في جنيف.. بوادر انطلاقة جديدة لمؤتمر نزع السلاح
توافق الأمين العام للأمم المتحدة، ووزيرة الخارجية السويسرية، ووزير الخارجية الجزائري الذي ترأس بلاده الدورة الحالية لمؤتمر نزع السلاح، على أن المؤتمر سيعرف في ظل انفراج الأجواء الدولية الحالية "انطلاقة جديدة" بعد الركود الذي شهده طيلة عقد من الزمن. كما عبر الجميع على ضرورة التركيز الآن على المفاوضات المتعلقة بحظر إنتاج المواد الإنشطارية.
ولأول مرة منذ أكثر من عشرة أعوام، هبت على مؤتمر الأمم المتحدة لنزع السلاح الذي يوجد مقره في جنيف رياح أمل في انتعاش نشاطاته من جديد وذلك بفضل التحولات التي تعرفها العلاقات الدولية والوعود التي تقدمت بها الدول النووية وغير النووية في مجال نزع السلاح.
وفي خطاب ألقاه يوم 19 مايو 2009 أمام الدول الأعضاء في مؤتمر نزع السلاح المجتمعين في جنيف، قال الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بان كي مون “إننا نعيش في الوقت الحالي جملة من المبادرات سواء من قبل الدول النووية أو غير النووية وهي مبادرات تعطي دفعا قويا” لعملية نزع السلاح.
وما يراه الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة مشجعا في هذا المجال، استئناف كل من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا مفاوضاتها هذا الثلاثاء 19 مايو 2009 بخصوص الحد من الأسلحة النووية. وأشار بان كي مون بالخصوص إلى “التشجيع المترتب عن تصريحات كل من الرئيس الروسي ميدفيديف والأمريكي أوباما بخصوص الشروع في مفاوضات لتعويض إتفاقية لمراقبة الأسلحة النووية تعود لحقبة الحرب الباردة وللعمل على تخفيض ترسانة الأسلحة النووية في العالم”.
عشر سنوات من الركود
وكان مؤتمر نوع السلاح عرف اختلافات كبيرة بين أعضائه الخمسة والستين منذ البدء في المفاوضات الرامية إلى حظر الأسلحة الكيميائية والتوصل إلى اتفاقية حظر التجارب النووية تحت سطح الأرض.
وفي إشارة للركود الذي عرفه المؤتمر على مدى العشرية الماضية بسبب عدم الإتفاق بين الدول الأعضاء حول جدول أعماله، قال الأمين العام للأمم المتحدة: “لقد حان الوقت لوضع حدّ لجمود دام عشرة أعوام”.
ويرى بان كي مون أن مشروع جدول الأعمال المقترح “يشكل أرضية جيدة للتوصل إلى إجماع بين الدول الأعضاء”، مشددا بالخصوص على أهمية مناقشة موضوع إضافة آليات المراقبة الدولية الفعلية لمعاهدة منع الإنتشار النووي، وتشكيل لجان عمل حول الضمانات السلبية في مجال السلاح النووي، والجهود المبذولة في مجال الحد من التسلح النووي وكل الإجراءات الكفيلة بالحد من سباق التسلح في الفضاء الخارجي”.
وانتهى الأمين العام إلى أن “العالم الذي يعرف جملة من الأزمات.. قد يستفيد من الحد من سباق التسلح لتخصيص تلك الأموال لمحاربة التغيرات المناخية، والأزمة الغذائية، وتحقيق أهداف الألفية” التي رسمتها الأمم المتحدة.
فرصة أمل بالنسبة لسويسرا
في سياق متصل، ترى ميشلين كالمي- ري، وزيرة الخارجية السويسرية أن العالم “يعيش اليوم مرحلة هامة.. مرحلة أمل لأننا يبدو أننا على وشك تحقيق الإختراق الذي تطلعنا له منذ سنوات” في مجال نزع السلاح.
وتشاطر الوزيرة السويسرية الرأي السائد بأن “العلاقات الدولية اليوم مؤاتية لكي تسمح لمؤتمر نزع السلاح من جديد بالقيام بدوره الذي هو (التفاوض في مجال نزع السلاح)”.
وأكدت كالمي – ري أيضا على أن “سويسرا لاحظت تحولا في العلاقات الدولية في مجال نزع السلاح في المؤتمر التحضيري الأخير لمعاهدة الحد من الإنتشار النووي الذي انعقد في نيويورك، وهي بذلك تؤمن بانطلاقة رؤية عالم خال من الأسلحة النووية، وستعمل على دعم هذه النظرة”.
