مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سويسرا تنتظر قرارا دوليا لإعادة الاموال الليبية المجمدة

سوف يتم رفع التجميد على الودائع والأصول المالية التابعة للدولة الليبية مثل شركة تاموال للبترول بمجرد إعطاء الأمم المتحدة الضوء الأخضر لذلك؟ Keystone

أعلنت سويسرا عن استعدادها لإعادة الاصول المالية الليبية المجمّدة لديها "بسرعة" بمجرّد رفع الأمم المتحدة للعقوبات المفروضة على البلاد منذ شهر فبراير.

تحتجز السّلطات السويسرية أصولا مالية تعود إلى ليبيا تبلغ قيمتها 650 مليون فرنك. وباعتبار أن  ملكية هذه الأصول تعود إلى الدولة، وليس إلى معمّر القذافي وحاشيته، سوف يكون من السّهل على سويسرا إعادة هذه الاموال إلى الجهات الليبية المعنية.

وقد اوضح رولاند فوك، رئيس وحدة العقوبات، التابعة إلى كتابة الدولة للشؤون الاقتصادية  يوم الثلاثاء 23 أغسطس 2011 أنه “يمكن تسليم هذه الأموال حالما يتم رفع عقوبات الأمم المتحدة ضد ليبيا”. أضاف أنهم في كتابة الدولة للشؤون الاقتصادية يعتقدون ان مجلس الامن التابع للأمم المتحدة سوف يعيد النظر في العقوبات المفروضة على ليبيا “بسرعة الآن”.

وقالت الناطقة بإسم كتابة الدولة للشؤون الإقتصادية ماري آفات في حديث إلى swissinfo.ch يوم الثلاثاء أن سويسرا ملزمة باحترام بالتدابير والقرارات التي تتخذها الامم المتحدة. وأضافت هذه المسؤولة: “عندما تُرفع عقوبات الأمم المتحدة، سيكون بالإمكان تحرير هذه الأصول بسرعة. الامر يختلف هنا عمّا كان عليه الوضع بالنسبة للودائع التي كانت تعود ملكيتها إلى رئيس الكونغو الديمقراطية سابقا، موبوتو  سيسيكو، عندما طالب أحفاده بتسليمهم تلك الودائع”.

وأكّدت أفات أن الأموال التي تحتجزها المؤسسات الرسمية السويسرية سوف تُعاد إلى أصحاب الحسابات في المصارف السويسرية، والتي من بينها البنك المركزي الليبي، وشركة النفط الليبية الحكومية.

ضوء أخضر

 كذلك اكّدت وزارة الخارجية في اتصال أجرته معها swissinfo.ch أنها تريد أن ترى مسألة الأصول المجمّدة  تمضي قدما نحو الحل. وأضافت: “نأمل في ضوء التطورات الاخيرة أن يتم تسريع عملية الإسترداد”. “وسوف يكون من المهم جدا” معرفة كيف سيرد مجلس الامن على التطوّرات الأخيرة ، وما إذا كان سوف يتخذ قرارا برفع التجميد والحجز عن جزء من تلك الاموال.

لكن الأصول المالية التي نتحدث عنها هنا هي مبالغ محدودة مقارنة بالمليارات التي كان يعتقد ان القذافي يخزّنها في سويسرا، لكنه سحبها بعد تدهور العلاقات الدبلوماسية بين البلديْن في عام 2008. وتوجد مبالغ أخرى أكثر أهمية مجمّدة في بلدان أخرى منتشرة عبر الكرة الارضية، وتناهز قيمتها الإجمالية 40 مليار يورو، منها 22 مليار يورو في الولايات المتحدة، و7.2 مليار يورو في ألمانيا.

وكان مجلس الأمن الدولي قد أقرّ عقوباته المالية وإجراءاته ضد تصدير الاسلحة إلى ليبيا في شهر فبراير الماضي، في الوقت الذي وصلت فيه انتفاضات الربيع العربي إلى داخل هذا البلد.

وجمّدت سويسرا آنذاك أصولا “يُحتمل أنها غير قانونية” تعود ملكيتها إلى معمّر القذافي والدوائر المقربة منه، خطوة ردّت عليها ليبيا بنفي قاطع في أن يكون للقذافي ودائع مالية في حسابات بالمصارف السويسرية سواء في سويسرا او في أي بلد آخر.

 مزايا للدولة الفاشلة

بمجرد سقوط نظام القذافي، سوف تصبح هيئة الإستثمارات الليبية  حقا طبيعيا للسلطة الجديدة في ليبيا. وكانت هذه الهيئة قد انشأت سنة 2006 لإدارة موارد صادرات النفط، وكانت لها أسهم في شركات أوروبية متفرقة. وينظر إلى هذا الصندوق على أنه ذو اهمية قصوى في عملية إعادة بناء ليبيا بعد ان تضع العمليات العدائية أوزارها، وسوف تعتمد الحكومة الجديدة على هذا الصندوق لتحقيق التنمية الاقتصادية في المستقبل.

ويتداول على نطاق واسع أن قيمة الاصول التي يتضمنها هذا الصندوق تصل إلى 70 مليار دولار، وتشكل السيولة والودائع المصرفية 32.4% منها، في حين تمثل الاسهم 11.2%، والسندات المالية 5%.

