في مجلس حقوق الإنسان: خطب ووعود في انتظار تقييم للأداء
تعد الدورة العادية الحالية لمجلس حقوق الإنسان أول دورة عملية بعد استكمال وضع آلياته وإثر اختبار آلية الإستعراض الدوري الشامل الجديدة أربع مرات، وهو ما دفع المفوضة السامية لحقوق الإنسان إلى توجيه دعوة مبكرة إلى "تقييم النقائص ومراجعة الأساليب والممارسات".
وفي الجلسة الإفتتاحية للدورة العادية الثالثة لمجلس حقوق الإنسان التي تتواصل من 2 إلى 27 مارس، ركز كل من رئيس المجلس النيجيري مارتين أهومويبهي، والمفوضة السامية لحقوق الإنسان الجنوب افريقية نافانيتيم بيلاي على ضرورة الإنتقال إلى مرحلة جديدة يتركز الإهتمام فيها على “تقييم عمل المجلس بعد استكمال بناء آلياته”.
وأشارت المفوضة السامية إلى “ضرورة تعزيز كل آليات حقوق الإنسان بما في ذلك مجلس حقوق الإنسان من أجل حماية كل الحقوق”، وحثت بالخصوص على “مراجعة كيفية تصحيح أي تقصير سواء من حيث أساليب العمل أو الممارسات”.
فالمجلس الذي انتهى من بلورة آليات عمله سيدخل الآن مرحلة الأداء الفعلي بعد أن اختبر أكثر من 10 دورات خاصة منذ قيامه في شهر مايو 2006، واستعراض أوضاع حقوق الإنسان في أكثر من 64 دولة عبر آلية الاستعراض الدوري الشامل، إضافة الى تنظيم عشر دورات عادية.
70 وزيرا.. وخطاب واحد!
الدورة الحالية لمجلس حقوق الإنسان عادت إلى ممارسة تقليد سبق أن عرفته لجنة حقوق الإنسان من قبل يتمثل في تخصيص الأسبوع الأول لتدخل موفدين رفيعي المستوى لمخاطبة المجلس عن أداء بلدانهم في مجال حقوق الإنسان.
وعلى الرغم من أن عدد المتدخلين بلغ هذه السنة أكثر من 70 شخصية ما بين وزير ومسؤول كبير في وزارات حقوق الإنسان والعدل والخارجية، فإن محتوى الخطاب يكاد يكون متطابقا ويتلخص في الحديث عن “تحسين في القوانين والممارسات، وتأكيد على الرغبة في الرقي باحترام حقوق الإنسان، وتعميم للتكوين في مجال حقوق الإنسان”.
هذه الظاهرة دفعت أحد ممثلي منظمات المجتمع المدني المتابعين بانتظام لدورات المجلس للتعليق على هذا التوافد الكبير لمسؤولين سامين في العديد من الحكومات على أهم محفل لحقوق الإنسان في العالم بالقول “لقد تأكدوا بعد تجربة آلية الاستعراض الدوري الشامل بأن المجلس بصيغته الجديدة لا يشكل خطرا عليهم”.
ومن المقرر أن تتوالى هذه الخطب طوال الأيام الثلاثة الأولى من الأسبوع، وسيشارك في إلقائها عشرة وزراء ونواب وزراء من الدول العربية إضافة الى وزراء من أوروبا وافريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية ومن ضمنهم وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي ري.
تحديات في الانتظار
من التحديات الكبرى التي تنتظر الدورة العادية الحالية، معرفة التوجه الجديد للمفوضة السامية الحالية نافانيتيم بيلاي التي ستعرض أول تقرير لها عن أوضاع حقوق الإنسان في العالم.
ومن خلال ما ألمحت إليه أثناء افتتاح الدورة الحالية، بدأت تتضح معالم اهتماماتها حيث أشارت إلى أن التقرير سيركز على “الفقر، والإفلات من العقاب، والصراعات المسلحة، والحكم الاستبدادي… وضرورة المعالجة النزيهة لظاهرة الهجرة ولمحاربة الإرهاب طبقا لمعايير حقوق الإنسان وشرعية القانون”. كما تطرقت السيدة بيلاي إلى بروز تحديات جديدة ستزيد من معاناة الضعفاء مثل “التغيرات المناخية، وأزمة المواد الغذائية والأزمة المالية والكساد الاقتصادي”.
