“قضية هانيبال”.. تسريبات إعلامية ومناوشات سياسية ومحاسبة برلمانية
ابتداء من يوم الإثنين 21 يونيو، تستمع لجنة برلمانية معنية بمراقبة الأداء الحكومي إلى إفادات عدد من الوزراء والمسؤولين المعنيين بملف الأزمة التي شهدتها العلاقات بين سويسرا والجماهيرة الليبية على مدى العامين الماضيين. في الأثناء، واصلت وسائل الإعلام نشر المزيد من التسريبات والتفاصيل المثيرة عما حدث.
بعد أقل من أسبوع على عودة ماكس غولدي، واصلت وسائل الإعلام السويسرية نشر تسريبات ومعلومات جديدة، عمّـا خفِـي من قضية هانيبال القذافي والتجاذبات التي طبعت خلال العامين المنقضيين، العلاقة بين وزيرة الخارجية كالمي – ري وزميلها في المالية هانس رودولف ميرتس.
وكان مُـلفتا أن الحديث عن توجّـه برن للقيام بعملية عسكرية لتهريب الرهينتين السويسريتين من ليبيا، قد تمّ تداوله في العديد من الصحف، إلا أن هذه المعلومات لم تتأكّـد من مصدر رسمي.
وفي تصريح نشرته عدة يوميات ناطقة بالألمانية يوم السبت 19 يونيو 2010، اكتفت وزيرة الخارجية ميشلين كالمي – ري بالقول: “نحن نتحدث هنا عن أزمة استثنائية”، مضيفة بأن “التفكير في احتمالات غير تقليدية، يشكّـل جزءً من هذا المسار.. يجب علينا دائما النظر في جميع الاحتمالات، لأننا إذا لم نقم بذلك، فسيُـوجَّـه إلينا اللوم”.
وفيما أوردت بعض الصحف سيناريوهات مختلفة لعمليات كوموندوس محتمَـلة لتهريب الرهينتين من الأراضي الليبية باتجاه بلدان مجاورة (ذكِـر منها الجزائر ومصر والنيجر)، إلا أن المتحدِّث الرسمي باسم الحكومة الفدرالية رفض، على غِـرار وزيرة الخارجية، مجرد التعليق على هذه المعلومات.
دراسة الإحتمالات
وكانت يومية «لا تريبون دي جنيف»، أفادت يوم السبت 19 يونيو 2010، بأن سويسرا حاولت أربع مرات تحرير مواطنيْها اللذين احتجزا نحو سنتين في ليبيا، لكنها تخلت عنها بالنهاية بعد أن اعتبرتها كثيرة المخاطر.
وكتبت الصحيفة – من دون توضيح مصادرها أن «مصادر عدة تؤكد ان السلطات السويسرية درست هذا الإحتمال (تهريب) وانها أصدرت مرتين تفويضا عسكريا لتنفيذه». وأوضحت الصحيفة التي تصدر بالفرنسية في جنيف أن محاولة أولى تمثلت على الأرجح مع بداية احتجاز رجلي الأعمال السويسريين ماكس غولدي ورشيد حمداني، (اللذين اعتقلا لفترة وجيزة في 19 يوليو 2008 ثم ظلا مقيمين في مقر السفارة السويسرية في طرابلس لأشهر طويلة)، في إخراجهما من البلاد في طائرة سفير سويسرا لدى ليبيا.
وبعد ذلك تم الإعداد في ديسمبر 2008، لتهريبهما الى الجزائر. لكن برن عدلت عن ذلك لأنها رفضت الشروط التي طلبتها الجزائر (يبدو أنها تعلقت بترحيل بعض المعارضين السياسيين الجزائريين من سويسرا) وتمثلت محاولة ثالثة في “إخراج رجلي الاعمال عبر النيجر ورابعة بحرا باستخدام غواصة”، كما أضافت الصحيفة.
في المقابل، قالت وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي – ري في حديث إلى صحيفة «سونتاغ» الأسبوعية (تصدر بالألمانية في زيورخ) الصادرة يوم الأحد 20 يونيو: “من أجل استعادة رجلي الأعمال درسنا إمكانات الإفراج عنهما كافة… ونجحنا في النهاية في تحقيق ذلك الأسبوع الماضي، ولا يمكنني أن أضيف شيئاً في هذا الصدد».
رهينة سويسرية ثالثة؟
من المعلومات الأخرى التي نشرتها الصحف الأسبوعية الصادرة يوم الأحد، الحديث عن مواطن سويسري ثالث التجأ إلى السفارة السويسرية في طرابلس خلال صيف وخريف 2008 في بداية ما أصبح يُـعرف بـ “قضية القذافي”.
وأفادت أسبوعية “لوماتان ديمانش” (تصدر بالفرنسية في لوزان) في عددها الصادر يوم الأحد 20 يونيو 2010 استناداً إلى مصادر لم تسمها، أن سويسرياً ثالثاً قد يكون مُنع من مغادرة ليبيا، لكن لم يزج به في السجن كما كانت حال رجلي الأعمال اللذين اعتقلا لفترة وجيزة في 19 يوليو 2008 ثم منعا لاحقا من مغادرة الأراضي الليبية.
