سويسرا تـُساعد حماس وإسـرائيل عـلى التفاوض
ساهمت برن في صياغة وثيقة تشير لأول مرة إلى شروط حركة المقاومة الإسلامية حماس للتوصل إلى هدنة طويلة الأمد مع الدولة العبرية.
السفير طوماس غريمينغر، رئيس الدائرة السياسية الرابعة في وزارة الخارجية السويسرية، أكد يوم الخميس 3 يناير الجاري وجود هذه الوثيقة التي يعود تاريخها إلى عام 2006. أما إسرائيل، فتمتنع لحد الآن عن التعليق.
“الوثيقة السويسرية” التي تحدث عنها في الأيام الأخيرة العديد من المسؤولين الفلسطينيين هي في الواقع نص لحركة المقاومة الإسلامية حماس، صـِيغ على أساس أفكار تقدمت بها الحركة.
وفي مقابلة مع وكالة الأنباء السويسرية، أكد السفير، طوماس غريمينغر، رئيس الدائرة السياسية الرابعة في وزارة الخارجية السويسرية، يوم الخميس 3 يناير، وجود هذه الوثيقة، موضحا أنها تعود لعام 2006، وأنها ثمرة عدة أشهر من الاتصالات بين جميع الأطراف الفلسطينية.
ليست وساطة بل مساعدة
وفي هذا الملف، تـلعب سويسرا دور “المبتكر للأفكار” حسب تعبير الدبلوماسي غريمينغر، الذي شدد على أن الأمر لا يتعلق بوساطة سويسرية بين إسرائيل وحماس. كما أكد أنه تم إبلاغ جميع الأطراف على الأقل بصورة غير رسمية، بما في ذلك إٍسرائيل.
وقد اتصلت وكالة الأنباء السويسرية بأحد كبار موظفي السفارة الإٍسرائيلية في برن، لكنه لم يرغب في التعليق على هذه الأنباء.
وأوضح الدبلوماسي السويسري طوماس غريمينغر أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، زعيم حركة فتح، أُبلغ شخصيا من قبل وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي- ري. وقال في هذا الصدد: “لم نرد القيام بشيء من دون علم أبو مازن (محمود عباس).
هدنة طويلة الأمد
وقد قُدمت هذه الوثيقة في عام 2006 لرئيس الوزراء الفلسطينية آنذاك، إسماعيل هنية، زعيم حركة حماس. وقام هذا الأخير بتسليمها لاحقا إلى الرئيس محمود عباس الذي لم يـُخف هذا الأسبوع عدم رضاه إزاء تلك الوثيقة.
ويعتقد السفير السويسري طوماس غريمينغر أن العنصر الأساسي يكمن في استعداد حماس لمناقشة هدنة طويلة الأمد مع إٍسرائيل، وليس اتفاق سلام؛ علما أن مثل هذا الاتفاق لم يكن على أية حال على جدول أعمال عام 2006. يعني ذلك أن حماس قد تضمن وجود إسرائيل دون الاضطرار إلى الاعتراف رسميا بالدولة العبرية، وهو شيء رفضته دائما.
ووفقا لعدد من وسائل الإعلام، قد تكون الهدنة مصحوبة بوقف إطلاق الصواريخ الفلسطينية ضد إسرائيل، ووضع حد لعمليات التصفية الإسرائيلية الدقيقة التي تستهدف نشطاء فلسطينيين، ورفع بعض الحواجز حول قطاع غزة، وتبادل الأسرى.
وحسبما أوردته صحيفة “لوتون” السويسرية الصادرة في جنيف يوم الخميس 3 يناير الجاري، تنص “الوثيقة السويسرية” على هدنة لمدة عشرة أعوام بين حماس وإٍسرائيل. وقد وُقعت بالأحرف الأولى من طرف مبعوث أو مبعوثي برن، حسب الصحيفة التي نقلت تصريحات “وزير خارجية” حماس، محمود الزهار (أحد أبرز قياديي الخط المتشدد للحركة الإسلامية): “نحن لم نتفاوض مباشرة مع الصهاينة. لقد نقلنا أفكارنا للسويسريين الذين قاموا بإيصالها أينما توجب إيصالها”.
غضب إسرائيلي
ويـذكر أن الوضع الفلسطيني شهد تعقيدا ملحوظا منذ الصيف الماضي عندما سيطرت حركة حماس على قطاع غزة وطردت منه قوات فتح الوفية للرئيس محمود عباس، الذي رد على ذلك بإقالة رئيس الوزراء إسماعيل هنية وتعيين حكومة جديدة حصلت على دعم المجتمع الدولي، لكنها ظلت “غير مشروعة” من منظور حماس.
وفي هذا السياق، قال السفير السويسري طوماس غريمينغر: “كنا نأمل أن تتحول هذه الوثيقة إلى ركيزة لحكومة وحدة، لكن ذلك لم يتحقق”.
وخلافا للعديد من البلدان الغربية، أكدت سويسرا استعدادها للتباحث مع جميع المسؤولين الفلسطينيين، سواء كانوا من فتح أو حماس. وتظل برن على قناعة بأنه لا يمكن التوصل إلى سلام دائم دون مشاركة الحركة الإسلامية.
وقد أغضبت هذه الاتصالات بين الدبلوماسيين السويسريين وممثلي حماس السلطاتِ الإسرائيلية، التي تعتبر هذه الحركة الإٍسلامية، على غرار معظم دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، كيانا إرهابيا.
ويذكر أن رئيس الوزراء الإٍسرائيلي إيهود أولمرت قد رفض مجددا قبل بضعة أيام إجراء أي حوار مع حماس. لكن اثنين من وزرائه، شاؤول موفاز وبنيامين بن أليعازر، أثارا في المقابل إمكانية إقامة هدنة مع حماس إذا ما تقدمت الحركة الإسلامية بـ”مقترحات ذات مصداقية”.
سويس انفو مع الوكالات
تلتزم سويسرا بنشاط منذ عدة سنوات من أجل المساعدة على حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.
ساهمت برن في مبادرة جنيف الشهيرة، وهي مخطط سلام بديل يحظى بدعم سويسرا وصيغ أساسا من قبل الوزيرين السابقين، الإٍسرائيلي يوسي بيلين، والفلسطيني ياسر عبد ربه.
ينص هذا الاتفاق على اقتسام السيادة على القدس لتصبح عاصمة للدولتين، وعلى العودة إلى حدود 1967. كما يحدد النص آليات عودة اللاجئين الفلسطينيين.
وظلت مبادرة جنيف إلى اليوم مجرد حبر على ورق، رغم دعم العديد من الشخصيات المشهورة على الصعيد الدولي، من أمثال وزير الخارجية الفرنسي الحالي بيرنار كوشنير، والرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر، ورئيس جنوب إفريقيا السابق نيلسون مانديلا.
وكانت السلطة الفلسطينية قد استقبلت مبادرة جنيف بقدر من البرودة، بينما اعتبرته حركة المقاومة الإسلامية حماس “خيانة” لأنه لا يمنح للاجئين الفلسطينيين حق العودة الكاملة.
أما رئيس الوزراء الإسرائيلي، آنذاك، أرييل شارون، فلم يوافق على نص المبادرة الذي اعتبره “خطرا” على بلاده.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.