كالمي – ري: “لا نبقى محايدين تجاه ما يحدُث في غزّة”
أدانت سويسرا، بدون أي لُـبس، قصف الجيش الإسرائيلي يوم الخميس 15 يناير للمقرّ الرئيسي لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ومستشفى القدس، التابع للهلال الأحمر الفلسطيني في قطاع غزّة.
وأضافت وزارة الخارجية في بيان نُـشر في برن، أن مستودعا تابعا للهلال الأحمر الفلسطيني ومبنىً يضُـم مكاتب وكالات أنباء، قد أصيبت أيضا في العملية العسكرية، مشيرة إلى أنه “في ظل الأوضاع الحالية، تُـصبح المساعدة الإنسانية والطبية، مستحيلة”.
كما ذكّـر بيان الخارجية السويسرية، بأن القوات المسلحة الإسرائيلية، قد قصفت بعدُ مرّات متعددة مدارس ومنشآت إنسانية في قطاع غزّة منذ بدء العمليات العسكرية.
وفيما شدّدت سويسرا على أن “الهجمات الموجّـهة ضدّ منظمات إنسانية ومستشفيات وعاملين في القطاع الطبي، تُـشكِّـل انتهاكات للقانون الدولي الإنساني”، جدّدت دعوتها إلى جميع الأطراف في النزاع، إلى الوقف الفوري للعمليات وتطبيق واحترام القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي على الفور.
إضافة إلى ذلك، جدّدت وزارة الخارجية السويسرية الطلب الذي سبق أن تقدّمت به يوم 9 يناير الجاري، المتعلِّـق بالمسارعة إلى تشكيل لجنة تحقيق مستقلة حول انتهاكات القانون الدولي الإنساني في منطقة النزاع.
يُـشار إلى أن سويسرا، هي البلد المؤتمَـن على معاهدات جنيف، وهي صفة تؤهِّـلها لاتخاذ مبادرات لفائدة القانون الدولي الإنساني، الذي تُـحدِّده هذه المعاهدات.
كالمي – ري تدافع عن حياد سويسرا الإيجابي
في سياق متّـصل، أكّـدت وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي – ري، أن سويسرا لا تقـِف متفرِّجة تُـجاه النزاع في الشرق الأوسط، وصرّحت في حديث نشرته صحيفة لوماتان، الصادرة في لوزان يوم 16 يناير، أن “برن تنخرط بالخصوص لفائدة احترام القانون الإنساني ومن أجل أن تتمكّـن اللجنة الدولية للصليب الأحمر من الوصول إلى ضحايا المعارك”.
وأضافت كالمي – ري “نحن لسنا محايدين!”، والمقصود هنا، أن سويسرا “ليست ساكنة (أو متوانية)”، ذلك أن “الوضعية في غزّة، لم تُـقابل من جانبنا أبدا بالاّمبالاة”.
وقالت وزيرة الخارجية في حديثها لصحيفة لوماتان، “بطبيعة الحال، أنني أرغب أيضا في أخذ هؤلاء الأطفال في أحضاني وفي نجدة أمهاتهم، لكن يجب التحرّك بأكبر قدر ممكن من النجاعة، في الموقع الذي يُـمكننا تقديم شيء ما فيه. أولا، من أجل أن تتوقف المعارك، ثم من أجل أن يوضع أكبر قدر من الضمانات، كي لا تتكرّر هذه الوضعية”.
“قيمة إضافية” إنسانية
وفي ردٍّ على سؤال يتعلّـق بنِـقاط القوّة، التي يُـمكن لسويسرا أن تستعملها في هذه المنطقة الملتهبة من العالم، ترى وزيرة الخارجية أنها لا تتمثّـل في إطلاق خُـطط سلام للشرق الأوسط، وتقول: “في فترة أزمة، مثلما هو الحال اليوم، فإن قيمتنا المضافة توجد على المستوى الإنساني”.
وتضيف كالمي – ري أن “التذكير بضرورة احترام القانون الدولي الإنساني، يُـمثّـل أيضا صيغة تحرّكٍ مهمّـة”، مشيرة إلى أن برن قد تدخّـلت لدى إسرائيل ومصر، من أجل أن تتمكّـن اللجنة الدولية للصليب الأحمر من الدخول إلى قطاع غزّة. من جهة أخرى، تلتزم سويسرا بالمساعدة على إجلاء الجرحى من الأراضي الفلسطينية.
من جهة أخرى، ذكّـرت وزيرة الخارجية، التي تُـصِـرّ على “تحرّك متناسِـقٍ” لسويسرا، بأن برن “أدانت – إلى حدّ الآن – جميع انتهاكات القانون الدولي الإنساني، مهما كان مصدرها ومهما كان مرتكبها”، ومضت تقول في سياق تِـعدادها لهذه الانتهاكات “إن مهاجمة مستشفيات ومنظمات إنسانية أو مدارس، (عمل) لا يتطابقُ مع القانون الدولي الإنساني. احتمالُ عدمِ الوصول إلى مناطقِ المعارك لنجدة السكان المدنيين، يُـمثِّـل أيضا انتهاكا للقانون الدولي الإنساني. واقع مزْجِ السكان المدنيين بمقاتلي حماس واستعمالهم كدروع، هذا أيضا متعارضٍ مع القانون الدولي الإنساني”.
