صُحف سويسرا لا تستهيــن بـ “البذور التي زرعها بن لادن”
رحبت الصحف السويسرية عمومــا بنبأ مقتل أسامة بن لادن، لكنها حذرت في الوقت نفسه من أن كسب الــمعركة ضد ما يُسمّى بـ "الإرهاب الإسلامي" لا يزال بعيدا، وأن شبح ذلك الإرهاب لايزال يُرزق حيا بل لا يزال حرا طليقا.
“أمير الإرهاب”، “الرمز”، “الوحش”، “الشهيد”.. نــُعوت شتّى اختارها بسهولة على ما يبدو كُـتاب افتتاحيات الصحف السويسرية في مختلف أنحاء البلاد لوصف زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن الذي قتلته القوات الخاصة الأمريكية يوم الأحد الماضي حسب تأكيدات الرئيس باراك أوباما. لكن المهمة الأصعب التي واجهت كتاب التعليقات والافتتاحيات والمقالات السويسرية كانت بالتأكيد توقع تأثيرات التخلص من بن لادن على الجغرافيا السياسية العالمية.
“وأخيرا حلّ يوم 12 سبتمبر بالنسبة للولايات المتحدة بعدما استغرق الأمس قرابة عشر سنوات. واليوم، بعدما أصبح بورتريه أسامة بن لادن مرفقا بكلمة “ميّــِت” على قائمة أكثر الأشخاص المطلوبين لمكتب التحقيقات الفدرالي “إيف بي آي”، نُــدرك تماما حجم الهواجس والتشاؤم والانسداد والشلل الذي رافق ذلك العقد”.
هكذا استهل لويس ليما افتتاحية بعنوان “12 سبتمبر الأمريكي” في الصفحة الأولى ليومية “لوتون” (تصدر بالفرنسية في جنيف). ونوه الكاتب إلى أن “أمريــكا عاشت تلك السنوات العشر وهي مصابة بجروح في الصميم والجوهر، بحيث لازمتها شكوك في وضعها كقوة عظمى، وفي دورها، وفي الموقع الذي يتعين عليها شغله في عالم مُتغير”. ويــُذكر ليما بأن تلك الشكوك وذلك القلق لعبا ساهما إلى حد كبير في جلب باراك أوباما إلى السلطة.
ويختتم الكاتب افتتاحيته بالقول: “بإعلانه مساء الأحد (1 مايو) عن نجاح عملية (التخلص من) الشخص الذي جســـّد الشر المُطلق بالنسبة للولايات المتحدة، تمكن باراك أوباما من تقديم الانتصار بشكل متواضع، ولكنه ألمح على الخصوص، وبين السطور، إلى دخول بلاده عهدا جديدا. فالوقت مُواتٍ ليس فقط على المستوى الداخلي، بل أيضا، وبشكل خاص، أمام العالم العربي الذي لم ينتظر اختفاء بن لادن للشروع في إحدى أعظم عمليات التغيير (في تاريخه)”.
“حق الاستغلال من أجل القتل”
أما صحيفة “بليك” الواسعة الانتشار (تصدر بالألمانية في زيورخ) فشدّدت على أن “أمير الإرهاب” السعودي المولد كان يعيش في العصور الوسطى وفي الحاضر في نفس الوقت، ويطالب الناس باتباع قواعــد يعود تاريخها إلى 1400 عاما، وتمكن من نشرها بأحدث التقنيات ومبادئ التـسويق.
وأشارت الصحيفة إلى أن بن لادن كان يمنح ما أسمته بـ “حقوق استغلال من أجل القتل”، تماما مثلما تمنح شركة سلسلة مطاعم الوجبات السريعة ماكدونالدز حقوق الامتياز والاستغلال لبيع سندويتشات البورغر. ونتيجة لذلك، نشأت خلايا مُستقلة تابعة لتنظيم القاعدة واستقرت حول العالم، من المملكة العربية السعودية إلى أندونيسيا، حسب تعبير اليومية الصفراء التي أضافت: “وهكذا ستظل “علامة بن لادن التجارية” حية تُرزق بعد رحيل صانعها – والإرهاب الإسلامي لم ينهزم بعد”.
جريدة “تاغس أنتسايغر” سلطت الضوء أيضا على قوة صورة بن لادن. هذه اليومية التي تصدر أيضا بالألمانية في زيورخ اختارت “نهاية رمز” كعنوان رئيسي لصفحتها الأولى. وإن كانت الصحيفة تعتقد بأن “الأيديولوجية المُلتوية” لأسامة بن لادن ستعيش من بعده، وبأن هنالك ما يكفي من المجموعات التي ستُواصل نشاطاته الدموية، فإنها ترى أن شبكة تنظيم القاعدة تفتقر في غياب بن لادن إلى “رمزها المُلهم”، وأن اختفاءه “سيجعل تجنيد الأتباع الجدد أكثر صعوبة”.
وأشارت “تاغس أنتسايغر” أيضا إلى أن تنظيم القاعدة قد خســر قلوب معظم المسلمين منذ وقت طويل، بحيث كتبت: “لقد أخفق بن لادن في إدراك أن الناس في العالم الإسلامي يريدون التغيير، لكنهم لا يحلمون بالحروب المقدسة أو بالعيش كما عاش (أسلافهم) في عصر محمد. إنهم يريدون الحرية، وتكافؤ الفرص، والاحترام، والكرامة”.
التهديدات لازالت قائمة
وتتفق مع هذا الطرح صحيفة “نويه تسورخر تسايتونغ” التي أوضحت أن وفاة الرجل الذي أشعل شرارة الحرب في أفغانستان والعراق بهجمات 11 سبتمبر هي بمثابة “قطيعة”، ليس فقط بالنسبة لواشنطن، محذرة في المقابل من أن الإرهاب يظل “خبيثا”، لاسيما في أوروبا.
وأضافت هذه اليومية الصادرة بالألمانية في زيورخ أن الحركات “الجهادية لا تزال تشكل خطرا”، وأن “بعد وفاة بن لادن، ستحاول المنظمات القريبة من تنظيم القاعدة أكثر من أي وقت مضى تنفيذ هجمات، ليس فقط في باكستان ولكن في الغرب أيضا.”
كما سلطت الضوء على مشكلة “الإرهاب المحلي” المتمثل حسبها في دفع المعتنقين الجُدد للإسلام أو أبناء الجيل الثاني من المهاجرين المسلمين في الغرب نحو التطرف، منوهة إلى أن “بذور بن لادن قد زُرعت”.
من جانبها، تحلّت صحيفة “دير بوند” بقدر أكبر من التفاؤل. فرغم أنها تعتقد بأن “الإرهاب الإسلامي لم يمت مع بن لادن”، فهي تقول إن هنالك أمل بأن يضعـف ذلك الإرهاب على المدى البعيد. وكتبت الجريدة التي تصدر بالألمانية في العاصمة الفدرالية برن: “إن القاعدة موجودة بدون بن لادن (…) ومع ذلك، فإنه تم القضاء على الوجه القيادي للمتطرفين الإسلاميين، وعلى رمزهم، وتمت إزالة عامل مُحفز لهم”.
وفي خور بكانتون غراوبوندن، ترى صحيفة “سودوست شفايتس” الناطقة بالألمانية بأن الخطر الذي لا يزال يمثله بن لادن الآن هو تأثيره كشهيد. وكتبت في هذا السياق: “إن العالم تخلص اليوم من ذلك الوحش الذي كان يُجسده بن لادن – ولكنه لم يتخلص من ذلك الوحش الذي يجسده التعصب الديني”.
وفي كانتون التيتشينو الناطق بالإيطالية، شددت “كورييري ديل تيتشينو” على أن الولايات الأمريكية قطعت رأس الثعبان بن لادن، محذرة في المقابل من أن العالم قد يواجه هيدرا بتسعة رؤوس. وأضافت اليومية أن بن لادن “قد يتحول وهو ميت إلى رمز تفوق خطورته دور المُلهم الذي قام به وهو حي”.
وبالنسبة لصحيفة “فانت كاتر أور”، يعني “خروج بن لادن من الساحة رمزيا تراجع أيديولوجية قاتلة”. وذكرت اليومية التي تصدر بالفرنسية في لوزان أن عدد المسلمين الذين قتلتهم تلك الأيديولوجية فاق عدد “الكفار”، وأن نفس الأيديولوجية سمحت للطغاة خلال سنوات طويلة جدا بتبرير دورهم كأسوار واقية من التطرف”.
نظريات المؤامــرة
وقد اتفقت الصحف الروماندية (الناطقة بالفرنسية) إلى حد كبير في تحليلاتها، رغم أن الصفحة الرئيسية ليومية “لا تريبون دو جنيف” تساءلت “هل كان من الضروري قتل بن لادن؟”.
وأشار كاتب الافتتاحية إلى الأمر كان قد استغرق أياما قبل بدء تداول نظريات المؤامرة بعد وقوع أحداث 11 سبتمبر – مثل نفي الهجوم على البنتاغون أو ضلوع وكالة المخابرات المركزية “سي آي إي” في الاعتداءات – لكن ساعات فقط كانت كافية لظهور تلك النظريات بعد وفاة بن لادن.
وأضافت الافتتاحية: “من توقيت العملية، الذي كان مثاليا بالنسبة لحملة (إعادة) انتخاب الرئيس، إلى التخلص السريع (جدا؟) من الجسم [الذي قيل إنه دفن في البحر]، لا يبدو أن العملية (الأمريكية) تمت بالشكل الصحيح. فما الذي كان سيكشف عنه بن لادن إن ألقي القبض عليه وهو على قيد الحياة؟”.
رغم ذلك، اعتبرت الصحيفة أن هنالك أملا حقيقيا لحدوث تغيير، وكتبت في هذا الصدد: “بعد أن تخلص من رمز الإرهاب بن لادن، ستتاح غدا لباراك أوباما فرصة البدء من جديد، بسياسة خارجية بناءة وأكثر دقة وأقل أيديولوجية [من جورج دبليو بوش]. وسيكون ذلك انتصارا كبيرا على القاعدة”.
26 فبراير 1993- الولايات المتحدة:
تفجير في مركز التجارة العالمي يسفر عن سقوط ستة قتلى وحوالى الف جريح. هز الانفجار الطبقات الست تحت برجي مركز التجارة العالمي الذي كان يضم حوالى 55 الف شخص عند وقوع الانفجار.
13 نوفمبر 1995- السعودية:
انفجار سيارة مفخخة في الرياض امام مبنى للحرس الوطني السعودي يعمل فيه مستشارون عسكريون اميركيون. قتل خمسة جنود اميركيين وهنديان وجرح اكثر من ستين شخصا آخرين.
25 يونيو 1996- السعودية:
شاحنة محشوة بطنين من المتفجرات تنفجر عند مدخل قاعدة الخبر الاميركية قرب مدينة الظهران. الحصيلة: 19 قتيلا جميعهم اميركيون و386 جريحا.
7 أغسطس 1998- كينيا وتنزانيا:
انفجار سيارتين مفخختين في وقت واحد قرب سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام. سقط 224 قتيلا بينهم 12 اميركيا وآلاف الجرحى.
12 أكتوبر 2000- اليمن:
مقتل 17 بحارا في مرفأ عدن في اعتداء استهدف المدمرة الاميركية كول.
11 سبتمبر 2001- الولايات المتحدة:
خطفت اربع طائرات ركاب مدنية تقل في مجموعها 266 شخصا واستخدمت اسلحة لتنفيذ هجمات لا سابق لها على برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك ومبنى وزراة الدفاع الاميركية (البنتاغون) في واشنطن. تحطمت الطائرة الرابعة في بنسلفانيا. كان هذا الاعتداء الاخطر في التاريخ واسفر عن مقتل او فقدان ثلاثة آلاف شخص.
11 أبريل 2002- تونس
21 قتيلا بينهم 14 المانيا في تونس في اعتداء انتحاري على كنيس الغريبة اليهودي في جربة.
12 اكتوبر 2002- اندونيسيا:
202 قتيل بينهم عدد كبير من السياح الاجانب في اعتداء بسيارة مفخخة على مرقص في بالي نسب الى الجماعة الاسلامية الشبكة السرية التي تدعو الى اقامة دولة اسلامية في جنوب شرق آسيا وتؤمن بافكار القاعدة.
12 مايو 2003- السعودية:
35 قتيلا بينهم تسعة اميركيين في ثلاثة تفجيرات في مجمع سكني في الرياض.
16 مايو 2003- المغرب:
45 قتيلا بينهم 12 انتحاريا في خمسة اعتداءات شبه متزامنة في المغرب استهدفت مطاعم وفنادق يرتادها اجانب ومواقع يهودية في الدار البيضاء.
15 و20 نوفمبر 2003- تركيا:
63 قتيلا في اربعة تفجيرات انتحارية بسيارات مفخخة ضد كنيسين والقنصلية البريطانية والمصرف البريطاني اتش اي بي سي في اسطنبول.
2 مارس 2004- العراق:
حوالى 180 قتيلا في سلسلة هجمات على عدد من العتبات الشيعية في بغداد وكربلاء.
11 مارس 2004 – اسبانيا:
191 قتيلا وحوالى الفي جريح في سلسلة اعتداءات استهدفت قطارات في ثلاث محطات في مدريد وضاحيتها.
7 يوليو 2005 – بريطانيا:
56 قتيلا بينهم اربعة انتحاريين في اربع هجمات انتحارية في قطار الانفاق وحافلة في لندن.
23 يوليو 2005 – مصر:
68 قتيلا في سلسلة هجمات انتحارية على اماكن سياحية في منتجع شرم الشيخ.
9 نوفمبر 2005- الاردن:
ستون قتيلا في ثلاثة تفجيرات انتحارية في فنادق في عمان.
24 ابريل 2006 – مصر:
عشرون قتيلا وتسعون جريحا في ثلاثة تفجيرات انتحارية في منتجع ذهب على البحر الاحمر.
14 أغسطس 2007 – العراق
: اكثر من 400 قتيل في اربعة تفجيرات بشاحنات مفخخة ضد الاكراد الايدزيديين.
11 ديسمبر 2007 – الجزائر:
41 قتيلا بينهم 17 موظفا في الامم المتحدة في هجومين انتحاريين في العاصمة الجزائرية.
17 سبتمبر 2008 – اليمن:
اعتداء بسيارات مفخخة على سفارة الولايات المتحدة في صنعاء يسفر عن سقوط 16 قتيلا بينهم ستة مهاجمين.
20 سبتمبر 2008 – باكستان:
ستون قتيلا في هجوم انتحاري بشاحنة مفخخة عل فندق ماريوت في اسلام اباد.
25 ديسمبر 2009 – هولندا/الولايات المتحدة:
عمر فاروق عبد المطلب يقوم خلال رحلة بين امستردام وديترويت بمحاولة تفجير طائرة بمتفجرات خبأها تحت ملابسه. تمت السيطرة عليه وجرح في اشتعال متفجرات.
24 نوفمبر 2010 – اليمن:
مقتل 23 شخصا في هجوم انتحاري على موكب ديني في معقل المعارضة الشيعية شمال اليمن نسبه زعيم قبلي الى القاعدة.
(ترجمته من الإنجليزية وعالجته إصلاح بخات)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.