“قطع جميع الدول العربية علاقاتها مع النظام السوري مسألة وقت”
اعتبرت الدكتورة بسمة قضماني درويش، عضو المجلس الوطني السوري والناطقة الرسمية باسمه، أن القرارات التي اتَّـخذتها الجامعة العربية لمُـحاصرة النظام السوري، أمر جيد.
في الوقت نفسه، بدت قضماني متفائلة بالآلية العربية الدولية، التي يتم تحريكها حاليا لرفع الغطاء عن النظام وفرض التنحّي على الرئيس السوري بشار الأسد.
من قاعات التدريس ومراكز البحوث، أتت الدكتورة بسمة قضماني إلى ملاعب السياسة. ملأت جُـعبتها معارف ودراسات أكاديمية، مسنودة بخرائط ذكية عن سوريا وجوارها العربي والتركي، قبل أن تُبحر على سفينة “المجلس الوطني السوري” نحو المعركة الأخيرة مع نظام بشار الأسد، الذي يحكم البلد بقبضة حديدية منذ رحيل والده حافظ الأسد في 2000، في أعقاب حكم دموي استمر بدوره، ثلاثة عقود.
“الخيارات كلها.. صعبة”!
تشكل “المجلس الوطني السوري” في 15 سبتمبر 2011، بعد شهرين من المشاورات، تقول قضماني. وقد طرح مطالب الشعب والثوار “من أجل العمل بهدف واضح وأساسي، هو إسقاط النظام بكامل أركانه”. والمجلس، كما تقول، صار إطارا وطنيا وليس حزبيا، في خدمة الثوار. أما سقوط النظام فتتوقَّـع، هي التي درست تضاريس المنطقة من المغرب العربي إلى الخليج، أنها مسألة وقت فقط.
كتبت قضماني عن مسألة الأمن في منطقة الخليج سنة 1992 وأردفت ذلك الكِـتاب بعد عام بآخر عن “الصراعات في الشرق الأوسط والخليج”، لتنتقل إلى الكتابة عن لبنان، ثم تطرّقت إلى مواقف الدول العربية من حركات الرّفض الإسلامية، قبل أن تتناول الشتات الفلسطيني في كِتابها الصادر سنة 1997 “الدياسبورا الفلسطينية”.
كما ألَّـفت في التسعينات كِـتابا عن “التحولات في المغرب العربي”، ومن آخر مؤلّفاتها، كتاب وجداني كتبته بالفرنسية أيضا سنة 2008 عنوانه “تقويض الجدران”، وهو مزيج من السِّيرة الذاتية والرِّواية، ومِحوره، التفكير في سُـبل انتقال البلدان العربية إلى الديمقراطية، وعلاقة ذلك المسار بمُـعضلة التعايش مع إسرائيل.
ورغم أنها تفرّغت منذ رُبع قرن للعمل الأكاديمي والنشاط الإنساني، فهي لم تكُـن بعيدة عن السياسة وقضايا الإصلاح في العالم العربي، إذ عملت لفترة طويلة مديرة تنفيذية لمبادرة الإصلاح العربي من باريس، التي ألْـقت الضوء على المسارات السياسية الإصلاحية في البلدان العربية ودعَـمت التيارات الديمقراطية من زاوية أكاديمية.
بهذا المعنى، كان منطِـقيا أن تتبوّأ قضماني مكانا بارِزا في المجلس الوطني، بعد تشكيله. وهي اليوم، لا تنشغل بشيء، قَـدْر اهتمامها بتأمين نجْدة دولية للشعب السوري، الذي ينزف تحت راجمات الجيش النظامي وصواريخه. والحلّ؟
ترد قضماني على سؤال swissinfo.ch قائلة “نحن أمام خِيارات كلها صعبة، وليس بينها خيار واحد يسير. ولذا، من المهم الوصول بأي شكل من الأشكال إلى هذا الشعب لنجْدته… وإذا احتاج الأمر إلى ممرّات آمنة أو مناطق عازلة، فلتكن”.
ومضت قائلة “اليوم، الشعب السوري يُـعاني وحده. فالنظام يُـحوِّل البلد إلى جحيم، وسوريا إلى مناطق منكوبة”. وأشارت إلى أن المجلس الوطني طالب منذ أكثر من شهر بمراقبين دوليين، “لكن اليوم فات الوقت على مثل هذه الصيغ، لأن الوضع يحتاج إلى منظمات إغاثة تدخُل إلى سوريا وتوصل المَعونات بأي طريقة إلى المنكوبين”.
