سويسرا غائبة عن أنابوليس .. لماذا؟
دعت واشنطن 49 دولة ومنظمة وشخصية لحضور مؤتمر أنابوليس الدولي بولاية ميريلاند الأمريكية يوم الثلاثاء 27 نوفمبر الجاري بهدف إحياء مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
لكن سويسرا لم تـكن على قائمـة ضيوف الولايات المتحدة. فما هي مُبـررات هذا التغييب؟ سويس انفو استطلعت آراء دبلوماسيين وخبراء في محاولة للعثور على إجابة عن هذا السؤال.
في تعليقه على غياب – أو بالأحرى تغـييب – سويسرا من قائمة المدعويين لمؤتمر أنابوليس، أوضح السيد جون- فيليب جانرا، رئيس قسم الإعلام في وزارة الخارجية السويسرية أن “لائحة الدّول المشاركة وُضعت من قبل الولايات المتحدة الأمريكية بصفتها قـُوة مُستدعـِية انطلاقا من معاييرها الخاصة” وأن “سويسرا لا تنتمي لا لدول المنطقة المعنية ولا لمجموعات الدول التي أخذتها الولايات المتحدة بعين الاعتبار”.
ولم يفت السيد جانرا التشديـد على أن “سويسرا تدعم مؤتمر أنابوليس وتأمل أن يـُطلق عمليةً للسلام”، معربا عن اعتقاده أن “عملية أنابوليس هي بداية جديدة للمفاوضات على المستوى الرسمي” ومُذكرا بأن “وفدا من دولة إسرائيل ووفدا فلسطينيا تباحثا خلال الأسابيع القليلة الماضية مع شخصيات كانت قد شاركت في محادثات مبادرة جنيف، بهدف الاستفادة من تجاربها قبل انطلاق مسار أنابوليس”.
ويـَطرح تذكيرُ السيد جانرا بمبادرة جنيف التساؤل مُجددا حول تغييب برن عن أنابوليس بما أن مبادرة جنيف وُلـِدت أصلا في سويسرا في صيف عام 2001 بفضل فكرة للأستاذ الجامعي السويسري أليكسيس كيلر، ثم حصلت على دعم فعلي من وزارة الخارجية السويسرية بعد تولي السيدة ميشلين كالمي ري لمنصبها على رأس الوزارة في يناير 2003، إلى أن تم التوقيع عليها في ديسمبر من نفس العام.
وليست مبادرة جنيف سوى جانبا من نشاط الدبلوماسية السويسرية في منطقة الشرق الأوسط وخاصة في الأراضي الفلسطينية. ولئن كان حضور سويسرا في هذه المنطقة يظهر أساسا من خلال المساعدات الإنسانية التي تُقدمها للشعب واللاجئين الفلسطينيين (عبر أنشطة الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون ومنظمة غوت وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا)، فإنها تُمارس أيضا حيادا نشطا من خلال دعم مبادرات مثل جولات الحوار اللبناني – اللبناني الثلاث التي استضافتها مدن سويسرية هذا العام، فضلا عن جملة من التحركات التي لا تروق بالضرورة للبيت الأبيض.
“ويلٌ لمن كان على صواب قبل الأوان”
في هذا السياق، يعتقد السيد إيف بيسون، الدبلوماسي السويسري السابق ونائب رئيس الجمعية السويسرية للحوار الأوروبي العربي الإسلامي التي نظمت جولات الحوار اللبناني في سويسرا، أن هنالك عوامل كثيرة و”عوامل مزعجة” في تغييب سويسرا عن مؤتمر أنابوليس.
ولخص السيد بيسون تلك العوامل في أربعة “حقول دبلوماسية اتخذت فيها برن موقفا يتميز بقدر من التفرد” تشمل إيران وسوريا والقضية الفلسطينية وحماس.
