“كيف يُـمكن لأوباما حلّ الصِّـراع العربي – الإسرائيلي؟”
.. سؤال دار حوله النِّـقاش مؤخرا في مركز الحوار العربي في واشنطن مع السفير فيليب ويلكوكس، رئيس مؤسسة السلام في الشرق الأوسط والقنصل الأمريكي السابق في القدس والمدير السابق لقسم الشؤون الفلسطينية - الإسرائيلية في وزارة الخارجية الأمريكية والنائب السابق لمساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط.
وفي بداية النّـدوة، عرض السفير ويلكوكس فيلما وثائقياً أعدّته مؤسّسته وسلّـمت نُـسخاً منه إلى الرئيس أوباما ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون وإلى جميع أعضاء الكونغرس الأمريكي بمجلسيه، لإطلاع المسؤولين والمشرّعين الأمريكيين على توصيات حول كيفية حلّ الصِّـراع العربي – الإسرائيلي، كما يراها الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر ومساعده لشؤون الأمن القومي زبجنيو بريجينسكي، ووزير الخارجية الأمريكي السابق جيمس بيكر والمستشار السابق لشؤون الأمن القومي الجنرال برنت سكوكروفت.
وكان من أبرز تلك التّـوصيات، أن الجنرال برنت سكوكروفت طالب الرئيس أوباما بتغيير الأسلوب الذي درجت عليه الولايات المتحدة في التعامل مع المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، بالاكتفاء بتوفير مائدة التفاوض والانتظار، على أمل أن يتمكّـن الجانِـبان من التوصّـل إلى اتِّـفاق، مؤكِّـداً أن “الحلّ الوحيد للصِّـراع العربي الإسرائيلي سيكون في شكل مُـبادرة سلام أمريكية، تأخذ في اعتبارها التصوّر المعروف للحلّ من خلال مُـفاوضات الجانبين على مدى رُبع قرن، على أن تتوقّـف الولايات المتحدة عن مساندة الجانب الإسرائيلي على حساب الجانب الفلسطيني، وبحيث يمكن للمفاوضين أن يعودوا إلى شعوبهم ويقولوا لم يكُـن هذا ما طلبناه، ولكن الأمريكيين جعلونا نقبل هذا الحلّ الوسط”.
أما وزير الخارجية الأمريكية السابق جيمس بيكر، فحدّد معالِـم الحلّ الذي يجب على الرئيس أوباما طرحه كمبادرة سلام أمريكية، تستند إلى حلّ الدولتين، بإقامة دولة فلسطينية مستقلّـة قادرة على البقاء تعيش في سلام بجوار إسرائيل وتكون القدس الشرقية وضواحيها في الضفّـة الغربية عاصمة لها، ويحصل الفلسطينيون على أراضٍ في إسرائيل تُـساوي ما تشكِّـله مساحة الكُـتل الاستيطانية الرئيسية المُـحيطة بالقدس، مع كفالة حقّ العودة للاّجئين الفلسطينيين إلى دولتهم المستقلة وحصولهم على تعويضات عن مُـمتلكاتهم وتنفيذ قراريْ مجلس الأمن رقمي 242 و338.
واشترط مستشار الأمن القومي السابق زبجنيو بريجينسكي أن يكون دور الولايات المتحدة في المبادرة، تجسيدا للوسيط النّـزيه وأن يقوم الرئيس أوباما بنفسه بالوساطة، حيث أنّ الطرفيْـن، الفلسطيني والإسرائيلي، ليسا مستعدّين لاتِّـخاذ القرارات الصّـعبة وتقديم التنازلات المتبادلة.
