حضور “المستقلين” في مجلس الشعب المصري يـتـّجـه إلى.. الإنحسار؟!
توقّـع خبراء مصريون متخصِّـصون في العمل الحزبي والعلوم السياسية والشؤون التشريعية والدستورية بمجلس الشعب وحقوق الإنسان وعلم الاجتماع السياسي وشؤون الحركات الإسلامية، أن يشهد برلمان 2010 بمصر "انحسارا واضحا لظاهرة المستقلِّـين" وغياب "نجوم المستقلِّـين الذين أزعجوا حزب الأغلبية" طيلة الدورة البرلمانية المُـنقضية (2005 - 2010)، "وأمطروا الحكومة بوابِـل من الاستجوابات وطلبات الإحاطة ومشروعات القوانين"، مؤكِّـدين أن "البرلمان القادم له خصوصيته" وسيكون "مختلفا بكل المعايير عمّـا سبقه".
وكشف الخبراء في تصريحات خاصة لـ swissinfo.ch عن أن “حِـزمة من الترتيبات المتلاحقة، التي أنتجها الحزب الحاكم، بدأت بتعديل الدستور ثم تعديل التعديل (المادة 76) ثم تعديل 34 مادة، دُفعة واحدة، أبْـعِـد بمُـقتضاها القُـضاة عن العملية الانتخابية (المادة 38) ثم قانون الإشراف على الانتخابات ثم قانون مباشرة الحقوق السياسية ثم إبرام بعض الصفقات مع عدد من أحزاب المعارضة ثم تشديد الضغط على مؤسسات المجتمع المدني، وأخيرا، تكميم أفواه الإعلام الخاص والمستقِـل”، مُـعتبرين أن “هذه الحِـزمة تستهدف إنتاج برلمان يحقِّـق هدف النظام في انتقالٍ آمنٍ للسلطة”.
وفي محاولة لتوضيح وضع المستقلِّـين وتأثيرهم في الانتخابات السابقة ومستقبلهم المحتمل في الانتخابات المقرّرة ليوم 28 نوفمبر 2010، التقت swissinfo.ch كلا من الدكتور حمدي السيد، نقيب الأطباء ورئيس لجنة الصحة والبيئة بمجلس الشعب وعضو المجلس الأعلى للسياسات بالحزب الوطنى الديمقراطى والعضو المؤسس بالحزب، والدكتور جمال زهران، أستاذ ورئيس قسم العلوم السياسية بجامعة بور سعيد ومنسق كُـتلة المستقلِّـين بمجلس الشعب عن الدورة المنتهية (2005 – 2010) والدكتورة فوزية عبدالستار، رئيسة اللجنة التشريعية والدستورية السابقة بمجلس الشعب وأستاذة القانون الجنائي بجامعة القاهرة، والمحامي نجاد البرعي، الناشط في مجال حقوق الإنسان ورئيس مجلس إدارة مؤسسة تنمية الديمقراطية المصرية، والكاتب الصحفي الدكتور عمار علي حسن، الباحث في عِـلم الاجتماع السياسي ورئيس قسم الأبحاث بوكالة أنباء الشرق الأوسط، والدكتور حمدى حسن، المتحدث الإعلامي للكُـتلة البرلمانية للإخوان المسلمين.
المستقلون ظاهرة سلبية!!
في البداية، أعلن الدكتور حمدي السيد، عضو المجلس الأعلى للسياسات بالحزب الوطنى الديمقراطى، رفْـضه لوجود المستقلِّـين بالمجالس التشريعية وقال: “أتمنى أن لا يكون هناك مستقلُّـون في المجلس القادم ولا في أي برلمان، وأن يكون كل النواب منتمين إلى أحزاب سياسية”، معتبرا أنها “ظاهرة سلبية، فلا يُـمكن للحياة السياسة أن تقوم على أكتاف المستقلِّـين”.
