مجلس حقوق الإنسان يُدين التشهير بالأديان وحظر بناء المآذن
صادق مجلس حقوق الإنسان بأغلبية ضئيلة على مشروع قرار تقدمت به دول منظمة المؤتمر الإسلامي يتعلق بمناهضة تشويه صورة الأديان. القرار تضمن في إحدى فقراته إدانة لحظر بناء المآذن ولكنه لم يذكر سويسرا بالإسم.
وحصل نص القرار الخاص بـ “التشهير بالأديان” على تأييد 20 دولة مقابل 17، فيما امتنعت 8 بلدان من الأعضاء السبع والأربعين للمجلس عن التصويت. ووُصف القرار الذي قوبل بمعارضة شديدة من طرف الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بأنه “أداة انقسام” من جانب واشنطن وبروكسل.
وقد تابعت الأوساط السياسية والدبلوماسية والإعلامية السويسرية باهتمام مشروع القرار المتعلق بمناهضة تشويه صورة الأديان الذي تضمن في فقرته الثامنة إدانة مبطنة لقرار حظر بناء المآذن في سويسرا وهو أحد ثلاثين مشروع قرار عرضت على تصويت مجلس حقوق الإنسان في ختام دورته الثالثة عشرة الملتئمة حاليا في جنيف.
وبدون ذكر سويسرا بالإسم، جاء في هذا القرار الذي تقدمت به باكستان باسم دول منظمة المؤتمر الإسلامي ودعمتها في ذلك الدول الإفريقية، أن مجلس حقوق الإنسان “يُدين بشدة .. الحظر المفروض على بناء مآذن المساجد وغير ذلك من التدابير التمييزية التي اتخذت مؤخرا والتي تعد من مظاهر كره الإسلام التي تتنافى بشكل صارخ مع الالتزامات الدولية لحقوق الإنسان المتعلقة بحرية الدين والمعتقد والضمير والتعبير…”.
ويقول السفير بابكر با، ممثل منظمة المؤتمر الإسلامي لدى المنظمات الأممية في جنيف في تصريحات خاصة بـ swissinfo.ch أن القرار يهدف “لإدانة هذه المبادرة مع أمل استخدام وسائل قانونية لإلغاء هذا القرار”.
إدانة.. ولكن بدون مواجهة مع برن
عندما يتمعن المرء في نص الفقرة المخصصة للمآذن في مشروع القرار المقترح من طرف دول منظمة المؤتمر الإسلامي الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان، يصعب عليه عدم الإهتداء إلى سويسرا نظرا لأنها البلد الوحيد في العالم، الذي عمد في استفتاء شعبي أجري في موفى نوفمبر 2009 إلى إقرار – وبشكل ديمقراطي – فصل دستوري يحظر بناء مآذن جديدة فوق أراضيه.
لكن سفراء الدول الإسلامية الذين تلقوا تعليمات من عواصم بلدانهم ومن المقر الرئيسي لمنظمة المؤتمر الإسلامي في جدة، بإدراج مشروع قرار يُدين الخطوة السويسرية أمام مجلس حقوق الإنسان، تخلوا في نهاية المطاف عن ذكر اسم سويسرا في النص المقترح. وفي هذا السياق، يقول ممثل منظمة المؤتمر الإسلامي في جنيف السفير بابكر با أن “ما يمثل الإجماع داخل مجموعة الدول الإسلامية هو إدانة ورفض هذا القرار(أي حظر بناء المآذن) الذي نعتبره إجراء تمييزيا ضد المسلمين، ولكن هناك تيار هام داخل منظمة المؤتمر الإسلامي يرغب في إدارة هذا الموضوع بشكل دبلوماسي وسلمي وبدون مواجهة لأننا نحترم سويسرا التي عرفناها دوما مراعية لحقوق الإنسان ولديها التزامات مهمة تجاه المجموعة الدولية”.
“مناهضة تشويه الأديان لوضع حد للمبالغة في حرية التعبير”
بالعودة إلى مشروع القرار الذي يتعلق أساسا بالتصدي لتشويه صورة الأديان (والذي تضمن الفقرة الخاصة بحظر المآذن)، تجدر الإشارة إلى أنه أسال الكثير من الحبر، وشغل حيزا واسعا من النقاش داخل محافل أممية متعددة من بينها محافل حقوق الإنسان، ما بين دول إسلامية ترى في ذلك ضرورة لوضع حد لحملات تهدف للمساس بالأديان عموما وبالدين الإسلامي خصوصا، ودول غربية عدة تعارض ذلك بدعوى أن حقوق الإنسان تحمي الإنسان وليس الأديان وأن فرض أي تحديد في هذا المجال هو مس من حرية التعبير وتقليص لها.
في المقابل، يُذكّـر السفير بابكر با بأن “مشروع القرار هذا مطروح للنقاش في المحافل الأممية منذ العام 1999، وهو يتطرق إلى واقع ملموس يتمثل في تعاظم ظاهرة الكراهية للإسلام في العالم وبالأخص في الدول الأوروبية وهي لا تستهدف المسلمين كأشخاص بل تستهدف أيضا مرجعياتهم ورموزهم الدينية”. ويشدد بابكر على أن ذلك “لا يُقصد به الدين الإسلامي وحده بل كافة الأديان”.