في القضية الإيرانية، ذكـّر السيد بيسون بأن سويسرا، التي تمثل المصالح القنصلية والدبلوماسية الأمريكية في طهران منذ سنوات طويلة (1980)، تقدمت بمقترحات في المجال النووي الإيراني، “إما بدون تنسيق مُسبق مع واشنطن، إما بشكل أغضب هذه الأخيرة”، منوها إلى أن المفاوض الإيراني علي لاريجاني زار مرارا برن.
وفي الشأن السوري، نوه بيسون إلى محاولة الوساطة السويسرية بين إسرائيل وسوريا في بداية العام الجاري قائلا: “لم نتوصل إلا بقدر قليل من المعلومات عنها هنا، وربما لم تذهب الأمور إلى حد بعيد”. لكن التحرك السويسري لم يمر مرور الكرام…
وعلى مستوى القضية الفلسطينية، قال إن الدبلوماسية السويسرية قادت قبل بضعة سنوات “مبادرة جنيف” بشكل منعزل بعض الشيء، مضيفا أن هذه المبادرة هي بمثابة “جسم دبلوماسي مجهول”.
وفيما يخص حماس التي أدينت ووُضعت على قائمة المنظمات الإرهابية من واشنطن وعدد من الدول الأوروبية، ذكـّر السيد بيسون بأن سويسرا قالت بـ”صوت عال إنها ستحتفظ باتصالاتها مع حماس وأن إدانتها بسبب الإرهاب على المستوى الدولي ليس سببا سيجعلها تمتنع عن الإبقاء على تلك الاتصالات، وهذا ربما أزعج كثيرا الإدارة الأمريكية والإسرائيليين أكثر”.
ويعتقد إيف بيسون بأن سويسرا “انتهجت دبلوماسية مثيرة للاهتمام وعقلانية ورشيدة، لكن ربما هي صغيرة جدا لكي تكون على صواب بشكل مُبكر، إذن ويلُ لمن كان على صواب قبل الأوان” على حد تعبيره.
ومن العوامل المزعجة التي أثارها بيسون أيضا بعض المواقف السويسرية المفاجأة في في إطار الأمم المتحدة في نيويورك على المستوى متعدد الأطراف والتي “تزعج بعض الشيء” كبار الأعضاء في مجلس الأمن الدولي.
“لا فائدة أصلا من دعوة سويسرا”
وفيما لا يستبعد إيف بيسون – الذي فوجئ بعدم استدعاء سويسرا لمؤتمر أنابوليس – أن تكون الدبلوماسية السويسرية تقوم حاليا بتحليل داخلي مُكثف لأسباب عدم دعوتها إلى مؤتمر أنابوليس، يظل الدكتور حسني لعبيدي، مدير مركز الدراسات والبحوث حول الوطن العربي ودول المتوسط، على قناعة بأن عدم دعوة سويسرا لمؤتمر أنابوليس ليس صفعة للدبلوماسية السويسرية أو تقليلا من قيمتها، وإنما نتيجة طبيعية لواقع الأمور.
فالدكتور لعبيدي ذكر أولا بأن مؤتمر أنابوليس مؤتمر دولي يهدف أساسا إلى محاولة إيجاد مخرج للازمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، “فهو ليس بمؤتمر سلام دولي وإنما محاولة لتقريب وجهات النظر بين الجانبين في إطار دولي”.
ونوه بعد ذلك إلى أن المشكلة تكمن في “أن الدبلوماسية السويسرية لم تكن حاضرة ربما بالقدر الذي يؤهلها لأن تكون حاضرة في أنابوليس لأنه مؤتمر لتوزيع الأدوار”، متسائلا “أي دور يـمكن إعطاؤه لسويسرا؟ فهي اختارت أصلا دورها منذ سنوات: أي انتهاج دبلوماسية هادئة، وخاصة، تقديم المعونة الإنسانية مع التواجد في عين المنطقة”.