وأوضح السيد أنها “ظاهرة مصرية، سببها أن أحزاب المعارضة غيْـر نشطة، بل غير متواجدة أصْـلا في الشارع”، مشيرا إلى أن “مُـعظم المستقلِّـين الفائزين في انتخابات 2005، كانوا أعضاءً بالحزب الحاكم، فلمّـا لم يُـرشِّـحهم الحزب، قرّروا الترشح كمستقلِّـين”، وهذا ما يؤكده زهران بقوله: “في عام 2005، فاز المستقلون بأغلبية المقاعد وبنسبة تجاوَزت 60% (بمن فيهم كتلة الإخوان)، فيما فاز الحزب الحاكم بنسبة 32.8% فقط (!) والباقي، كان من نصيب أحزاب المعارضة”، معتبرا أنه “لو كان المجتمع ديمقراطيا، لَشَكَّـلَ المستقلون الحكومة”.
مختلفا مع السيد، يرى البُـرعي أن “وجود المستقلِّـين في البرلمان، مفيد للعملية السياسية”، معتبرا أن “المستقلين سيظلّـون يلعبون دورا أساسيا في العملية الانتخابية، لأسباب معلومة، منها: ضُـعف أحزاب المعارضة واستمرار الحزب الوطني في اللَّـعِـب بورقة العصبيات والقبليات، ووجود بعض الشخصيات التي تفضِّـل الترشح مستقلّـة، لتُـثبِـت للحزب أنها قادِرة على النجاح ودخول البرلمان، دون مظلة الحزب”.
سيناريوهان محتملان للمستقلِّـين
وفي تصريحات خاصة لـ swissinfo.ch، أوضح الدكتور جمال زهران، منسِّـق كتلة المستقلين بمجلس الشعب عن الدورة المنتهية (2005 – 2010)، أن “هناك سيناريوهيْـن للانتخابات المقبلة. أولهما، سيناريو النزاهة والشفافية، وذلك في حال وقوف الحكومة على الحياد وعدم تدخُّـلها لصالح الحزب الحاكم أو تلاعُـبها في النتائج النهائية، مع التّـسليم بأهمية الضغوط التي مُـورست على الحكومة، محليا ودوليًا، وفيه لن يقِـل نصيب المستقلين عن 100 مقعد، مثلما كان الحال في برلمان 2005”.
ويضيف زهران: “وثانيهما، سيناريو التزوير والقمْـع، وستكون نتائجه العصْـف بإرادة الشعب، ولن يحصل المستقلّـون بأنواعهم الثلاثة (مرشّـحو الإخوان + المرشحون المنفردون + مرشحو الأحزاب تحْـت التأسيس) على شيء يُـذكر، مع إمكانية ترضِـية حزب الوفد بـ 20 مقعدا، وكلاّ من حزبَـيْ التجمع والناصري بـخمسة مقاعد، إضافة إلى مقعديْـن لكل حزب صغير”.
وفي محاولة لتوضيح الصورة، يقول د. حمدي السيد: “هذه المرّة، الحزب الوطني يُـحاول تصحيح الأوضاع، ولهذا، أخذ وقتا أطول في الانتقاء والاختيار، ثم عقد المجمّـعات الانتخابية لتصفِـية المرشّـحين، كما ابتكَـر فِـكرة التوكيلات القانونية، التي تستهدِف التمعُّـن في الاختيار، وإشراك أعضاء الحزب من القواعد في الاختيار وإقناع من يرسُـب في المجمّـعات الانتخابية بعدم الترشح في الانتخابات البرلمانية والحيلولة دون الخروج عن الالتزام الحِـزبي، وفوق كل هذا، لعلاج بعض السلبيات التي ظهرت في انتخابات 2005”.
الإخوان ليسوا مستقلين!
وإذا كان البرعي لا يعتبر “مرشّـحي الإخوان ضمن المستقلين، لأنهم يمثلون كُـتلة غيْـر قانونية”، فإن عمّـار يعتبِـر أن “مرشحي الإخوان أو وُجهاء الناس في دوائر الأرياف، فرصهم ضعيفة إلى حدٍّ كبير، وذلك بمُـقتضى الصَّـفقات التي أبرمها الحزب الوطني مع عدد من أحزاب المعارضة”، فيما يقرِّر زهران أن “جماعة الإخوان المسلمين – لو اعتبرناهم مستقلون – ستحقِّـق إنجازا لا يقل عن نظيره في 2005 (حققت إنجازا تاريخيا بحصولها على 88 مقعدا بنسبة 20% من إجمالي مقاعد البرلمان)”.
