كيف سيواجه أوباما “لاءات” نتانياهو؟
مِـن أغرب المُـفارقات أنه عندما انعقد مؤتمر القمّة العربية في الخرطوم في أعقاب هزيمة عام 1967، خرج العرب منه بلاءات ثلاث: لا للتفاوض، لا للصلح، ولا للاعتراف بإسرائيل. وبعد اثنين وأربعين عاما، تبدّل الحال وأصبحوا يعرِضون على إسرائيل السلام الكامل، مقابل الانسحاب إلى حدود عام 1967.
بينما خرج رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو ليقول للعرب وللرئيس أوباما: لا للسيادة الفلسطينية، لا لحقّ العودة، ولا لتقسيم القُـدس، على رأس قائمة طويلة ومستفِـزّة من اللاّءات، فما الذي سيفعله الرئيس أوباما لمُـواجهة لاءات نتانياهو التي غلّـف بها موافقته المشروطة على قيام دولة فلسطينية، لن يكون لها مُـعظم مقوِّمات الدولة التقليدية كما يعرفها عُـلماء العلوم السياسية؟
سويس إنفو swissinfo.ch طرحت هذا السؤال على الدكتور خليل جهشان، أستاذ الدراسات الدولية ومدير فرع جامعة ببرداين في واشنطن والرئيس السابق للجمعية الوطنية للأمريكيين العرب فقال:
“خطّـة نتانياهو المُـثقلة بالشروط المجحِـفة، لن تثني أوباما عن عزمه، رغم أنه لم يُـظهر الشجاعة السياسية ولا الأخلاقية للتّـعبير عن استيائه الشديد ممّـا انطوت عليه كلمات نتانياهو من تجاهُـلٍ للمطالبِ الأمريكية وشروطٍ تشكِّـل عقبات وعراقيل جديدة، لسعي أوباما نحو تسوية شاملة في المنطقة، ويبدو لي أنه بينما غلّـف أوباما ردّه على نتانياهو بإضفاء مسحة دبلوماسية متفائلة بقوله أن موافقة نتانياهو على حلّ الدولتين، يشكِّـل تقدّما، تؤكّـد نظرة أوباما الشاملة إلى الشرق الأوسط أنه سيمضي في تنفيذ ما يراه ارتباطا عُـضويا بين التوصّـل إلى تسوية للصِّـراع العربي – الإسرائيلي ونجاح إستراتيجيته في العراق، وبين تحسين صورة الولايات المتحدة في العالميْـن العربي والإسلامي، خِـدمة للمصالح القومية الأمريكية”.
نتانياهو أخطأ في حساباته
ويرى الدكتور خليل جهشان أن نتانياهو استَـند في رسْـم إستراتجية اللاّءات والاشتِـراطات إلى ما عهَـده زعماء إسرائيل في التّـعامل مع الرؤساء الأمريكيين السابقين الذين كانوا يفصِـلون بين قضايا المنطقة، وكأنها ملفّـات غير مُترابطة، ولم يُـدركوا محورِية الصِّـراع العربي الإسرائيلي بالنِّـسبة للعلاقات الأمريكية مع العالميْـن العربي والإسلامي، وكانوا يتراجعون في كلّ مرّة ترفض فيها إسرائيل مُـقترحات أمريكية للتّـسوية ويخفِّـضون من سقف التوقّـعات الأمريكية من إسرائيل أو يتبنّـوْن موقِـفها، وبذلك، يكون نتانياهو قد أخطأ الحسابات وأساء فهْـم نظرة أوباما الشّـاملة لترابُـط قضايا المنطقة واتِّـصالها الوثيق بمصالح الولايات المتحدة. وقال في هذا السياق:
“النظرة الأمريكية الجديدة، التي يطرحها أوباما من خلال منظور المصالِـح القومية الأمريكية هي أفضل وسيلة ضغْـط أمام الرئيس الأمريكي، وتحقيق رُؤية أوباما لمتطلّـبات السلام في المنطقة، لا يتطلّـب بالضرورة دُخوله في مواجهة مع نتانياهو، بل مجرّد إقناع الشعب الأمريكي والكونغرس بتلك النظرة، دون طلب الإذن من الحكومة الإسرائيلية، كما كان الحال مع الرؤساء الأمريكيين السابقين”.
