جمعة جديدة في مصر: ختام لفصل مثير أم بداية لفصل خطير؟
كعادة أيام الجمعة فى مصر، استعداد مسبق للتظاهر وحشد للشباب وتعبئة إعلامية صارخة، يصاحبه ترقب لما سيحدث، ثم تداعيات تنتهى غالبا بالإحتكاك والصدام مع قوات الأمن..
ويسقط الضحايا ويزداد الموقف سخونة وتتلقف الفضائيات الصور والمشاهد وتنشر القصص والأحاديث والتعليقات وبعد ذلك ترتفع الأصوات مرة تلو أخرى تطالب المجلس العسكرى بالإنسحاب الفورى من ساحة السياسة، وتقديم السلطة لمدنيين غير مُنتخبين لا يعرف أحد من هم ولماذا هؤلاء تحديدا.
قصة مكررة ومطالب عديدة
القصة نفسها حدثت مرارا من قبل، وما قد يحدث اليوم الجمعة 23 ديسمبر 2011 لن يختلف كثيرا عن السياق العام الذى تكرر من قبل، الإختلاف فقط هو فى تفاصيل المشهد وعدد الضحايا ومكان الأحداث، وبعض الشعارات التى قد تُرفع للمرة الأولى.
أما نجوم الحدث فهم أنفسهم الذين صالوا وجالوا فى كافة الجمع السابقة، وصاروا بعدها نجوما وكواكب فى عالم الثورة والإعتصام وانتقاد الجيش وتجريح قياداته والتأليب عليه كمؤسسة بقسوة غير مسبوقة، كما صاروا فى نظر دوائر الإعلام الساخن دائما أبطال المواجهة المستمرة مع قوات الأمن والجيش، والشرفاء الأنقياء الذين يمنعون الحكومة من أن تدخل مقر عملها الطبيعى بسبب أنها ليست حكومة الثورة، وإنما حكومة المجلس العسكرى.
هذه الجمعة يراها بعض منظميها لرد شرف النساء المصريات اللواتى تعرضن لإهانة كبرى بعد أن سُحلت إحدى المعتصمات فى مواجهة مع أفراد الأمن قبل خمسة أيام، وظهرت صورها وقد تعرّى جزء من جسمها تحت عباءة سوداء. ويراها آخرون جمعة بداية ثورة الغضب الثالثة وصولا إلى إسقاط الجيش المصرى وتقسيمه وإنهاء الدولة المصرية بكل مؤسساتها ومن ثم بناء دولة جديدة للعدل والحرية!
وبين هذين الطرفين تتراوح المطالب الثورية بين مطالبة الحكومة بأن تحقق فورا العدل الاجتماعى، رغم أنهم ينكرون الحكومة أصلا ويرفضونها، وأن يُقدم المتسببون فى العنف وإهانة الثوار والنساء وقتل الشهداء إلى المحاكم فورا والقصاص منهم، وأن يتم تسليم السلطة إلى مجلس رئاسى يقوده شخص بعينه لا يحصل فى استطلاعات الرأي العلمية المنهجية على أكثر من 1%، بينما يطالب البعض بأن يتم تسليم السلطة إلى رئيس مجلس الشعب حين يكتمل انتخابه بعد أسبوعين. وهو ما يرفضه حزب الحرية والعدالة الفائز الاكبر فى الإنتخابات حتى الآن باعتباره التفافا على الإعلان الدستوري.
التعبئة ضد الجيش المصرى
كم هائل من المطالب بعضها واجب التطبيق كمحاسبة المتسببين فى العنف الأحمق سواء من الأمن أو من المتظاهرين أنفسهم، والآخر يدخل فى باب المستحيلات كالتسليم الفورى للسلطة.