وفي تصريحات خاصة لـ swissinfo.ch، يرى الدكتور حمدى حسن، المتحدث الإعلامي للكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين، أن “بعض التعديلات الدستورية الأخيرة، جعلت الحزب الحاكم ضامِـن لنتائج الانتخابات. والسؤال المطروح الآن: هل سينجح الشعب في فرْض إرادته المستقلّـة والدفاع عن أبْـسط حقوقه، وهي أن يختار بحرية مُـمثلة في الدورة البرلمانية القادمة، أم أن الحزب سيستمِـر في السيطرة على كل شيء؟”، خاصة وأن “الانتخابات التي كان يُـشرف عليها قاضٍ لكل صندوق، ستصبح نهبا أمام الحزب، وهو ما حدث في انتخابات الشورى والمحليات، التي فاز فيها الحزب الحاكم بـ 56 ألف مقعد!!”.
أما د. حمدي السيد، عضو المجلس الأعلى للسياسات بالحزب الوطنى الديمقراطي، فيعتبر أن “من أسباب بُـروز ظاهرة المستقلِّـين في الانتخابات البرلمانية بمصر، عدم السماح للإخون بتأسيس حزب سياسي”، مشيرا إلى أن “الحلّ أن يكون للإخوان حزب سياسي، يشاركون من خلاله في العملية السياسية، وحتى يحدث هذا، فإنني لا أعتبرهم ضِـمن المستقلين، وإنما هم كُـتلة من النواب الذين ينتمون إلى تيار سياسي غير مُـوثق قانونيا”.
نجوم المستقلين وتحدّي الوطني!
وفي السياق نفسه، يكشف زهران عن أن “المستقلين كانوا في برلمان 2005 على ثلاثة نماذج: نواب الإخوان المسلمين (88 نائبا) ومرشحي الأحزاب السياسية تحت التأسيس ومثَّـلهم النائبان حمدين صباحي وسعد عبود عن حزب الكرامة تحت التأسيس، ومرشحين منفردين، لا ينتمون لأي حزب أو جماعة، وكان أبرزهم النواب مصطفى بكري وكمال أحمد وعلاء عبد المنعم، إضافة إلى المتحدِّث الدكتور جمال زهران، وهو كلام يؤكِّـده مراقبون ومحللون سياسيون، يرْون أنهم “أبلوا بلاءا حسنا وقدموا خلال الدورة المُـنصرمة استجوابات وطلبات إحاطة هزّت أركان المجلس، وكانوا خلالها ندا قويًا لحزب الأغلبية”.
ويتفق مع كلام زهران، المحامي نجاد البرعي، الناشط في مجال حقوق الإنسان ورئيس مجلس إدارة مؤسسة تنمية الديمقراطية المصرية، ويضيف أن “كل برلمان له نجومه”، متوقعا أن “يعود لبرلمان 2010 بعض نجوم برلمان 2005 من المستقلين، إضافة إلى النجوم الجديدة الجيدة، التي سيفرزها البرلمان الجديد”، ويأبى حمدي حسن إلا أن يقول: “لا يمكن أن يفوز نائب بالتزوير، ثم يصبح نجما لامعا في المجلس. وإذا كان هناك بعض المستقلين قد أصبحوا نجوما، فقد جاءت نجوميَـتهم من فضْـحهم للفساد، غير أن الحزب الوطني لن يسمح هذه المرة لأي أحد لا يضمن ولاءه مقدما، بالدخول إلى لبرلمان الجديد”.
ويُـشير عمار إلى أن هناك “حِـزمة من الترتيبات المتلاحقة، التي بدأت بتعديل الدستور ثم تعديل التعديل (المادة 76)، ثم تعديل 34 مادة دُفعة واحدة، تمّ بمُـقتضاها إقرار عدم خوْض الانتخابات على أساس دِيني (المادة 5) وإبعاد القُـضاة عن العملية الانتخابية (المادة 38)، ثم قانون الإشراف على الانتخابات ثم قانون مباشرة الحقوق السياسية وإبرام بعض الصّـفقات مع عدد من أحزاب المعارضة المُـلحقة بالسلطة، ثم تشديد الضغط على مؤسسات المجتمع المدني، وأخيرا، تكميم أفواه الإعلام، الخاص والمستقل”، معتبرا أن “هذه الحِـزمة من الترتيبات، تستهدِف إنتاج برلمان يحقِّـق أهداف السلطة في انتِـقال آمن”.
