رغم التحديات.. سويسرا تحشد الجهود لمكافحة الألغام المضادة للأفراد
تستعد سويسرا في عام 2009 لترؤس المؤتمر السنوي للدول الأعضاء في معاهدة أوتاوا المتعلقة بحظر الألغام المضادة للأشخاص بتسليط الأضواء على إيفاء الدول بالتزاماتها وبتحريك ملف إعادة تأهيل ضحايا الألغام.
وإذا كانت برن قد عبرت على مدى العشرية السابقة عن دعمها النشط لمعاهدة أوتاوا لحظر إنتاج وتخزين وتصدير واستخدام الألغام المضادة للأفراد من خلال استضافة المؤتمر السنوي الذي ينعقد في جنيف كل سنتين، فإنها ستتولى هذه المرة رئاسة المؤتمر طوال عام 2009 ممثلة في شخص السفير يورغ شترولي.
وزيرة الخارجية ميشلين كالمي – ري ستفتح المؤتمر التاسع الذي ينعقد من 24 إلى 28 نوفمبر الجاري، فيما ستركز سويسرا خلال نشاطات هذا العام على الإعداد لمؤتمر المراجعة الثاني الذي سينعقد في موفى 2009 وسيتزامن مع مرور عشر سنوات على اعتماد معاهدة أوتاوا في عام 1997 التي انضمت لها لحد اليوم 156 دولة.
تقدم وتحديات
بعد تولي الأردن رئاسة مؤتمر معاهدة أوتاوا في عام 2007، يذهب السفير يورغ شترويلي إلى أن من بين التحديات التي على سويسرا أن تواجهها خلال فترتها الرئاسية، ملف الإعداد لمؤتمر المراجعة الثاني الذي سينعقد في موفى عام 2009، أما التحدي الأكبر الذي ستواجهه برن، فقد ورد بعدُ في شعار المؤتمر، ويتمثل في “ضرورة احترام الالتزامات الواردة في بنود المعاهدة”.
ومع أن السفير يورغ شترويلي، ذكّر بأن العالم قد نجح في التخلص من 40 مليون لغم منذ دخول المعاهدة حيز التطبيق، (من بينها مليوني لغم في سويسرا وحدها)، فإن أكثر من 170 مليون لغم ما زال متوفرا في مخازن الدول الأعضاء وغير الأعضاء، كما أن كل الدول الأعضاء في معاهدة أوتاوا أوقفت إنتاج الألغام في الوقت الحالي مقارنة مع 50 فقط قبل عشر سنوات.
مع ذلك، يرى السفير شترويلي أن “آفاق رؤية عالم خال من الألغام المضادة للأفراد ما زال بعيدا، وأن العديد من الدول تعاني من جسامة عبء التخلص من مخزونها من الألغام”.
تأخر في القضاء على مخزون الألغام
من بين النقاط الهامة، التي سيناقشها مؤتمر الدول الأعضاء في معاهدة اوتاوا حول الألغام المضادة للأفراد عند انعقاده في 24 نوفمبر الجاري في جنيف، موضوع التأخير الذي سجلته عشر دول في القضاء على مخزونها من الألغام المضادة للأفراد، ومن ضمنها ثلاثة دول لم تحترم المهلة المحددة لذلك (4 أعوام)، وهي تركيا والدنمرك وفنزويلا.
ومن التحديات التي يجب على مؤتمر عام 2009 للدول الأعضاء في معاهدة أوتاوا معالجتها، الطلب الذي تقدمت به 15 دولة لتمديد المهلة المخصصة لها من أجل القضاء على مخزونها من الألغام المضادة للأفراد. وفي هذا الصدد، يقول السفير شترويلي: “إن هذه الدول قدمت عدة أسباب لذلك تتراوح ما بين العوامل البيئية والمشاكل المالية التي منعتها من الإيفاء بالتزاماتها في غضون العشرة أعوام التي تنص عليها الاتفاقية”.
وأفاد السفير شترويلي أنه سيحاول، بصفته رئيسا للمؤتمر، “التوصل إلى رد جماعي منطقي للدول الأعضاء على طلب التمديد هذا بعد التعرف على الأسباب والدوافع وبعد الأخذ بعين الاعتبار للإمكانيات المتاحة أمام كل بلد من أجل القيام بعملية إبطال مفعول الألغام”.