يحدث كل ذلك فى بيئة يسودها رغبة فى التصعيد المستمر ضد الجيش من قبل ائتلافات شبابية تعتبر نفسها قائدة للثورة الشعبية ولم تحصل بعد على نصيبها من الحكم، ومن قبل شخصيات تسعى لدخول السباق الإنتخابى المقبل للرئاسة وتصر على الظهور كفارس مغوار يمكنه أن يقود الثورة ويطهر البلاد من كل فساد، وفى الوقت نفسه تجاهل تام لنتائج الانتخابات التي أكملت جولتان من بين ثلاث جولات، وأسفرت على فوز أحزاب إسلامية بنسبة لا تقل عن 60%.
فى العباسية ميدان البسطاء .. دفاعا عن الدولة وجيشها
فى الجانب الآخر دعوة للتظاهر فى ميدان العباسية، دعت إليها ائتلافات الأغلبية الصامتة، من أجل حماية مؤسسات الدولة ودعم الجيش المصرى الذى يتعرض لحملة شرسة لم يتخيلها عموم المصريين من قبل.
هؤلاء هم بسطاء المصريين الذين يرون مصلحتهم فى استقرار الدولة وإتاحة الفرصة للمؤسسات أن تعمل فى بيئة أقل توترا من أجل العبور الآمن من المرحلة الإنتقالية إلى مرحلة المؤسسات المدنية المنتخبة، وهم الأكثر تضررا من وقف الحال الذى يسود البلاد، وهم الأكثر شعورا بقيمة الدور الذى تلعبه وزارة الداخلية والجيش فى حماية أمن البلاد، وهم الذين يرتابون فى دوافع الكثير من دعوات الإعتصام الدائم والثورة الدائمة رغم كل الخطوات المهمة التى اتخذت فى المرحلة الماضية، وهم الذين تتجاهلهم القنوات الفضائية والصحف السيارة تماما، بل يتفنن كثير من الإعلاميين البارزين والصحفيين الثائرين دائما فى سبهم ولعنهم واعتبارهم خونة للثورة وامتدادا للنظام السابق، وأنهم فى أفضل الأحوال مجرد عملاء لجيش البلاد يخرجون لتأييده بدافع من المال! وهنا الأأمر الغريب والعجيب، أن جاء على مصر زمن يُدان فيه من يحب جيش بلاده ويدافع عنه لأنه جيش كل المصريين.
ختام لفصل مثير .. وبداية لفصل خطير
إنها جمعة تختم فصلا مثيرا من الأحداث التى سبقتها والمرجح أنها سوف تفتح فصلا آخر تدل مقدماته على أنه فصل خطير بكل المقاييس. خاصة فى ضوء التحذيرات التى أطلقها مصدر مسؤول بأن جهات سيادية – أى أجهزة الرصد والمخابرات – قد رصدت تحركات لعناصر داخلية وجهات أجنبية واتصالات وتمويلات من أجل تنفيذ مخطط يوم 25 يناير المقبل يستهدف الصدام مع القوات المسلحة واشعال الحرائق وتخريب المنشآت العامة وإثارة الفوضى فى البلاد، وتهيئة مناخ يستدعى الطلب من جهات خارجية التدخل وفرض الوصاية على مصر.
كانت أحداث الاسبوع السابق تضمنت بالفعل مواجهات بين قوى الأمن والمعتصمين الذين أغلقوا مبنى مجلس الوزراء ومنعوا حكومة د. كمال الجنزورى من دخوله، وتطور الأمر إلى عمليات كر وفر فى محيط مجلس الوزراء ومجلس الشعب ومبان حكومية أخرى مهمة تقع فى شارع القصر العينى الشهير القريب من ميدان التحرير، ونتج عنها قتلى ومصابين كثر من المدنيين وجنود الأمن والضباط، مما ألهب المشاعر وأثار غضبا شديدا، وزاد الأمر سوءا أن أكلت النيران المجمع العلمى الذى بنى فى نهاية القرن الثامن عشر، وكان يحتوى على ما يقرب من 180 الف مخطط وكتاب ووثيقة وخريطة نادرة وموسوعات تراثية شهيرة.