أما عن قرار سحب بعثة المراقبين العرب، فقالت “إنه كان متّخذا قبل الاجتماع الأخير لوزراء الخارجية العرب، لأن البِعثة لم يعُـد لوجودها مبرِّر في سوريا. فالنظام لم يتعاون معها ولم يسمح لها بأن تعمل وِفق الشروط المطلوبة أو حتى الشروط المقبولة”. وجددت القول أن التقرير الذي صدر بعد شهر من عمل البِعثة “كان تقريرا مُـنحازا تماما ولا يصِف الوضع كما هو على الأرض، ما جعل مِصداقية البِعثة محلّ تشكيك”.
رسالة واضحة وقوية للأسد
وقالت قُضماني “سنذهب إلى الأمم المتحدة لتقديم وِجهة نظرنا وحضّ الدول المتردِّدة أو الدول التي ليس لديها المعلومات الكاملة عن الوضع والواقع في سوريا”. وأضافت “سنتحدّث مع تلك الدول ونقدِّم لها واقِعنا ونحثّها على تحمّل مسؤولياتها للتصويت على قرار حازم يوصل رسالة واضحة وقوية للنظام السوري”.
وعندما سألناها عن إمكانية فرْض حظْـر جوي على غِـرار ما حصل مع نظام معمر القذافي، قطع جميع الدول العربية علاقاتها مع النظام السوري، رأت أن التوجه الحالي هو نحو هذا، والمسألة مسألة وقت. وضحت أنه بعد الذي حصل في ليبيا لدى فرض الحظر الجوي، صار هناك تشنّج لدى الدول الكبرى من تلك الآلية، مؤكِّـدة أن المجلس الوطني السوري يتجنّب المقارنة مع الحالة الليبية “لأنها تضرّ بنا، فنحن مدخلنا مُختلف، وهو حماية المدنيين التي تمُر عبْر مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، الذي يلاحظ انتهاكات وجرائم ضدّ حقوق الإنسان تفرض آلية للردّ عليها، والآلية معروفة…”
وأكدت أن “العالم العربي هو مفتاحنا إلى المجتمع الدولي. فنحن نتوجّه إلى آلية عمَل تضمَن لنا دعما من الدول العربية”، مُـشيرة إلى أنه “بعد تعذُّر تولِّي مجلس الأمن هذا الملف، فالبديل هو مجموعة أصدقاء سوريا. فهي قادرة بإرادتها وقُـدراتها أن تقرِّر آليات وإجراءات عملية على الأرض”.
وعن سؤال حول إمكانات قطع جميع الدول العربية علاقاتها مع النظام السوري، رأت أن “التوجّه الحالي هو نحو هذا، والمسألة مسألة وقت”، مضيفة أنه على الدول المتحفِّظة أن توضِّح أسباب تحفُّظها. فإذا كانت تتوقّع أن النظام (السوري) سيتعاوَن، فقد رفض جميع المبادرات وعزل نفسه نهائيا”.
وعلّقت قضماني على موقف موسكو قائلة “أعتقد أن روسيا لا تستطيع أن تبرِّر موقفا داعما للنظام بعد ذلك، ونأمل أن تكون استوعَـبت الواقع على الأرض لكي ترى أن هذا النظام لم يعُـد قادرا على إدارة البلاد، وأنه أصبح يلجَأ للعنف بشكل كامل في تجاوُبه مع مطالب الشارع”. وقالت “إن على روسيا أن تطوي هذه الصفحة المُظلمة من سياستها تُجاهنا”.
أما عن الصين، فأبدت شيئا من التفاؤل، ملاحظة أن هناك شيئا من الحرَج في موقِفها، جسَّـدته إرادتها في مواصلة التواصُل مع المجلس الوطني، وعزت ذلك إلى أن انقطاع الإتِّصال سيُضِـر بالجانب الصيني، خاصة بعد قرار الدول العربية بمقاطعة النظام السوري”.
عزل النظام دوليا
في سياق متصل، أوضحت قضماني أن رِهان المجلس يقوم على عزْل النظام وخنْـقه، اقتصادياً وسياسياً ومالياً، وهو ما سيؤدّي إلى انفِجار من داخل النظام وتفكّك قِـوى أساسية في الجيش والأمن ورجال الأعمال وفي قاعدته الرئيسية”.
