صحف سويسرية: “الثورة الشعبية في مصر تقترب من نقطة اللاعودة”
لم تتخلف الصحف السويسرية عن التطرق للأحداث الجارية في مصر عبر العديد من المقالات لمحاولة نقل صورة عن التطورات المتلاحقة وطرح التساؤلات حول مصير نظام مبارك، وموقف الجيش المصري، في ظل تردد العواصم الغربية، وتخوف باقي الدول العربية من انتقال عدوى ثورة وصفها الجميع بـ "الشعبية"، بل اعتبرت "زلزال الشرق الأوسط" من طرف البعض.
فقد خصصت كل الصحف السويسرية على اختلاف توجهاتها ولغاتها، حيزا وافرا لمحاولة وصف ما شهدته العديد من المناطق المصرية منذ يوم 25 يناير 2011. إذ تطرقت صحيفة نويه لوتسرنر تسايتونغ (تصدر بالألمانية في لوتسرن) تحت عنوان “مصر تغرف في الفوضى” مشيرة إلى أن “القاهرة أصبحت تشبه أي مدينة تستعد لمواجهة حرب، وأن النظام يتمسك بالسلطة بكل الوسائل، ولكن ذلك يصبح مع الوقت أكثر صعوبة، وقد بدأ الأغنياء في الفرار من البلد”.
صحيفة تاغس انتسايغر (تصدر بالألمانية في زيورخ) تطرقت بدورها إلى أحداث مصر تحت عنوان “نظام مبارك يتحول الى رماد”، مشيرة الى أن “مصر تجد نفسها اليوم أمام فراغ مخيف، ما بين حكم دكتاتوري وشيء جديد، يتطلع له الجميع مؤملين أن يكون أحسن من الماضي”، لكن الصحيفة تؤكد أن “ما هو غير معروف لحد الآن هو ما هي الجهة التي سيقف الجيش إلى جانبها”.
وفي مقال مطول على غير عادة الصحف السويسرية، تطرق مراسل الصحيفة في القاهرة إلى مختلف أوجه المواجهة بين المتظاهرين ونظام مبارك مشيرا إلى ما تناقلته محطة هيئة اذاعة البريطانية من “عثور على مخطط سري يقضي باستخدام أجهزة الأمن للمجرمين ضد المتظاهرين، من خلال فتح السجون وفرارهم”، وهو ما تقول الصحيفة “إنه تم بالفعل في الأيام الأخيرة”. واستشهد المراسل بأقوال متظاهر مصري اعتبر أن “مبارك قد يكون أعطى الأوامر لنشر هذه الفوضى بهدف العودة إليه لمطالبته بالإستمرار”. وانتهى مراسل تاغس أنتسايغر إلى أن “الثورة لم تنجح كلية لأن هناك ما يهددها بفقدان كل شيء، ولكن الحاكم العجوز المكروه لم يعد له تواجد مكثف على رأس السلطة، ولكنه في نفس الوقت لم يختف كلية”.
فات الأوان؟
وتحت عنوان “تأرجح النظام في مصر”، تطرقت صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ (تصدر بالألمانية في زيورخ)للموضوع موضحة بأنه “في الوقت الذي خرج فيه في القاهرة وفي عدة مدن مصرية عشرات الآلاف من المتظاهرين المطالبين برحيل نظام الرئيس حسني مبارك، يحاول النظام إعادة تنظيم نفسه واستعادة السيطرة على الأوضاع”. واشارت الصحيفة الى تعزيزات الدبابات وتحليق الطائرات فوق ميدان التحرير.
صحيفة بليك الشعبية (تصدر بالألمانية في زيورخ) اختارت لمقالها عن أحداث مصر عنوان “لقد فات الأوان يا مبارك”، شارحة بأن “الفوضى تزداد تعاظما، ولا أحد يرغب في الإستمرار في الانصياع لنظام مبارك، والسياح يجدون أنفسهم مورطين في الوسط”. وخصصت الصحيفة مقالات جانبية تطرقت فيها من خلال شهادة بعض المواطنين السويسريين إلى تفاقم المخاوف في المناطق السياحية من أن يؤدي تزايد الفوضى إلى “تعاظم المخاوف من عودة العمليات الإرهابية المستهدفة للمناطق السياحية” أو “عمليات سطو وانتقام البدو”.