خطّـة مُـحكَـمة ضدّ المستقلِّـين
ويبيِّـن البرعي أن “الحزب الحاكم ابتكر حيلة، تتلخّـص في إلزام العُـضو الراغب في الترشح للانتخابات، بعمل توكيل قانوني لأمين التنظيم بالحزب (أحمد عز)، يُـعطيه الحق في التنازل عن الترشح والانسحاب من الانتخابات نيابة عنه في أي وقت، مع إضافة تعديل جديد بأن لا يعلن الحزب أسماء مرشّـحيه، إلا في اللحظات الأخيرة”، وهو كلام يؤكِّـده زهران، مضيفًا أن “الحزب الوطني استبعَـد من الترشيح الأعضاء الذين يشغلون مواقع تنظيمية على مستوى المحافظات والمراكز والقرى”.
متفقا مع البرعي، يوضح عمار أن “الحزب الوطني كان فيما سبق يتساهل في ترشيح المستقلين في الدوائر ويترك لهم حرية الاختيار، لأنه في النهاية، مُـطمئِـن إلى انضمامهم للحزب مرّة أخرى بعد فوزهم. أما الانتخابات المقبلة، فهذا شيء آخر، لأن البرلمان المقبل يُـراد له أن يكون مصنوعًا بطريقة دقيقة، تضمَـن الانتقال الآمن للسلطة”، لأن “الحزب الحاكم يرفض ترشيح أي مستقل للانتخابات الرئاسية، ومن هنا، اخترع فكرة المجمعات الانتخابية”.
ويؤيِّـدهما فيما ذهبا إليه، الدكتور حمدي السيد بقوله: “كان وضْـع الحزب الحاكم، بعد انتهاء انتخابات 2005، مُـحرجا للغاية بعد نجاح 32% فقط من إجمالي المرشحين، فقرّر أن يأخذ الموضوع بمُـنتهى الجدية، لذا، فهو يجري انتخابات داخلية حقيقية على درجة عالية من الشفافية، وهي تجربة جديرة بالاهتمام والتقييم”، معتبرا أنها “فكرة حديثة على العملية السياسية بمصر، حيث يتمّ اختيار المرشّـحين الذين سيخوض بهم الحزب، الانتخابات التشريعية من القواعد”.
تشريع مقترح لضبط المستقلين!
وحول قانونية انضمام النائب المستقل بعد فوزه إلى حزب، تؤكد د. فوزية عبد الستار، أستاذة القانون الجنائي بجامعة القاهرة، أن “النائب الذي يرشِّـح نفسه مستقلا ثم ينضَـم إلى أي حزب سياسي بعد فوزه، يخالف القِـيم الأخلاقية التي يجب أن تسُـود في المجتمع، لأن الأصْـل أن مَـن يرشح نفسه بصفته مستقلا، فإن أبناء دائرته قد اختاروه بناءً على استقلاليته، فإذا ما تحوّل لصفة حزبية، فإنه يكون قد خدع ناخبيه”، مشيرة إلى أن “هذا عيْـب أخلاقي، لكنه لا يعالَـج إلا بتشريع قانوني”.
وتقول د.فوزية عبد الستار، رئيسة اللجنة التشريعية والدستورية السابقة بمجلس الشعب في تصريحات خاصة لـ swissinfo.ch: “المفروض أن يستمِـر النائب الذي ترشَّـح بصفته مستقلا، محافظًا على صفته الانتخابية التي نجح تبعا لها، وإذا ما أراد أن ينضَـم إلى حزبٍ ما مُـمثَّـل في البرلمان، فعليه أن يعتذر لناخبيه ويقدِّم استقالته من البرلمان ويعلن المجلس عن خُـلوِّ الدائرة ويحدِّد موعدا للانتخاب بها”، معتبرة أن “هذا جرم أخلاقي وسلوك سياسي مناف للقيم، فضلا عن أن فاعله يفقد ثقة المستقلين الذين اختاروه ووثقوا فيه”.