أما الرئيس كارتر، فأوصى الرئيس أوباما بضرورة مُـواصلة الموقف الحازِم إزاء النشاط الاستيطاني، باعتباره أكبر تهديد لمستقبل أيّ حلّ يستنِـد إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلّـة، وقال: “إن ما حال دون الحل عبر عشرات السنين، هو تمسّـك الزعماء الإسرائيليين ببناء المستوطنات وفرض الأمر الواقِـع على الشعب الفلسطيني”، كما أوصاه باستمرار دعمِـه لوِحدة الشعب الفلسطيني والمُـحادثات التي ترعاها مصر بين حركة حماس والسلطة الفلسطينية، لأنه لن يكون هناك سلام بدون انخِـراط حركة المقاومة الإسلامية “حماس” في الحلّ السِّـلمي.
الحلّ ليس مستحيلاً ولكن!
من جانبه، أوضح السفير ويلكوكس أن المبادرة الأمريكية المُـقترحة للسلام، هي الحلّ الوحيد المُـمكن، لأن هناك خللاً هائلاً في توازُن القِـوى بين الطرفين، ولأن النِّـظامين السياسييْـن للإسرائيليين والفلسطينيين، عاجز تماماً عن اتِّـخاذ القرارات الصّـعبة اللاّزمة للحلّ الذي لابُـد أن يستنِـد إلى تقسيم أرضِ فلسطين التاريخية إلى دولتيْـن.
وقال السفير ويلكوكس إن الفلسطينيين كانوا ولا يزالون أكثر واقِـعية من الإسرائيليين في نظرتهم إلى الحلّ الممكن، وإن كانوا قد ارتكبوا حماقة كُـبرى بالإنقسام والتّـناحر بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس، وهو انقِـسام كرّسته سياسات الولايات المتحدة وإسرائيل، وناشد الفلسطينيين أن يتوحّـدوا لكي لا يسهمون في ضَـياع القضية الفلسطينية، بحجّـة عدم وجود شريك فلسطيني للدّخول في مفاوضات السلام.
وأرجع ويلكوكس السّـبب في التّـشدّد الإسرائيلي، إلى نُـمو حركة المستوطِـنين اليهود منذ عام 1967، التي يقودها مُـعسكر من اليهود المتشدِّدين الذين يؤمنون بأن الله مَـنح الأرض المقدّسة للشعب اليهودي، الذي أصبحت عليه مهمّـة دينية تتمثّـل في السّـيطرة على أرض فلسطين، وكلّـما تسارعت خُـطى الاستيطان، كلّـما تسارعت عودة المسيح اليهودي، وسُـرعان ما ساند الجيش الإسرائيلي هذا التوجّـه، رغم أن الجيش لم يكُـن حركة دينية.
وتغلغل المستوطنون في الضفة وتضاعفت أعدادهم من خمسة عشر ألفاً في عام 1970 إلى أكثر من ثلاث مائة ألف حالياً في الضفة الغربية، منهم مائتا ألف في القدس الشرقية، وزاد عدد المستوطنات عن مائتين وثلاثين، بالإضافة إلى ما يُـسمّـى بالمستوطنات العشوائية، ممّـا يجعل من المستحيل عكْـس الأوضاع على أرضِ الواقِـع ويعوِّق حلّ الدولتين، الذي عقّـده كذلك خلال السنوات الخمس الأخيرة جِـدار الفصل، الذي يُـعدّ جزءً لا يتجزّأ من المشروع الاستيطاني، حيث مزّق الأرض الفلسطينية.
وقال السفير ويلكوكس “إن من أغرب المفارقات، أن الشعب الفلسطيني دفع ثمنا باهِـظا لاضطهاد اليهود على يدِ الغرب المسيحي، فجاؤوا من الشّـتات ليحرموا الفلسطينيين من أرضهم وحقوقهم”.
ويرى السفير ويلكوكس أنه على الرئيس أوباما أن لا يكتفي بالمُـطالبة بوقفِ النشاطات الاستيطانية، وإنما بتفكيك مُـعظم المستوطنات التي تحُـول دون تواصُـل ما تبقّـى من أراضي الضفّـة الغربية، والتي تَـنتهِـك أصلاً القانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة، وكذلك على الرئيس أوباما أن يكون حاسِـما في ضرورة منح الفلسطينيين حقّـهم في أن تكون القُـدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقلة، ولكن حتى الآن، يصطدِم بحكومة يمينية في إسرائيل، تساند حركة الاستيطان وتحلم بإسرائيل الكُـبرى وتختبر مدى صلابة إرادة أوباما بتحدّي مطالبته بوقف النشاط الاستيطاني.
