سويسرا تـلتحق أخيرا بركب “شنغن”
يُفترض أن يُساهم انضمام سويسرا رسميا إلى منطقة شنغن اليوم الجمعة، 12 ديسمبر 2008، في تحقيق تعاون أوثق من أي وقت مضى مع الاتحاد الأوروبي في مجالي الشرطة واللجوء.
وبهذه المناسبة، التقت وزيرة العدل والشرطة السويسرية إيفلين فيدمر-شلومبف بعدد من خبراء شنغن الأوروبيين في مدينة بازل على الحدود الشمالية لسويسرا مع ألمانيا وفرنسا.
واختارت الوزيرة بازل مكانا للاحتفال بهذه “الخطوة الهامة إلى الأمام”، حسب تعبيرها، لأنها ترتبط بشكل وثيق مع جارتيها الأوروبيتين. كما أشادت السيدة شلومبف ببـُلوغ هدف الحكومة الفدرالية المتمثل في تنفيذ الانضمام إلى شنغن قبل نهاذية عام 2008، مشيرة إلى أن سويسرا باتت تتوفر على أداة فعالة لمحاربة الجريمة الدولية والإرهاب والمتاجرة بالبشر والمخدرات.
في المقابل، أشارت الوزيرة في تصريحات صحفية إلى أن تكاليف مُشاركة سويسرا في فضاء شنغن قد تضاعفت بعشر مرات، بحيث بلغت حاليا 140 مليون فرنك، مقابل 10 إلى 12 التي كانت متوقعة في البداية.
وقد تم التخطيط لتنظيم احتفال أكبر – على المستوى الوزاري- في نهاية شهر مارس القادم عندما ستُدمج مطارات سويسرا بدورها في اتفاقيات شنغن.
وتتعلق هذه الاتفاقيات باختصار بـإلغاء عمليات المراقبة المنهجية لجوازات سفر الأشخاص بين البلدان المُشاركة فيما أصبح يُعرف بفضاء شنغن.
وقبل عام، رافقت حماسة أكبر انضمام ثمانية بلدان من أوروبا الشرقية ومالطا إلى فضاء شنغن، بحيث احتفل السياسيون وحشود غفيرة من المواطـنين بالحدث المتمثل في اختفاء المراكز الحدودية تحت سماء زينتها ألوان الألعاب النارية. فبالنسبة للعديد من أبناء أوروبا الشرقية، مـثّل السفر إلى البلدان الأعضاء في منطقة شنغن بدون مراقبة الجوازات نصرا نهائيا على الستار الحديدي.
“الرقابة الجمركية باقية”
غير أن الحدود السويسرية لن تشهد تغييرات كبيرة بدخول البلاد رسميا إلى منطقة شنغن.
وقد أوضحت كاترين كروبف، من وزارة العدل والشرطة السويسرية، بأن “الرقابة الجمركية سوف تظل قائمة، وبالتالي فإن انضمام سويسرا إلى شنغن لن يكون له نفس المعنى الرمزي” لبلدان أوروبا الشرقية.
وبما أن سويسرا ليست عضوا في الاتحاد الجمركي الأوروبي، فلن تكون هنالك تغييرات على مستوى دخول السلع للبلاد. فعلى سبيل المثال، لن يغير الالتحاق بشنغن كمية النبيذ الأحمر الذي يمكن للمُسافرين جلبه إلى سويسرا من فرنسا، بحيث ستبقى مُشترياتهم خاضعة لنفس الضوابط الجمركية.
أما عمليات المراقبة المنهجية للجوازات وبطاقات التعريف فستتوقف على الحدود مع سويسرا (باستثناء إمارة ليخشتنشتاين التي لن تنضم إلى شنغن قبل نهاية 2009)، لكن ستحل محل المراقبة المنهجية عمليات تفتيش عشوائية في المناطق الحدودية وعلى متن القطارات الدولية.
لكن هذا الإجراء ليس جديدا بالنسبة للسويسريين نظرا لأن حرس الحدود السويسرية بدؤوا منذ فترة القيام بعمليات المراقبة المُتنقلة للحدود.
وبالنسبة للسياح والمسافرين القادمين من بلدان خارج الاتحاد الأوروبي، ستسمح لهم تأشيرة شنغن بدخول سويسرا أيضا. أما الأجانب المقيمون في سويسرا (باستثناء حالات محدودة)، فلن يحتاجوا بعدُ لتأشيرة لزيارة بلدان منطقة شنغن.
وتبقى معظم التغييرات التي سيجلبها الانضمام إلى شنغن مُتعلقة بعمل الشرطة التي يمكنها الآن استخدام نظام شنغن لتبادل المعلومات SIS، ولئن كان اعتماد قاعدة البيانات هذه قد تم مؤقتا في سويسرا في شهر أغسطس الماضي.
“إيجابيـة للغاية”
وتصف وزارة العدل والشرطة السويسرية التجارب الأولية لنظام SIS التي بدأت في 14 أغسطس الماضي بـ “الإيجابية للغاية”. فقد عثر ضباط الشرطة وحرس الحدود السويسريين على معدل 30 معلومة مطابقة لكمات البحث في قاعدة بيانات شنغن.