متفقًا مع السيدة عبد الستار، يقول البرعي: “يُـمكننا أن نقول عمَّـن يسلك هذا التصرف المشين، إنه مخادع، لكن من الناحية القانونية، لا يوجد نصّ قانوني أو دستوري يُـدينه!”، وتقترح د. فوزية للخروج من المأزق، أن “يتدخّـل المُـشرّع بنصّ بسيط لضبط هذ الأمر، ينص على:
يجب على النائب الذي يُـنتخب على أساس انتماء معيَّـن لحزب أو بصفته مستقلا، أن يحافظ على هذا الانتماء أو الاستقلالية طوال مدّة المجلس الذي انتُـخب فيه، استنادا إلى هذه الصفة. وفي حال مخالفته لذلك، تسقط عضويته فورا، لكونه لم يعُـد في الصورة التي أراده الناخب عليها”.
مستقبل المستقلِّـين في برلمان 2010
ومن جهته، يرى زهران أن “المجلس القادم سيشهد أغلبية كاسِـحة للحزب الحاكم وانحسارا واضحًا للمستقلين وتمثيلا هامشيا لجماعة الإخوان ومعارضة صورية من أحزاب المعارضة”، مشددًا على أننا “في انتخابات 2010، لن نرى ظاهرة المستقلِّـين المُـنتمين للحزب الحاكم كما كانت في 2005، اللَّـهمّ إلا في بعض الدوائر المحدّدة وبترتيبات أمنية”، وهو كلام يتوافَـق مع توقّـعات البرعي بأن “تقِـل ظاهرة المستقلين في البرلمان القادم”.
ويطرح د. حمدي حسن سؤالا يعتبره جوهريا وهو: “هل سينجح الشعب في الحفاظ على إرادته داخل الصناديق أم لا؟!”، خاصة وأن نسبة المشاركة الحقيقية في الانتخابات بمصر لا تتعدى 8 – 9%، وذلك بسبب استيلاء الحزب على البرلمان”، موضحا أن “هناك انتِـكاسة حقيقية في العملية الانتخابية بعد استبعاد الإشراف القضائي، ولهذا، فنحن نحاول أن ندفع الشعب للإيجابية والدفاع عن خياراته، لأن هذا مستقبله ومستقبل أولاده، ولأن الشعب المصري ليس كبقية الشعوب التي نهضت وانتزعت حقوقها”.
ويعتقد الكاتب الصحفي الدكتور عمار علي حسن، الباحث في عِـلم الاجتماع السياسي، أن “وضع المستقلين في الانتخابات البرلمانية المقبل، سيكون مختلفا كل الاختلاف عن الانتخابات السابقة، لأن الحزب الوطني لا يريد الفوز بالأغلبية “الميكانيكية” بضمّ المستقلين إليه بعد فوزهم، وإنما يريد أن يضمَـن الفوز من المَـنبع، وهو ما يجعل نتيجة الانتخابات القادمة معلومة مُـسبقا، مع احتمال وجود دوْر هامشي بسيط جدًا للمستقلين، ومن ثَـمّ، فإن فُـرص المستقلين عموما، باتت ضعيفة للغاية”.
عدد المرشحين في انتخابات عام 2005 بلغ 5410 مرشحا منهم: 444 وطنيًا و75 مرشحًا لتحالف الأحزاب الصغيرة التسعة و320 لتحالف الجبهة الوطنية للتغيير و128 مرشحا لحزب الغد و4243 مرشحا مستقلا، منهم 2196 عضوا منشقا عن الحزب الوطني والباقي مستقلون بدون انتماءات حزبية.
توضح الأرقام أن هذه ظاهرة المستقلين في تزايد مستمر، إذ بلغ عدد المستقلين في انتخابات عام 1987 نحو 1937 مرشحا من إجمالي 3592 مرشحا بنسبة 54%، أما في انتخابات 1990، وصل عددهم إلى 2134 مرشحا من إجمالي 2676 بنسبة 80%، وفي انتخابات 1995، وصل عدد المرشحين المستقلين إلى 2950 مرشحا من إجمالي 3980 مرشحا بنسبة 74,6%، وفي انتخابات 2000، بلغ عدد المستقلين 3280 مرشحا من إجمالي 4152 مرشحًا، بنسبة 79,5%، وفي انتخابات 2005 بلغت نسبة المستقلين 80% من إجمالي المرشحين، وكان نصفهم منشقين عن الحزب الوطني.