المنظر الغريب والتساؤلات المفتوحة
انصب التركيز الإعلامى والسياسى على صورة الفتاة التى وقعت على الأرض وسحبها الجنود وكان الجزء الأوسط من جسدها عاريا، فى منظر ليس معتادا لأية بنت مصرية. وفى المشهد نفسه ذى الخمسين ثانية ظهر جندى يحاول تغطيتها بعباءتها المفتوحة نتيجة وقوعها على الأرض، وهو المشهد الذى اعتبر دليلا على عنف الشرطة والجيش، وضرورة للإعتذار ومحاسبة المتورطين.
وللوهلة الأولى يستدعى المنظر إدانة العنف والمحاسبة السريعة، لكنه يظل مثيرا لتساؤلات البعض حول أسباب أن تكون هناك إحدى المعتصمات فى هذا النوع من الملبس الذى لا يتناسب مع برودة الجو ولا طبيعة الإعتصام ذاته، ولا يناسب أسلوب الملبس لدى الفتيات المصريات.
التحالف مع أطفال الشوارع
لقد بدا المشهد كله مجرد بروفة لما قد يحدث لاحقا، خاصة الظهور الكثيف لأطفال الشوارع والعاطلين والمسجلين خطر كفاعلين أصليين فى الأحداث، لاسيما ما تعلق بالاستفزاز الدائم والمنهجى لقوات الأمن التى تؤمن المبانى الحيوية فى المنطقة، عبر إلقاء الحجارة المدببة وتوجيه السباب والشتائم لهم طوال الليل والنهار من خلال مجموعات تقترب من القوات لعدة ساعات، ثم تختفى وتظهر مجموعة اخرى تفعل الشئ ذاته، وشمل الأمر إلقاء قنابل المولوتوف على قوات الأمن والمبانى الحيوية بطريقة احترافية مما أدى إلى إحراق مبنى مجلس الشعب والمجمع العلمى ومبنى وزارة الطرق والكبارى وجزء من مبنى مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء.
المثير فى الأمر هذا الكم الهائل من الصور ومقاطع الفيديو التى تجاهلها الإعلام المصرى المكتوب والمشاهد إلا نادرا، والتى يظهر فيها الصبية الصغار وهم يقومون بإحراق المبانى ثم يرفعون علامات النصر وكأنهم فى مواجهة مع عدو بغيض، أو إلقاء الحجارة وقنابل المولوتوف على قوات الأمن وهم فى فرح عارم ونشاط غير طبيعى يُحسدون عليه.
وكما اظهرت الصور وبعض ما تسرب من التحقيقات التى تجريها النيابة العامة أن الكثير من أطفال الشوارع والعناصر الخطرة كانت تمول من قبل أفراد غير محددين تماما حتى الآن من أجل القيام باحتلال ميدان التحرير والمشاركة فى الإعتصامات والقيام بالمواجهة مع قوات الأمن. وقد بدا الامر وكأن هناك تحالفا بين قوى شبابية ثورية وبين هؤلاء المشردين والعاطلين من أجل إبقاء الوضع ساخنا وقابلا دوما للانفجار.
ولعل ذلك هو ما دعا بعض الرموز ، كالدكتور أحمد زويل الحاصل على جائزة نوبل وعدد من نواب مجلس الشعب المنتخبين حديثا، إلى التوجه نحو المعتصمين من الشباب الثائر بأن يفضوا الاعتصام ولو لمدة وجيزة لمعرفة هوية هؤلاء الغرباء ولعزلهم ومن ثم الحفاظ على صورة الشباب الثائر نقية كما كانت سابقا فى إدراك المصريين. وهى دعوة لم تجد صدى إيجابى. ومع تكرر المحاولات من قبل مشيخة الازهر، بدأت استجابات بسيطة وهدأ الوضع نسبيا قبل يومين من جمعة جديدة، استعد لها الفرقاء، كل على قدر نواياه وطاقته فى الحشد والتعبئة.
