دعوة من جنيف لاحترام تطلعات المصريين وإدانة للحد من الحريات
أخيرا، خرج أمين عام الأمم المتحدة عن صمته بخصوص أحداث مصر، ودعا من دافوس بسويسرا السلطات السياسية في المنطقة الى اعتبار ما يجري " فرصة للالتزام بتلبية المطالب الشرعية لشعوبها". كما دعت المفوضة السامية لحقوق الإنسان " لضبط النفس والتحقيق في الاستعمال المفرط للقوة بعد قتل 5 مدنيين على الاقل". و نظم عدد من مصريي جنيف ومتعاطفون معهم مظاهرة أمام مكتب مفوضية حقوق الإنسان للمطالبة " برحيل نظام مبارك".
إذا كانت السلطات الأممية ممثلة في الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة ومفوضة حقوق الإنسان قد لحقا بالركب في الساعات الأخيرة من تطورات الأحداث التي أدت الى الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي في تونس لكي يتخذوا موقفا منتقدا، فإنهم في أحداث مصر التزموا الصمت إلى ان اضطر الأمين العام بان كي مون للرد على اسئلة الصحفيين على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد في منتجع دافوس بسويسرا.
نقول اضطر لأنه أتى ليتحدث للصحفيين عن “مشاغل التغيرات المناخية” و ” إنجازات التحالف القائم بين الأمم المتحدة وكبريات الشركات المتعددة الجنسيات لاحترام معايير حقوق الإنسان ودعم التنمية المستدامة”.
ولكن أول سؤال للصحفيين ذكّره بما يحدث في مصر وذكره ” بأنه تحدث على التو في المنتدى عن ” أن الثورة ضرورية ” وطالبه بتوضيح موقفه مما يحدث ” من محاولة السلطات المصرية وقف المظاهرات واستخدامها لقطع اتصالات الإنترنت واتصالات الهاتف النقال”.
وهو ما رد عليه الأمين العام بالقول” يجب أن أوضح لتفادي أي سوء فهم، ” الثورة ” التي تحدثت عنها هي ” ثورة في طريقة التفكير” لمعالجة مشاكل مثل التغيرات المناخية ويجب الا يُساء استخدام هذا التعبير”.
متابعة أحداث تونس ومصر …
وفي إجابته على السؤال بخصوص أوضاع مصر أوضح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون “إنني أتابع كل التطورات الحاصلة في بلدان المنطقة، انطلاقا من تونس ومصر ثم اليمن وباقي المناطق. وما قلته بطريقة متكررة أنه على الشعب المعني او المسؤولين أن يضمنوا بأن الأوضاع السائدة في المنطقة والسائدة بالخصوص اليوم في مصر، بالا تقود الى مزيد من العنف. وأوجه نداءا للسلطات لكي تنظر الى كل ما يحدث على أنه فرصة للالتزام بتلبية المطالب والآمال المشروعة للشعوب”.
وأضاف الأمين العام ” إن من مسئولية زعماء كل دولة ، ومن مهامهم أيضا، الاستماع بإمعان الى تطلعات شعوبهم، وما هي المشاكل والتحديات التي تواجههم؟”. وأوضح الأمين العام قائلا ” إنني أعرف أن بعضا من هذه الاهتمامات يتم التعبير عنه اليوم في مظاهرات الشوارع. لذلك يجب أولا وقبل كل شيء احترام حرية التعبير وحرية التجمع”.
وعن إغلاق السلطات المصرية لشبكة الإنترنت وبعض من شبكات الاتصالات، قال الأمين العام ” اعتقد بأن إحدى الدعائم الأساسية للديمقراطية، هي احترام وحماية حرية تعبير الشعب. وأنه عبر الحوار يمكن للقادة فهم تطلعات وآمال وتحديات الشعوب. وهذا ما ادعو للتمسك به مرة أخرى”.
دعوة لضبط النفس
أما المفوضة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي فدعت في بيان صدر بعد ظهر الجمعة “إلى ضبط النفس وحماية حق المواطنين في التعبير عن الرأي، والحق في الإعلام والتجمع وفقا لقوانين البلد والمعايير الدولية لحقوق الإنسان”.
وقالت المفوضة السامية ” لقد بلغ لعمي منذ اندلاع مظاهرات الشوارع أن الشرطة عمدت الى مواجهة المتظاهرين باستخدام الطلقات المطاطية، والغازات المسيلة للدموع، وخراطيم المياه والعصي، وانها أوقفت اكثر من 1000 شخص بما في ذلك قادة معارضة”.