ماذا بيَـد أوباما ليفعله؟
وردّاً على سؤال لـ swissinfo.ch عن الأدوات التي يُـمكن لأوباما استخدامها، إذا أراد الضغط على إسرائيل باتِّـجاه حلّ الدولتين، الذي تحدّته حكومة نتانياهو بمواصلة بناء المستوطنات وهدم منازل الفلسطينيين، خاصة في القدس الشرقية، قال السفير ويلكوكس: “الجديد الذي أتى به الرئيس أوباما، هو أنه أعلن بوُضوح أن الولايات المتحدة في الماضي لم تتحدّث بصراحة مع إسرائيل عمّـا يجب عمله لإنهاء الصِّـراع، ولذلك، بدأ يُـواجه إسرائيل بحسْـم فيما يتعلّـق بضرورة وقْـف كافّـة أنواع النشاط الإستيطاني، لكنه يحتاج إلى ممارسة سياسية أمريكية واضحة إزاء حلّ الصِّـراع، بدلاً من تِـكرار السيناريوهات الفاشِـلة لما يُـسمّـى عملية السلام بطريقة الخُـطوة خطوة على مدى أربعين عاما، والتي كان آخرها خارطة الطريق”.
ونبّـه السفير ويلكوكس إلى حقيقة أن الأمر يعود إلى الرئيس أوباما. فإذا رغب في ممارسة صلاحياته وهيْـبته، فسيُـمكنه ذلك، كما فعل الرئيس أيزنهاور في عام 1956 وكما فعل الرئيس بوش الأب فيما يتعلّـق بضمانات القروض لإسرائيل عام 1991، ولن يكون بوسع الكونغرس معارضة رئيس قوي يتمتّـع بالشعبية التي يتمتّـع بها أوباما، ويمكنه الاستِـعانة بعددٍ من الأدوات الشعبية والسياسية منها:
أولاً، التوجّـه إلى الشعب الأمريكي وإقناعه بأن جهوده للسلام في الشرق الأوسط تصُـب في مصلحة الأمن القومي الأمريكي وأمن إسرائيل، بل وحشْـد تأييد اليهود الأمريكيين المُـساندين للحل الشّـامل والذين يتزايد عددهم ونفوذهم يوماً بعد يوم.
ثانياً، حشد تأييد غالبِـية الشعب الفلسطيني والشعب الإسرائيلي بقَـبول حُـلول وسط من أجل تحقيق حقوق الشعب الفلسطيني من جهة، والسلام والأمن لإسرائيل من جهة أخرى.
ثالثاً، يجب أن يستخدِم الرئيس أوباما التِـزامه بأمن إسرائيل، ليُـطبِّـق المثل القائل: “إذا كان صديقك مخموراً، فلا تسمَـح له بالقيادة”، خاصة إذا واصل زُعماء إسرائيل اتِّـباع السياسة المتعنِّـتة والمتهوِّرة إزاء جهود السلام، وذلك بالحِـوار الصريح، بدلاً من الانحِـياز والمساندة العمياء.
رابعاً، استخدام وسائل الضّـغط المتاحة، إذا لم يفلح الحِـوار والإقناع، مثل حِـرمان المؤسسات الأمريكية التي تتبرّع لإسرائيل من ميزة خصْـم تبرّعاتها من الضّـرائب على الدّخل في الولايات المتحدة وخفض مستوى التعاون العسكري مع إسرائيل.