وعلَّقت على مطلب الحماية الدولية بقولها “عندما يرفع الشارع المنتفِض شعار الحماية الدولية، فعلينا حينها أن نُـترجم هذا المطلب وعلينا أن ندرس أشكال هذه الحماية الدولية، من مراقبين دوليين ومنظمات إغاثة، وصولاً إلى التدخّل العسكري الذي لا يزال المجلس الوطني لا يطرحه، وهذا دورنا في تحريك المجتمع الدولي واستخدام جميع الوسائل القانونية والسياسية والاقتصادية لإسقاط النظام”.
أما عن الجيش الوطني السوري، فقالت “نعتبر هذا الجيش هو جيشنا الوطني، وهذا حسب الدستور. فالجيش يدافع عن الشعب أمام الخطَـر الخارجي. الثورة سِـلمية، وهو الذي يحميها وهو الإطار وهو السّقف، الذي يحتمي به الثوار. ومثلما اعتمدت كل الثورات العربية (في تونس ومصر واليمن…) على جيشها، فنحن نُـعوِّل أيضا على جيشنا الوطني.
أخيرا، أكّدت قضماني أن برنامج المجلس الوطني السوري حدّد مراحل انتقالية متكاملة، لِـما ستكون عليه سوريا غدا، وهو قائم على “المساواة بين جميع أبناء الشعب السوري”.
بكين (رويترز) – التقى مبعوث صيني مع نبيل العربي الامين العام للجامعة العربية لبحث الوضع في سوريا، مع سعي بكين للحد من الاضرار الدبلوماسية التي نجمت عن استخدامها حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار بالأمم المتحدة بشأن سوريا، مما اثار غضب غربي وعربي.
وعرْقلت الصين وروسيا في بداية هذا الشهر مسودّة قرار بمجلس الأمن الدولي، كان يؤيد خطة عربية تحُث الرئيس السوري بشار الأسد على التنحي وسط الحملة العنيفة التي تشنّها حكومته على جماعات المعارضة.
وقالت وزارة الخارجية الصينية، ان مبعوثها أجرى مباحثات “صريحة ومفيدة للغاية” بشأن سوريا يوم الاثنين 13 فبراير، عندما التقى مع العربي في القاهرة. وتصر الصين على ان استخدامها للفيتو ليس بمثابة دعم للأسد وانه لم تقُم بذلك إلا كمحاولة لمنع تدهوُر الوضع. ولكن العربي قال سابقا، ان الصين وروسيا خسِرتا رصيدا دبلوماسيا في العالم العربي بسبب استخدامهما الفيتو ضد مشروع قرار حول سوريا في مجلس الأمن الدولي في الرابع من فبراير الجاري. وفي ليبيا رشق محتجّون السفارة الصينية بالحجارة.
وقال المبعوث الصيني إن “الصين والدول العربية تربطهما صداقة تقليدية جدا وعلاقة تعاون وتحتفظان باتصالات وثيقة وتنسيق بشأن الشؤون السياسية. في ضوء تصاعد الوضع السوري بشكل مستمر، الغرض من هذه الزيارة للقاهرة، هو شرح موقف وسياسات الصين للجامعة العربية والدول العربية والاستماع لمواقفها.”
ودعمت وزارة الخارجية الصينية يوم الاثنين جهود الوساطة التي تبذلها جامعة الدول العربية في سوريا، لكنها لم تُـظهر تأييدا واضحا لدعوتها لإرسال قوات حفظ سلام لوقف الحملة العنيفة التي تشنها الحكومة السورية على جماعات المعارضة.
وأصدرت جامعة الدول العربية يوم الأحد قرارا طلبت فيه من الامم المتحدة التفويض بإيفاد بِعثة حِفظ سلام من الأمم المتحدة والدول العربية الى سوريا. وتزيد هذه الدعوة من الضغوط الدبلوماسية على روسيا والصين، اللتين انتقدهما الغرب بشدّة لعرقلتِهما قرار مجلس الأمن الدولي.
ومن المرجّح أن يطغى الشأن السوري على المحادثات التي يجريها نائب الرئيس الصيني للبيت الابيض يوم الثلاثاء 14 فبراير. وقالت وزارة الخارجية الصينية إن الدبلوماسي الصيني البارز داي بنجوو ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينون ناقشا الأزمة السورية وذلك خلال مكالمة هاتفية يوم الاثنين.
وقالت وزارة الخارجية الصينية إن داي، المُـشرف على السياسة الخارجية للصين، دافع عن الطريقة التي تعاملت بها بكين مع الازمة السورية.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 14 فبراير 2012)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.