وخلال الأيام المائة الأولى من التجارب، وجدوا 900 إسم. وكانت معظم الأسماء لأجانب غير مسموح لهم بدخول منطقة شنغن، وارتبطت غالبيتهم بسيارات مسروقة أو عملات مُزيفة. بينما لم يكن هنالك سوى 25 شخصا مطلوبا للاعتقال من طرف بلـدان أخرى.
وسيتم استبدال نظام SIS في المستقبل بقاعدة بيانات أكثر فعالية تحمل اسم SIS II، يمكن أن تُخزن فيها على سبيل المثال بصمات الأصابع.
ويوجد بعدُ نظامٌ يستخدم بصمات الأصابع يُسمى “أوروداك” (Eurodac) يتضمن معلومات عن طالبي اللجوء والأشخاص الذين دخلوا بلادا ما بصورة غير قانونية. وسيتم توصيل سويسرا بنظام “أوراداك” يوم 15 ديسمبر الجاري. ويعمل الاتحاد الأوروبي أيضا على تطوير قاعدة معلومات خاصة بطلبات التأشيرة.
حماية المعطيات
هذه النظم، التي تـُشكل صلب اتفاقية شنغن، تعني بالنسبة لسويسرا مزيدا من العبء على سلطات حماية البيانات في الإدارة الفدرالية والكانتونات، بحيث يتوجب عليها ضمان حماية تامة لحقوق الأفراد المُسجلة أسماؤهم.
وكان خبراء من دول شنغن قد قالوا في بداية هذا العام إن حماية المعطيات في سويسرا كافية، لكنهم نوهوا إلى ضرورة تعزيزها وتمتعها باستقلالية أكبر.
وقد أصبحت سويسرا يوم 12 ديسمبر أيضا عضوا في معاهدة “دبلن” حول اللجوء، والغرض من هذا الانضمام هو توضيح البلاد المسؤولة عن طالبي اللجوء.
وكقاعدة عامة، على الشخص الذي يطلب اللجوء أن يتقدم بطلبه إلى أول دولة دخلها من بين البلدان الأعضاء في المعاهدة. ولهذا النظام مزايا كثيرة بالنسبة لبلد لا يُطل على البحر مثل سويسرا لأنه مُـحاط بكل من فرنسا وإيطاليا والنمسا وألمانيا وجميعها دول أعضاء في معاهدة دبلن.
بروكسل ترحب ببرن
وقد هنأ رئيس المفوضية الأوروبية خوسي مانويل باروسو سويسرا يوم الجمعة على انضمامها لفضاء شنغن. وأشار في بيان صدر ببروكسل إلى أن “شنغن تمثل نصرا على العقبات التي تقف بوجه الوحدة والسلام والحرية في أوروبا”.
وأضاف المسؤول الأوروبي: “أود أن أهنئ سويسرا والرئاسة الأوروبية وكافة الدول الأعضاء على جهودها الرامية إلى توسيع نطاق شنغن اعتبارا من اليوم إلى سويسرا”. كما أعرب عن سعادته لكون برن “أثبتت مرة أخرى التزامها من أجل التعاون بشكل أوثق مع الاتحاد الأرووبي من أجل صالح الشعب السويسري”.
من جهته، صرح نائب رئيس المفوضية الأوروبية، الفرنسي جاك بارو المكلف بشؤون العدل والحرية والأمن “أنا سعيد لتمكـُّن مواطني الاتحاد الأوروبي والمواطنين السويسريين من الاستفادة من منطقة بلا حدود تفتح اليوم أبوابها للبلد العضو الخامس والعشرين” في فضاء شنغن.
سويس انفو مع الوكالات
تُطبق الحقوق التالية بموجب نظام شنغن لتبادل المعلومات SIS:
المعلومات: إذا اشتبه شخص أنه مُسجل في نظام SIS، يمكنه طلب الحصول على المعلومات.
التصحيح: إذا تم تسجيل بيانات غير صحيحة أو غير مُناسبة في النظام، فيمكن للفرد طلب تصحيح تلك البيانات أو حذفها.
الطعن: في حال رفض تزويده بالمعلومة أو تصحيح بياناته، يمكن للشخص أن يقوم بالاستئناف أو يطلب من سلطات حماية المعطيات بالتحقق من البيانات الخاصة به.
التعويض: يحق للشخص الحصول على تعويض في حال تضرره من المعلومات المسجلة عنه أو التي تم استخدامها في تعارض مع القواعد المرتبطة بمعالجة المعلومات في نظام SIS.
بصفتها عضوا في منطقة شنغن، على سويسرا أن تطبيق القوانين المعمول بها بموجب اتفاقية شنغن ومعاهدة دبلن. وقد تفاوضت برن مع بروكسل حول استثناء واحد: الإشارات إلى السرية المصرفية.
منذ توقيع اتفاقية شنغن عام 2004، مرر الاتحاد الأوروبي رسميا 71 قانونا جديدا لسويسرا مرتبط بهذه المسألة.
تم إطلاق مبادرة شعبية في سويسرا ضد موضوع واحد، وهو اعتماد جوازات السفر الحاملة لبصمات الأصابع. وسيـُطرح الاستفتاء على تصويت شعبي يوم 17 مايو المقبل.
ومن التغييرات التي من المُرجح أن تثير الجدل اضطرار سويسرا لتقصير فترة احتجاز طالبي اللجوء في انتظار موعد الترحيل من 24 إلى 18 شهرا.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.