صحيفة “سانت غاللن تاغ بلاط” (تصدر بالألمانية في سانت غالن) لم تتوقف عند وصف الفوضى السائدة في العاصمة وكتبت في مقال بعنوان “فوضى في القاهرة وماذا بعد؟” أنه “منذ أيام نرى صورا من مصر لم نشاهد مثلها من قبل ولكن هل نفهم جيدا ما نشاهده؟” وخصصت مقالها لمحاولة الإجابة على هذا التساؤل من خلال تحليلين تطرق الأول إلى “التعديلات في الواجهة” التي أعلن عنها الرئيس مبارك وتناول الثاني “الحلول الممكنة التي يرغب النظام في الإبقاء عليها”.
الجيش هو الحكم
تساءلت كل الصحف بشكل أو بآخر عن الدور الذي لعبه ويلعبه الجيش في هذا التحول الحاصل في مصر. وخصصت نويه تسورخر تسايتونغ مقالا للمسألة تحت عنوان “الجيش المصري هو الحكم”، اعتبرت فيه أن “نظام مبارك في انهيار”، وذهبت إلى أن “الجيش يتحكم في الشارع وفي الحكومة، ولكنه لم يختر لحد الآن ما بين الوقوف إلى جانب مبارك أو إلى جانب المعارضة”.
وترى الصحيفة أن “الجيش باختياره لوضع اثنين من المنتسبين له على رأس النظام، إنما للظهور بمظهر الحكم ولمواصلة شد الخيوط”، لكنها تضيف “أما محاولات المعارضة تأسيس لجان غير رسمية لتنظيم المتظاهرين، فلم تستطع لا في ربط قنوات الإتصال فيما بينها ولا مع النظام”.
عن هذه المعارضة، كتبت صحيفة “24 ساعة” (تصدر بالفرنسية في لوزان) “يبرز البرادعي كزعيم للثورة ضد مبارك”، وأوردت مختلف التصريحات التي أدلى بها محمد البرادعي أمام المتظاهرين أمس الأحد 30 يناير في ميدان التحرير وسط القاهرة، ومن بينها قوله “قوتنا في عددنا” أو “التغيير قادم لا محالة” أو “مصر على عتبة حقبة جديدة لذلك يجب التحلي بالصبر”.
حيرة العواصم
لم يفت الصحف السويسرية التعليق أو سرد الحيرة التي تعيشها بعض العواصم فيما يخص كيفية تعاملها مع أحداث مصر. فقد كتبت صحيفة “در بوند” (تصدر بالألمانية في برن) أن “أوباما يراهن على الجنرالات المصريين”، واعتبرت أن “النظام المصري يضمن للولايات المتحدة الأمريكية مرورا عبر قناة السويس ويضمن اتفاق سلام مع إسرائيل لذلك يعتبر شريكا لا يمكن الإستغناء عنه”.
وحاولت الصحيفة تجسيد هذه الحيرة من خلال التصريحات المتضاربة للقادة الأمريكيين ما بين “مراهنة على مبارك” قبل أسبوع وميل لمراعاة مطالب المتظاهرين في الوقت الحالي. وعزت “در بوند” عدم الوضوح القائم في تصور واشنطن للنظام الجديد في مصر إلى “تخوفها من ظهور نظام جديد مناهض للسياسة الامريكية في المنطقة مما يفقدها أكبر حليف لها في المنطقة وضامن اتفاقية السلام مع إسرائيل. وعندها سوف لن يتبقى لها “كشريك استراتيجي في المنطقة سوى العربية السعودية لأن الأردن ضعيف للقيام بدور مماثل، أما الإمارات المختلفة في المنطقة فليس لها ثقل سياسي”، مثلما تقول الصحيفة.
وتحت عنوان “معضلة أوباما”، تطرقت صحيفة “24 ساعة” إلى الموقف الأمريكي الذي “مرّ باختبار توازن صعب في اختيار اللهجة الدبلوماسية للتعامل مع الأزمة المصرية”، حسب قولها. إذ أشارت الصحيفة إلى أن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون تحدثت عن “انتقال ديمقراطي” بدون التعبير عن “التخلي الكلي عن مبارك”. وهو ما قالت عنه “إن هذا التحفظ يترجم جليا صعوبة توفيق الأمريكيين بين المثل العليا للرئيس أوباما المتمثلة في ترسيخ الديمقراطية، وبين الواقع الدبلوماسي في منطقة تحتاج فيها واشنطن لشركاء يمكن الإعتماد عليهم”.
