سويسرا مُلتزِمة بالسعي إلى نزع السلاح النووي
لا تزال العديد من الدول محتفظة بالآلاف من الأسلحة النووية الى يومنا هذا، وعلى أعلى درجات الاستعداد وأهبة الإطلاق في أي وقت. وحسب سفير سويسرا في الأمم المتحدة يورغ شترويلي الساعي لتغيير هذه الحالة، فإنه ينبغي الحَد من خطر هذه الأسلحة عن طريق عدم حِفظها بهذا المستوى العالي من درجات التأهب.
وفي هذا السياق، قامت دُول مثل شيلي وماليزيا ونيجيريا ونيوزيلندا، والسويد وسويسرا بتقديم قرار إلى الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك في عام 2007، لمطالبة الدول المالكة لهذه الأسلحة بتغيير حالة التأهب القصوى لها.
وقد صوتت 139 دولة لصالح هذا القرار في حين امتنعت 36 دولة عن التصويت. وعارض القرار كل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.
وتبذل هذه الدول الست حالياً جهودا حثيثة لكسب المزيد من البلدان إلى جانبها في إطار لجنة ذات صلة بالجمعية العامة للأمم المتحدة.
وفي حديث مع سويس إنفو من مدينة نيويورك، أوضح السفير يورغ شترويلي، الممثل الدائم لسويسرا لدى الأمم المتحدة في مؤتمر نزع السلاح في جنيف، دور سويسرا في هذه الحملة وبَيَن أن مشاركتة في الجمعية العامة للامم المتحدة ومؤتمر نزع السلاح هو جزء من سياسة الكنفدرالية الأمنية.
الرؤية
وفي حديثه قال السفير شترويلي: “لدينا رؤية لعالم خال من الأسلحة النووية. في ذروة الحرب الباردة كان هناك نحو 60,000 من الرؤوس الحربية النووية، واليوم هناك ما يقرب من 27,000.
وحسب السفير شترويلي فإن هذا العدد مُبالغ فيه إلى أقصى درجة، لكنه يستطرد بعَدَم وجوب التخلي عن هذه الرؤية. والطريقة الواقعية الوحيدة لتحقيق عملية نزع السلاح تكون باتباع سياسة الخطوة خطوة.
وتقف هذه الدول الست لِلحَد من الاستعداد لحرب بالأسلحة النووية. ويضيف شترويلي:” مع وقت أطول لردود الافعال سيكون العالم أكثر أمنأً”.
وذَكَر بأنه كانت هناك عِدّة مرات بالفعل كادت الأعطال فيها أن تؤدي إلى عواقب وخيمة للغاية.
وفي السنوات القليلة الماضية، لم تؤدي محادثات نزع الأسلحة في الامم المتحدة في جنيف الى نتائج تذكر. وتأمل سويسرا الآن أن تعود لتُبرِز هذه المسألة أمام الوَعي السياسي والعام .
الحاجة الى خطوات جديدة لنزع الأسلحة النووية
وأضاف السفير شترويلي: “لو خَفّضَت الدول المالكة للأسلحة النووية إستعداد نُظم أسلحتها، لكانت هذه خطوة إلى الأمام”.
وفي الواقع، يبدو الأمر بحاجة الى خطوات جديدة لنزع الاسلحة. وفيما يخص موقف الولايات المتحدة القادم، يُبدي السفير شترويلي تفاؤلا حذرا ويقول:”كنا نسمع إشارات إيجابية من كلا المرشحَين”. والمهم في اي اتفاق هو معاهدة لحظر التجارب النووية. وهذه لم تُنَفذ بَعد بسبب عدم تصديق دول كافية عليها و بضِ منها الولايات المتحدة.
إن أهم عنصر لنزع السلاح النووي عالميا هو معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية (Nuclear No Proliferation Treaty NPT) التي تبنتها جميع الدول عدا إسرائيل وباكستان والهند. ويتوجب وضع علامة استفهام بالنسبة لكوريا الشمالية، التي انسحبت من هذه المعاهدة بعد أن وقعّت عليها، إلا أن انسحابها لم يُقبل بشكل رسمي قط.
وترتكز معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية على ثلاثة نقاط هي: نزع الاسلحة النووية، وحظر الانتشار، وحريةالوصول الى الاستخدام السلمي للطاقة النووية, وهو ما جعل إيران وكوريا الشمالية تظهران إلى واجهة المناقشات في الآونة الاخيرة.