تحرّكات مؤيِّـدة للطرفين
على صعيد التحرّكات الشعبية، لا زالت مُـدن سويسرا، مسرحا لتظاهرات واعتصامات مندِّدةٍ بالحرب الإسرائيلية على غزّة وأخرى مؤيِّـدة لحقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها.
وبعد المظاهرة الضخمة، التي شارك فيها أكثر من 7000 شخص يوم السبت 10 يناير في العاصمة الفدرالية للمطالبة بوقف الحرب على غزّة وإظهار الدعم للفلسطينيين المحاصـرين في القطاع، تجمّـع حوالي 400 شخص يوم 14 يناير أمام مقر الأمم المتحدة في جنيف، رفع العديد منهم الأعلام الإسرائيلية، مردِّدين أناشيد باللغة العِـبرية، وألقِـيت خُـطب انتقد أصحابها حماس، مُـكرِّرين بأن إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها.
وفي لوزان، نظّـم أكثر من 750 شخصا، بدعوة من أحزاب يسارية ومنظمات مناهضة للحرب، مسيرة عبْـر طرقات المدينة، للتعبير عن تضامنهم مع غزّة، رفعت شعارات مؤيِّـدةً للفلسطينيين ومندِّدة بأعمال القتل الإسرائيلية.
وفيما يُـنتظر أن تُـنظم هيئات وجمعيات مؤيِّـدة لإسرائيل، مسيرة في برن يوم السبت 17 يناير، أعلنت تنسيقية الجمعيات من أجل فلسطين بسويسرا، عن يوم تضامني وإغاثي مع غزّة، يوم الأحد في ملعب Dietikon بمشاركة ضيوف من فلسطين، من بينهم عبد الباري عطوان، رئيس تحرير صحيفة القدس العربي، الصادرة في لندن.
وفي جنيف، تُـنظَّـم مظاهرة ومسيرة جنائزية رمزية يوم السبت 17 يناير واعتصام أمام قصر الأمم، من طرف منظمة حقوق للجميع وفرع جنيف لتجمع إغاثة فلسطين، للمطالبة بوقف المذبحة المستمرة في غزّة.
كما دعت “الحركة من أجل سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط”، التي تضُـمّ يهودا وعربا ومواطنين سويسريين آخرين، مؤيدين للحوار بين الإسرائيليين والفلسطينيين، سكان جنيف إلى تجمّـعٍ صامت بالشموع والمشاعل من أجل السلام، مساء الاثنين 19 يناير في إحدى ساحات المدينة.
سويس انفو مع الوكالات
تضررت النشاطات الإنسانية السويسرية بشكل فادح في قطاع غزة، بحيث تم تعليقها تقريبا نظرا لاستمرار القتال بين الجيش الإسرائيلي ومسلحي حماس.
وقد ألحق قصف إسرائيلي يوم الثلاثاء 6 يناير الجاري بالقرب من محطة للشرطة أضرارا هائلة بأحد مباني برنامج غزة للصحة النفسية المدعوم من قبل الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون، كما طال القصف برنامجا طبيا تدعمه نفس الوكالة.
وقد أعلنت وزارة الخارجية يوم الجمعة 9 يناير الجاري في العاصمة الفدرالية برن عن رصد 3 مليون فرنك إضافية لمنظمات المساعدات الإنسانية لإسعاف الضحايا المدنيين في قطاع غزة.
في عام 2008، بلغ إجمالي المساعدات السويسرية لفلسطين 12 مليون فرنك. ويوم 30 ديسمبر الماضي، وفي ظل استمرار القصف الإسرائيلي على غزة، قررت الحكومة الفدرالية رصد 4 مليون فرنك إضافية على الفور كمساعدات طارئة للجنة الدولية للصليب الأحمر ولوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”.
في المجال الإنساني، تدعم سويسرا برامج المنظمات الأممية العاملة في الأراضي الفلسطينية والشرق الأوسط واللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وتساعد الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون أيضا وزارة الصحة الفلسطينية على شراء الأدوية لقطاع غزة والضفة الغربية.
في مجال التنمية، تدعم هذه الوكالة السويسرية منظمات غير حكومية فلسطينية تنشط في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان والتي ترصد الانتهاكات التي تقوم بها إسرائيل والفصائل الفلسطينية في حق السكان الفلسطينيين.
وتدعم سويسرا أيضا برامج هامة في مجال الصحة العقلية والنفسية الهادفة إلى تقديم العلاج أو الوقاية من العنف داخل الأسر، وإلى تكوين مهنيين في هذا المجال.
في المجال التربوي، تدعم الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون نشاطات خارج المدرسة وبرامج لإصلاح مئات روضات الأطفال.
منذ تطويق قطاع غزة، تدعم سويسرا إعادة تأهيل الأراضي الزراعية وتكوين منظمات فلاحية بهدف تطوير الإنتاج المحلي للخضر والفواكه.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.