“قيامُ المجلس الوطني السوري جاء نتيجة لتوحيد جبهة الثورة في الداخـل”
شارك نضال درويش المعارض السوري المقيم في سويسرا في الاجتماع التأسيسي للمجلس الوطني السوري كممثل عن المكتب السياسي في الهيئة العامة للثورة السورية،
وفي حديث خصّ به swissinfo.ch اعتبر درويش أن العامل الأساسي يكمُن هذه المرة في أن “الثورة في الداخل هي التي وحّدت الأطراف وأقدمت على تشكيل مجلس وليس العكس”.
أقدمت تيارات المعارضة السورية في الإجتماع الذي عقدته في مدينة اسطنبول يوم الأحد 2 أكتوبر 2011 على تأسيس المجلس الوطني السوري باعتباره المحفل الجامع لقوى المعارضة السورية ضد نظام الرئيس بشار الأسد. وكان من بين الشخصيات التي شاركت في الإعداد لهذا الحوار التشاوري، السيد نضال درويش المعارض السوري المقيم منذ سنوات في سويسرا وعضو المكتب السياسي في الهيئة العامة للثورة السورية.
في الحوار التالي، يتحدث السيد درويش عن دوافع تأسيس هذا المجلس وحظوظ نجاح المبادرة الحالية بعد محاولات متعددة فاشلة في جمع شمل مختلف أطياف وتشكيلات المعارضة السورية.
swissinfo.ch: كيف تحكمون على هذه الخطوة في تاريخ الثورة السورية والمتمثلة في تأسيس مجلس وطني؟
نضال درويش: تعتبر بكل تأكيد من الخطوات المهمة والأساسية في سياق الثورة، رغم أنها جاءت متأخرة. فالثورة بعد شهور من قيامها أصبحت في حاجة إلى عنوان سياسي يوحد تطلعاتها عبر توجهات سياسية واضحة إزاء الداخل وإزاء المجتمع الدولي. وهذا التأخير كان نتيجة لجملة من الاعتبارات تتعلق بتأخر توحد المعارضة في الداخل والخارج وكثرة المؤتمرات والمبادرات.
أشرت إلى أن الخطوة قد تكون جاءت متأخرة، ما هو في نظرك العامل الحاسم الذي دفع مختلف القوى المشاركة للإلتحام هذه المرة؟
نضال درويش: هي بالأساس الأخطاء التي تم ارتكابها في عدم التوحد في الشهور الماضية والتي تركت تداعيات سلبية على الحراك الثوري، وتركت تداعيات سلبية على تصعيد الضغوط على النظام السوري وبالتالي تأخر التصعيد العربي والدولي. كل هذه العوامل لعبت دورا في وضع حد للمحاولات الفاشلة السابقة .
والعامل الأساسي والوازن في هذا الموضوع، كان في حضور الحراك الثوري عبر الهيئة العامة للثورة السورية، كقوة جاذبة وضاغطة على الأطراف. فقد عملت كتلة الهيئة العامة للثورة السورية على توحيد القوى السياسية وأعطتها الشرعية المباشرة والواضحة.
فالمحاولات السابقة كانت تُنتج مجالسا وتبحث عن إعطائها الشرعية في الداخل. لكن المحاولة الأخيرة كانت مسارا عكسيا، أي أن الثورة من الداخل وحدت الأطراف وأنتجت بالتشارك مع الأطراف السياسية الوازنة في الداخل والخارج تشكيل المجلس وبالتالي كانت له شرعية جاهزة عبر المشاركات في الحوارات التمهيدية والطاولة التشاورية الأخيرة.
الشرعية تأتي عادة من إشراك الجميع في العملية السياسية، لكن يبدو أن هناك مخاوف (أو تخويفا) من ظهور إقصاءات أو استثناءات لبعض الفئات. هل بالإمكان تقديم فكرة عن المكوّنات المشاركة في اسطنبول؟
نضال درويش: كان البيان الختامي لتأسيس المجلس واضحا في هذا الإطار حيث أوضح بأنه ليس مغلقا في وجه الأطراف التي ترغب في الإنضمام. فالحوارات التمهيدية كانت قائمة على الأطراف الأساسية الموجودة في الداخل السوري وخارج سوريا.
نتكلم عن قوى إعلان دمشق، وعن الشخصيات الوطنية المستقلة في الداخل والخارج وهنا كان يمثلها الدكتور برهان غليون. ونتكلم عن أحزاب وقوى كردية موجودة في الداخل والخارج. ونتكلم عن الهيئة الإدارية للمجلس الوطني في إسطنبول الذي تم الإعلان عنه منذ 15 يوما والذي كان ينضوي في داخله الكثير من المؤتمرات السابقة. ونتكلم عن المنظمة الآثورية الديمقراطية وهي التمثيل السياسي للسريان المسيحيين والآشوريين في سوريا. ونتكلم أيضا عن الإخوان المسلمين الذين كانوا حاضرين في الحوارات التمهيدية.
