مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

محكمة لاهاي: “إعلان استقلال كوسوفو مطابق للقانون الدولي”

العلم الجديد لدولة كوسوفو المستقلة Keystone

قررت محكمة العدل الدولية التبعة للأمم المتحدة أن إعلان كوسوفو لاستقلالها من جانب واحد لا ينتهك القانون الدولي. وما من شك أن هذا القرار يُسعد سويسرا التي كانت في مقدمة البلدان التي اعترفت عام 2008 باستقلال هذا الإقليم.

وجاء في القرار الذي كشف عنه هيساهي أوادا رئيس المحكمة يوم الخميس 22 يوليو 2010: “لا يتضمن القانون الدولي العام بندا يحظر الاستقلال. وبالتالي لا ينتهك هذا الإعلان الشرائع الدولية”.

ومنذ افتتاح المداولات حول هذه القضية في بداية ديسمبر 2009، استمعت المحكمة التي يوجد مقرها في لاهاي إلى مرافعات صربيا وكوسوفو، و29 دولة أخرى منها روسيا والولايات المتحدة الأمريكية.

هذا القرار سوف تنقله المحكمة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر القادم، ورغم طابعه الإستشاري غير الملزم، يعتبر مؤشرا إيجابيا لصالح الإعتراف بكوسوفو. إذ أن قرارات محكمة العدل الدولية تحترم في أغلب الحالات.

ويأتي هذا الحكم الذي يدعم الاعتراف بكوسوفو، ويعزّز حظوظها في الحصول على العضوية في المؤسسات الدولية سنتيْن ونصف بعد قبول المحكمة طلبا صربيا يدعوها إلى البت في شرعية إعلان هذا الإقليم لاستقلاله عنها.

وكان المجتمع الدولي يترقب ويتابع القرار الذي سيصدر عن المحكمة، خاصة البلدان التسع والستون التي سبق أن اعترفت بإستقلال هذا البلد الصغير، وتضم هذه المجموعة الولايات المتحدة و22 بلدا من مجموع الدول السبع والعشرين الأعضاء في الإتحاد الأوروبي، وكذلك سويسرا التي اعترفت بكوسوفو بعد عشرة أيام فحسب من إعلانها الاستقلال.

ولم يتأخر رد فعل الحكومة الفدرالية حيث نقلت وكالة الأنباء السويسرية عن وزارة الخارجية ترحيبها بقرار المحكمة، وأضاف مصدر رسمي أن “هذا القرار يساهم في إيجاد حل توافقي لكل القضايا العملية التي يطرحها استقلال كوسوفو”.

ومن المنتظر أن يفتح هذا القرار الاستشاري الباب بوجه اعتراف بلدان أخرى بهذه المقاطعة ذات الغالبية الألبانية كدولة مستقلة بذاتها، لكن لن تكون صربيا من بينها في كل الأحوال، فقد نقلت وسائل الإعلام عن فوك جيريميك، وزير الخارجية الصربي قوله: “لن نعترف أبدا بإستقلال كوسوفو المعلن من جانب واحد”.

وأضاف يقول متوجها هذه المرة إلى الشعب الصربي: “من المهم جدا ألا يردّ موطنونا على الإستفزازات التي يمكن ان تحدث، ومن الضروري الحفاظ على الهدوء، والإستمرار في هذه المعركة بإصرار وعزيمة”.

إستقلال هش

دعّم الأمريكيون والأوروبيون بمجلس الأمن منذ مارس 2007 خطة إستقلال كوسوفو رغم اعتراض روسيا، لكن إعلان الإستقلال لن يكون إلا في 17 فبراير 2008 ومن طرف برلمان كوسوفو.

وبطلب من صربيا، قررت محكمة العدل الدولية البت في شرعية ذلك الإعلان، ومدى مطابقته لبنود القانون الدولي. وتقول صربيا أن إستقلال كوسوفو ينتهك مبدأ احترام سيادة الدول ووحدتها الترابية المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة، ويخلق الإعتراف بهذا الوضع سابقة في البلدان التي تشهد نزعات انفصالية.

القرار الأخير لمحكمة العدل الدولية يدحض الحجة الأولى القائمة على القول بأن إعلان الإستقلال يخالف القانون الدولي، وأما القول بانه يشكل سابقة تهدد الوحدة الترابية لبلدان أخرى، فهو أمر قد رفضته العديد من الدول التي تشدد على ان كوسوفو حالة منفردة، وقد فشلت مفاوضاتها مع صربيا مرات عديدة، وتعرضت لعنف مكثف من النظام الصربي في بداية التسعينات.

ففي عام 1998، تسببت القوات التي أرسلها الرئيس الصربي السابق سلوبودان ميلوشيفيتش للقضاء على جيش تحرير كوسوفو في مقتل الآلاف من السكان الألبان، الذين يشكلون 90% من السكان المحليين، واضطر مئات الآلاف من الكوسوفيين إلى مغادرة ديارهم .

لكن تلك القوات إضطرت في النهاية إلى الإنسحاب من المنطقة بعد قصفها من طرف قوات الحلف الأطلسي، وخلق هذا النزاع حالة شديدة من التوتر بين الألبان والصرب من سكان كوسوفو.

