لقاءات “استكشافية” بين الإسرائيليين والفلسطينيين والإستيطان “عقبة رئيسية”
لم تكد اللجنة الرباعية الدولية للسلام حول الشرق الأوسط تفرغ من جمع الفلسطينيين والإسرائيليين مجددا برعاية أردنية في عمان، حتى كانت اسرائيل تعلن عن تعيين أول مستوطن في منصب قاض بالمحكمة العليا الإسرائيلية.
وقد اختارت لجنة “انتخاب القضاة الإسرائيلية” وبشكل مفاجئ يوم الجمعة 6 يناير 2012 قضاة جددا ضمن تشكيلة المحكمة العليا الإسرائيلية الجديدة بينهم المستوطن، نوعم سولبورغ، ليصبح أول مستوطن يشغل منصب قاض في الهيئة القضائية الأعلى في دولة إسرائيل.
وكما يردد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فإن الإستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، يعتبر “العقبة الرئيسية” التي تمنعه من استئناف المحادثات السياسية التي توقفت تماما منذ وصول حكومة بنيامين نتنياهو إلى سدة الحكم في اسرائيل.
بيد أن عباس، لبى دعوة العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني لإجراء محادثات “استكشافية” مع الإسرائيليين تحت إشراف الرباعية الدولية وبضيافة الأردن، في خطوة تكتيكية تؤكد رغبة الفلسطينيين في عملية سلام جادة دون المساس بمرجعية السلام، وتكريما للعاهل الأردني وتعبيرا عن العلاقة الفلسطينة الأردنية التي يصفها الطرفان بـ “المميزة” في ذات الوقت.
تبريرات أمريكية.. وخيارات فلسطينية
وغداة لقاء العاصمة الاردنية كرر عباس، استعداد الجانب الفلسطيني بذل “كل جهد ممكن” من أجل استئناف المفاوضات، إذا ما التزمت حكومة اسرائيل بوقف الإستيطان واعترفت بمرجعية محددة واضحة لعملية السلام. لكن وقبل ساعات من ذلك، كان عباس قد انتهى من لقاء آخر جمعه مع المبعوث الأمريكي لعملية السلام، ديفيد هيل، في مكتبه بمدينة رام الله، وهو لقاء وصفه احد المقربين من عباس في حديث لـ swissinfo.ch بانه “لقاء جاف”.
وهيل هذا، ليس مجرد مسؤول أو دبلوماسي، فهو المبعوث الأمريكي لعملية السلام، ما يجعله من عيار يفوق بكثير أقرانه الدبلوماسيين غير الأمريكيين، الذين تتشكل منهم اللجنة الرباعية الدولية وهم ممثل روسيا، وممثل الاتحاد الاوروبي، وأمين عام الامم المتحدة، إضافة إلى وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، دون أن نغفل طبعا ممثل اللجنة، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، طوني بلير.
وعليه، فإن نتائج لقاء عباس بالمبعوث الأمريكي هيل، يُفترض أن تشكل أداة لقياس ما يمكن أن تتمخض عنه لقاءات الرباعية الأردنية، لاسيما وأن الإدارة الأمريكية هي صاحبة اقتراح قيام اللجنة الرباعية بالتواصل مع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي ودارسة مقترحات وآراء كل طرف لكيفية بعث الحياة مجددا في عملية السلام الميتة.
جاء هيل الي رام الله مكررا على مسامع الرئيس الفلسطيني ضرورة “دعم وتأييد فكرة المفاوضات المباشرة” مع إسرائيل، والتريث حتى تتحلل إدارة الرئيس باراك اوباما من ثياب سنة الإنتخابات التي تقيد قدرتها على اتخاذ قرارات مهمه حول عملية السلام، وهي حجة طالما رددتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة، طوال عشرين عاما من عمر التسوية السياسية الفلسطينية الاسرائيلية.
غير أن عباس، المعروف بصراحته ووضوحه، وقد بدأ صبره ينفد حيال المماطلة الأمريكية، أكد للمبعوث الأمريكي الرفيع أنه لن يقبل بهذه التسويفات، وأن القيادة الفلسطينية لن تنتظر مبررات مثل حجة الإنتخابات، الأمر الذي عكسه عباس علنا في أكثر من تصريح حول “خيارات يملكها” حال فشلت الرباعية في مسعاها.