والعامل الجديد الذي تكلمت عنه والمتمثل في الهيئات الأساسية للحراك الثوري والممثل في الهيئة العامة للثورة السورية المجلس الأعلى لقيادة الثورة ولجان التنسيق المحلية. فهذه هي الأطراف السبعة الأساسية التي كانت مشاركة على طاولة الحوار والتي تشكل منها بشكل أساسي المجلس الوطني، مع بقائه مفتوحا على كل الحراك السياسي وكل التجمعات التي حسمت خيارها بشكل واضح إزاء العصابة القاتلة المتمثلة في النظام القائم في سوريا، وإزاء خيار الثورة وتبنيهم بشكل واضح لمبادئ وتطلعات الثورة السورية.
لكن لا يخفي عليك بأن هناك تخوفات من طغيان العنصر الإسلامي أو الأصولي. ما مدى صحة أو عدم صحة هذا التخوف؟
نضال درويش: بداية وبكل تأكيد، الثورة السورية ليست تحت مظلة بُعد ديني أو بُعد طائفي أو بُعد قومي أو بُعد أيديولوجي سياسي. إنها ثورة شعبية تمثل تطلعات الشعب السوري من أجل الحرية، وفي مواجهة نظام استبد بالبلد منذ أكثر من نصف قرن. وبالتالي ليس هناك ملمحٌ عن توجه إيديولوجي ان كان بالمفهوم الديني او القومي او السياسي.
العامل الثاني هو أن المجلس الوطني هو محفل يعبر تماما عن التنوع الموجود إن كان في الحراك الثوري أو في التنوع الموجود بداخل سوريا. نحن نتكلم عن شخصيات وطنية مستقلة، وعن قوى إعلان دمشق والممثلة للقوى المعارضة السورية في الداخل. ونتكلم عن الهيئات الثورية الموجودة بالداخل والتي ملمحها الأساسي أنهم سوريون ويمثلون الثورة. ونتكلم أيضا عن المنظمة الآثورية بالاضافة الى الأحزاب الكردية.
أما الإخوان المسلمون فهو من الأحزاب الموجودة في داخل سوريا وفي خارجها، وهو قوة سياسية معروفة. وهذا التنوع يوضح جليا بأن الثورة ليس لها ظلال او مظلة دينية أو طائفية، وهو تعبير واضح عن تطلعات الشعب السوري الذي قوامه التعدد والتنوع.
وماذا عن التمثيل الكردي والمسيحي في الثورة السورية وفي هذا المجلس؟
نضال درويش: فيما يخص التمثيل في المجلس، هناك تمثيل للمنظمة الآثورية بشكل واضح حتى على مستوى المكتب التنفيذي. وللأكراد ايضا تواجد وازن وبشكل أخّاذ ورائع سواء على مستوى الحراك الثوري في داخل سوريا، أو عبر تمثيلهم في المجلس الوطني بنسبة معقولة تماما. وبالتالي يُعتبر المجلس الوطني تعبيرا حقيقيا عن هذا الحراك الثوري في الداخل.
من المطالب التي ظهرت بعد تأسيس المجلس مباشرة، المطالبة بضرورة حماية المدنيين وسط جدل. فهل يعني ذلك القبول بتدخل خارجي؟.
نضال درويش: بخصوص موضوع التدخل الخارجي، لقد كانت الهيئة العامة للثورة السورية من العناصر الضاغطة لوضع هذا البند (موضع النقاش) بحكم أن هذا يُعبّر عن نداءات الحراك الثوري في داخل سوريا.
كما تعرف كانت هناك في الأشهر الأخيرة نداءات ضاغطة في الداخل من أجل حماية المدنيين. وقد أصدرت الهيئة العامة للثورة السورية رسالة بهذا الخصوص إلى مجلس الأمن الدولي تتعلق بطلب الحماية الدولية للمدنيين. وهذا ما كان له صدى في المجلس الوطني الذي تبنى هذا الموضوع .
وطلب الحماية الدولية قائم على عدة محددات، وهو تعبير صارخ على أن السلطة السورية ارتقت في انحدارها إلى مستوى عصابة قاتلة وبدأت تحتل المدن وتقصف البيوت بأسلحة ثقيلة ومدافع بحرية وحتى الطيران في الآونة الأخيرة. فنحن نتكلم عن سلطة تمتلك أسلحة ثقيلة وتستخدمها إزاء المواطنين العزل في داخل سوريا.
فسوريا عضو بالهيئات الأممية وعليها التزامات أساسية وبالتالي على الأسرة الدولية مسؤوليات تجاه الشعب السوري وعليها حمايته. فنحن ذاهبون في اتجاه تفعيل الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وبالتحديد المادة 41 منه الخاصة بحماية المدنيين وطلب الحظر الجوي لحماية المتظاهرين والمدنيين العزل لأن السلطات السورية بدأت في الآونة الأخيرة تستخدم الطيران والمروحيات في أكثر من منطقة في سوريا.