الطرف الثالث .. من هو؟
من جهته، قدم المجلس العسكرى تقويما للوضع عبر مؤتمر صحفى لأحد قياداته مشيرا إلى حقيقة تكرار السيناريو ذاته الذى يبدأ بالدعوة إلى مظاهرة سلمية، يتخللها أعمال عنف مدبرة من طرف ثالث، تؤدى إلى قتلى مصابين وأعمال تخريب. ومشيرا إلى عمليات الإستفزاز التى يتعرض لها الجنود والضباط بطريقة باتت لا تحتمل، وربما كانت السبب فى سلوكيات غير منهجية للجنود اثناء اشتباكهم مع المعتصمين.
وللمرة الأولى يُظهر المجلس العسكرى صورة جنديّ وحالته خطيرة نتيجة إصابته فى كل أجزاء جسمه بآلة حادة، وجندى آخر وقد فقئت عينه نتيجة إلقاء الطوب، ومتسائلا أليس هؤلاء جنود الشعب المصرى يدافعون عنه وعن الوطن ككل؟
لكن الكثير من السياسيين والإعلاميين لم يعيروا الأمر أدنى انتباه، وتجاهلو البحث فى فكرة الطرف الثالث الذى تشير دلائل عديدة على وجوده، وأصر البعض منهم السخرية من وجود متآمرين يعملون ضد الوطن ككل، وأصروا على تحميل الجيش كل المسؤولية، وعلى التعبئة ضد المجلس العسكري وكأنهم قيادات جيش الأعداء وليس جيش الأبناء والأخوة.
وضع مُفزع ونخبة منفصلة عن الناس
وصل الأمر إلى ذروته فيما طرحه أعضاء ما يعرف بحركة “الإشتراكيين الثوريين” التى ظهرت على السطح حديثا، بأن تحقيق أهداف الثورة يعنى “إسقاط الجيش تماما وإثارة صغار الضباط على قياداتهم وتقسيمه وجعله مجرد ميليشيات تتحالف مع فقراء الوطن من الأقباط تحديدا والنوبيين، حتى تسقط الدولة تماما ومن ثم يُعاد بناؤها على أسس جديدة”.
يبدو الوضع مفزعا، فأنصار الفوضى والتخريب وإسقاط الدولة وتقسيمها وتقديمها على طبق من فضة إلى أعدائها، لم يعودوا يعملون فى السر، بل هم فى العلن ودون خجل أو خوف، بل ويفتخرون بأنهم سيخربون بلدهم ويقسمونه وسيقلبون الجيش على بعضه بعضا.
يبدو الوضع مفزعا أيضا فى أن النخبة السياسية والإعلامية السائدة والمتحكمة فى الخطاب السياسى والاعلامى في مصر لا تشعر بفداحة الأمر، تجتزئ الأحداث وتركز على هوامشها وتنكر أصلها وجذورها، وتصر بشدة على أن الجيش مخطىء، وكأنهم هم الملائكة بلا أخطاء، وتصر على إهالة التراب على كل خطوة عملها المجلس العسكرى بما فى ذلك الانتخابات الحرة التى لم تشهدها مصر من قبل، وتعمل على تعبئة الناس ضد الحكومة وضد اختيارات المصريين كما ظهرت فى صندوق الانتخابات، وتمهد تصريحا وتلميحا لصدام قادم بين الجيش والأحزاب الاسلامية الفائزة فى الانتخابات، وكـأنها تمهد لتفجير البلاد لتعيش على الإثارة والتوتر والخراب.
كما تصر على إدانة من يجرؤ على نقد الثوار وتحالفات البعض منهم مع أطفال الشوارع والمسجلين خطر، فيما تأكد لبسطاء المصريين أنها نخبة تعيش فى واد وأغلبية الشعب الذى يقدر الجيش ويحترم قياداته فى واد آخر.
القاهرة (رويترز) – رفضت جماعة الاخوان المسلمين التي يتصدر حزب الحرية والعدالة المنبثق عنها سباق الانتخابات البرلمانية في مصر يوم الخميس 22 ديسمبر 2011 تقديم موعد انتخابات الرئاسة الرامية لنقل السلطة الى المدنيين قائلة ان تغيير الجدول الزمني سيؤدي الى الفوضى.