“نقطة تحول “
وزير الخارجية الجزائري مُراد مدلسي الذي ترأس بلاده الدورة الحالية لمؤتمر نوع السلاح تحدث من جهته عن “نقطة تحول في مؤتمر نزع السلاح”.
واعتبر الوزير الجزائري أن الإجراءات الأمنية الدولية الفعالة هي تلك التي ترتكز على “مبادئ الثقة القائمة بين الشركاء الراغبين في الإسهام في تحقيق نظرة تضامنية متعددة الأطراف في مجال نزع السلاح، وليس الاحتماء وراء أسوار المفاهيم الإيديولوجية أو دروع التفوق العسكري”.
وبعد أن استشهد الوزير الجزائري بإعلانات حسن النوايا التي صدرت عن رئيس الوزراء البريطاني والرئيسين الروسي والأمريكي والرئيس الفرنسي ساركوزي باسم الاتحاد الأوروبي في مجال خلق جو جديد لمسألة نزع السلاح، يرى مُراد مدلسي أن “الإقتراحات المطروحة أمام مؤتمر نزع السلاح تشكل أرضية ملائمة لجدول أعمال المؤتمر”، كما تحظى هذه الإقتراحات بدعم دول عدم الانحياز والمجموعة العربية ودول منظمة المؤتمر الإسلامي.
على صعيد آخر، صادق مؤتمر نزع السلاح في جلسته المنعقدة يوم الثلاثاء 19 مايو 2009 على اقتراح قبول الجمهورية اللبنانية كبلد مراقب في المؤتمر.
محمد شريف – جنيف – swissinfo.ch
على هامش مشاركتهما في مؤتمر نزع السلاح عقدت صباح الثلاثاء 19 مايو 2009 وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي ري جلسة مباحثات مع نظيرها الجزائري مراد مدلسي بقصر الأمم في جنيف استغرقت زهاء العشرين دقيقة.
اللقاء ترى فيه وزيرة الخارجية في تصريح لوسائل الإعلام السويسرية فرصة لاستعراض العلاقات الثنائية التي وفتها بأنه “جيدة للغاية”، وخصت بالذكر “إنهاء الإجراءات بخصوص اتفاقية الإزدواج الضريبي”.
في مجال الهجرة التي أثارت بعض النقاش مؤخرا على ضوء ما أثير من جدل بخصوص مجموعات من الشبان المهاجرين غير الشرعيين المتسبب في انعدام الأمن في بعض أحياء جنيف، والتي يعتقد أن غالبيتهم من الجزائريين، افادت الوزيرة السويسرية بأن “هناك تقدما في هذا الملف”.
لكن الوزيرة أوضحت القصد من تصريحها وخصت بالذكر “التطرق بالضبط لملفات مثل ملف القاعدة في بلاد المغرب العربي، وموضوع الرهائن في مالي وأيضا موضوع الأزمة مع ليبيا”.
ولدى سؤالها عما إذا كانت قد حصلت على تعهد من الجزائر بالتعاون في كل هذه الملفات رفضت الوزيرة التعقيب، مكتفية بالقول “نحن في مرحلة مفاوضات مع ليبيا ولا يليق أن أعقب على ذلك”.
وزير الخارجية الجزائري السيد مراد مدلسي الذي اعتبر ان اللقاء تم في “جو ودي”، أشار بدوره في تصريحات لسويس إنفو الى أن اللقاء تطرق للعلاقات الثنائية “بأقطابها الإقتصادية والإنسانية”. وخص بالذكر مجال التكوين ومجال الإزدواج الضريبي الذي “دخل مرحلة التنفيذ الرسمي منذ بداية هذه السنة”، حسب تأكيده.
أما عما إذا كانت سويسرا قد طلبت رسميا من الجزائر التدخل في الأزمة القائمة منذ الصيف الماضي مع ليبيا أو مع بعض المجموعات المحتجزة للرهائن الغربيين (من بينهم مواطن سويسري) في مالي، أجاب وزير الخارجية الجزائري بالقول: “إننا لم نتحدث بصفة دقيقة في مواضيع من هذا القبيل، لكن سويسرا لها قنواتها ولها اتصالاتها ونتمنى أن تنجح في حل بعض المشاكل التي تعاني منها وأن تصل كل الأطراف إلى برّ الأمان”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.