في المقابل، تحدثت سيلفي بريغو، المديرة التنفيذية للحملة العالمية لمحاربة الألغام المضادة للأفراد، عن “تحفظات الحملة العالمية لمناهضة الألغام بخصوص طلب تمديد المهلة”، وطالبت بأن لا يتحول الأمر إلى “مجرد مصادقة شكلية على طلب تمديد، بل أن يخضع ذلك لتحليل دقيق لتعليلات مدعمة بأدلة توضّـح أسباب التأخير وما يمكن اتخاذه للتعجيل بالقضاء النهائي على المخزون من الألغام”. وشككت ممثلة الحملة العالمية في جدية بعض الدول في عملية القضاء على مخزونها، “خصوصا وأن من بينها دولا مثل بريطانيا وفنزويلا”.
كما انتقدت سيلفي بريغو “عدم احترام ثلاث دول للمهلة التي كانت مخصصة لها لإتلاف مخزونها من الألغام المضادة للأفراد، وهذه الدول هي روسيا البيضاء وتركيا واليونان”، ورأت في ذلك “سابقة خطيرة، لأن أي لغم موجود حتى في مخزن آمن اليوم، قد يتحول غدا الى خطر على أرواح الناس لو تتغير الأوضاع الأمنية في البلد المعني”. لذلك، عبرت ممثلة الحملة العالمية لمحاربة الألغام عن “الأمل في أن يقدم المؤتمر إشارة قوية لهذه الدول من أجل القضاء على مخزونها وأن لا يقبل تمديد المهلة”.
مشكلة تأهيل الضحايا
في سياق متصل، يعترف السفير يورغ شترويلي بأن من بين نقاط الضعف في معاهدة أوتاوا أو في تطبيقها، مشكلة الأخذ بيد الضحايا وإعادة تأهيلهم في المجتمع وإدماج ذلك ضمن جهود المساعدة في مجال التنمية.
وفي هذا الصدد، قالت سيلفي بيرغو، مديرة الحملة العالمية لمحاربة الألغام المضادة للأفراد “إن ضحايا الألغام وأهاليهم ما زالوا ينتظرون في الكثير من الدول بلورة مخططات عمل قادرة على تغيير حياتهم فعليا”، واعتبرت أن هذا الملف “يشكل واحدة من أكبر التحديات للرئاسة السويسرية لهذا المؤتمر”.
وفي رد على استفسار لسويس إنفو عمن يتحمل المسؤولية في إعادة تأهيل الضحايا، وهل للبلد المنتج للألغام أية مسؤولية في ذلك، رد السفير شترويلي بأنه “على كل دولة أن تحل هذه المشكلة وفقا لإمكانياتها المالية وبالاستعانة بالدعم الدولي، أما مسؤولية الدول المنتجة أو التي زرعت الألغام، فليست هناك مسؤولية محددة في المعاهدة، وهذا ما تعتمد عليه بعض الدول التي لم تنضم للمعاهدة، والتي تقول إن مشكلة الألغام التي تعاني منها (والتي تعود إلى الحرب العالمية)، هي من صنع دول أخرى وأنها سوف لن تنضم للمعاهدة ما لم تعترف هذه الدول بمسؤوليتها” عن هذا الواقع.
سويس إنفو – محمد شريف – جنيف
بدأ العمل بمعاهدة أوتاوا لحظر استخدام الألغام المضادة للافراد تعود يوم 1 مارس 1997.
تهدف المعاهدة الى فرض حظر عالمي على الألغام المضادة للافراد وعلى القضاء على مخزون الدول الأعضاء منها وعلى نزع الألغام من المناطق التي زُرِعت فيها وعلى تقديم الدعم لضحاياها.
الدول العربية الأعضاء في المعاهدة هي: الجزائر وجزر القمر وجيبوتي والأردن وموريتانيا وقطر والسودان وتونس واليمن.
1997 تم اعتماد معاهدة أوتاوا المتعلقة بحظر إنتاج وتخزين وتصدير واستخدام الألغام المضادة للأفراد، ودخلت حيز التطبيق في عام 1999.
156 دولة انضمت إليها إلى حد اليوم.
دول كبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا لم تنضم بعد للمعاهدة.
176 مليون لغم ما زالت في مخازن حوالي 46 دولة.
40 مليون لغم تم تحطيمه منذ دخول المعاهدة حيز التطبيق.
تخصص سويسرا سنويا ما بين 16 و18 مليون فرنك لتمويل برامج إبطال مفعول الألغام المضادة للأفراد وأنواع أخرى من الذخيرة.
طلبت 15 دولة موقعة على معاهدة اوتاوا، تمديد المهلة المخصصة لها للقضاء على مخزونها من الألغام، من ضمنها بريطانيا.
3 دول لم توفِ بالتزاماتها المتعلقة بالقضاء على مخزونها من الألغام في غضون أربعة أعوام، وهي تركيا واليونان وروسيا البيضاء.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.