ويريد المحتجون الذين اشتبكوا مع الجيش والشرطة بوسط القاهرة على مدى خمسة أيام قبل استعادة الهدوء هذا الاسبوع أن يسلم الجيش السلطة بسرعة أكبر. ويريد كثير من المصريين المتشككين في التزام الجيش المعلن بالتغيير الديمقراطي اجراء انتخابات الرئاسة بحلول 25 يناير 2012 الذكرى الاولى لبدء الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك. ومن المقرر اجراء الانتخابات في منتصف 2012 .
ويعتزم نشطاء تنظيم مسيرة حاشدة بميدان التحرير غدا الجمعة للاحتجاج على الحكم العسكري وأعمال العنف التي وقعت في الاونة الاخيرة والتي قال رئيس الوزراء المصري انها ساهمت في تكبيد الاقتصاد خسائر بمليارات الدولارات.
وتحرص جماعة الاخوان المسلمين التي كانت محظورة على ترسيخ مكانتها على الساحة السياسية المصرية من خلال الانتخابات البرلمانية التي تجرى على مدى ستة أسابيع بعد أن تعرضت للقمع من جانب الدولة على مدى عقود ولم تتحرك بشكل نشط خلال الاشتباكات الاخيرة التي دارت في ميدان التحرير وأسفرت عن سقوط 17 قتيلا.
وقال عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة الذي كان له النصيب الاكبر من المرشحين في جولة الاعادة بالمرحلة الثانية من انتخابات يوم الخميس ان الجماعة تؤيد الجدول الزمني الذي حدده الجيش لتسليم السلطة لرئيس منتخب بحلول يوليو 2012. وتابع قائلا لرويترز “أعتقد أن هذا أفضل من تنظيمها في أقرب وقت ممكن لان هذا قد يسبب الفوضى”. وأضاف ان اجراء انتخابات الرئاسة قبل انتخاب مجلسي الشعب والشورى وتمكنهما من صياغة دستور جديد يهدد بمنح الرئيس الجديد صلاحيات واسعة. وأضاف “لن نصنع مبارك جديدا”.
ولن يكتمل انتخاب المجلسين قبل مارس 2012. وقال الامين العام لحزب الحرية والعدالة محمد سعد الكتاتني ان الحزب “يؤكد ضرورة تسليم السلطة للمدنيين وفق ارادة الشعب المصري عبر الانتخابات الحرة النزيهة لمجلسي الشعب والشورى والانتخابات الرئاسية قبل 30 يونيو 2012 وفي أجواء مستقرة تسمح بالتعاون بين جميع الاطراف للعبور بالبلاد من عنق الزجاجة الى بر الأمان”.
وأضاف “الحزب لن يشارك في مظاهرة الجمعة (23 ديسمبر)… مع تأكيد وقوفنا مع حق الشعب المصري في التظاهر والاعتصام السلمي ورفض أي عدوان على المتظاهرين والمحاكمة العاجلة لمن اعتدى على المصريين والمصريات وقتل المتظاهرين سواء في أحداث مجلس الوزراء أو غيرها من الاحداث”. لكن الكتلة المصرية التي تضم ليبراليين ويساريين والتي جاءت في المركز الثالث حتى الان خلف حزب الحرية والعدالة وحزب النور السلفي طالبت باجراء الانتخابات الرئاسية بسرعة. وقالت في بيان انها تعتقد أن على الجيش تسليم السلطة خلال ما لا يزيد على ثلاثة اشهر.
والمحتجون الذين اعتصموا في ميدان التحرير منذ 18 نوفمبر تشرين الثاني على الرغم من شن الشرطة عدة حملات عليهم لاخلاء الميدان غاضبون من معاملة الجيش للمتظاهرين ويعتقدون أن القيادة العليا للجيش تحاول التشبث بالسلطة.
