جنـود سويـسريـون ضد القراصنة في سواحل الصومال؟
يوم الأربعاء 21 يناير، يُـفترض أن تُـقرر الحكومة الفدرالية ما إذا كانت ستُـرسل جنودا إلى البحر الأحمر، للمساعدة في حماية السُّـفن التجارية من هجمات القراصنة. في الأثناء، يبحثُ أصحاب البواخر السويسرية عن حلول بديلة.
وفي الواقع، كان باسكال كوشبان، هو الذي كشف في حديث أدلى به في الأيام الأخيرة من فترته الرئاسية في ديسمبر 2008، أن الحكومة بصدد التفكير في إرسال عسكريين مسلّـحين لحماية السفن التجارية السويسرية في خليج عدن، الذي تكاثرت فيه عمليات القرصنة.
وفي صورة إقرار هذا المقترح، فستكون سابقة في التاريخ العسكري للكنفدرالية وظاهرة جديدة للأسطول التجاري السويسري الشاب، الذي ظهر للوجود في عام 1940 لضمان وصول الإمدادات إلى البلد خلال الحرب العالمية الثانية.
وفي وقت لاحق، أوضحت ميشلين كالمي – ري، وزير الخارجية في تصريحات أدلت بها إلى صحيفة NZZ am Sonntag، أنه “من المحتمل أن يتمّ إرسال ما بين 10 إلى 20 عسكريا محترِفا إلى جيبوتي وتكليفهم (في مجموعات تضم ما بين 5 و7 أشخاص) بمرافقة السُّـفن السويسرية والتابعة للأمم المتحدة، أثناء عبورها للمنطقة”.
الفكرة انطلقت في أعقاب رسالة وجِّـهت إلى وزارة الخارجية من طرف إيريك أندري، رئيس اتحاد أصحاب السفن السويسريين. وفي شهر ديسمبر، كان طاقم سفينة « Sabina » التجارية، المملوكة لشركة Enzian، شاهدا على هجوم نفّـذه قراصنة لاحقوا سفينة شحن لم تكن تبتعِـد عنهم كثيرا.
سفينة « Sabina » أطلقت الإنذار على الفور، لكن أحدا لم يتدخّـل. في الوقت نفسه، أفادت شركة Suisse Atlantique، التي يُـديرها إيريك أندري بنفسه، بأن سفينة تابعة لها كانت متواجدة في المنطقة، إلا أنها “لم تتلقّ أي إنذار”.
نحو رأس الرجاء الصالح؟
في خليج عدن، تسير الأمور وكأن القراصنة يتصرّفون بقدر كبير من الحرية. ففي الآونة الأخيرة، أفرجوا، مقابل مبلغ مالي كبير، عن ناقلة النفط السعودية Sirius Star، التي كانت تُـقلّ 350000 طُـن من النفط ويتألّـف طاقمها من 25 شخصا، ظلوا رهائن لدى القراصنة منذ نوفمبر 2008.
ويبدو أن الحلّ الأسلم، يتمثل في الابتعاد عن المياه الخطرة لخليج عدن واتّـباع الطرق المائية الأكثر أمانا عبْـر رأس الرجاء الصالح. بعض الشركات قررت بعدُ عدم العبور عن طريق قناة السويس والاستدارة عبْـر الشواطئ الغربية للقارة الإفريقية.
في هذا السياق، اختارت شركة Cargill الأمريكية، إطالة الطريق بعد أن تعرّضت إحدى سفنها للاحتجاز ستة أسابيع من طرف القراصنة.
ويقول إيريك أندري “لقد فكّـرت Suisse Atlantique أيضا، في احتمال المرور عبْـر إفريقيا من جهة الجنوب. سننظر في المسألة مع حرفائنا، لكن إذا ما قرروا، رغم كل شيء، العبور عبْـر خليج عدن، فليس بإمكاننا إرغامهم على تغيير الطريق. فالأمر لا يتعلق بمنطقة تدور فيها حرب والذين يتحرّكون فيها، قراصنة وليسو إرهابيين. إنها وضعية شبيهة باحتجاز رهائن، وهي ليست مشمولة من طرف شركات التأمين”.
اتفاق مع الاتحاد الأوروبي
وفيما يتعلّـق باللجوء إلى الجيش السويسري، يوضِّـح إريك أندري أن “أصحاب السفن السويسرية طالبوا بإدماج أسطولهم ضمن السّـفن المحمية من طرف القوة البحرية الأوروبية EU Navfor. لم يكن هناك في المقابل طلبٌ بالحصول على جنود سويسريين على ظهر السفن”. وفي الوقت الحاضر، تمّ إسناد هذا الدور إلى مدنيين هولنديين مسلّـحين، يصعدون إلى السّـفن في مدخل قناة السويس، ولكنه حلّ غير مُـرضٍ تماما.