الكونغرس أرض الهُـجوم المُـضاد
غير أن الدكتور خليل جهشان يُـقر بأن التحدِّي الرئيسي ليس في قُـدرة أوباما على الضّغط على نتانياهو، وإنما في قُـدرته على مواجهة أكثر من ثلاث مائة من أعضاء الكونغرس المُـتعاطفين مع إسرائيل وقّـعوا على وثيقة أعدّها اللّوبي الإسرائيلي للمُـطالبة، بعد الضّغط العلني على إسرائيل، وهؤلاء الأعضاء سيشكِّـلون رأس الحرْبة في الهُـجوم المُـضادّ من نتانياهو على توجّهات أوباما الجديدة في التّعامل مع الصراع العربي الإسرائيلي، وقد يصِـل بهم الأمر إلى استِـخدام أصواتهم كأغلبية في الكونغرس لعرقَـلة حزمة سياساته الدّاخلية لتخفيف ضغوطه على إسرائيل فيما يتعلّـق بقضية المستوطنات.
لكن بوادِر مشجِّـعة بدأت في الظهور، حتى داخل الكونغرس، حيث طالب غاري إيكرمان، رئيس اللّجنة الفرعية للشرق الأوسط في الكونغرس، بوقف الاستيطان، بما في ذلك التوسّع في المُـستوطنات القائمة بحجّـة النُـموّ الطبيعي، وأوضح أن النشاط الاستيطاني يُـقوِّض فُـرص حلّ الدولتين ويُـعرِّض أمن إسرائيل، في المدى البعيد، إلى الخطر.
ومن البوادِر الأخرى المشجِّـعة، كما يقول الدكتور جهشان، كشْـف النِّـقاب عن وثيقة عُـمرها ثلاثون عاما تعكِـس الموقِـف الأمريكي الرسمي إزاء الاستيطان، وهي مذكِّـرة قانونية أعدّها المستشار القانوني لوزارة الخارجية الأمريكية هيربرت هانسل في عام 1979، وذكرت أنه، طِـبقا لاتفاقية جنيف الرابعة، لا يجوز لقوات الاحتلال أن تقوم بترحيل أو نقل جزء من مواطنيها إلى الأرض التي احتلّـتها، حيث أن مثل ذلك الإجراء يشكِّـل انتهاكا للقانون الدولي.
أمل دُعاة السلام في صلابة أوباما
وطرحت swissinfo.ch نفس السؤال على السيد أوري نير، المتحدث باسم منظمة “أمريكيون من أجل السلام الآن”، فأعرب عن اعتقاده بأن الرئيس أوباما يُـدرك أن نتانياهو يُـحاول عرقَـلة التسوية، ولذلك، فلن تُـرهبه لاءات نتانياهو، وكل ما يهمّـه هو استئناف المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية، التي يعتزِم أوباما من خلال مبعوثه الخاص السناتور ميتشل أن تقوم فيها واشنطن بدوْر نشِـط ومُـتوازِن، وتُـلقي بثِـقلها أثناء التّـفاوض لتوضِّـح الموقف الأمريكي إزاء بعض الشروط التي تقوِّض المفاوضات، مثل مطلب نتانياهو بضرورة اعتراف الفلسطينيين بأن إسرائيل دولة يهودية، وقال نير:
“سيستخدم الرئيس أوباما كل ما للولايات المتحدة من نُـفوذ للضّغط على نتانياهو ولن يتنازل عن مطلَـب تجميد النشاطات الاستيطانية، كما ستُـمارس إدارة أوباما ضغوطا أشدّ أثناء المفاوضات، عندما يُـحاول المفاوضون الإسرائيليون فرْض شروطٍ مُـجحفة على الفلسطينيين فيما يخُـص الوضع النهائي، وذلك بطرح أفكار أمريكية كحلول وسط، بل وقد يصل الأمر بالوساطة الأمريكية إلى وضع خطّـة سلام أمريكية تكون أساسا للاتِّـفاق حول الوضع النهائي”.