سنوات عجاف مع الرباعية
وللرباعية مع الفلسطينيين مشوار قارب على عامه العاشر ولم يحقق أي نجاح يذكر حتى اللحظة. ومنذ تشكيلها في العام 2002 وحال الفلسطينين في تراجع، فهو عام حصار الرئيس الراحل ياسر عرفات، والسنة التي أعادت فيها اسرائيل، بقيادة رئيس الوزراء الاسبق ارييل شارون، احتلال المدن الرئيسية في الضفة الغربية، وهو كذلك العام الذي بدأ فيه بناء الجدار الإسرائيلي العنصري بين إسرائيل والضفة الغربية.
ومنذ تشكيل اللجنة الدولية التي تعاقب عليها أكثر من وزير خارجية غربي، وأكثر من أمين عام للأمم المتحدة، والإستيطان الاسرائيلي يستفحل في أرض الضفة الغربية المحتلة حتى ارتفع عدد المستوطنين من أكثر من 200 الف في حينه إلى أزيد من 600 الف مستوطن، بما في ذلك القدس الشرقية، حسب أرقام اكثر من منظمة دولية، تحولت فيه الضفة الغربية الى كانتونات منعزلة بفعل الحواجز العسكرية الاسرائيلية، وشبكة الطرق الإلتفافية الخاصة بالمستوطنات الاسرائيلية.
وبعد تعيين رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بلير في موقع ممثل الرباعية الدولية، وموقف هذ اللجنة الدولية يميل أكثر لصالح اسرائيل، لدرجة ان عددا من المسؤولين الفلسطينيين ذهبوا الى حد وصف بلير بانه “ممثل اسرائيل فيها”. وفي استطلاع رأي أنجزه “مركز القدس للاعلام والاتصال” ونشرت نتائجه في شهر نوفمبر 2011 حول تقييم الجمهور الفلسطيني لدور اللجنة الرباعية الدولية، قالت النسبة الأكبر من المستطلعين (41.6%) إن الرباعية تلعب دورا سلبيا في عملية السلام، مقابل 15.9% قالوا إنها تلعب دورا إيجابيا، وكذلك قال 63.5% إن اللجنة منحازة لإسرائيل مقابل 5.7% فقط قالوا إنها منحازة للفلسطينيين.
في سياق متصل، ربما كانت تصريحات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ياسر عبدربه، حول اجتماع العاصمة الأردنية عمان بانه سيضع جهود اللجنة الرباعية الدولية “على المحك” إزاء ما تبقى من فرص لعملية السلام، دليلا آخر قويا على توقعات الفلسطينيين المتواضعة إزاء هذه اللقاءات.
وقال عبد ربه: “إن الأمر المحوري في الإجتماع الذي ترعاه الرباعية سيكون مدى قدرتها على المواجهة الواضحة للمعوقات “التي تعترض المفاوضات والعملية السلمية”. وحسب رأي السياسي الفلسطيني المخضرم، فإن أبرز هذه المعوقات هي “ما تقوم به إسرائيل من خطة واسعة النطاق لإعادة التمسك بخارطة الضفة الغربية وعزل القدس ومنع حل الدولتين ومنع قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية”.
ورأى عبد ربه أن اجتماعات عمان ستظهر إلى أي حد ستمارس اللجنة الرباعية الدولية دورها من أجل حماية المرجعيات التي أعلنت عنها في بياناتها وقالت إنها “تدعو الطرفين إلى اللقاء على أساسها والإستناد إليها”، وقال: “هذه الفرصة الأخيرة للجنة الرباعية وسيتبين على ضوء النتائج التي سيسفر عنها هذا اللقاء في عمان الإستعصاءات والإنغلاق وأفق العملية السياسية”.
أريحا (الضفة الغربية) (رويترز) – دافعت حركة فتح يوم السبت 7 يناير 2012 عن قرار موافقة رئيسها محمود عباس على استئناف “اللقاءات الإستشكافية” الفلسطينية الاسرائيلية بناء على مبادرة اردنية.