وأوضحت المفوضة السامية لحقوق الإنسان ” إذا كان الحفاظ على النظام والقانون أمرا مهما فإن من المسئوليات المهمة للحكومة حماية الحق في الحياة، وفي الحرية والأمن”.
وناشدت المفوضة السامية لحقوق الإنسان السلطات المصرية من أجل ” اتخاذ إجراءات عملية لضمان الحق في التجمع السلمي، وحرية التعبير، بما في ذلك إعادة توفير الاستخدام الحر للهواتف النقالة والشبكات الاجتماعية”.
وطالبت السيدة بيلاي السلطات المصرية” بالشروع في التحقيق بشان الأخبار التي مفادها أن هناك استخداما مفرطا للقوة، وفي مقتل خمسة أشخاص مدنيين أو أكثر”.
وبخصوص حالة الطوارئ المفروضة في البلاد منذ حوالي 30 سنة، قالت المفوضة السامية “اعتقد بان رفع حالة الطوارئ كان من المفروض أن يتم منذ مدة وأن له علاقة بأسباب الكثير من الكبت والخوف الذي يظهر غلايانه اليوم في الشوارع”. وقد رحبت المفوضة السامية “بدعوة المجلس الوطني المصري لحقوق الإنسان الى حوار مفتوح بين كل الأحزاب السياسية والمجموعات الاجتماعية لبلورة خطوات كفيلة بوضع حد للفقر وتفشي الرشوة”.
واختتمت المفوضة السامية لحقوق الإنسان بيانها بالقول: “إن على دول المنطقة ودول العالم أن تستخلص العبر من أن تكميم أصوات المواطنين، وإسكات المعارضين، وتجنب الانتقادات سوف لن يعمل على اختفاء المشاكل. لأن أحداثا شهدتها المنطقة مؤخرا قد أظهرت جليا بأن معالجة المشاكل الكبرى بالاعتماد بالدرجة الأولى على الإجراءات الأمنية وحدها، سوف لن يعمل إلا على تعقيدها أكثر وإلى احتمال انفجارها على نطاق أوسع”.
إدانة اعتقال الصحفيين
كما أصدرت الحملة من أجل شارة لحماية الصحفيين التي مقرها في جنيف بيانا أعربت فيه “عن القلق الكبير من غلق شبكة الإنترنت وشبكة الاتصالات النقالة في مصر”.
كما أدانت الحملة الهجمات التي يتعرض لها الصحفيون من بينهم مراسلون للجزيرة وتلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية. وأدانت الحملة توقيف أربعة صحفيين فرنسيين” والذين ورد فيما بعد أنه تم الإفراج عنهم”. وأدانت حملة الشارة من اجل حماية الصحفيين بالخصوص ” الهجوم بالغازات المسيلة للدموع التي تعرضت لها بناية نقابة الصحفيين”.
شهدت جنيف مظاهرة بعد ظهر الجمعة 28 يناير لحوالي 150 من أبناء الجالية المصرية في جنيف والعديد من المتعاطفين معهم ” للتعبير عن التضامن مع الشعب المصري”.
ويصر مدير منظمة التعارف عبد الحفيظ الورديري المشارك في المظاهرة على أن هذه المظاهرة ليست من صنع تيارات إسلامية كما يرغب البعض في تصويرها بل جمعت عدة تيارات والعديد من موظفي المنظمات الدولية”.
ومن الشعارات التي تم ترديدها في المظاهرة ، دائما حسب السيد عبد الحفيظ الورديري ” يا مبارك يا مبارك، السعودية في انتظارك” في تلميح الى أن المصير سيكون مثل مصير الرئيس زين العابدين بن علي الذي استقبلته السعودية بعد أن تمت الإطاحة به في ثورة شعبية بتونس.
وكون المظاهرة نظمت امام مبنى مفوضية حقوق الإنسان كان لتذكير المفوضة السامية بضرورة الخروج عن الصمت لأنها لم تكن قد أصدرت بيانها في حينها.
ويشير المنظمون الى انه يتم التحضير لمظاهرة أخرى غدا السبت 29 يناير، عند منتصف النهار في نفس المكان لمواصلة التعبير عن التضامن مع الشعب المصري.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.