وبينما توقّـع السفير ويلكوكس دخول إدارة أوباما في صِـدام وخِـلاف مع حكومة نتانياهو حول ما يجِـب عمله لحلّ الصراع، إلا أنه استبعد أن يكون من بين خِـيارات الرئيس أوباما للضّـغط على إسرائيل، تخفيض أو قطْـع المساعدات العسكرية والمالية، باعتبارات أن المتحكّـم الحقيقي في المنح والمنع، هو الكونغرس الأمريكي، وليس الرئيس، وحقيقة أن الكونغرس أكثر ميلا في العادة لمُساندة الرغبات والأهواء الإسرائيلية من الرئيس.
محمد ماضي – swissinfo.ch – واشنطن
القدس (رويترز) – قال حليف سياسي رئيسي لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو يوم الاثنين 10 أغسطس، إنه يجب على اسرائيل المضي قدما في خطط لتوسيع جيب استيطاني يهودي مبني على أرض محتلة، رغم الاعتراضات الامريكية.
وتسلط التصريحات التي أدلى بها ايلي يشاي، وزير الامن الداخلي والعضو بحزب شاس الديني، الضوء على الضغوط التي يواجهها نتانياهو من شركائه اليمينيين في الائتلاف الحاكم، لمقاومة دعوات واشنطن لتجميد البناء الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة.
وقال يشاي – الذي يسيطر حزبه على عدد مُـهم من المقاعد في ائتلاف نتانياهو، الذي تشكل قبل نحو أربعة أشهر – خلال زيارة لمستوطنة في الضفة الغربية “لا يمكن ابلاغنا بأن علينا أن لا نبني داخل الكُـتل الاستيطانية”. وأذاع راديو اسرائيل تصريحات يشاي.
وقال الوزير الاسرائيلي، انه يأمل أن تقنع اسرائيل الرئيس الامريكي باراك أوباما بأن توسيع المستوطنات القريبة من القدس والتي تسعى اسرائيل للاحتفاظ بها بموجب أي اتفاق سلام مستقبلي ضروري “للامن والمصالح الوطنية وعادل وضروري”. وكان يشاي يزور قمة تل تعرف باسم (المنطقة اي) وتسعى اسرائيل للبناء عليها لربط مستوطنة معاليه أدوميم المجاورة والاكبر حجما بالقدس.
ويخشى الفلسطينيون من أن المشروع الذي تخطط له اسرائيل في (المنطقة اي) سيعزلهم عن القدس الشرقية، التي يريدونها أن تكون عاصمة لدولتهم المستقبلية.
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس المدعوم من الغرب، انه يتعيّـن وقف جميع الانشطة الاستيطانية، قبل امكان استئناف محادثات السلام المتوقفة منذ ديسمبر الماضي.
واستولت اسرائيل على القدس الشرقية والضفة الغربية في حرب عام 1967 وأعلنت ضم المدينة كجزء من عاصمتها، في خطوة لم تلق اعترافا دوليا. ويسيطر حزب شاس على 11 مقعدا في ائتلاف نتانياهو المؤلف من 74 مقعدا من مقاعد البرلمان البالغ عددها 120. ورغم أن الحزب لم يلمح الى أنه قد ينسحب بسبب قضية الاستيطان، الا أن يشاي من بين عدد كبير من الشركاء بالائتلاف الذين عبروا عن اعتراضهم على وقف البناء الاستيطاني.
وقال ريئوفين ريفلين، رئيس البرلمان الاسرائيلي (الكنيست) والعضو بحزب الليكود اليميني الذي يتزعمه نتانياهو “لن يكون هناك سلام”، اذا لم تقم اسرائيل بالبناء في (المنطقة اي) لربط المستوطنات في تلك المنطقة بالقدس.
وتسببت قضية الاستيطان في خلاف بين الولايات المتحدة واسرائيل، وسعى أوباما من خلال مبعوثه الى المنطقة جورج ميتشل للتفاوض بشأن وقف مؤقت على الاقل للبناء في المستوطنات.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 10 أغسطس 2009)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.