كورييري دل تيتشينو (تصدر بالإيطالية في بيلينزونا) تطرقت أيضا إلى النتائج المحتملة التي ستترتب عن مغادرة حسني مبارك للركح السياسي على المستوى الجغرا – سياسي بالنسبة للولايات المتحدة. وبعد أن ذكـّـرت بأبرز المراحل التي طبعت علاقة الصداقة القائمة بين واشنطن والقاهرة، حيث كانت “مصر إلى جانب الولايات المتحدة في قضايا حاسمة واستراتيجية مثل عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية والوقوف بوجه إيران ومكافحة الإرهاب والقاعدة والضغوط على حماس من أجل أن يتبنى – داخل إطار السلطة الفلسطينية – مواقف عاقة وبناءة”، توصلت اليومية الناطقة بالإيطالية إلى أن “الثورة المصرية تضع واشنطن على منحدر وبمواجهة خيار أساسي ينغلق على هامش ضيق يتراوح بين الدفاع عن المبادئ الديمقراطية أو خسارة حليف موثوق مثل مصر. فإذا ما ساندت واشنطن فإنها تناقض التزامها برفع لواء الحقوق الكونية للإنسان وإذا ما تخلت عنه تماما فإن النتيجة تتمثل في القيام بقفزة في الظلمة بأتم معنى الكلمة”.
صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ تناولت من جهتها حيرة إسرائيل تجاه أحداث مصر، ورأت في مقال نشرته تحت عنوان “حيرة كبيرة في إسرائيل” أن “التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بعد سكوت طويل بخصوص الأوضاع في مصر، تكشف عن وجود حيرة واسعة في إسرائيل”. وفي السياق نفسه، تطرقت إلى الجدل المستعر في وسائل الإعلام الإسرائيلية بخصوص التصريحات المطمئنة التي أطلقت قبل أسابيع معدودة بخصوص “استقرار نظام مبارك”.
تلميح لباقي الدول العربية
صحيفة لوتون (تصدر بالفرنسية في جنيف) حاولت تجاوز النطاق المصري لربط ما يحدث هناك بما حدث في تونس أو ما قد يحدث في دول عربية أخرى وذلك في عنوان “في كل من تونس ومصر أو في الجزائر، إنما يرغب الشباب في استعادة كرامتهم”.
وفي حديث أجرته الصحيفة مع الخبير المالي منصف شيخ روحه، أحد معارضي النظام التونسي السابق، الذي عاد هذه المرة ضمن وفد حكومي تونسي للمشاركة في المنتدى الإقتصادي العالمي في منتجع دافوس، رفض الرجل “استخدام عبارة العدوى” لوصف انتقال الإحتجاج من تونس الى مصر، بل اعتبره “مواصلة سقوط قطع دومينو في لعبة التطلع للحرية”، ولم يتردد في تشبيه ما يحدث بثورة الشباب في مايو 1968.
وفي رده عن سؤال يتعلق بـ “الطابع المفاجئ لثورة الشباب هذه”، يجيب منصف شيخ روحه: “إن ذلك كان مفاجئا لمن لم يرغب في رؤية الغليان المتصاعد في المنطقة، لأن الأوروبيين والأمريكيين لا يرون (في هذه المنطقة) سوى الأصولية الإسلامية او الدكتاتورية، أما الديمقراطية فلا يمكن بلوغها إلا في بلدان الشمال”، حسب رأيهم.
دور حيوي لوسائل الإعلام
ومثلما كان متوقعا، خصصت عدة صحف مجالا مهما للحديث عن دور وسائل الإعلام فيما شهدته تونس سابقا وما تشهده مصر اليوم. فقد ذهبت صحيفة تاغس انتسايغر في عنوان بارز لها إلى أن “الجزيرة أقوى من أي دولة في الشرق الأوسط”، بل اعتبرت الفضائية القطرية “أحد أهم الشركاء السياسيين في انتفاضة مصر”، مستعينة في ذلك بما يطلقه الخبراء على هذه الوسيلة من أنها “البلد الثالث والعشرون في جامعة الدول العربية” مثلما كتب مراسل الصحيفة من مدينة القدس.
قالت ميشلين كالمي – ري، وزيرة الخارجية السويسرية إن الحكومة السويسرية عبرت للسفير المصري عن انشغالها بخصوص الإحتجاجات في مصر.
وفي تصريح أدلت به إلى أسبوعية “سونتاغس تسايتونغ” الصادرة يوم الأحد 30 يناير، أفادت الوزيرة بأنها استدعت السفير إلى مقر الوزارة يوم السبت الماضي 29 يناير.
وقالت كالمي ري إن سويسرا دعت السلطات المصرية إلى احترام حقوق الإنسان الأساسية التي تشمل حرية التعبير والتجمع والإحجام عن استخدام العنف ضد مواطنيها.