وقال المفاوض صائب عريقات عضو اللجنة المركزية لحركة فتح في مهرجان بمناسبة الذكرى 47 لانطلاقة حركة فتح في مدينة اريحا “قد يسأل احد منكم انتم قلتم في منظمة التحرير انكم لن تعودوا الى المفاوضات الا اذا اوقفت اسرائيل استيطانها وقبلت بمبدأ الدولتين فلماذا اجتمعتم مع الجانب الاسرائيلي دون ذلك.”
واضاف قائلا “هذا سؤال مشروع… امام فشل اعضاء الرباعية في لقاءاتهم الجانبية معنا (الفلسطينيين والاسرائيلين) كل على حدة مع اننا قدمنا اوراقنا في الامن والحدود الى الرباعية بشكل منفصل جاء الاردن وقال نريد ان نجمع اللجنة الرباعية بحضور فلسطيني اسرائيلي معنا ولاحظوا العبارة لاستشكاف امكانية استئناف المفاوضات”.
وقال عريقات “وافقنا على ذلك وذهبنا الى الاجتماع مؤكدين على ثلاثة امور ان السقف الزمني لن يتعدى 26 يناير وقد يسأل سائل لماذا 26 يناير…”
ومضى يقول “ان هذا هو موعد نهاية التسعين يوم التي حددها بيان الرباعية الصادر في 23 سبتمبر 2011 اذ بدات لقاءاتنا الرسمية مع اللجنة الرباعية يوم 26 اكتوبر 2011 واعلنوا لنا ان الساعة بدأت تدق. تسعين يوم هي الفترة المحددة حتى نقدم مواقفنا في الحدود والامن. ونحن في الاجتماع الاول في الاردن قدمنا مواقفنا مرة أخرى”.
وكانت متحدثة باسم وزارة الخارجية الامريكية قالت يوم الخميس 5 يناير 2011 ان مفاوضي السلام الاسرائيليين والفلسطينيين سيعقدون محادثاتهم المباشرة القادمة يوم الاثنين القادم التاسع من يناير في العاصمة الاردنية عمان.
ودعا عريقات الحكومة الاسرائيلية الى التجاوب مع المبادرة الاردنية وقال “نحن ننتظر من الحكومة الاسرائيلية ان تتجاوب مع المبادرة الاردنية وان تتجاوب مع رغبة اللجنة الرباعية اولا ان تقدم موقفها من الحدود والامن بشكل شمولي على اساس مبدأ الدولتين على حدود عام 67 واحترام المرجعيات”.
واضاف “ثانيا ان توقف الاستيطان بما يشمل القدس وثالثا ان يتم الافراج عن المعتقلين وخاصة هؤلاء الذين اعتقلوا قبل 4 ماية ايار 1994 اي موعد دخول الاتفاق الانتقالي (اتفاق اسلو) حيز التنفيذ.”
واعلن عريقات ان “اللقاءات الاستشكافية ستتواصل وقال “هناك مجموعة من الاجتماعات سنشارك بها والعالم اجمع يحضر معنا هذه الاجتماعات.”
وأجرى الجانبان يوم الثلاثاء 3 يناير 2012 أول محادثات عالية المستوى بينهما منذ اكثر من عام في العاصمة الاردنية في اجتماع برعاية اللجنة الرباعية الدولية للسلام في الشرق الاوسط التي تضم الاتحاد الاوروبي وروسيا والامم المتحدة والولايات المتحدة.
وكانت اللجنة قد دعت الجانبين في 23 سبتمبر ايلول الى استئناف المحادثات بهدف التوصل الى اتفاق سلام بنهاية 2012.
ولم تسفر محادثات 3 يناير عن أي انفراجة. وكانت تهدف الى الاتفاق على شروط يمكن بموجبها استئناف المحادثات بين زعيمي الجانبين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وأبدى عدد من الفصائل الوطنية والاسلامية الفلسطينية معارضتها لعقد هذه اللقاءات.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 7 يناير 2012)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.