في السياق نفسه، تشاطر شركة ABC Maritime، التي يوجد مقرّها في مدنية Nyon وتُـدير 40 سفينة تجارية، (ثلاثة من بينها ترفع العلم السويسري) موقف إيريك أندري. ويقول مديرها بيتر تسورخر، “في الوقت الحاضر، تتواجد سفننا في المحيط الأطلسي وفي مياه غرب إفريقيا، لكننا بصدد دراسة إمكانية المرور عبر رأس الرجاء الصالح، هذا الطريق سيكلِّـفنا عشرة أيام إضافية من السفر”، أما فيما يتعلّـق بجنود سويسريين لحماية الشحنات، فإنه يؤكّـد أنه لا مجال لذلك “إلا في إطار اتفاق مع الاتحاد الأوروبي”.
البحرية الفرنسية
في 16 ديسمبر الماضي، انعقد مؤتمر للتنسيق فوق جزيرة Wight، مقر القيادة العامة للمهمة الأوروبية EU Navfor Atalanta، التي أنشئت من طرف وزراء دفاع الاتحاد الأوروبي لحماية السفن من القراصنة. وبالإضافة إلى سويسرا، تم استدعاء 9 بلدان أخرى، مثل النرويج وكندا ودولة الإمارات العربية المتحدة وتركيا وأوكرانيا.
واستنادا إلى أسبوعية L’Hebdo السويسرية الناطقة بالفرنسية، فإنه، في صورة اشتراك عسكريين سويسريين في مهمّـة Atalanta التي ستنطلق في شهر مايو القادم، فمن المحتمل أن يتمّ إدماجهم ضمن البحرية الفرنسية. ويبدو أن مفاوضات تدور حاليا بين الطرفين بهذا الخصوص.
من الناحية القانونية، تشترك ثلاث وزارات فدرالية في اتخاذ قرار إرسال قوات سويسرية إلى خليج عدن، وهي الخارجية والدفاع والعدل. في الأثناء، يُـشدّد جون فيليب يوتسي، المتحدث باسم وزارة الخارجية، أنه لابد من التوصّـل إلى اتفاق على مستوى الحكومة الفدرالية وأن عملية اتخاذ القرار قد تستغرق الكثير من الوقت.
ويجدر التذكير بأن أولي ماورر، وزير الدفاع الجديد ينتمي إلى حزب الشعب السويسري (يمين متشدد)، وهي تشكيلة سياسية لم تُـخف أبدا معارضتها لإرسال قوات سويسرية إلى خارج البلاد.
سويس انفو – أوليفيي غريفا
ظهرت البحرية التجارية السويسرية، التابعة لبلد لا توجد لديه منافذ على البحر، أثناء الحرب العالمية الثانية.
تتوفر سويسرا على واحد من الأساطيل التجارية الأكثر تحديثا في العالم، يضم 35 ناقلة وسُـفن لنقل الحاويات وسُـفن شحن، تتراوح حمولتها ما بين 4000 و73000 طن، وهي تُـشغّـل من طرف 6 شركات خاصة وترفع العلم السويسري في المياه الدولية، ويبلغ متوسط عمرها 4،5 سنوات.
في مارس 2008، صادق البرلمان السويسري على برنامج دعم مالي على مدى خمس سنوات بقيمة 500 مليون فرنك، لإسناد الشركات السويسرية العاملة في مجال النقل البحري. وسبق للبرلمان أن وافق في عام 2002 على آلية تمويلية لنفس القطاع، بقيمة 600 مليون فرنك على مدى عشرة أعوام.
رسميا، تتّـخذ البحرية التجارية السويسرية من ميناء بازل على نهر الراين، مقرا لها، وقد أنشئت لضمان وصول البضائع والمنتجات إلى سويسرا عبر المسلك النهري، القادم من شمال ألمانيا إلى بازل، في صورة اندلاع أزمة تؤدّي إلى تعذّر وصولها برّا أو جوّا.
تحمل جميع السّـفن أسماء سويسرية، مثل لوغانو ومارتيني ولوزان والجنرال غيزان وماترهورن إلخ…
قبل 20 عاما، كان نصف الطواقم العالمية فوق السفن التجارية من السويسريين، أما اليوم، فلا يزيد عددهم عن 6 من بين 600 بحار. أما الضابط السويسري الوحيد في البحرية التجارية السويسرية، فهو النقيب خوسي شافلي، وهو سويسري من أصل أرجنتيني.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.