ولدى سؤالها عما إذا كانت وزارة الخارجية بصدد التحرك من أجل الحيلولة دون سحب أصول مالية مصرية من المصارف السويسرية، أجابت كالمي – ري أنه طبقا للقانون السويسري، يجب ابلاغ المكتب المعني بمتبعة عمليات تبييض الأموال بأية معاملات مشبوهة مضيفة أن “وزارة الخارجية بصدد متابعة التطورات الجارية في مصر عن كثب”.
25 يناير: بدء المظاهرات ضد نظام الرئيس حسني مبارك الذي وصل إلى سدة الحكم في أعقاب اغتيال الرئيس السادات في 6 أكتوبر 1981
هذه التحركات سبقتها خمس محاولات انتحار حرقا من طرف مصريين أدت إحداها إلى وفاة أحد المواطنين
27 يناير: محمد البرادعي المدير العام السابق لوكالة الطاقة الذرية يغادر النمسا للعودة إلى مصر بعد أن صرح أن الوقت حان كي يتقاعد مبارك
تشير حصيلة أولية إلى سقوط 150 قتيلا على الأقل وإصابة الآلاف من الأشخاص بجروح في المواجهات العنيفة التي اندلعت بين الشرطة والمتظاهرين.
رغم إعلان السلطات عن حظر التجول في القاهرة الإسكندرية والسويس وغيرها من المدن إلا أن المحتجين لم يلتزموا به واستمروا في النزول إلى الشوارع والتجمع في ميدان التحرير وسط العاصمة.
29 يناير: وعد مبارك بإجراء إصلاحات وعين نائبا أول له في شخص اللواء عمر سليمان رئيس جهاز الإستخبارات وكلف رئيسا جديدا للوزراء بتشكيل حكومة جديدة لكن المعارضين استمروا في المطالبة بـ “رحيل النظام برمته”.
30 و 31 يناير: واصل المحتجون التجمع بوسط القاهرة وتعهدوا بالبقاء حتى اسقاط الرئيس حسني مبارك الذي أصبح مصيره فيما يبدو بين ايدي الجيش مع تصاعد الضغوط من الشارع والخارج. وكتب المحتجون على لافتة في ميدان التحرير بالقاهرة “على الجيش أن يختار بين مصر ومبارك”.
اعتمد النظام الحاكم للرئيس المصري حسني مبارك على الجيش منذ أن تولى السلطة في أكتوبر 1981.
ومنذ الخمسينيات جاء كل رؤساء مصر الأربعة من الجيش الذي يقوده الآن المشير محمد حسين طنطاوي.
ويحمي الجيش الآن المنشآت الحيوية بعد أن فقدت الشرطة السيطرة على الشوارع ولكن الجيش تجاهل فرض حظر التجول وتعامل بود مع المتظاهرين بدلا من مواجهتهم.
وفيما يلي بعض التفاصيل عن الجيش المصري الذي يضم حوالي 468500 فرد عامل بالإضافة إلى 479 ألفا من الاحتياط.
الجيش:
أعداد الأفراد: 280 ألفا – 340 ألفا بما في ذلك المجندون.
دبابات القتال الرئيسية: 3723 بما في ذلك 973 دبابة من طراز أبرامز ايه 1 ام 1.
مركبات الاستطلاع – 410.
عربات حربية مدرعة للمشاة – 610.
ناقلات جند مصفحة – 4160.
قطع المدفعية 4480 (بما في ذلك 492 قطعة ذاتية الدفع و 962 قطعة يتم جرها).
قذائف مورتر – 2528.
صواريخ الدفاع الجوي ارض جو – 2100 على الاقل.
صواريخ تكتيكية ارض ارض – أكثر من 42.
البحرية:
اعداد الافراد: 18500 بما في ذلك المجندين.
الغواصات – 4 غواصات دورية تكتيكية.
سفن حربية – 10
سفن للدوريات الساحلية – 41
القوات الجوية:
أعداد الأفراد: 30 ألفا بينهم عشرة آلاف مجند.
طائرات قادرة على القتال – 461. 165 طائرة مقاتلة تضم 26 طائرة اف – 16 ايه و12 طائرة اف 16 بي و74 طائرة ميج-21 اف و53 طائرة ميراج دي/ئي.
طائرات هليكوبتر – 4 طائرات مخابرات الكترونية كوماندو و125 طائرة هليكوبتر هجومية الكترونية.
قوات أخرى:
هناك أيضا 150 من قوات قيادة الدفاع الجوي و397 ألفا من القوات شبه العسكرية التي تضم قوات الأمن المركزي وقوات الحرس الجمهوري وقوات حرس الحدود.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 31 يناير 2011)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.