مجلس حقوق الإنسان يعود في وضع إسرائيل إلى انقساماته الجغرافية
انتقدت لجنة التحقيق التابعة لمجلس حقوق الإنسان إسرائيل وحكومة غزة لعدم القيام بتحقيقات توفي بالمعايير الدولية بخصوص توصيات تقرير غولدستون. فيما أوصى المقرر الخاص ريتشارد فالك بعرض موضوع الاحتلال على محكمة العدل الدولية.
لكن الدول الأعضاء التي أبدت إجماعا أثناء معالجة انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا، عادت إلى انقساماتها الجغرافية التقليدية بخصوص الموقف من إسرائيل.
وإذا كانت ثورات تونس ومصر وما تعرفه ليبيا اليوم من مخاض، قد أثارت بعض التفاؤل في رؤية الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان تضع الحسابات والمصالح جانبا لاتخاذ مواقف موضوعية من الانتهاكات بعيدا عن التكتلات الجغرافية، خصوصا أثناء الجلسة الخاصة حول ليبيا، فإن استعراض الوضع في الأراضي المحتلة من قبل إسرائيل أمام الدورة الحالية لمجلس حقوق الإنسان كان بمثابة الاختبار المنتظر لتأكيد أو نفي صحة هذا التوجه.
تحقيقات إسرائيلية لم تطل المسؤولين
بعد أن توصلت لجنة تقصي الحقائق في الحرب التي قامت بها إسرائيل ضد قطاع غزة في نهاية عام 2008 وبداية عام 2009 برئاسة القاضي الجنوب إفريقي ريتشارد غولدستون إلى خاتمة مفادها أن التحقيقات التي قامت بها إسرائيل وسلطة حماس لا ترقى إلى مستوى المعايير الدولية، وعليه يجب تقديم الموضوع أمام المحكمة الجنائية الدولية في حال عدم القيام بتحقيقات ذات مصداقية، قام مجلس حقوق الإنسان بتعيين لجنة برئاسة القاضية ماري ماكغوفان ديفيس لتحليل طريقة التحقيق التي قامت بها الأطراف المختلفة.
نتائج هذا التحقيق عرضتها اللجنة صباح الاثنين 21 مارس الجاري أمام الدورة الحالية لمجلس حقوق الإنسان في جنيف ملخصة توصياتها كالتالي:
السلطات الإسرائيلية رفضت السماح للجنة بالدخول إلى إسرائيل أو الى الضفة الغربية وقطاع غزة كما رفضت السماح لها بمقابلة الشخصيات الإسرائيلية المعنية.
وإذا كانت إسرائيل قد أعلنت عن فتح تحقيقات في حوالي 400 حالة في قطاع غزة، فإن لجنة التحقيق، ومما علمته، ترى أن التسعة عشر حالة تحقيق في الانتهاكات الخطيرة في مجال القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان التي انتهت السلطات الإسرائيلية منها، لم تسفر عن إقرار أية تجاوزات، وأن ثلاث حالات تم فيها إصدار عقوبات تأديبية. أما التحقيقات الستة، ومن بينها حالة جندي متهم بارتكاب جرائم، فلا زالت مفتوحة.
وعن الانتهاكات المرتكبة في الضفة الغربية فإن اللجنة ترى أن السلطات الإسرائيلية فتحت أربعة عشر تحقيقا. وقد تم توجيه اتهامات بارتكاب جرائم في حق شخصين، بينما تتواصل التحقيقات في ست حالات. وقد تم إغلاق ملف ست حالات أخرى بدون إقرار وقوع انتهاكات.
وقد ذكّرت اللجنة بما جاء في تقرير غولدستون من أن السلطات الإسرائيلية لم تقدم اية دلائل عن قيامها بفتح تحقيقات في حق من خطط وأمر وقاد عمليات الرصاص المسكوب.
كما انتقدت لجنة التحقيق نقص الشفافية وبطئ عمليات التحقيق بحيث هناك ثلث الحالات التي لازالت لم تعالج بعد مرور عامين على نهاية العمليات العسكرية في غزة مما قد يعقد تقديم المسئولين للمحاكمة.
وبخصوص السلطات الفلسطينية، إذا كانت اللجنة قد اعتبرت ان السلطات في الضفة الغربية قد قامت بتحقيق مقبول من حيث المعايير الدولية، فإنها تعتبر ان سلطات غزة على الرغم من قيامها بمجهود لتقديم بعض المعلومات عن انتهاكات قامت بها قواتها، فإنها لم تقدم تحقيقا بخصوص إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون على إسرائيل.
