قرار أوروبي يثير سخط إسرائيل وكيري يواصل جهوده!
بينما يواصل وزير الخارجية الأمريكي، بدعم أوروبي، جولاته المكوكية في المنطقة، بغرض إنعاش المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، أثار قرار دول الإتحاد الاوروبي بشأن منتجات المستوطنات الإسرائلية، قلق تل أبيب التي وصفته بـ "الموقف المتحامل"، في حين لا يرى فيه مسؤول الإتحاد عن مفاوضات السلام في الشرق الأوسط، سوى "عملية توفيق بين المواقف السياسية والوضع القانوني".
وأشارت تقارير إعلامية، استندت إلى بعثة الاتحاد الأوروبي في تل أبيب، إلى أن الاتحاد الأوروبي اتخذ قرارا في 30 يونيو، (سيُنشر يوم الجمعة 18 يوليو في النشرة الرسمية للاتحاد)، ينص على أن “كافة الاتفاقيات الموقعة بين دولة إسرائيل والاتحاد الأوروبي، يجب أن تشير بوضوح وبصراحة إلى أنها لا تنطبق في الأراضي المحتلة عام 1967”.
وسينطبق هذا الإجراء، الذي يبرز معارضة الاتحاد الأوروبي للبناء الاستيطاني الإسرائيلي، على الشركات والجامعات وغيرها من الهيآت الإسرائيلية العاملة في الأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ حرب عام 1967، بما في ذلك مرتفعات الجولان والأراضي الفلسطينية المحتلة والقدس الشرقية.
وهذا ما أثار ردود فعل إسرائيلية غاضبة، حيث اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ذلك بمثابة “تدخل في العلاقات الثنائية مع الفلسطينيين”. بينما وصفه مسؤول إسرائيلي آخر، فضّل عدم الكشف عن هويته، بما أسماه “تحاملا غير مبرر على إسرائيل”.
رفضت اسرائيل الثلاثاء مبادرة الاتحاد الاوروبي، التي يستبعد فيها بوضوح الاراضي المحتلة، من تعاونه مع الدولة العبرية، فيما عبر ناشطون عن قلقهم من “موجة غير مسبوقة لتصاعد الخطط الاستيطانية”.
وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الثلاثاء في اجتماع وزاري طارئ، وفق ما نقل عنه مكتبه: “لن نقبل باملاءات من الخارج في ما يتعلّق بحدودنا”، مضيفا أن “هذه المسالة لن تحسم الا في اطار مفاوضات مباشرة بين الاطراف المعنية”. وكان هذا الاجتماع الوزاري الطارئ قد عقد لمناقشة “التوجهات” الجديدة التي تبناها الاتحاد الاوروبي في يونيو والتي ستصدر رسميا هذا الاسبوع.
وتقضي هذه التعليمات بأنه اعتبارا من عام 2014، فان كل الاتفاقات بين اسرائيل والاتحاد الاوروبي، يجب كما أوضحت المتحدثة باسم الدائرة الدبلوماسية للاتحاد الاوروبي مايا كوسيجانسيتش في بروكسل أن “تشير بشكل علني لا لبس فيه الى انها لا تشمل الأراضي التي احتلتها اسرائيل في عام 1967″، وكشفت المتحدثة بأن هذه التعليمات “ستشمل كل القروض، والمشروعات التي يمّولها الاتحاد الاوروبي اعتبارا من ذلك التاريخ”.
يميّز هذا التوجه الأوروبي الجديد بين اسرائيل من جهة، والضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة وهضبة الجولان من جهة أخرى، وهي أراض فلسطينية وسورية احتلتها اسرائيل في عام 1967. ونقلت صحيفة هآرتس عن مسؤولين اسرائيليين كبار قولهم، ان اسرائيل ستجد نفسها امام معضلة: فهي إما تقبل بتوقيع بند يشير الى حدود 1967 التي ترفضها، او أن تعدل عن مشاريع تعاون كبرى مع شريكها التجاري الرئيسي.
وأوضح أحد هؤلاء المسؤولين أنه “إذا أرادت الحكومة الاسرائيلية توقيع اتفاقات مع الاتحاد الاوروبي او أحد البلدان الاعضاء، فعليها ان تعترف كتابة بان مستوطنات الضفة الغربية لا تشكل جزءً من اسرائيل”.
(المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية أ . ف . ب. بتاريخ 16 يوليو 2013)
قرار يهدف إلى تحقيق التوافق بين السياسي والقانوني
لكن السيد أندرياس راينيكي، المبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي المكلف بملف مفاوضات السلام في الشرق الأوسط كان قد أوضح الموقف الأوروبي في حديث أجرته معه swissinfo.ch في نهاية شهر يونيو المنصرم في جنيف، حيث قال: “ما يتم اليوم في أوروبا، وبالنظر الى توسع عملية الاستيطان، هو أن هناك حاجة للتوفيق بين مواقفنا السياسية ومواقفنا القانونية. فنحن نعترف بدولة إسرائيل في حدود عام 1967، بما في ذلك القدس الغربية لحد الان. وكل ما تشمله علاقاتنا مع إسرائيل، يقتصر على الحيز الترابي المذكور”.
وبالنظر الى تزايد النشاطات في المستوطنات، سواء الاقتصادية او الزراعية والصناعية وغيرها، فإننا في أوروبا، يضيف مسؤول ملف السلام في الشرق الأوسط: “نشعر بضرورة توضيح مواقفنا تجاه إسرائيل. وهذا ما نقوم به في الوقت الحالي. إننا لا نتحدث عن مقاطعة، ولكن النقاش الدائر والذي شرعنا فيه، هو للعمل على أن تكون مواقفنا السياسية منسجمة مع مواقفنا القانونية”
وعن سؤال عما إذا كان ذلك يدخل في إطار محاولات معالجة مشكلة المستوطنات بشكل من الأشكال لدفع عملية السلام، قال الممثل الأوروبي: “المبدأ الأساسي يكمُن في كون أن مشكلة المستوطنات ستجد حلا بمجرد حصول اتفاق بين إسرائيل وفلسطين بخصوص الحدود. وفي انتظار ذلك، سيواصل الاتحاد الأوروبي التمسك بموقفه المرتكز على ثلاث إجراءات: وهو أن أي منتوج يتم استيراده من الأراضي المحتلة، لا يمكن أن يُعامل معاملة تفضيلية، باعتبار أنه لا يأتي من أراضي تابعة لإسرائيل.
والنقطة الثانية التي ناقشتها الدول الأوروبية واتفقت مبدئيا بشأنها في شهر ديسمبر الماضي، هي اعتبار أن كل الاتفاقيات المبرمة بين أوروبا وإسرائيل، يجب أن تقتصر على التراب الإسرائيلي في حدود ما قبل عام 1967.
وأما النقطة الثالثة التي تمت مناقشتها ولم يتم التوصل الى اتفاق بشأنها، فهي كيفية تمييز البضائع المستوردة من المستوطنات الواقعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقد كانت الاطراف الساعية لمناقشة هذا الموضوع في البداية، دولتان أو ثلاثة فقط، أما اليوم، فقد أصبح ثلاثة عشر وزيرا موافقين على إدخال نظام تمييز هذه المنتجات. وفي ذلك تقدم مهمّ، خصوصا وأن الدول لها حرية اعتماد هذا النظام بمحض إرادتها”.
جهود أوروبية وراء محاولات جون كيري
تشهد منطقة الشرق الأوسط منذ مدة، محاولات لإنعاش مفاوضات السلام المنهارة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ويبدو من التصريحات التي أدلى بها السيد أندرياس راينيكي، ممثل الاتحاد الأوروبي المكلف بملف مفاوضات السلام لـ swissinfo.ch، بأن الاتحاد الأوروبي وراء هذه الجهود ويدعم ما يقوم به وزير الخارجية الأمريكي ويعقد آمالا كبرى على هذه الجولة .
حيث أوضح السيد راينيكي: “لقد كان الاتحاد الأوروبي العنصر الذي دفع بقوة خلال السنة الماضي من أجل هذا الاستئناف للمفاوضات، من خلال مبادرة تفاوض جديدة يتم الشروع فيها خلال عام 2013.
فقد شعرنا خلال العام الماضي، عندما انهارت المفاوضات، بأن يصبح هناك فراغ خطير. ونحن سعداء اليوم لكون كاتب الدولة للخارجية الأمريكي جون كيري قد استأنف هذه المبادرة، بدعم كامل من الاتحاد الأوروبي. وتُجري مسؤولة العلاقات الخارجية بالاتحاد الأوروبي السيدة كاترين آشتون اتصالات مباشرة معه، كما أنني وفريقي لنا اتصالات مباشرة مع فريقه في هذه المفاوضات. ولكن الأمريكيين هم الذين يقودون هذه المفاوضات التكتيكية الفعلية”.
