سويسرا تتعقب المحتالين والمخترقين والمتصيدين على شبكة الإنترنت
يواجه المسؤولون في الحكومة السويسرية يومياً حقيقة الاستخدامات غير المشروعة للإنترنت، بما في ذلك المواد الإباحية والعنصرية وانتشار الفيروسات الضارّة بأجهزة الكمبيوتر وسوء استخدام البيانات الشخصية. وفي تصريح أدلى به الخبراء لـ swissinfo.ch، فإن جرائم الإنترنت - من الاستغلال الجنسي للأطفال إلى سرقة البيانات - تزداد انتشاراً وبراعة.
وفي شهر أكتوبر من العام المُنصرم، استهدف قراصِـنة الكمبيوتر وزارة الخارجية السويسرية. وفي أعقاب قبول سكان سويسرا مُبادرة حظر تشييد المآذن في نهاية شهر نوفمبر الماضي، كانت هناك تقارير عن هجماتٍ على مواقع سويسرية تتضمن منشورات من جانب أشخاصٍ يدافعون عن الإسلام.
لمعرفة المزيد عن الحالة الأمنية على شبكة الإنترنت في سويسرا، تحدثت swissinfo.ch إلى كريستيان امبروسيني من وِحدة التنسيق السويسري لمكافحة الجريمة الإلكترونية والتي تقوم بمحاربة الجريمة على الإنترنت، وماورو فيغناتي، الذي يعمل في مركز التحليل وإعداد التقارير لتأمين المعلومات “ميلاني” MELANI ،الذي يتعامل مع القضايا الأمنية للكمبيوتر والإنترنت.
swissinfo.ch: هل من العدل ربط الهجمات الأخيرة على مواقع الإنترنت بالأحداث السياسية؟
ماورو فيغناتي: تحدث حالات تشويه مواقع الإنترنت (أي القيام بتغييرات غير مرغوب فيها للموقع) كل يوم. ومع ذلك، هناك علاقة بالتأكيد بين هذا النوع من النشاط والبيئة الاجتماعية والسياسية. فعلى سبيل المثال، حدث شيء مُـماثل بعد مباراة كرة القدم في عام 2005 بين تركيا وسويسرا وانتهت بمُشاجرة، حيث تأثَرَت على أعقابها مئات المواقع السويسرية.
استُهدِفَت وزارة الخارجية السويسرية بدورها من قِبَل القراصنة…
ماورو فيغناتي: هذه الحالة لم تكن هجوماً على موقع الوزارة، ولكن على الخوادم التي تحتوي على المعلومات. وقد كان الهدف النهائي هو سرقة البيانات، وهو أكثر طموحاً وأصعب بدرجات من عملية التشويه. ولا يزال التحقيق حول هذه الحادثة جارياً إلى اليوم.
ما هي جرائم الحاسوب الأكثر شيوعا؟ وهل توجد هناك أية اتجاهات جديدة؟
كريستيان امبروسيني: ظلَّ عدد التقارير حول جرائم الإنترنت والتي يمكن تقديمها بشكل إلكتروني من خلال موقعنا، مُستقراً نسبياً. وقد تلقّـينا نحو7،000 تقرير في عام 2008، كان سُدسها متعلِّـقاً بجريمة الاستغلال الجنسي للأطفال.
حتى بضع سنوات مضت، كان البريد المزعج (غير المرغوب فيه)، هو الموضوع الرئيسي والذي كان الكثير منه على شكل احتيال متنوّع عبر الإنترنت – فضلاً عن الإباحية والولع الجنسي بالأطفال. وقد تم صقل هذه التقنيات في يومنا هذا وأصبح من السهل خداعنا. عليك فقط أن تنظر إلى الموجة الأخيرة من عمليات الاحتيال المُرتبطة بالعقارات الوهمية المعروضة للإيجار أو بمخازن العطور على شبكة الإنترنت المسجلة في سويسرا، والتي نجحت في الاحتيال على مئات الزبائن.
وما أصبحت أكثر جدّية اليوم، هي محاولات التصيّد (محاولات الحصول على معلومات حسّاسة خاصة بمستخدمي الإنترنت، سواء كانت معلومات شخصية مثل أسماء المستخدمين وكلمات السر أو مالية، مثل تفاصيل بطاقات الائتمان، ومن خلال تظاهر المصدر بالمصداقية وكأنها مبعوثة من شركات أو مؤسسات مالية وحكومية موثوقة، كالبنوك الإلكترونية)، وهنا يتوجّـب الحذر أولاً وأخيراً. أضف إلى ذلك، فقد أدّت الأزمة المالية إلى تقليل الحذر عند بعض مُـستخدمي الإنترنت متأثّـرين بوعودٍ للحصول على المال السهل والتوفيرات الكبيرة أو الأرباح المُـدهشة. ومن الصعب تكوين صورة شامِلة عن هؤلاء بسبب خجل البعض من الاعتراف بأنهم كانوا عُـرضة لهذا النوع من الاحتيال.
هل تكفي وسائِل التعاون الدولي الحالية لمكافحة الجريمة عبْـر الإنترنت؟
كريستيان امبروسيني: لقد وقَّعَت سويسرا على اتفاقية مجلس أوروبا المتعلِّقة بجرائم الحاسوب، ولكن هذا لم يُصَدَّق بعد. وقد تكثّـفت المناقشات في الأشهر الأخيرة، غير أنه من الصحيح أن سويسرا، وبالمُقارنة مع بلدانٍ أُخرى، لا تزال متأخِّـرة قليلا عن الركب.