ويُعتبر هذا التأكيد على أهمية تناول القضايا الاقتصادية ضمن مناقشات مجلس حقوق الإنسان (بعد أن خصص المجلس دورة خاصة لمناقشة تأثيرات الأزمة المالية والاقتصادية على حقوق الإنسان) تحولا في نظرة آلية حقوق الإنسان لأهمية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية إلى جانب الإهتمام بالحقوق السياسية والمدنية.
وإلى جانب الاستماع لتقارير من طرف بعض المقررين الخاصين حول الأوضاع في كوريا الشمالية وميانمار (بورما سابقا)، وأخرى أعدها خبراء حول الأوضاع في الصومال والكونغو الديمقراطية، سيتمثل التحدي الأهم المرتقب في هذه الدورة، في معرفة نتيجة الجهود المبذولة لتشكيل لجنة تقصي الحقائق وفقا لما أقرته الدورة الخاصة للمجلس بخصوص الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة من 27 ديسمبر 2008 إلى 18 يناير 2009.
وستختتم الدورة بالبت في حوالي 30 مشروع قرار معروض للتصويت تمس مختلف قطاعات حقوق الإنسان.
مخاوف.. لا مبرر لها
في سياق متصل، يُعتبر مؤتمر المراجعة لقرارات مؤتمر دوربان حول العنصرية والتمييز العنصري والكراهية للأجانب الذي ستحتضنه جنيف في شهر ابريل القادم أهم حدث مرتقب في مجال حقوق الإنسان كما يشغل بال الأوساط المعنية وعلى رأسها المفوضية السامية لحقوق الإنسان، كما أنه أثار جدلا ومخاوف من أن تشهد مدينة جنيف تظاهرات معادية للسامية مثل التي سبق وأن قامت بها بعض منظمات المجتمع المدني في دوربان بجنوب افريقيا في سبتمبر 2001.
وبعد أن ذكّرت المفوضة السامية لحقوق الإنسان نافانيتيم بيلاي أثناء افتتاح أشغال الدورة العادية لمجلس حقوق الإنسان بأن “نتائج مؤتمر دوربان لُطخت بشعارات معادية للسامية من قبل تصرف بعض المنظمات غير الحكومية على هامش المؤتمر”، أوضحت بأن “أشغال مؤتمر المراجعةتُُستهدف اليوم من قبل حملات إعلامية ومن قبل جماعات ضغط تخشى تكرر تلك الانحرافات المعادية للسامية”، وانتهت إلى التأكيد بأن “تلك التخوفات غير مبررة” مشيرة إلى اتخاذ كل التدابير للإلتزام بقرارت مؤتمر دوربان على أساس أنها “تشكل أحسن إطار لمحاربة العنصرية وعدم التسامح بكل أشكالهما في أي مكان وزمان”.
يُشار إلى أن كلا من إسرائيل وكندا قررتا عدم المشاركة في مؤتمر المراجعة المقبل في جنيف بدعوى أن هناك دولا ومنظمات مدنية ترغب في إعادة طرح موضوع اعتبار الصهيونية كنوع من أنواع العنصرية. أما الولايات المتحدة الأمريكية التي أعلنت سابقا عن المقاطعة، فقد عادت مؤخرا (بعد وصول الرئيس باراك حسين اوباما إلى البيت الأبيض) إلى الإعلان عن المشاركة كمراقب فعال في الأشغال التحضيرية للمؤتمر.
سويس إنفو – محمد شريف – جنيف
تأسس مجلس حقوق الإنسان في 15 مارس 2006 وحل بذلك محل لجنة حقوق الإنسان
يتكون المجلس من 47 دولة
نظم المجلس لحد اليوم عشر دورات عادية و10 دورات خاصة.
الدورات الخاصة: أربع دورات خاصة حول الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، واحدة بخصوص الحرب الإسرائيلية ضد حزب الله في جنوب لبنان، وواحدة بخصوص دارفور.
من آليات المجلس، آلية الاستعراض الدوري الشامل التي استكمل تأسيسها في 18 يونيو 2007.
ناقشت آلية الاستعراض الدوري الشامل لحد الآن تقارير 64 دولة من بين 192، وبحلول العام 2011 تكون قد أكملت استعراض تقارير كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. وهذا التاريخ هو الموعد المحدد لمراجعة آليات وطريقة عمل المجلس.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.