ويستخلص الدكتور لعبيدي مما سبق أن سويسرا التي لديها “دور محدود في المنطقة استثنت نفسها بنفسها من حضور مؤتمر أنابوليس لأنه لقاء سياسي قبل كل شيء (…) ومؤتمر رسمي، وسويسرا لديها أولوية الاهتمام بما هو غير رسمي مثل الحوار اللبناني الذي تشرف عليها منظمة غير حكومية في سويسرا”.
ويعتقد الدكتور لعبيدي أن سويسرا كانت ستُدعى إن كان الأمر يتعلق باللاجئين أو بتقديم المساعدات الإنسانية، لكن في حال أنابوليس “فسويسرا أًصلا لا تريد أن تدخل في هذا المجال، ثم إن الولايات المتحدة تعي جيدا أن لا فائدة أصلا من دعوة سويسرا في هذا المؤتمر لأنه لا يخصها”.
“مبادرة جنيف لم تمت”
وعلى مستوى مبادرة جنيف، ذكر مدير مركز الدراسات والبحوث حول العالم العربي ودول المتوسط أنه استشف من خلال زيارته قبل شهر للويالات المتحدة استمرار معارضة البيت الأبيض بشدة لهذه المبادرة التي تحظى فقط بدعم الديمقراطيين، فضلا عن تحفظ إسرائيل الكبير عليها.
ومن جانبه، يرى الدبلوماسي السابق إيف بيسون أن “مبادرة جنيف لم تمت بل هي ضمن الملفات الموجودة على الطاولة”، مضيفا أن “هنالك ملفات كثيرة تراكمت منذ عام 1967، من مبادرات سلام ومخططات سلام وهلم جرا، ولن يتوقف ذلك بأنابوليس”.
ويعتقد بيسون أن صيغ مبادرة جنيف هي “الصيغ الوحيدة الممكنة، مع إدخال بعض التغييرات على مستوى التفاصيل، لكنها تظل على مستوى المبادئ خطة السلام الوحيدة التي يجب تطبيقها (…) بعد ذلك يمكن البحث عن المسؤولين، وهنا يمكن اتهام الفلسطينيين باشياء كثيرة، لكن ليس هم الذين منعوا السلام”.
وعما إذا كان مؤتمر أنابوليس سيكون ملفا إضافيا “فوق الطاولة”، أجاب السيد بيسون “منذ اربعين عاما وأنا أهتم في عملي بمنطقة الشرق الأوسط، هل ستكونون أكثر تفاؤلا في مكاني؟”.
وسرعان ما أكد أن “مؤتمر أنابوليس ليس مهما، لأن الجميع يعلم أنه ستُعقد خلاله اجتماعات على مدى يومين أو ثلاثة ستبيض جملة من النصوص، ولكن اذا لم يكن هنالك جدول أعمال دقيق وآجال محددة، وبمتابعة صارمة جدا، سيكون (المؤتمر) بمثابة أمر سيء وذي نتائج عكسية، لأن الإفراط في إحياء الأمل يـُفقد مصداقية كل من سيتحدثون مستقبلا عن خطط سلام، والأول الذي سيُخرج خطة سلام سيـُرد عليه بعبارة: هذا قلناه من قبل”.