تقوية المعاھدة
وقد تعرضت معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية الى انتقادات من عدة أطراف بسبب كو نِها مُتحيّزة وغير مُتوازنة. ويَتفهم السفير شتويلي ذلك، إلا أنه يقر بعدم وجود بدائل حالية لهذه المُعاهدة، ويضيف:” علينا تَعزيز المُعاهدة الحالية وإبقائها على قيد الحياة”.
ويعتبر السفير شترويلي الاتفاقية التي تم إبرامها عام 1970 ناجحة من حيث المبدأ. ولم تكن هناك سوى دولة واحدة هي كوريا الشمالية التي خرجت عن هذا الإتفاق حين أجرت تجربة نووية في أكتوبر عام 2006.
وفيما يتعلق بالجدل حول إيران وخططها النووية، يشير شترويلي إلى موقف سويسرا الذي يُشَدد على أهمية الحوار السياسي للوصول إلى حُلول ونتائج بين الاطراف المختلفة.
المؤتمر القادم في 2010
إن مسألة نزع الأسلحة النووية تَستحِق جميع الجُهود المَبذولة لذلك. وفي هذا الشأن، يقول السفير شترويلي: “نحن جميعا نملك الشرعية لاتخاذ إجراءات في هذه المسألة، حيث أن الضرر سوف يَشمل الجميع لو حدثت ضربة نووية”. وبطبيعة الحال، فإن سويسرا في حملتها هذه تعتمد على التعاون مع غيرها من الدول.
وسوف يُعقد المؤتمر القادم لاستعراض معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية في عام 2010. وحول ذلك، يقول السفير شترويلي”: سيكون هذا مؤتمراً صعباً جداً، حيث نحتاج الى إشارة واضحة من البلدان النووية، بالإضافة الى خطوات ملموسة نحو نزع السلاح”.
وسيكون المقترح الذي طرحته سويسرا مع البلدان الخمسة الأخرى حاضرا أيضاً في الأمم المتحدة في عام 2010.
مؤتمر نزع السلاح يراوح مكانه
لم يكن هناك الكثير من التقدم خلال السنوات العشر الماضية في مؤتمر جنيف لنزع السلاح، وهي الهيئة التفاوضية لقضايا نزع السلاح في الأمم المتحدة.
ومن بين القضايا الأخرى المطروحة على بساط النقاش، تضغط سويسرا على مسألة فرض حَظر على إنتاج المواد الانشطارية المُستخدمة في صناعة الرؤوس النووية.
ويقول شترويلي إن روسيا والولايات المتحدة على استعداد لقبول الإتفاقية من حيث الجوهر، إلا أن باكستان تَرفُض ذلك. أما الهند فموقفها مؤيد للاتفاقية أيضا، إلا أن موقف الصين لا يزال غير واضح.
وترغب روسيا والصين بنزع السلاح من الفضاء الخارجي، في حين أن الولايات المتحدة المتفوقة تكنولوجياً في هذا المضمار، والتي سبقت الدولتين الأخريين هنا، لا ترغب في التفاوض على هذه المسألة.
سويس انفو – ريتا إيمش – نيويورك
بالنظر الى قِصر الوقت لرَد الفِعل، تكمُن الخطورة في احتمال انطلاق أحد الصواريخ النووية بسَبب خلل وظيفي، أو عَطل أو سوء فِهم ما.
يُمكن لجماعات مُتطرفة أو إرهابية إختراق أجهزة الكمبيوتر، مما قد يولد شعوراً لدى أنظمة الدفاع لبلدٍ ما بأنه قد تم إطلاق صاروخ نووي وبأنهم ضَحية لهذا الهجوم.
هناك أساليب مُختلفة لإزالة هذه المخاطر وإطالة فترة رُدود الأفعال. من بينها على سبيل المثال، أن تُحفظ الرؤوس النووية بصورة مُنفَصلة عن مَنظومات الأطلاق، وأن تُسقّف صوامع الصواريخ بأسقف كونكريتية (من الإسمنت المقوى)، أو بإدخال برامج الى أجهزة الكمبيوتر لتأخير نظام الإطلاق.
تمتلك الدول الخمسة التي يحق لها استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة القنابل والأسلحة النووية.
هذه الدول هي: الولايات المتحدة الأمريكية والصين والمملكة المتحدة وروسيا وفرنسا.
تمتلك الهند وإسرائيل وباكستان أسلحة نووية أيضا.
قامت كوريا الشمالية بإجراء اختبار على رأس حربي، كما يُشتبَه بِأن إيران تسعى إلى تطوير أسلحة نووية.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.