أهم سلاح في تِـرسانة أوباما
ومع أن أصواتا عربية كثيرة ترى أن العلاقة الخاصة التي تربِـط الولايات المتحدة بإسرائيل تَـحُـول دون إمكانية أن يُـمارس أوباما الضّـغط على نتانياهو، فإن السيد أوري نير يرى عكْـس ذلك تماما ويقول:
“إن أهمّ سِـلاح في تِـرسانة الرئيس أوباما، هو تلك العلاقة الخاصّة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، فالشّعب الإسرائيلي يُـدرك تماما أن المصالِـح الأمنية العُـليا لإسرائيل، تستنِـد إلى استمرار تلك العلاقة، وبالتالي، سيكون بوُسع الرئيس أوباما استِـغلال حقيقة أن الإسرائيليين لا يُـمكنهم التّضحية بتلك العلاقة الاستراتيجية من أجل الاحتفاظ بالمُـستوطنات في الضفة الغربية أو لمجرّد رغبة نتانياهو في الظهور بمظهَـر مَـن لا يستجيب للضّغوط الأمريكية، وقد يلجأ الرئيس أوباما في النهاية إلى استخدام وسائل ضغْـط أخرى إذا واصل نتانياهو تجاهُـله للمطالِـب الأمريكية فيما يتعلّـق بحلّ الدولتين”.
وفيما يخص تعاطُـف مئات من أعضاء الكونغرس الأمريكي مع إسرائيل، قال المتحدث باسم منظمة أمريكيين من أجل السلام، إن الكونغرس يضُـم، بعد انتخابات نوفمبر الأخيرة، أغلبية من الأعضاء الديمقراطيين الذين يرغَـبون في نجاح الرئيس أوباما في سياساته الخارجية، وكثيرون منهم مدِينون له بنجاحِـهم في الانتخابات، ولذلك، فإنهم، وإن أظهَـروا رغبتَـهم في تلافي مواقِـف التوتّـر العلني بين الولايات المتحدة وإسرائيل، فإنهم لن يقِـفوا في طريق الرئيس أوباما عندما يُـقنعهم بضرورة مُـمارسة نفوذ الولايات المتحدة لدى إسرائيل لتطبيق حلّ الدولتين، خدمة للمصالح القومية الأمريكية ولأمن إسرائيل ولاستقرار المنطقة.
كما يُـمكن للرئيس أوباما الاعتماد على مساندة 72% من اليهود الأمريكيين لفكرة مُـمارسة الضغط على إسرائيل وجيرانها العرب من أجل التوصّـل إلى تسوية تُـنهي الصِّـراع العربي الإسرائيلي.
أدلّـة موضوعية على قُـدرة أوباما
أما الدكتور جيمس زغبي، رئيس المعهد العربي الأمريكي، فطلبنا منه تقديم أدلّـة موضوعية على قُـدرة أوباما على الوقوف في وجه لاءات نتانياهو فقال:
“أولا، على عكس الرّؤساء الأمريكيين الثلاثة الذين انخرطوا في جهود السلام في الشرق الأوسط، فإن أوباما يحظى بشعبية هائلة بين الأمريكيين ويتمتّـع حزبه بأغلبية تسمَـح له بالتحكُّـم في مجلسَـيْ الشيوخ والنواب، خاصة وأن هدفه المُـعلن بتطبيق حلّ الدولتين، يحظى بتأييد الشعب الأمريكي ومُـساندة زعماء الكونغرس، بمَـن فيهم من اليهود الأمريكيين.
