007 الى حصيلة مفادها أنه “لم يٌعثَر على اية أدلة جدية قادرة على تأكيد الاتهامات الخطيرة”، التي وجهها المخبر إلى أجهزة المخابرات السويسرية، والتي تناقلتها وسائل الإعلام المحلية والأجنبية منذ اندلاع القضية في بداية عام 2006.
متحايل ذكي!
تقرير مفوضية لجان التصرف في البرلمان السويسري، التي تعتبر الجهة الرسمية المكلفة بمراقبة نشاط أجهزة المخابرات في الكنفدرالية، استعرض الكثير من المغالطات التي صرح بها كلود كوفاسي لوسائل الإعلام، بغرض استخدامها لفائدته مثل: “عدم طلب أجهزة المخابرات السويسرية منه إدخال وثائق لمكتب مدير المركز الإسلامي في جنيف هاني رمضان لتوريطه” أو طلبها منه “اعتناق الإسلام”.
كما أكد التقرير أن “اسطوانات التسجيلات الرقمية التي كان كوفاسي ينوي التدليل بواسطتها على الفوضى السائدة في جهاز المخابرات الداخلية، المعروف باسم (خدمة التحليل والأمن الوقائي SAP)، والتي عرضت على مختبر المعهد الفدرالي للتقنيات المتعددة في لوزان، كانت فارغة من أي تسجيل”.
انتقادات على كل
في المقابل، لم يستثن تقرير مفوضية لجان التصرف في البرلمان أجهزة المخابرات السويسرية من اللوم، حيث أشار إلى “تسرعها في توظيف مخبر غير مستقر”، كما انتقد أن جهاز المخابرات الداخلي (خدمة التحليل والأمن الوقائي SAP) وجهاز المخابرات الإستراتيجي الخارجي (SRS)، التابع لوزارة الدفاع، “كانا يتعاملان مع نفس المخبر بدون علم كل منهما”.
كما تعرض تقرير مفوضية اللجان البرلمانية بالإنتقاد إلى تصرف وحدة التحقيقات الخاصة بشرطة جنيف (BRIS)،التي كان أحد أعوانها وسيطا في توظيف كلود كوفاسي من قبل جهاز المخابرات الفدرالي، وأعرب عن استغرابه من أن “هذا الوسيط استمر في التعامل مع كلود كوفاسي بعد تجنيده من قبل المخابرات الفدرالية، بل حتى أنه سلمه وثائق سرية تابعة للشرطة الفدرالية، تتعلق بالتخطيط لهجوم ضد طائرة تابعة لشركة العال الإسرائيلية”.
مهمة تجسس في إطار القانون
إصدار تقرير من هذا النوع وبهذه التفاصيل في قضية تجسس، لم يكن بالأمر السهل وليس من الأمور المعتادة، حتى في اعرق الديمقراطيات، وهو ما يعكسه تصريح رئيس مفوضية لجان التصرف في البرلمان هانس هوفمان لصحيفة لوتون (تصدر في جنيف)، عندما قال “لقد ذهبنا الى ابعد الحدود في هذه القضية”.
في المقابل، أوضح النائب البرلماني بأن لجنته كانت على علم بعملية المراقبة لجمع المعلومات عن المركز الإسلامي في جنيف منذ عام 2004 وأكد أنها تمت استنادا إلى قرار من رئيس خدمة التحليل والأمن الوقائي أورس فون دينيكن، وأبلغ بها عضو الحكومة الفدرالية المشرف على وزارة العدل والشرطة.
وإذا كان هذا التقرير قد سمح بمعرفة أن عملية التجسس على المركز الإسلامي في جنيف تمت في إطار القانون وبعلم من السلطات، فإن رئيس اللجنة التي أعدته لم يجرؤ على الإفصاح عما إذا كانت هناك عمليات أخرى مشابهة في الوقت الحالي.
وإلى حد إعداد هذا التقرير، لم تصدر، تصريحات للمعني بالأمر للتعليق على تقرير مفوضية لجان التصرف في البرلمان، في حين فضل السيد هاني رمضان، الإطلاع أولا على تفاصيل التقرير، قبل الإدلاء بأية تصريحات، حسبما نقلت عنه وكالة الأنباء السويسرية.
سويس إنفو – محمد شريف – جنيف
حسب ما تناقلته وسائل الإعلام السويسرية من معلومات حول قضية “جاسوس المسجد”:
11 ديسمبر 2005: أبلغ كلود كوفاسي، مدير المركز الإٍسلامي في جنيف هاني رمضان بهويته الحقيقية وبتجنيده من قبل خدمة التحليل والامن الوقائي، التابعة لوزارة العدل والشرطة من أجل توريطه في نشاطات إرهابية.
فبراير 2006: اعترف الجاسوس، الذي استعار اسم “كريستيان”، لبعض وسائل الاعلام السويسرية أنه تجسس على المركز الاسلامي في جنيف، بناء على المهمة التي أوكلت له من قبل “خدمة التحليل والأمن الوقائي”، كما اعلن أنه اعتنق الاسلام يوم 30 أبريل 2004.
12 مايو 2006: قال نائب رئيس حزب الخضر السويسري أولي لوينبرغر في حديث مع صحيفة “بليك”، بأن “السلبية التي يتعامل بها كل من وزير العدل والشرطة كريستوف بلوخر ووزير الدفاع سامويل شميد، يمكن ان تكون خطيرة جدا” وان “تجاهل الرد على هذه القضية بالشكل المناسب، تصرف غير مسؤول من الوزيرين”.
16 مايو 2006: رد وزير العدل والشرطة كريسوف بلوخر على الرسالة التي وجهها له هاني رمضان، يطالب فيها توضيحات حول قضية التجسس عليه، واكد الوزير ان “لا شيء يرخص لي بالقول اليوم إن مكاتب وزارتي تصرفت بشكل يخالف القانون السويسري”.
24 مايو 2006: اقترح أمين مفوضية لجان التصرف في البرلمان السويسري – المكلفة بمراقبة جهاز المخابرات – على كوفاسي لقاء سريا وغير رسمي، وهو اقتراح رفضه كوفاسي.
26 مايو 2006: بقرار من رئيسها هانس هوفمان، بعثت المفوضية رسالة الكترونية إلى كوفاسي تقترح عليه سماعه بشكل رسمي، لكن بشرطين: تزويد المفوضية في بداية الجلسة بكافة الوئائق المسموعة والمكتوبة، التي توجد بحوزته والتوقف على الفور عن التواصل مع وسائل الإعلام.
26 مايو 2007: نشرت مفوضية لجان التصرف في البرلمان تقريرها بعد الاستماع لكوفاسي والعديد من الجهات الأخرى.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.