وهل هناك إجماع بخصوص التدخل الأجنبي؟
نضال درويش: فكرة التدخل الأجنبي قد تكون عامة جدا. وأعتقد أن البيان الختامي للمجلس الوطني كان واضحا بمعنى أن هناك فرقا ما بين التدخل فوق إرادة ومطالب الشعب السوري، والتدخل بطلب وإرادة الشعب لحمايته من سلطة تستخدم السلاح الثقيل في قصف المدن. وبالتالي فإننا نضع الأسرة الدولية أمام مسؤولياتها تجاه حماية الشعب السوري الأعزل.
أكيد عندما نتحدث عن الإجماع تظهر أصوات من المعارضة تحت لواء السيادة الوطنية توافق أن يُقتل الشعب السوري بـ “السلاح الوطني” وتقبل حتى أن تبيد هذه السلطة مدنا بهذا “السلاح الوطني وعلى أساس أنها سلطة وطنية”.
ولكن حتى هذه الأصوات أصبحت تتراجع أمام الحراك الثوري الذي يُجابه كل آلات القتل. فمن حق هذه الثورة التي تحمل آمال مستقبل سوريا أن تطالب بشكل واضح بحماية أبنائها من هذا الإستخدام لآلة الحرب القاتلة التي تمارسها هذه السلطة.
كانت هناك مطالب من الجالية السورية المقيمة في سويسرا موجهة للسلطات الفدرالية. هل ترى تجاوبا سويسريا مع هذه المطالب؟ وهل تعتزمون مطالبة برن بالإعتراف بالمجلس الوطني السوري؟
نضال درويش: حقيقة اتخذت الحكومة السويسرية في الآونة الأخيرة جملة من الإجراءات وهي تتطلع لزيادة تشديدها. وأظن أن من بين الإجراءات انضمام سويسرا إلى مسار تصعيد العقوبات الاقتصادية على سوريا وهذا كان عاملا مهما. الموضوع الآخر يتعلق بالعلاقات الدبلوماسية وقد اتخذت الحكومة السويسرية إجراءات في هذا السياق.
وبعد تشكيل المجلس الوطني للثورة السورية، نتطلع في أن تعترف سويسرا بالمجلس الذي هو المُعبّر السياسي عن الثورة والذي سيعمل في المستقبل على نزع الشرعية عن النظام على المستوى الدولي وهذا عامل مهم من أجل التضييق على هذا النظام والضغط عليه. وإلى جانب طلب الحماية الدولية، تم التوضيح في البيان الختامي لقيام المجلس على “العمل على نزع الشرعية الدولية” عن النظام السوري، أي بعبارة أخرى التسريع بالإعتراف بالمجلس الوطني السوري.
في رد كتابي للخارجية السويسرية على سؤال لـ swissinfo.ch حول إمكانية الاعتراف بالمجلس الوطني السوري، قالت الناطقة باسمها “إن سويسرا تعترف بالدول وليس بالحكومات”.
وذكّرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية أن “سويسرا أدانت في عدة مناسبات الإنتهاكات المنهجية لحقوق الانسان التي يتعرض لها السكان المدنيون السوريون على يد قوات الأمن السورية”.
في الوقت نفسه، أكدت الخارجية السويسرية أن “سويسرا تحيّي كل مبادرة تهدف للدفاع عن الحقوق الأساسية للشعب السوري”.
كان الممثل الوحيد من بين أبناء الجالية السورية المقيمة في سويسرا الذي شارك في جلسات الحوار التي أدت في اسطنبول الى قيام المجلس الوطني السوري، وذلك بوصفه عضو المكتب السياسي للهيئة العامة للثورة السورية.
يُعتبر من العناصر الأساسية التي عملت على تشكيل “الهيئة العامة للثورة السورية” الى جانب العديد من المعارضين السوريين الذين يقول إنه “لا يمكن الإعلان عن اسمائهم في الوقت الحالي”.
كُلف قبل شهر من طرف “الهيئة العامة للثورة السورية” بإجراء الحوارات المؤدية إلى توحيد صفوف المعارضة بعد الفشل الذي صاحب المؤتمرات السابقة وتبعا لذلك مثَّل الهيئة العامة خلال الحوار التشاوري الذي دارت أطواره بداية أكتوبر 2011 في اسطنبول.
كان عضوا في مكتب الأمناء لحركة الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سوريا.
تضم في صفوفها أكثر من 400 من تجمعات وتنسيقيات وائتلافات في الحراك الثوري في داخل سوريا. وهي تعتبر بمثابة الهيئة الجامعة لأغلب الفئات الثورية النشيطة في الداخل.
تم في المجلس الوطني السوري الذي يضم 29 مقعدا، تخصيص ستة مقاعد لعناصر الداخل من بينها ثلاثة مقاعد للهيئة العامة للثورة السورية. كما تم تخصيص مقعد لهيئات الداخل في المكتب التنفيذي للمجلس.
لم تحدد الهيئة العامة للثورة السورية بعدُ العناصر التي سوف تمثلها داخل المجلس ولا زال هذا الموضوع محط نقاش داخلي في الوقت الحالي.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.