في انتخابات 1995، نجح 113 مستقلا، قام الحزب الوطني بضم 100 منهم إلى كتلته البرلمانية، وفي انتخابات 2000، نجح 232 مستقلا بنسبة 52% من مجمل مقاعد البرلمان، ضم الحزب الوطني منهم 216 بنسبة 47%، وعكست هذه النتائج الانتصار الكاسح للمستقلين. فلأول مرة منذ بدء تجربة التعددية الحزبية في مصر، يحصل المستقلون على عدد أكبر من المقاعد التي حصل عليها الحزب الوطني (172 مقعدا)، وجاءت قوى المعارضة بعد ذلك في المركز الثالث (38 مقعدا).
لولا قيام الحزب الوطني بضم المستقلين لخسر الحزب الحاكم في مصر الانتخابات في عامي 2000 و2005، فمن بين 444 مقعدا، هي إجمالي الأعضاء المنتخبين بمجلس الشعب، حصل المرشحون الرسميون للحزب الوطنى فى انتخابات عام 2000 على 170 مقعدا (بالمقارنة بـ 410 مقعدا في برلمان 1995)، كما انخفضت حصة الحزب الوطنى إلى 149 مقعدًا فقط فى انتخابات عام 2005، مما اضطر الحزب الوطنى لإعادة قبول المستقلين الذين ترشحوا على على مبادئ الحزب الوطني (218 مقعدا عام 2000 و167 مقعدًا عام 2005) للبقاء فى الحكم.
شعبية الأحزاب والقوى السياسية في مصر لا تتجاوز بأي حال من الأحوال 2,8 مليون مواطن، بينما الأغلبية 80 مليونا تقع في مربع المستقلين، وهؤلاء هم مخزون هذه الفئة ترشحا وتصويتا في الانتخابات التشريعية.
مجلس الشعب القادم في الدورة البرلمانية (2010 – 2015) سيكون قوامه 518 مقعدًا، مقسمة على النحو التالي: (444 مقعدا بواقع مقعدين لكل دائرة، حيث أن مصر مقسمة إلى 222 دائرة انتخابية) + (64 مقعدا للمرأة وفقا لنظام الكوتة الذي تم إقراره) + (10 مقاعد بالتعيين، وفقا للحق الذي يمنحه الدستور لرئيس الجمهورية).
النظام الفردي: التراجع عن نظام القائمة النسبية التي أخذ بها في انتخابات 1984 التي تم التراجع جزئيا عنها في انتخابات 1987 بالجمع بين نظام القائمة والترشح الفردي حتي تم تعديل النظام في انتخابات 1990 بإقرار النظام الفردي.
العصبيات والقبليات: هناك بعض المرشحين الذين يستندون إلى عصبيات وعائلات كبيرة أو إلي قدراتهم المالية الضخمة، يرشحوا أنفسهم مستقلين، معظمهم يستندون إلى رصيد كبير قدمه لأهالي دائرته من الخدمات الشخصية، وذلك باعتبارهم مرشحي خدمات يحظون بجماهيرية واسعة حتي في أوساط دوائرهم.
ضعف أحزاب المعارضة: فما زال وجود المعارضة بكل ألوان الطيف السياسي ضعيفا. فالمواطن المصري لم يتعود على فكرة المعارضة السياسية.
سلوك تقليدي: فالناخب أكثر اهتماما بقضاياه الخاصة عن القضايا العامة في ظل وطأة الأحوال المعيشية وتدني مستوي المعيشة وارتفاع الأسعار والبطالة..إلخ، الأمر الذي أسهم سلبيا في بروز ظواهر نواب الخدمات مع غياب النائب السياسي.
السلبية واللامبالاة: حالة العزوف السياسي أو اللامبالاة السياسية لدى غالبية المواطنين باحجامهم عن الأنضواء في عضوية الأحزاب السياسية أو التصويت في الانتخابات.
المنشقون عن الأحزاب: وعدم قدرة الحزب الوطني الديمقراطي على كبح جماح أعضائه الذين يترشحون، رغما عن رغبته منشقين عليه، ثم يعودون إليه مرة أخرى، وهو ما يشجع هذه الظاهرة على الاستمرار.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.