خطاب أوباما: الصحافة السويسرية تمتدح “الانطلاقة الجديدة”.. لكنها تتشكّـك
لقي الخطاب، الذي وجّـهه باراك أوباما يوم الخميس من القاهرة إلى العالم الإسلامي، صدى إيجابيا في الصحافة السويسرية. ومع أن المعلقين حيّوا الانفتاح الذي أبداه الرئيس الأمريكي، إلا أنهم توصّـلوا إلى أنه، لا مفرّ من المرور إلى الأفعال في نهاية المطاف.
في قطيعة مع سلفه جورج بوش، دعا الرئيس الأمريكي باراك أوباما في جامعة القاهرة، إلى انطلاقة جديدة في العلاقات بين بلاده والعالم الإسلامي. وتصدّر خطاب أوباما عناوين العديد من الصحف السويسرية الصادرة يوم الجمعة 5 يونيو، التي أفردت للحدث تعاليق ضافية.
في لوزان، استنتجت صحيفة 24 ساعة بشيء من التحفّـظ، أن “باراك حسين أوباما يمُـدّ يده إلى العالم الإسلامي”، وفي حديث أجرته الصحيفة مع ديزمون توتو، يتساءل الأسقف الجنوب إفريقي، الذي يتواجد حاليا في سويسرا: “إذا لم ينجح أوباما، فمَـن الذي سيتمكّـن من ذلك”؟ في إشارة إلى المُصالحة بين العالم الإسلامي مع الغرب المسيحي.
في جنيف، اختارت صحيفة لوتون التركيز في عنوانها الرئيسي على “الإنطلاقة الجديدة” مع العالم الإسلامي. وفيما نوهت إلى أن أوباما “يجيدُ استخدام الكلمة”، أكّـدت على أن “عباراته ليست خاوية”.
وذهبت لوتون أيضا إلى أن الرئيس الأمريكي تمكّـن من خلال “تمرينه البهلواني” الناجح، من تمرير الرسالة التي تفيد بأنه لا يريد فرض أي شيء “سوى قوة رسالته. إنه يريد تحويل الولايات المتحدة إلى مِـثال، بديلا عن شيطان. وبعد ذلك، فبإمكان كل شخص أن يتّـبع هذا المثال أو لا…”.
وفيما تتجنّـبُ الصحيفة، الصادرة في جنيف، الجواب بوضوح عن سؤال “هل يختبئ وراء هذا الانفتاح قدرٌ من الصّـلف؟” الذي يطرحه البعض، إلا أنها تُـقِـرّ بوجود طيف من الإشارات الواعدة، التي تدفع للاعتقاد بأن “الأمور تتغيّـر”.
تشاؤم رجل الشارع
في زيورخ، تلاحظ صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ، أن أوباما انطلق بشكل جيّـد في سعيِـه للإنفتاح، وأنه يمسك بالعديد من الأوراق بيده، من ضمنها سيرته الذاتية، لكنها ترى أن “الخِـطابات لا تكفي، مهما كانت مميّـزة”. فالشعوب في العالم الإسلامي “متشائمة وستحكُـم على أوباما من خلال أفعاله”، والملفِـتُ أن هذه الفِـكرة، أشار إليها مُـعظم المعلِّـقين السويسريين.
في هذا الصدد، اعتبرت صحيفة تاغس أنتسايغر، الصادرة في زيورخ، أن خطاب الخميس “شجاعٌ، لكنه غير ملموس بالمرّة”، فهو شُـجاع لجهة انفتاحه ويفتقِـر إلى الجانب الملموس، خاصة فيما يتعلّـق بالطريق المؤدّي إلى إقرار سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
على كل حال، تستنتِـجُ صحيفة بيرنر تسايتونغ، الصادرة في برن، أن الورشات الكبرى (التي تنتظر الرئيس الأمريكي) متعدِّدة، وهي تشمل، الإستقرار في العراق وأفغانستان والحوار مع إيران والأنظمة المتسلِّـطة في الخليج، وإذا ما كان “أوباما صاحب الرؤية، قد نطق بالعديد من الكلمات الصحيحة في القاهرة، فإن أوباما البنّـاء، لم يكشِـف عن نفسه بعدُ”.
انتظارات.. وخيبات مُـرتقبة
مع ذلك، ترى صحيفة بازلر تسايتونغ، الصادرة في بازل، أن هذا الخطاب “لم يكُـن متخيّـلا على لسان رئيس أمريكي آخر”، بل إن أوباما لم يتردّد في القيام بنقد ذاتي، “دون التّـهوين من المشاكل التي تُـعاني منها الأطراف المقابلة، بل إن العكس هو الذي حدث”، لذلك، فإن هذا الخطاب يستحِـث الأمل، بالرغم من أن القدُرات البلاغية للرئيس الأمريكي تقترنُ بسلبية ضخمة، تتمثل في إثارة توقّـعات وانتظارات ستخيبُ بالضرورة.
في سياق متصل، وفيما يتعلق بعملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، على سبيل المثال، قال أوباما، إنه يريد سلوك “الطريق الصحيح، لا الأسهل”، مثلما تُـذكِّـر صحيفة لوتسرنر تسايتونغ، التي تذهب إلى حدِّ اعتبار أن مقاربة أوباما قد تضعُ المتطرِّفين في المنطقة في مأزق، وتضيف “وإثر ذلك، على المسلمين الاختيار”.
صحيفة لاليبيرتي، الصادرة في فريبورغ، ذكّـرت بأن باراك أوباما حرِص على القول، بأنه لن يكون الرجل الذي يطلُـب الصَّـفحَ أو الشخص الضعيف، ذلك أن “الأخطاء الكارثية لأسلافه في المنطقة، أصبحت جزءً من الماضي، بل يبدو أن كل كلمة من كلماته، تؤكّـد أنه “عِـوضا عن تسديد حسابات لا نهاية لها، يجب التوجّـه إلى الأمام”.
على كلٍّ، ترى الصحيفة الصادرة في فريبورغ، أنه من المستحيل القول منذ الآن، ما إذا كان خطاب القاهرة سيوصف يوما ما بـ “المؤسِّـس أو أنه سيلتحِـق ببئـر البلاغة السياسية الإنسانية، الذي لا قرار له… وفي النهاية، فإن الأشهُـر والسنوات القادمة، ستقول ما إذا كان الحَـرف قد تحوّل إلى فِـعل..”.
swissinfo.ch مع الوكالات
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.