المقرر الخاص يتحدث عن “تطهير عرقي وفصل عنصري”
أما المقرر الخاص المكلف بالتحقيق في انتهاكات إسرائيل لحقوق الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة، الأمريكي ريتشارد فالك، فقد قدم تقريره الدوري أمام مجلس حقوق الإنسان مركزا على ضرورة ممارسة المجتمع الدولي لضغوط لدفع إسرائيل الى التعاون والسماح للمقررين الخاصين بالدخول الى أراضيها والأراضي المحتلة.
ومن توصياته دعوته لعرض موضوع الاحتلال على محكمة العدل الدولية لكي تصدر رأيها فيما إذا كان هذا الاحتلال “ينطوي على عناصر الإستعمار، والفصل العنصري، والتطهير العرقي”.
كما قدم توصية بضرورة قيام مجلس حقوق الإنسان إما بالاشتراك مع اللجنة الدولية او مع دولة سويسرا بتنظيم تحقيق حول العواقب القانونية والمعنوية والسياسية المترتبة عن الاحتلال، بما في ذلك وضع اللاجئين، بما في ذلك إمكانية التفاوض بخصوص بروتوكولات إضافية لاتفاقيات جنيف.
وقد خصص توصية للتأكيد على ضرورة ضمان عدم تعرض أي طفل فلسطيني للاحتجاز داخل إسرائيل أو الأراضي الفلسطينية المحتلة، أو أن يحاكم أمام محاكم عسكرية.
استمرار الانقسام في المجلس رغم التحقيقات
رغم هذه الدلائل التي توصلت اليها شخصيات قانونية لها مصداقية، لم تتردد الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان من العودة الى انقساماتها التقليدية؛ إذ بعد التفاؤل الذي أحدثته طريقة معالجة المجلس للانتهاكات المرتكبة من قبل النظام الليبي، والإجماع الذي قابلت به الدول الأعضاء عملية طرد ليبيا من عضوية المجلس، مما ترك انطباعا من رؤية الدول تعود الى إعطاء الأولوية لمعالجة الانتهاكات بدل مناصرة الانتماءات الإيديولوجية او الجغرافية، جاء نقاش البند السابع حول الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل في الأراضي المحتلة لكي يعيد مجلس حقوق الإنسان الى انقساماته التقليدية.
إذ تميز النقاش التفاعلي الذي شهده المجلس بخصوص تقرير لجنة تقصي الحقائق أو تقرير المقرر الخاص المعني بانتهاكات حقوق الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة بعودة ظهور الكتل الجغرافية التقليدية:
دول عربية ودول منظمة المؤتمر الإسلامي ودول عدم الانحياز من جهة، والتي ناصرت ما جاء في التقريرين مطالبة بضرورة ممارسة الضغوط على إسرائيل من أجل الاستجابة لتوصيات تقرير غولدستون وما سبقه او تلاه من تقارير لمجلس حقوق الإنسان.
وموقف المجموعة الغربية من جهة أخرى التي عادت للحديث بالدرجة الأولى عن انتقاد انفراد المجلس بوضع إسرائيل وغض الطرف عما جاء في التقريرين من دعوة، بالدرجة الأولى، لضرورة ممارسة ضغوط على إسرائيل لتحسين أوضاع حقوق الإنسان الفلسطيني.
وخير مثال على ذلك ما عبرت عنه الممثلة الأمريكية من تذكير بما جاء على لسان وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون أمام المجلس قبل ايام عندما قالت أن “الاستمرار في تخصيص بند خاص بإسرائيل في مداولات المجلس أمر خاطئ”. كما عبرت السفيرة الأمريكية عن الأسف لكون “تقرير المقرر الخاص ركز على الانتهاكات المرتكبة من قبل إسرائيل ولم يشمل الانتهاكات المرتكبة من قبل حماس في قطاع غزة”، معددة جملة من التصرفات التي قامت بها حماس والتي ترى أنها انتهاكات.
كما انتقدت السفيرة الأمريكية موقف المقرر الخاص الذي قالت عنه “إنه أساء تقدير الجهود التي تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية من أجل إطلاق مفاوضات سلامية قادرة على إقامة دولة فلسطينية قابلة للتعايش جنبا لجنب مع إسرائيل في سلام وأمن”.