وقال الجيش اليوم في بيان ان وجهة نظره الرسمية “يتم طرحها من خلال بيانات رسمية مذاعة أو من خلال الصفحة الرسمية له على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وهو ما لم يتم تعديله أو تغييره”.
ويبدو بيان الجيش محاولة لانهاء الغضب من تصريحات بعض المسؤولين. وكان مستشار عسكري قال لصحيفة ان المحتجين يستحقون اعدامهم في أفران الغاز التي أعدم فيها هتلر معارضين له خلال الحرب العالمية الثانية.
ويتهم كثير من النشطاء جماعة الاخوان وغيرها من الجماعات الاسلامية بالتخلي عن مطالب المحتجين بالتركيز على تأمين مواقعها في هيكل السلطة الجديد.
لكن محللين يرون أن تقديم موعد انتخابات الرئاسة لن ينهي بالضرورة هيمنة الجيش في دولة جديدة يحكمها مدنيون ذلك لانه سيكون على الارجح على جميع المرشحين المحتملين اقامة علاقات جيدة مع المجلس الاعلى للقوات المسلحة.
والجيش هو فعليا المؤسسة الوحيدة التي نجت من الاضطرابات السياسية في مصر وله مصالح اقتصادية كبيرة ولذلك سيحتاج اي رئيس جديد الى دعم الجيش حتى يستطيع الحفاظ على النظام. وقال مصدر قريب من الجيش “هذه فترة انتقالية يسلم فيها طرف السلطة لاخر. يجب عقد صفقة. هذه هي السياسة”.
ومن بين المرشحين للرئاسة عمرو موسى الذي كان وزيرا للخارجية وأمينا عاما لجامعة الدول العربية. وانضم مثل بعض المنافسين الى مجلس استشاري شكل لتقديم المشورة للجيش غير أن هذا المجلس علق أنشطته احتجاجا على أعمال العنف واستقال عدد من أعضائه وعاد للانعقاد بدون المستقيلين.
وصدمت أعمال العنف التي وقعت مؤخرا وقبلها موجة أخرى في نوفمبر الماضي قتل خلالها 42 شخصا الكثير من المصريين غير أن كثيرين مازالوا يقولون ان الجيش هو المؤسسة الوحيدة القادرة على استعادة النظام ويريدون التركيز على الانتخابات البرلمانية وليس الاحتجاجات.
وقال محمود صادق (21 عاما) في وسط القاهرة على بعد بضعة شوارع من مئات المحتجين الذين مازالوا في ميدان التحرير “قمنا بثورة حتى نستطيع احراز تقدم والانتخابات النزيهة كانت الهدف الرئيسي وبالتالي فهذا أهم من أي شيء الآن”.
وعرض رئيس الوزراء كمال الجنزوري الذي عين في نوفمبر بعد ضغط من المحتجين لاقالة الحكومة السابقة التحديات التي تواجه مصر وناشد المواطنين خلال مؤتمر صحفي أن يتوحدوا. وعينت حكومته هذا الشهر. وقال الجنزوري انه كان يتمنى أن يتحدث عما أنجزته حكومته بعد اسبوعين من عمرها لكنه لا يستطيع. وأضاف أن هذا في حد ذاته شهادة على أن مصر تواجه مشكلة حقيقية و”يتطلب منا (ذلك) ان نجلس سويا ونتكلم ونتحاور”. وقال ان الوضع الاقتصادي يتطلب توافقا وحوارا.
وتابع يقول ان الاقتصاد خسر مليارات الدولارات من جراء الاضطرابات ولم يتلق سوى مليار دولار من دول عربية بينما لم تنفذ القوى العالمية وعودها بتقديم مساعدات. وأضاف أن السبب هو الخلافات بين المصريين. وتابع قائلا انه في الاشهر الاولى بعد الإنتفاضة سارع الجميع لمساعدة مصر لكن حين دبت الخلافات بالداخل في الاشهر القليلة الماضية أداروا ظهورهم لها.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 22 ديسمبر 2011)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.