وفيما تعلل الدول المعارضة لهذا المشروع وأغلبها غربية موقفها بالتشديد على أن حقوق الإنسان تحمي الإنسان أو الفرد ولا تحمي الأديان، يرد سفير منظمة المؤتمر الإسلامي بالتأكيد على أن “المسلم ومرجعياته ورموزه يشكلون وحدة متماسكة لا يمكن تجزئتها ولا يمكن فيها فصل الدين عن البقية”.
وبخصوص تعليل الدول الغربية رفضها لمشروع قرار مناهضة تشويه صورة الأديان بأنه يمثل حدّأ من حرية التعبير، يجيب السفير بابكر با “ليست لنا اية مشاكل مع حرية التعبير لأننا نعتبرها حرية أساسية يجب الاستمرار في حمايتها، بل كل ما نرغب في توضيحه (عبر هذا القرار) هو ان حرية التعبير مثل باقي الحريات الأخرى لها حدود ويجب التمتع بتلك الحريات مع تحمل المسؤولية كاملة. وما نلاحظه منذ مدة هو المبالغة في التمتع بهذه الحرية من طرف البعض للمساس بحريات وحقوق البعض الآخر”.
وانتهى السفير بابكر با الى أن “هدفنا من وراء هذا القرار هو تذكير المجموعة الدولية بضرورة وضع معايير تحمي من مخاطر الإنحراف الناجم عن المبالغة بالتمتع بحرية التعبير، لأن الذين يقومون بهذه الأعمال الإستفزازية كنشر الصور الكاريكاتورية المسيئة للإسلام أو الذين يستهدفون المسلمين، لا يُعربون فقط عن ممارسة حرية التعبير بل يهدفون إلى إذكاء التوتر بين الطوائف والمساس بما هو غال وثمين بالنسبة لنا جميعا أي السلم والاستقرار في العالم”.
وعلى الرغم من تخصيص عدة جلسات عمل لتذليل الخلافات بين المجموعتين بخصوص هذا الموضوع، لم يتم تحقيق أي تقدم لذلك تقرر عرض مشروع القرار على التصويت ظهر الخميس 25 مارس وتمت المصادقة عليه رغم هذا الإنقسام.
محمد شريف – جنيف – swissinfo.ch
يحتوي مشروع قرار “مناهضة تشويه صورة الأديان” الذي عرض على التصويت ظهر الخميس 25 مارس 2010 وتمت الموافقة عليه على 21 فقرة:
الفقرة 2 : يعرب (مجلس حقوق الإنسان) عن بالغ قلقه إزاء وضع قوالب نمطية سلبية للأديان وتشويه صورتها، وإزاء مظاهر التعصب والتمييز في مسائل الدين أو المعتقد التي لا تزال واضحة في العالم والتي أدت إلى التعصب ضد أتباع هذه الأديان.
الفقرة 3: يعرب عن بالغ استيائه إزاء جميع أعمال العنف والإعتداءات النفسية والبدنية والتحريض على القيام بها ضد الأشخاص على أساس دينهم أو معتقدهم، وإزاء توجيه هذه الأعمال ضد منشآتهم التجارية وممتلكاتهم ومراكزهم الثقافية وأماكن عبادتهم، فضلا عن استهداف المواقع المقدسة والرموز والشخصيات الدينية لجميع الأديان.
الفقرة 4: يعرب عن بالغ قلقه إزاء استمرار الحالات الخطيرة لتعمد استخدام القوالب النمطية للأديان ومعتنقيها وللشخصيات المقدسة في وسائط الإعلام، وإزاء البرامج والخطط التي تنفذها المنظمات والمجموعات المتطرفة بهدف خلق وإدامة قوالب نمطية بشأن أديان معينة وبخاصة عندما تتغاضى عنها الحكومات.
الفقرة 5: يلاحظ بقلق بالغ اشتداد حملة تشويه الأديان والتحريض على الكراهية الدينية عموما، بما في ذلك التصنيف العرقي والديني للأقليات المسلمة في أعقاب أحداث 11 ايلول /سبتمبر 2001 المأساوية.
الفقرة 7: يعرب عن بالغ قلقه في هذا الصدد إزاء الربط المتكرر والخاطئ بين الإسلام وانتهاكات حقوق الإنسان والإرهاب، ويعرب عن اسفه في هذا الشأن إزاء القوانين أو التدابير الإدارية التي وضعت خصيصا لمراقبة ورصد القليات المسلمة مما يؤدي الى وصم هذه الأقليات ويضفي الشرعية على التمييز الذي تعانيه.
الفقرة 8: يدين بشدة في هذا الصدد الحظر المفروض على بناء مآذن المساجد وغير ذلك من التدابير التمييزية التي اتخذت مؤخرا، والتي تعد من مظاهر كره الإسلام التي تتنافى بشكل صارخ مع الالتزامات الدولية لحقوق الإنسان المتعلقة بحرية الدين والمعتقد والضمير والتعبير، ويشدد على أن هذه التدابير التمييزية من شأنها إذكاء التمييز والتطرف وسوء الفهم المؤدي الى الاستقطاب والتفرقة مع ما يترتب عن ذلك من عواقب خطيرة غير مقصودة ولا منظورة.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.