وبهذه العودة إلى هذا النوع من الجدل العقيم، بعيدا عن الاهتمام بالانتهاكات الفعلية لحقوق الإنسان حتى بعد تعدد لجان التحقيق وتعدد التقارير الصادرة عنها، يبدو أن مجلس حقوق الإنسان قد قضى على آمال العودة الى عمل جاد في مجال حقوق الإنسان، كان البعض قد تطلع إليه بعد الإجماع الذي أبدته الدول الأعضاء أثناء الجلسة الخاصة حول الأوضاع في ليبيا.
هدد نائب وزير الخارجية الاسرائيلي داني ايالون الاثنين قادة حماس بالقتل بعد اطلاق عشرات الصواريخ من قطاع غزة على جنوب اسرائيل، وهو ما رأت فيه حماس “تصعيدا خطيرا”.
وصرح ايالون للاذاعة الاسرائيلية العامة “اذا قررت حركة حماس تصعيد الوضع فسنضع حدا لذلك (…) لدينا عدة مستويات للتحرك قبل ارسال قوات برية (الى قطاع غزة) بما في ذلك تهديدات مباشرة ضد قادة حماس”.
ووجه ايالون، العضو في حزب اسرائيل بيتنا المتشدد الذي يتزعمه وزير الخارجية افيغدور ليبرمان، تحذيره في حين لا يزال الوضع شديد التوتر عند الحدود بين اسرائيل وقطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الاسلامية.
وردا على هذه التهديدات قال فوزي برهوم المتحدث باسم حركة حماس لفرانس برس “هذا التهديد يؤكد على ان العدو الصهيوني لن يسقط من حساباته استمرار القتل والعدوان على قطاع غزة والسبب هو غياب العدالة الدولية وعدم اتخاذ اي اجراء لمحاكمة قيادته كمجرمي حرب”.
واوضح انه “يستغل انشغال العالم بما يجري من متغيرات في الدول العربية فنحن في حماس نعتبر ذلك تهديدا خطيرا وتصعيدا خطيرا من قبل العدو وتتحمل كل تبعات هذا التصعيد وهذا التهديد حكومة الاحتلال الصهيوني والشعب الفلسطيني عندما يقاوم يقاوم دفاع عن النفس ونتيجة للعدوان”.
واضاف ان “التصعيد الاخير الذي بدأ به هو العدو الصهيوني. هو لا يريد للشعب الفلسطيني ان يتوحد ولا يريد اي حالة تعاطف جماهرية عربية واسلامية، وبالتالي هو يريد ان يجر المقاومة الى ما يريد حتى يفقد الشعب الفلسطيني التعاطف الدولي”. واكد الناطق باسم حماس ان “العدو الصيهوني يدشن لمرحلة جديدة من القتل والاجرام”.
وكان صاروخ اطلق من غزة انفجر الاحد في مدينة عسقلان من دون وقوع ضحايا او اضرار.
ووقع الهجوم غداة اطلاق كتائب عز الدين القسام الجناح المسلح لحماس حوالى خمسين قذيفة على اسرائيل بعد مقتل اثنين من ناشطيها في الايام الماضية.
واطلاق القذائف غير المسبوقة في عددها منذ عملية “الرصاص المصبوب” على قطاع غزة في كانون الاول/ديسمبر 208 وكانون الثاني/يناير 2009، اصاب اسرائيليين اثنين بجروح طفيفة وتسبب باضرار محدودة.
وعلى الفور رد الجيش الاسرائيلي ما ادى الى سقوط خمسة جرحى فلسطينيين وانقطاع التيار الكهربائي.
وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو حذر في بيان من ان الدولة العبرية ستتخذ “كل الاجراءات الضرورية” لحماية مواطنيها.
ويأتي التصعيد العسكري بين حماس واسرائيل في وقت تسعى فيه حماس والسلطة الفلسطينية التي يتزعمها محمود عباس ومقرها رام الله (الضفة الغربية) الى اجراء مصالحة بعد التظاهرات التي طالبت بانهاء الانقسامات الفلسطينية.
من جهة اخرى، هاجم ثلاثة مستوطنين اسرائيليين الاثنين فلسطينيا قرب الخليل في جنوب الضفة الغربية المحتلة وطعنوه بسكين ما ادى الى اصابته بجروح بالغة، كما افاد شهود عيان ومصادر امنية فلسطينية.
واوضحت المصادر ان الفلسطيني البالغ من العمر 32 عاما تمت مهاجمته قرب مستوطنة ماهون بينما كان راكبا حمارا. واضافت انه اصيب خصوصا في صدره ويديه وقد نقل الى مستشفى في الخليل
(المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية بتاريخ 21 مارس 2011)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.