وأوضحت الصحيفة أن السويسري الذي كان يعمل في مجال لحم الأنابيب في شركة ألمانية تبني انبوباً نفطياً في ليبيا، قد يكون تمكن من اللجوء إلى سفارة سويسرا في طرابلس في الوقت المناسب، ورجحت أن يكون تم التفاوض في شأن رحيله في موفى سبتمبر 2008 مقابل منح تأشيرة لإحدى الشخصيات الليبية.
وأكّـدت وزارة الخارجية في بيان رسمي المعلومات التي أوردتها أسبوعية Le Matin Dimanche، وأشارت إلى أن الرجل “الذي أقام لعدّة أسابيع” في السفارة السويسرية، تمكّـن في نهاية المطاف “بفضل جهود وزارة الخارجية من الحصول على تأشيرة خروج وتمكن من مغادرة ليبيا في موفى أكتوبر 2008”.
كالمي ري تعكس الهجوم
على صعيد آخر، كانت وسائل الإعلام السويسرية مسرحا لمناوشات غير مباشرة بين وزيرة الخارجية ميشلين كالمي ري وزميلها في وزارة المالية هانس رودولف ميرتس الذي يبدو أنه اشتكى في إحدى جلسات الحكومة الفدرالية من نقص في التعاون من جانبها خلال سنته الرئاسية (2009) فيما أشارت بعض التقارير الصحفية إلى أن ميرتس يُؤاخذ وزيرة الخارجية أيضا على عدم إطلاعه على الخطط التي جرى تدارسها في برن لتحرير الرهينتين قبل توجهه إلى ليبيا في صيف العام الماضي.
الوزيرة رفضت انتقادات زميلها الذي كان رئيسا للكنفدرالية في عام 2009 مؤكدة في تصريحات نشرتها صحيفة “سونتاغس تسايتونغ” يوم الأحد 20 يونيو 2010 أن “التعاون كان مكثفا خلال السنة الرئاسية لرودولف ميرتس حيث دعمت وزارة الخارجية بكل قواها وزارة المالية”. في المقابل، هـوّنـت من دعوات وجهها عدد من المعارضين السياسيين لها للإستقالة من منصبها وقالت: “لقد أصبحت موضة هذه الأيام.. هذا أمر لا يمسني إطلاقا”، رغم إقرارها بأنه يثير لديها بعض الغضب أحيانا.
من جهة أخرى، انتقدت ميشلين كالمي ري الرحلة التي قام بها هانس رودولف ميرتس إلى طرابلس في 20 أغسطس 2009 وقالت لنفس الصحيفة: “سبق للسيد ميرتس أن قدم اعتذارات عن إيقاف هانيبال القذافي وبالنسبة لي لم يكن هناك مجال للإعتذار مرة ثانية (لدى تحولها إلى طرابلس يوم 29 مايو الماضي)، لأنه كان سيكون غير كاف أيضا”.
في المقابل، دافعت الوزيرة عن الإعتذار الذي قـدم من طرف سويسرا بسبب نشر صور الهوية القضائية لهانيبال القذافي في الصحافة وقالت: “لا يجب أن ننسى أن سرقة الصور عمل يعاقب عليه القانون الجزائي في سويسرا أيضا.. لقد كان اعتذارا مجانيا أيضا”.
swissinfo.ch مع الوكالات
في مدريد، أعلن مساء الجمعة 18 يونيو 2010 المندوب الإسباني المشارك في الإجتماع الأول الذي عقد لتطبيق خطة العمل (الموقع عليها في طرابلس بين ليبيا وسويسرا يوم 13 يونيو 2010) أن عملية التحكيم ستنطلق في غضون أسبوع واحد.
وعلى إثر اختتام الإجتماع الذي شارك فيه ممثل عن ألمانيا، صرح وكيل وزارة الخارجية الإسبانية المكلف بالشؤون القنصلية والهجرة أن “المسار سينطلق في غضون أسبوع من الآن وسيحدث ذلك في برلين”.
وكما هو معلوم فقد سبق أن اختارت كل من سويسرا وليبيا قاضيا لعضوية هيئة التحكيم الدولية ويجب عليهما الآن تأكيد اسميهما من جديد.
إثر ذلك، يتوفر القاضيان (واحدة من بريطانيا اختارتها سويسرا والثاني من الهند عينته ليبيا) على 30 يوما لتسمية قاض ثالث لاستكمال هيئة التحكيم. وبعد ذلك، تمنح الهيئة فترة بستين يوما لاتخاذ قراراتها المتعلقة بالتحكيم النهائي في الخلاف بين برن وطرابلس.
يُشار إلى أن هيئة التحكيم الدولية التي تم الإتفاق على إنشائها لن تنظر إلا في ظروف إيقاف هانيبال القذافي نجل الزعيم الليبي معمر القذافي يوم 15 يوليو 2008 في جنيف.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.