لم تنجح أي جهة منذ ذلك الوقت في المصالحة بين المجموعتيْن. وبعد تلك المرحلة التي اتسمت بالعنف، تعرض السكان الصرب في كوسوفو على عمليات انتقامية من طرف جيرانهم الألبان خاصة في عام 2004، وسقط نتيجة لتلك الأعمال المئات من الجرحى.

سويسرا معنية بهذه المنطقة

يعتبر القرار الإستشاري الذي صدر عن محكمة العدل الدولية إيجابيا بالنسبة لسويسرا التي كانت في مقدمة البلدان التي اعترفت باستقلال كوسوفو، وقد افتتحت سفارتها في العاصمة بريشتينا، في مارس 2008. وللتذكير، سبق أن بادرت ميشلين كالمي – ري وزيرة الخارجية السويسرية بطرح فكرة إستقلال كوسوفو علنا خلال زيارة لها قامت بها في عام 2005 إلى كل من بلغراد وبريشتينا.

وبعد إعلان الإستقلال من جانب واحد، تحدث الوزير السابق باسكال كوشبان، الذي كان آنذاك الرئيس الدوري للكنفدرالية، إلى وسائل الإعلام قائلا: “إن توضّح الوضع القانوني لإقليم كوسوفو شرط ضروري للإستقرار وللتنمية السياسية والإقتصادية للشطر الغربي من منطقة البلقان بأسرها”.

وتحتفظ سويسرا بعلاقات متميزة مع سكان منطقة البلقان عموما، وخاصة سكان كوسوفو، وهي ترحب بالتالي بقرار المحكمة الدولية. ونتيجة للعدد الكبير من الكوسوفيين الذين يعيشون في سويسرا (حوالي 10% من إجمالي سكان كوسوفو) وأغلبهم لاجئون سياسيون هربوا من الإضطهاد الصربي، فإن لسويسرا مصلحة كبرى في استقرار هذا البلد الصغير على المستويين الإقتصادي والسياسي.

swissinfo.ch

تقع كوسوفو على الحدود الغربية لمنطقة البلقان، وتحيطها من الغرب ألبانيا، ومن الشمال الغربي مونتنيغرو (الجبل الأسود)، ومن الشرق صربيا، ومن الجنوب جمهورية مقدونيا.

يحكم كوسوفو نظام جمهوري برلماني، وهي عضو بصندوق النقد الدولي وبالبنك الدولي.

تتكون أغلبية سكان هذا الإقليم البالغ عددهم حوالي 2.1 مليون نسمة من 93 % من الألبان المسلمين، و5% من الصرب المسيحيين الأرثودوكس.

يتكلم سكان الإقليم اللغتيْن الألبانية والصربية.

العملة الرسمية هي اليورو، وإن كان لا يزال الدينار الصربي متداولا في الشمال.

تعد هذه المحكمة المؤسسة القضائية الرئيسية في منظومة الأمم المتحدة، وقد انشأت في يونيو 1945 على أساس من ميثاق الأمم المتحدة. ويوجد مقرها بقصر السلام في لاهاي بهولاندا.

تتشكل هيئة المحكمة من 15 قاضيا، يتم تعيينهم لتسع سنوات متتابعة من طرف مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.

تتلخص مهمة هذه المحكمة في البت طبقا لنصوص القانون الدولي في النزاعات في القضايا التي ترفعها إليها الدول، وإصدار قرارات إستشارية في القضايا المتعلقة بالقانون الدولي.

وقد اصدرت هذه المحكمة منذ إنشائها 24 إستشارة قانونية، تم احترام غالبيتها.

لا يجب الخلط بين محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية، فهذه الاخيرة تتلخص مهمتها في النظر في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية.

ويوجد مقر هذه المحكمة ايضا في لاهاي بهولاندا.

أعلنت كوسوفو، الإقليم الصربي السابق، إستقلالها من طرف واحد يوم 17 فبراير 2008.

واعترفت سويسرا بهذا البلد الفتي يوم 27 فبراير من نفس العام، وكانت من أولى البلدان التي بادرت بذلك.

يعيش في سويسرا ما بين 170.000 و190.000 شخص من أصول كوسوفية، وهذا الرقم يمثل 10% من سكان الإقليم.

ويحتل الكوسوفيون المرتبة الثانية بعد الألمان من حيث عدد السكان الأجانب في سويسرا.

تشارك سويسرا منذ 1999 في قوات حفظ السلام متعددة الجنسيات العاملة في كوسوفو KFOR التابعة للأمم المتحدة، وتضم فرقة “سويس كوي” في الوقت الحاضر 200 جندي، ينشط معظمهم في Suva Reka، ويعملون بشكل مشترك مع القوات النمساوية والألمانية.

وتعد سويسرا من أهم البلدان الداعمة ماليا لكوسوفو، وقد بلغت الإعانات السويسرية المباشرة سنة 2009 ما مقداره 51 مليون فرنك، ومن المنتظر أن تصل هذه الإعانات في عام 2010 إلى 54 مليون فرنك وتذهب الأولوية لإنفاق هذه المبالغ على المستوى المدني إلى جهود التنمية وتحسين الأوضاع الاقتصادية، وتشجيع الديمقراطية ، وتشييد البنى التحتية، والتعاون الثنائي في ملف الهجرة.

بالإضافة إلى كل ذلك، تساهم سويسرا بإرسال 20 خبيرا في إطار بعثة العدل والشرطة التابعة للإتحاد الأوروبي.

الأكثر قراءة
السويسريون في الخارج

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية