“علاقات منطقية” بين سويسرا وحزب الله
تحوّل حزب الله، الذي تعتبره الولايات المتحدة مجموعة إرهابية، إلى إحدى أبرز القوى السياسية في لبنان، وهي حقيقة تتعاطى معها سويسرا بهدوء ومنطقية. وفي تصريحات خاصة لسويس انفو، أوضح الشيخ نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله منذ عام 1991، بعض خصوصيات ومبادئ ومساعي الحزب.
بشكل قطعي لا لُبس فيه، يقول السفير السويسري لدى لبنان، فرانسوا باراس، إن سويسرا تُقيم، في ممارستها الدبلوماسية، “علاقات منطقية” مع أعضاء حزب الله.
ويضيف السفير باراس الذي تولى مهامه في بيروت قبل أكثر بقليل من عامين: “نحن على اتصال منتظم مع نوابهم أو وزرائهم في إطار عدد من الملفات المختلفة التي نعالجها”، مضيفا أن “هذا لا يطرح أية مشكلة بما أن هذا الحزب هو إحدى القوى السياسية في لبنان”.
وبالتالي فإن اعتبار حزب الله “جماعة إرهابية” من قبل وزارة الخارجية الأمريكية أمر لا يعني سويسرا. وفي هذا السياق، قالت كارين كاري، القائمة بالأعمال في السفارة السويسرية بلبنان، والمتحدثة السابقة باسم وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي-ري: “إن بلادنا لا تعتبر حزب الله منظمة إرهابية لأنه، خلافا لحالة تنظيم القاعدة مثلا، لا يوجد قرار للأمم المتحدة بهذا المعنى. وسويسرا لا تتبع توصيات أخرى غير تلك الصادرة عن الأمم المتحدة في هذا المجال”.
انتصار انتخابي مُـحتمل
حزب الله، الذي يثير الكراهية لدى الأمريكيين والحذر لدى الأوروبيين، يُعتبر في شوارع لبنان والعالم العربي عموما، حركة مقاومة “بطولية” منذ “النصر الإلهي” ضد إسرائيل عام 2006.
ومنذ تأسيسه في صفوف شيعة لبنان على إثر الاجتياح الإسرائيلي للبلاد عام 1982، كانت مهمة حزب الله دائما القتال ضد إسرائيل. غير أن هذا الحزب اندمج منذ عام 1992 في اللعبة السياسة اللبنانية من خلال المشاركة في أولى انتخابات البلاد التشريعية.
واليوم، يضم الحزب عددا كبيرا من النواب والوزراء، وربما يصبح جزءا من الأغلبية بعد الانتخابات التشريعية لعام 2009. لكن حزب الله يرغب في الحفاظ على قدرته العسكرية ومواصلة القتال ضد إسرائيل؛ وهي مهمة مُزدوجة لا تخلو من إشكاليات بالنسبة للبنان، لا سيـّما وأن المطالبة بنزع سلاح حزب الله كانت أيضا موضوع قرار أممي.
رؤية الشيخ نعيم قاسم
وفي محاولة لمعرفة المزيد عما يريده بالفعل حزب الله في لبنان، حصلنا على لقاء خاص مع الشيخ نعيم قاسم، الرقم 2 في حزب الله وأحد مؤسسيه. وبالنسبة له، لا يوجد أي تناقض في أن يكون حزب الله في نفس الوقت حركة سياسية ومجموعة مُقاومة.
وقال في هذا الصدد: “يجب علينا التمييز بين محورين من عملنا، وهما مقاومة إسرائيل والعمل السياسي. فما أوتينا من قوة ساعد على تحرير جنوب لبنان عام 2000، ودحرنا العدو في عام 2006. لكننا لم نستخدم أبدا أسلحتنا لدفع سياستنا إلى الأمام”.
إلا أن هذا الموقف يتعارض مع العملية العسكرية التي أطلقها حزب الله في مايو الماضي في العاصمة بيروت وضواحيها. وفي دفاعه عن هذا التحرك، أكد الشيخ قاسم أن الأمر يتعلق بـ “حادث معزول في تاريخنا، بحيث كنا نواجه معضلة”.
واستطرد قائلا: “كان حزب المستقبل (لسعد الدين الحريري، والموالي للحكومة، التحرير) قد جلب وسلـّح قرابة 2000 مقاتل إلى بيروت. وكان المخطط يتمثل في نصب فخ للمقاومة وتوريطها في اقتتالات داخلية للاستفادة بعد ذلك من هذه الاشتباكات واستخدامها ذريعة للمطالبة بنزع أسلحة الجميع. ونحن قررنا القيام بعملية وقائية”.
ماذا عن الدولة الإسلامية؟
ويتهم عدد كبير من المُنتقدين في لبنان حزب الله بإخفاء جدول أعماله الحقيقي وبالسعي إلى إقامة دولة إسلامية في بلاد الأرز. لكنها تهمة ينفيها أيضا الشيخ نعيم قاسم قائلا: “نحن نعتقد بالتأكيد بأن الدولة الإسلامية هي أفضل سبيل. ولكن القرآن يقول: “لا إكراه في الدين”. وبالتالي فإنه لا يمكن إنشاء هذه الدولة بالقوة. ولبنان هو أيضا حالة خاصة، ونعتقد بأنه من المستحيل ومن غير المناسب إقامة دولة إسلامية فيه نظرا للتعدد الديني الذي يتميز به”.
من جانبه، لا يعتقد السفير فرانسوا باراس أن يكون ذلك الاتهام مُبررا، بحيث نوه إلى أن “الشيعة يشكلون أقلية في المنطقة. وحسب ما أراه أو ما أسمعه، أعتقد أن لبنانا تعدّديا يمثل ضمانة أفضل لأمنهم من الدولة الإسلامية”.
ردّ مُـعلن
ولدى إثارة المعركة مع إسرائيل، تحدث الشيخ قاسم بحزم مُطلق: “إذا ما أخلت إسرائيل مزارع شبعا لصالح الدولة اللبنانية، سنعتبر حينئذ بلادنا مُحررة. لكن سيظل هنالك مشكل واحد: عدوانية النظام الإسرائيلي. فإذا ما قرر مُهاجمة لبنان مرة أخرى، من سيمنعه؟”.
لذلك فإن الشيخ قاسم يرى بأنه ينبغي على حزب الله المحافظة على قدرته العسكرية كـ “تعزيز للجيش اللبناني”.
ولا يبدو إذن بأن التوصل إلى سلام شامل مع الدولة العبرية مُدرج في جدول أعمال حزب الله، وقد وعد الشيخ بـرد مُقبل على اغتيال القائد العسكري لحزب الله، عماد مغنية في دمشق في شهر فبراير الماضي، في عملية نُسبت إلى إسرائيل من جانب الحركة.
أما بالنسبة لاعتماد الحزب المزعوم على إيران، فأضفى الشيخ عليه طابعا نسبيا مشيرا إلى أن “لكل طائفة في لبنان مراجعها الخارجية. فالمسيحيون يعترفون بسلطة البابا. أما نحن، فمرجعيتنا الدينية يُمثلها آيه الله خامنئي. ولكننا مستقلون تماما عن طهران في توجهاتنا وخياراتنا”.
وإذا ما قرر الإسرائيليون أو الأمريكيون توجيه ضربات ضد المنشآت النووية الإيرانية؟ يجيب الشيخ قاسم بنبرة جادة: “إذا حدث مثل ذلك الهجوم، فلن يمكن لأحد السيطرة على الوضع. وستلتهم النار المنطقة بأكملها”.
سويس انفو – اعتمادا على تقرير بالفرنسية بيير فودان – بيروت
1985-1982: إنشاء حزب الله بعد الاجتياح الإسرائيلي.
1983: تنفيذ هجمات انتحارية ضد الثكنات الأمريكية (241 قتيلا) والفرنسية (58 قتيلا) في بيروت.
1990: نهاية الحرب الأهلية.
1992: المشاركة الأولى لحزب الله في الانتخابات التشريعية.
2000: الحكومة الإسرائيلية تصدر في مارس قرارا بالانسحاب من جنوب لبنان من جانب واحد في يوليو من نفس العام.
فبراير 2006: وقع حزب الله اتفاق تفاهم مع زعيم التيار الوطني الحر، الجنرال المسيحي ميشيل عون، وكونا معا قوة المعارضة الرئيسية في البلاد.
يوليو 2006: هجوم لحزب الله على دورية إسرائيلية يتسبب في اندلاع حرب مدمرة في لبنان تواصلت 33 يوما. وفي اليوم التاسع من الحرب، قالت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس إن المسألة تتعلق بـ”آلام ولادة شرق أوسط جديد”.
2005: دخول حزب الله الحكومة اللبنانية.
الطموحات: تأمل المعارضة في الحصول على الأغلبية في الانتخابات التشريعية التي ستجري في مايو 2009.
يؤدي رئيس الكنفدرالية الحالي ووزير الداخلية باسكال كوشبان زيارة رسمية إلى لبنان ستتواصل من 3 إلى 5 أكتوبر 2008، يلتقي خلالها بالرئيس اللبناني ميشيل سليمان، كما سيلتقي بعدد من المسؤولين اللبنانيين السامين.
وتجري المحادثات الرسمية يوم الجمعة 3 أكتوبر تليها مأدبة ترحيبة على شرف الرئيس كوشبان.
ويوم السبت، سيلتقي الرئيسان كوشبان وسليمان بشكل غير رسمي في إحدى المناطق الجبلية بلبنان. وسيزور السيد كوشبان أيضا مؤسسة خيرية تدعمها تبرعات سويسرية خاصة.
وجاء في البيان الصحفي الصادر عن وزارة الداخلية السويسرية يوم الخميس 2 أكتوبر 2008 في برن أن “العلاقات بين سويسرا ولبنان ممتازة وتتميز بتعاون وثيق في مجالات السياسة والثقافة والاقتصاد على حد سواء. ويعتبر الاقتصاد الموجه نحو الخدمات، واللغة الفرنسية، والتعدد الثقافي للمجتمع من القواسم المشتركة بين سويسرا ولبنان. وستكون هذه الزيارة فرصة لإثراء وتعزيز التبادلات بين البلدين”.
وأشار البيان أيضا إلى أن سويسرا تحتل المرتبة الرابعة على قائمة البلدان التي تستقبل صادرات لبنان، وإلى أن اتفاق التبادل الحر بين الرابطة الأوروبية للتبادل الحر “إيفتا” (التي تضم سويسرا) ولبنان دخل حيز التطبيق في عام 2007.
كما نوه إلى أن هذه هي أول زيارة رسمية لرئيس كنفدرالية سويسري إلى لبنان.
(المصدر: وزارة الداخلية السويسرية بتاريخ 2 أكتوبر 2008 في برن)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.