ماورو فيغناتي:تتعلَّق مزايا هذه الاتفاقية بالاحتفاظ بالبيانات ووجود نقطة اتِّـصال واحدة لجميع المعلومات المطلوبة التي قد تكون مُـفيدة في التحقيقات في البلدان المُوَقَّـعة على هذه الاتفاقية.
كريستيان امبروسيني: هناك أيضا الهدف لعمل مبادئ توجيهية مُشتركة على الصعيد التقني والقانوني مع أخذ الاختلافات الثقافية والقانونية بين الدول بنظر الاعتبار. وعلى سبيل المثال، فإن نفْـي حَدَثٍ ما (كمحرقة اليهود مثلاً)، هي مسألة تستحقّ العقوبة في بُلدان معيّـنة ولا يُحاسِـب عليها القانون في بلدان أخرى. وعلى العموم، فإن بعض البلدان ومُزوِّدي شبكة الإنترنت – كما في أوروبا الشرقية وآسيا – ليست مُتعاونة كثيراً عندما تُطلب منها المساعدة.
ومع ذلك، ولحسن الحظ، تمَّ إنشاء شبكة من الخبراء تلقائيا – وبدون تدخلٍ من السلطات – ممّـا يساعد على تبادُل المعلومات على المستوى الدولي. أمّا مع البُلدان المُجاورة، فالتعاون ممتاز ونحن كثيرا ما نتصّرَف بالنيابة عن أطرافٍ ثالثة.
ما هي العلاقة بين حالات جريمة الاستغلال الجنسي للأطفال وتطوير شبكة الإنترنت؟
كريستيان امبروسيني: إن شبكة الإنترنت ليست السبب بالتأكيد، وإنما هي ناقل فَتَح الطريق للوصول إلى هذا النوع من المواد وسَهَّل الاتصالات، كما غَـذّى فضولاً معيناً غيْـر صحي عند البعض.
هل سيكون من المفيد عرض دورات مدرسية عن مخاطر الإنترنت؟
ماورو فيغناتي: بالتأكيد، حيث لا يوجد حل تِقني يضمن السلامة التامة، ولذلك يجب أن يتم التركيز على الوقاية.
في عالمنا الحقيقي، قمنا بتطوير ثقافة الأمن. نحن نقوم بقفل المنزل وأبواب السيارة، هذا الأمر ليس تلقائياً بعدُ عندما نتصفح الإنترنت، حيث أن المخاطر هناك ليست واضحة كما في منطقة خطرة في الساعة الثانية صباحاً، ولكن من الممكن أن تكون هناك أخطار خفية، فيما يبدو لنا موقعاً طبيعياً على الإنترنت.
علينا أن نعمل الآن، نحن نستخدم أدوات متطورة بصورة متزايدة يومياً تفرضها علينا أعمالنا، مثل الأعمال المصرفية الإلكترونية، ولكننا لا نعلم كيف تعمل هذه الأدوات، ويؤدي توسع هذه الفجوة في المعرفة بالتالي، إلى زيادة المخاطر.
كذلك علينا أيضا أن نحذر عند القيام بإعطاء البيانات الشخصية، و غالبا ما نقوم بعمل ذلك من غير وعي. والمثال الكلاسيكي على ذلك، هو الشبكات الاجتماعية، حيث يتوجب علينا أن نكون أكثر حذراً.
اندريا كليمانتي – swissinfo.ch
وجد تقرير “ميلاني” (مركز التحليل وإعداد التقارير لتأمين المعلومات) الصادر في 29 أكتوبر من عام 2009 للنصف الأول من نفس العام، زيادة في استهداف الرقابة الإشرافية ونُظم حيازة البيانات للمنشآت الصناعية والمرافق العامة من قبل المجرمين الإلكترونيين.
وكان واضحا أيضاً أن هناك تحوّلاً عن الهجمات عن طريق البريد الإلكتروني مع المرفقات أو الروابط، إلى الهجمات عن طريق “المرور عبر الصفحات” لإصابتها بالعدوى. وخَلص التقرير إلى أن المسار الكلاسيكي لنشر البرمجيات الخبيثة (البرامج الضارة) عن طريق رسائل البريد الإلكتروني مع المرفقات أو الروابط، أضحت لا تعمل بنفس النجاح بعد الآن، حيث أصبح رد فعل المُستخدمين أكثر حساسية كما أنهم صاروا لا ينَقرون على كل رابط يرِدهُم في رسائلهم الإكترونية ولا يقومون بفتح كل مرفق غريب الشكل.
وصار المهاجمون اليوم يخترقون مواقع الإنترنت على نحو متزايد، ليزرعوا بها الشفرات الخبيثة، مما يؤدي إلى إصابة كمبيوتر الشخص الذي يقوم بزيارة هذه المواقع وبكل بساطة من خلال تصفحه للإنترنت (المرور عبر الصفحات).
وكثيرا ما يهاجم قراصنة شبكة الإنترنت الصفحات الشهيرة وذات السمعة الجيدة. كذلك تلعب محركات البحث دورا لا ينبغي التقليل من ِشأنِه. ووجد التقرير أن جهوداً تُبذل للوصول إلى تسوية مع المواقع التي تتميز بدرجة عالية من الشعبية، غير أنَّ حمايتها ضعيفة أو أنها تُظهِر نقاط ضعفٍ.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.