سويس انفو – إصلاح بخات
واشنطن (رويترز) – دعت الولايات المتحدة يوم الثلاثاء 21 أكتوبر أكثر من 40 دولة ومنظمة دولية لحضور مؤتمر سلام الشرق الاوسط الذي تستضيفه في أنابوليس بولاية ماريلاند في 27 نوفمبر الجاري، وأصدرت وزارة الخارجية الامريكية القائمة التالية بالمدعوين الى الاجتماع الذي يستمر يوما واحدا:الولايات المتحدة واسرائيل والسلطة الفلسطينية والجزائر والامين العام للجامعة العربية والبحرين والبرازيل وكندا والصين ومصر والمفوضية الاوروبية والممثل الاعلى للاتحاد الاوروبي والبرتغال.. رئيس الاتحاد الاوروبي وفرنسا والمانيا واليونان والهند واندونيسيا والعراق وايطاليا واليابان والاردن ولبنان وماليزيا وموريتانيا والمغرب والنرويج وسلطنة عمان وباكستان وبولندا وقطر وروسيا والسعودية والسنغال وسلوفينيا وجنوب افريقيا واسبانيا والسودان والسويد وسوريا وتوني بلير.. المبعوث الخاص للرباعية وتونس وتركيا ودولة الامارات العربية والمملكة المتحدة والامين العام للامم المتحدة واليمن. المراقبون: صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 21 نوفمبر 2007)
(رويترز) – تستضيف الولايات المتحدة مؤتمرا للسلام في مدينة أنابوليس بولاية ماريلاند يوم الثلاثاء 27 نوفمبر 2007 بهدف إحياء المحادثات المتعثرة منذ فترة طويلة بشأن إقامة دولة فلسطينية.
وفيما يلى بعض الحقائق عن الجهود السابقة لصنع السلام في الشرق الاوسط ونقاط تعثرها:
سبتمبر 1993 اتفاقات أوسلو:
– الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس الوزراء الاسرائيلي اسحق رابين يوقعان اتفاقا يمنح الفلسطينيين حكما ذاتيا محدودا في الضفة الغربية وقطاع غزة اللذين احتلتهما اسرائيل في حرب عام 1967، لكنهما يؤجلان المحادثات بشأن القضايا الجوهرية الخاصة بالسيطرة على القدس وترسيم الحدود واحتمال عودة اللاجئين الفلسطينيين.
– منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة عرفات تعترف بحق اسرائيل في الوجود وتنبذ العنف. القوات الاسرائيلية تنسحب من بعض المناطق الفلسطينية.
يوليو 2000 كامب ديفيد:
– الرئيس الامريكي بيل كلينتون يحاول التوسط في اتفاق بين عرفات ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك.
– تركز المحادثات على مقترحات لاقامة دولة على مساحة تزيد قليلا على 90% من أراضي الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية وقطاع غزة مع مقايضة أراض بمستوطنات يهودية بالضفة الغربية.
– عرفات يرفض الاقتراح ويسعى لسيادة فلسطينية على القدس الشرقية بما في ذلك المواقع الاسلامية المقدسة وحق العودة للاجئين الذين نزحوا عام 1948 عن ديارهم في ما يطلق عليه الان دولة اسرائيل.
– انهيار المفاوضات واندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية.
ديسمبر 2000 مباديء كلينتون:
في مسعاه لاحياء عملية السلام، طلب كلينتون من الجانبين قبول عدة مباديء كأساس لاجراء مزيد من المحادثات ومن بينها:
– قيام دولة فلسطينية في غزة وبين 94 و96% من أراضي الضفة الغربية، بالاضافة الى مقايضة واحد الى ثلاثة% من الاراضي وتوفير “ممر آمن” بين المنطقتين.
– منح السيادة للفلسطينيين على الحرم القدسي الشريف، مع منح اسرائيل السيادة على حائط المبكى المجاور.
– تكون دولة فلسطين الجديدة وليس اسرائيل هي موطن اللاجئين، لكن يمكن أن تقبل اسرائيل بعضهم. واقتراح تعويضات.
يناير 2001 محادثات طابا:
– باراك يدشن محاولة أخيرة لإجراء محادثات في منتجع طابا المصري قبل الانتخابات الاسرائيلية على أساس مقترحات كلينتون.
– المفاوضون يفشلون في التوصل لاتفاق، لكنهم يقولون انهم لم “يقتربوا من قبل الى هذا الحد” من التوصل لاتفاق. الجانبان يتعهدان باجراء مزيد من المحادثات لكن باراك يخسر الانتخابات.
(المصدر وكالة رويترز بتاريخ 26 نوفمبر 2007)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.