وعن الأسس التي يرى الاتحاد الأوروبي أنها يجب أن تكون منطلقا لهذه المفاوضات اليوم، أوضح المبعوث الأوروبي “ما نأمل فيه نحن كاتحاد أوروبي، وهو ما تم تحديده في بيان البلدان الأعضاء السبعة والعشرين في العام الماضي، هو أن تتوصل تلك المفاوضات الى إنهاء هذا الصراع، وأن يتم إدماج العالم العربي في المسار على أساس المبادرة العربية لعام 2002 او 2003. وكانت مواقف الأوروبيين قد تم توضيحها في: اعتبار القدس عاصمة للدولتين وأن تكون المفاوضات على أساس حدود عام 1967مع تعديلات يتم قبولها بالتفاوض. كما أن أمن إسرائيل يعتبر أمرا مهما ويجب إيجاد حل عادل ومقبول بالنسبة لمشكلة اللاجئين”.
تحذير من إمكانية التخلي عن حل الدولتين
لكن أندرياس راينيكي، ممثل الاتحاد الأوروبي للسلام في الشرق الاوسط يرى أنه في حال فشل الجهود الحالية لوزير الخارجية الأمريكي، فإن إمكانية العدول عن حل الدولتين من قبل الأطراف المعنية وارد جدا، ويخشى أن يؤدّي ذلك إلى افشال جهود قائمة منذ حوالي 15 عاما. ويعتقد ان ذلك ليس في مصلحة أي من الطرفيْن.
وأضاف المسؤول الأوروبي “حتى ولو أننا لا نعرف متى ستختفي هذه الإمكانية (حل الدولتين)، إلا اننا بالنظر الى العزيمة التي يعود بها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري للمنطقة، وفي حال فشل هذه الجهود، فإن هناك خطر تحول الطرفين الى البحث عن حل آخر. وهناك خطر كبير في كون هذا الحل سيكون شيئا آخر غير حل الدولتين”.
اجتمع وزير الخارجية الامريكي جون كيري مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس لخمس ساعات ليل الثلاثاء في العاصمة الاردنية في اليوم الاول من سادس زيارة له الي المنطقة منذ ان تولى منصبه.
وقال مسؤول كبير بوزارة الخارجية الامريكية إنهما ناقشا عملية السلام الاسرائيلية – الفلسطينية ودعم الاقتصاد الفلسطيني وأحدث التطورات في الشرق الاوسط. ولم يشأ المسؤول ان يدلي بتفاصيل حفاظا على رغبة كيري في الابقاء على مشاوراته سرية.
ويأمل كيري بإحياء المفاوضات الاسرائيلية – الفلسطينية التي إنهارت في 2010 وسط نزاع حول البناء الاستيطاني الاسرائيلي في اراض محتلة بالضفة الغربية والقدس الشرقية اللتين يريد الفلسطينيون اقامة دولة مستقلة عليهما.
ومن المنتظر ان يجتمع كيري يوم الاربعاء مع مسؤولين من الدول التي أيدت اقتراحا للجامعة العربية في 2002 عرض إعترافا عربيا كاملا باسرائيل إذا تخلت عن الاراضي التي استولت عليها في حرب 1967 وقبلت “حلا عادلا” لمسألة اللاجئين الفلسطينيين.
وامتنع مسؤولون امريكيون عن الكشف عن اسماء الدول التي ستكون ممثلة في اجتماع اليوم لكنهم قالوا ان من المرجح ان تشمل البحرين، ومصر، والاردن، ولبنان، وقطر، والسعودية.
وتواجه خطة الجامعة العربية – التي رفضتها اسرائيل عندما اقترحت في قمة عربية في بيروت في 2002- عقبات رئيسية يتعين التغلب عليها.
وتعترض اسرائيل ليس فقط على العودة الي حدود 1967 بل أيضا إدراج القدس الشرقية العربية في دولة فلسطينية وحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الي ما اصبح الان اسرائيل.
المصدر: (وكالة رويترز للأنباء، يوم 17 يوليو 2013 )
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.