ثانيا، أن الرئيس أوباما يُـدرك تماما أنه عندما مارست الولايات المتحدة الضّغط على إسرائيل في الماضي للحصول على تنازُلات، نجح الرؤساء السابقون في تحقيق التقدّم، ناهيك عن أن أوباما لا يكتفي بتحقيق التقدّم، بل بحلٍّ نهائي يضمَـن إقامة دولة فلسطينية قادِرة على البقاء.
ثالثا، ربط أوباما بين حلّ الدولتين وبين المصالح القومية الأمريكية، يجعل مِـن غير المُـمكن أن يتراجَـع عن المُـضي إلى آخر الشَّـوط، وإلا ظهر بمظهَـر من يضَـع المصالح القومية الأمريكية في مهبّ الريح”.
وخلّـص الدكتور زغبي إلى أنه على العرب أن لا يقفوا موقِـف المتفرِّج ويُـراهنوا على ما الذي يُـمكن أن يفعله أوباما في مواجهة نتانياهو، بل عليهم أن يُـساعدونه بحلّ مشكلتيْـن رئيسيتيْـن، وهما تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية والمصالحة بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس وتشكيل حكومة وِحدة وطنية، وأن لا يقعوا في الفخّ الذي نصبه نتانياهو بلاءاته وشروطِـه المجحِـفة، فيرفضون التّفاوض بدلا من الإصرار على استخدام المُـفاوضات لتحقيق أهدافهم المشروعة في تسوية عادلة ومقبولة وقابلة للتنفيذ.
محمد ماضي – واشنطن – swissinfo.ch
(رويترز) – قال مايكل اورين سفير اسرائيل الجديد لدى واشنطن ان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مستعد لاستئناف محادثات سلام مع الفلسطينيين يمكن ان تتناول قضايا جوهرية مثل الحدود ومصير اللاجئين.
وفيما يلي مواقف اسرائيل بشأن قضايا رئيسية في قلب الصراع الفلسطيني الاسرائيلي مثلما قدمها اورين في مقابلة مع رويترز:
هل سيتفاوض نتنياهو على وضع القدس؟
“موقف اسرائيل كان وسيظل ان القدس ستبقي العاصمة غير المقسمة لدولة اسرائيل. انه موقفنا”.
هل ستتمكن أي دولة فلسطينية من السيطرة على حدودها؟
“سنحمي جانبنا من الحدود بالتعاون كما يأمل المرء في تعاون وثيق للغاية مع قوات الامن الفلسطينية. والان قوات الامن الفلسطينية ليست بالضرورة قوات لديها دبابات وليست بالضرورة قوات لديها طائرات مقاتلة وانما لديها الوسائل المتوفرة لها لحراسة الحدود والحفاظ على القانون والنظام”.
هل ستبقى القوات الاسرائيلية على الحدود بين الدولة الفلسطينية المستقبلية والاردن؟
“أعتقد انه من ناحية المبدأ الفكرة ستكون ان الحكومة الفلسطينية والقوات الفلسطينية الموالية لتلك الحكومة مسؤولة عن الامن الداخلي داخل تلك المناطق”.
هل تتوقع ان تتخلى ادارة اوباما عن مطلبها بتجميد كامل للنشاط الاستيطاني؟
“انني واثق من اننا سنتمكن من التوصل الى اتفاق في المستقبل القريب يمكننا من تنحية قضية الاستيطان جانبا والمضي قدما نحو ما أعتبره قضايا جوهرية بدرجة أكبر في عملية السلام”.
“موقفنا كان دائما أن قضية المستوطنات … ليست قضية جوهرية. إننا نريد التوصل الى اتفاق بشأن قضية الاستيطان والمضي قدما نحو القضايا الجوهرية بدرجة أكبر”.
ما هي القضايا الجوهرية بالنسبة لاسرائيل؟
“مسألة نزع السلاح. هذه قضية جوهرية. قضية اللاجئين سواء كانت قضية اللاجئين الفلسطينيين أو قضية اللاجئين اليهود — اليهود الذين أجبروا على الخروج من الاراضي العربية — هذه قضايا جوهرية. والقدس.”
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 16 يونيو 2009)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.