وأوضح مارك بيث، الخبير في استرداد الأصول المجمّدة، ورئيس مجلس معهد بازل للحوكمة خلال حديث إلى swissinfo.ch أنه: “بمجرد سقوط نظام القذافي، تعود ملكية هيئة الإستثمارات الليبية بشكل آلي إلى الحكومة الجديدة ، عندما تتمتع بالسيادة”.

وفيما يتعلّق  بأي أصول مالية أخرى متبقية في حوزة سويسرا، ويُطالب بها القذافي أو أحد اقربائه، توجد ليبيا في وضع جيّد مقارنة بجارتيْها مصر وتونس، للمطالبة بإسترداد تلك الاموال أساسا لكونها مصنّفة “كدولة فاشلة”. هذا التصنيف يسمح لبرن بالاعتماد على قانون سويسري جديد بشأن إسترداد أموال الحكام المستبدين، عندما يتعلق الامر ببلدان تمرّ بمرحلة انتقال للسلطة.

لكن، رغم أن تونس تمرّ بمرحلة انتقالية، فقد طُلب منها تقديم أدلّة تثبت أن الرئيس السابق زين العابدين بن علي قد استولى على تلك الاموال بطريقة غير مشروعة، وهذا الامر ليس سهلا دائما، ويقرّ بيث بأن “في ذلك مفارقة”. وبموجب القانون السويسري، سوف يمنح القذافي وقتا قصيرا لإثبات أن الأموال تعود إليه شخصيا، وما لم يحدث ذلك سوف تصرف إلى الحكومة الجديدة.

ويختم مارك بيث بالقول: “أعتقد أنه اختبار مهم لهذا القانون الجديد”.

أكد عادل شلتوت، دبلوماسي ليبي بسويسرا أن هذه الأخيرة دولة متقدمة جدا ولها تاريخا حافلا في مجال حقوق الإنسان والحيادية ،  وبالتالي “بالنسبة لنا واتحدث على الاقل عن نفسي ، لم نشعر في يوم من الأيام  بأن سويسرا عدوة لنا ، ولكن كنا نعمل مع النظام فبالتالي وجدنا أنفسنا في موقف محرج لأن في الحقيقة لا الحكومة السويسرية ولا الشعب السويسري أساؤوا إلينا أبدا”.

واضاف: “المشكلة التي كانت بين البلديْن مشكلة نحن أنفسنا لم نكن راضين عنها، لأنها كانت بين عائلة وحكومة، وقد أضرت بعلاقات دولة بدولة وشعب في سبيل عائلة فقط. ولم يكن بمقدورنا عمل أي شيء”.

لكن يمكنني أن أكد، والكلام للسيد شلتوت: “أنا متأكد أن الشعب الليبي  بأكمله والمجلس الوطني سيسعى لإقامة علاقات طيبية وودية مع سويسرا. فالعلاقات السويسرية الليبية كانت منذ استقلال ليبيا في عام 1951 علاقات  ودية وعلاقات تعاون ونتمى أنشاء الله  زيادة تعزيز التعاون بين البلدين، ولننسى الماضي” .

 وفيما يتعلق بما ينتظر من سويسر ا هناك  ملف الأموال المجمدة للعقيد القذافي وعائلته وبعض المقربين منه. و”نحن كلنا ثقة في أن الحكومة السويسرية بعد نجاح الثورة في ليبيا ستفرج عن هذه الأموال لأنها أموال الشعب الليبي. لذلك لنا أمل ونحن واثقين من أن الحكومة السويسرية ستتخذ القرار المناسب والصائب في هذا الاتجاه بالإفراج عن كافة الأرصدة  لأن الشعب الليبي محتاج لكل دينار ولكل فرنك في سبيل إعادة بناء الحياة الطبيعية في ليبيا وتعويض من لحق بهم ضرر وعلاج المرضى وتوفي الأدوية وما هو ضروري لتوفير حيا كريمة لهذا الشعب”.

 منذ بداية الإنتفاضة الليبية، جمّدت سويسرا أصولا مالية يُشك في ان القذافي قد استحوذ عليها بشكل غير قانوني، وردّت ليبيا آنذاك بأن القذافي لا يمتلك أي ودائع مالية في المصارف السويسرية في داخل سويسرا او في خارجها.

أثناء الخلاف الدبلوماسي بين البلديْن الذي انفجر في عام 2008، سحبت ليبيا ودائعها المالية التي كانت تقدّر بالمليارات من المصارف السويسرية. وفي شهر يونيو الماضي، أعلنت الحكومة السويسرية أنها تحتجز أصولا مالية ليبية يبلغ إجمالي قيمتها  650 مليون فرنك. واغلب هذه الاموال ينتمي إلى حسابات بإسم مؤسسات مالية ليبية عامة، وليس إلى أفراد.


 ليبيا ليست البلد الوحيد الذي جمّدت له أصول مالية هذا العام في سويسرا، إذ تم تجميد أصول الرئيس السوري بشار الأسد و30 من كبار مساعديه ، وتم فرض حظر السفر عليهم إلى سويسرا.

سبق لسويسرا كذلك ان جمّدت أموالا تابعة للرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي تقدّر بستين مليون فرنك، وقامت بحجز ما يوازي 400 مليون فرنك تعود ملكيتها إلى الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك، ومعاونيه.

(نقله من الإنجليزية وعالجه عبد الحفيظ العبدلي)

الأكثر قراءة
السويسريون في الخارج

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية